خسئ المرجفـون، المغرضون، النمـَّامون، الدسـَّاسون،
المتقولون على العـرب ممثلين بأعـز مَن فيهم،
أنظمتهم السلطانية وجيوشهم الفخمة اللباس الحديثة الآليات!

ها هي الجيوش العربية المكـللة بالغـار ،
بقـيـادة الـمشـيـر عـبـد الـفـتـاح الـسـيـسـي ،
ومسـاعـدة رؤسـاء الأركان العـرب،
تهـب لإغاثة الشعـب الفلسـطيني الملهوف ،
وتسهم في إعادة بناء مـا دمـَّره العـدو الصهيوني،
في الضـفـة الغربيـة وقـطـاع غـزة ، بهمة لا تعرف الكلل أو الملل،
وبكرم أخلاق نموذجي، إذ إنها لا تقبل جزاءً أو شكوراً!

ها هي الجيوش العربية تتحرك بعشـرات الآلاف ، للاطباق على العـدو الصهيوني ،
في “حركة كمـَّاشـة” لم تخطر على بال “ثعـلب الصحراء” الفيلد مارشـال إرفين رومل …
فها هي جحافل الجيش المصري الباسل تصل الى رفح،
ومـدافع الميدان المصرية تقصف المواقع والثكنات الاسرائيلية في جنوب فلسـطين…
وها هي دبابات الجيش الأردني ، “ربع الكفاف الحـُمـُر والعـُقـُل مـَيـَّالـة” ،
تعـبر نهر الأردن وتـصل الى أريحـا ،
في الوقت الذي يقصف فيه “النشــامى” مواقع العـدو في بيسـان والغـور الشـمالي……
وها هو البحريـة السعـودية تـُصلي العـدو في ايلات نـاراً حاميـة ،
وتؤكـد لـبـنـيـامـيـن نـتـنـيـاهـو ، ودونالـد تـرامـب ، ولكل من يعـنيـه الأمر ،
أن صبـر “خـادم الحرمين الشريفين” قـد نفــذ… ،
وأن ” صاحب السمو الملكي ، ولي العـهـد ، والنائب الأول لرئيس الوزراء ،
اذا قـال فـعـل… و “قـد أعـذر من أنـذر…!!”
وها هي “اذاعـة القاهـرة” تبث قـصيـدة صلاح جاهين ،
التي تشـدو بها أم كلثوم بعـد انقـطاع دام 44 عـامـا فـقـط :
“راجعـين بـقـوة الـسـلاح…
راجعـين نحـرر الحمـى…
راجعـين كما رجع الصـباح ،
من بعـد ليلـة مـظـلـمـة…”
لقـد قـرر وزراء الـدفـاع العـرب ، ورؤسـاء الأركان العـرب ،
أن يحـيـيـوا العـظام وهي رميم ، وأن يعـيدوا الحيـاة الى “إتـفـاقيـة الـدفاع المشترك” ،
وأن يلبوا نداء الواجب المقـدس، وأن يستجيبوا لصرخات النـسـاء الفلسطينيات في الـقـدس ، والعمل الـدؤوب من أجل توفير العلاج للجـرحى ،
والحماية للخائفـين ، والخبز للجائعـين ،
والكرامة للمعـتـدى عليهم ، وأن يلقـنـوا اسرائيل درسـاً قاسـيا ،
حتى لا تكرر الـقـيام بأي “تـصرف غـير مسـؤول”…
مَـن قـال إن العـرب طووا أعلام التحرير؟
مَـن قـال إن العـرب خرجوا من ميدان النـضال؟
مَـن قـال إن العـرب استقالوا من مواجهة عـدوهـم ؟!

يـبـدو أنني كنت في حلم أفقت منـه على كابوس ومفارقة موجعة حتى النخـاع …
لا يمكن لأي انسـان عاقل الا أن يلاحـظ هـذا الغـياب العربي المفجع ،
والذي لا يمكن التعامل معه ببراءة تسـتـنـد إلى واقع العجز،
بل لا بد من الاشتباه بالتواطؤ ولو متستراً ببيانات الشجب والاستنكار،
وهي قـلـيـلـة وركـيكة النـصوص..
لم يـحـرك الزعـمـاء العرب ســاكنـا…
ولم يقـترب موقفهـم حتى من موقـف الفاتيكان…!!
لا يملك المرء الا أن يشعر بالقـرف والغـثـيـان …
لقـد تخلى العـرب عـن كل ما يمت للعـروبـة بصـلـة ،
واكـتـفـوا بـتـنـفـيذ كل ما تريده الولايات المتحـدة وإسرائيل ،
ولم يكلفوا أنفـسـهم عـنـاء إصـدار بيان خجول (ولو من قـبيل رفع العـتـب…!!) ،
ضد غـطـرسة إسرائيل، وعـربدتها،
وضربها عـرض الحائط بكل الأعـراف والمواثيق الدولـية.
إن أصحاب “النخـوة” و “الشـهامة” العربية يغطون في سبات عميق،
يحسـدهم عـليه أهـل الكهـف !!
ألا يـُعـتـبـر الصمت عـلى جرائم العـدو نوعـاً من المشاركة؟ ‏
نبحث عن بـصيـص أمل نعـيش عليه ،
فلا نجـده إلا هـناك في فـلسطين ، في تلك الإرادة الصلبة ،
في مواجهة العـدو ، مهما بلغـت التضحـيات…
لقد دفع الزعماء العـرب الفـلسطينيين الى الكفر بكل القيم الأخلاقية والإنسانية.
فلم يبق لديهم إلا شعـور واحد يتسلط على كل مشاعرهم وهوالشعـور بالظـلـم…
فالفـلسطينيون يذبحـون كالخـراف والعـرب كلهم ،
من طـنـجـة الى أم الـقـيـويـن ، يـتفـرجون …
أمة من الخـراف ،
أمـة من 380 مليون ،
تتفرج على شعـب ‏يتعـرض للابادة الجماعـية ، ولا تفـعـل شـيئاً…
في هـذا الكابوس …
“رأيـتُ جُـيوشاً…
ولا من جـيـوشْ…
رأيـتُ فـتـوحاً…
ولا من فـتـوحْ…
وتابعـتُ كلَ الحـروبِ عـلى شاشةِ التـلـفـزة…
فـقـتـلى على شـاشة التـلـفـزة…
وجرحى على شاشة التـلـفـزة…
ونصـرٌ من الله يأتي إلينا…
على شاشة التـلـفـزة…”
حـاولت أن أسـجل مـا قـد رأيت…
“رأيتُ شعـوبا تظـنّ بأنّ رجالَ المباحـثِ
أمْـرٌ من الله…
مثـلَ الصُداعِ…
ومثـل الزُكامْ…
ومثـلَ الجُـذامِ…
ومثـل الجَرَبْ…
رأيتُ العـروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القـديمْ…
ولكنني…ما رأيـتُ العَـرَبْ!!..”
(مع الاعـتذار الى روح الشاعـر السوري الكبير نزار قباني)