لقاء الخريف ( سلسلة أجزاء  ) Images?q=tbn:ANd9GcTGfuzQR4ZCutTNeinanirMtNKG4cJIyT8zSV7iIOBnRknHrUa-



 
لقاء الخريف
(1)
أتى الخريف في موعده , كنت في انتظاره , أنا , وقهوته المعتادة , وبعض جرائد الصباح المنثورة بعشوائية على مائدة اللقاء .
حيَّاني الخريف وفي عينيه ألف سؤال , وأكثر من نظرة عتاب :  لماذا لم يخرجوا لاستقبالي ؟
أجبت بنبرة منخفضة تحاول جهدها أن ترتفع قليلاً , وكأنها لم تصفع بالسؤال , وبنظرات العتاب : أتيت أنا , ألا يكفي حضوري يا خريف , وتابعتُ قبل أن يكرر على مسامعي نفس السؤال ,  قلت بنبرة فيها حسُّ المزاح : أنتَ يا خريف تعلم جيداً أنك حين تأتي تمتد الأرض طولاً وعرضاً حتى تكاد ترى كل شيءٍ أصبح أرضاً , وترتفع السماء قليلاً , قليلاً , حتى أنك تظن أن السماء قد رفعت يدَّها عن الأرض , وأعلنت تخلِّيها الكامل عنها للخريف  , وتسليمها إليه تسليم اليد !
وحين لمحتُ في عينيه بعض الاهتمام أدركت أنني في المسار الصحيح فأتممت : والدراسة فتحت أبوابها من جديد فاحتضنت أبناءها , وأخذتهم بين ذراعيها , وأنتَ يا خريف تعلم كل العلم أنَّ أبناءها هم من يهبُّون عادة لاستقبالك , وتزيين الشوارع , والمنصات , وفرد المساحات الحمراء والخضراء , وإطلاق البالونات الملونة في الهواء  , وكل ما يتبع من طقوس الاحتفالات .
يبدو أن الجزء الأخير من إجابتي لم يرق للخريف فهزَّ رأسه دون اكتراث , ثم نظر في عينيَّ , وأردف متسائلاً .. وبقية القوم أينهم ؟