نسيان

(آفة الإنسان النسيان…. !!!!!) قال…

ثم أحكم إقفال شباك قلبه، فشتاءٌ مزمنٌ قاسٍ طويلٌ يجثم على صدر المدينة الحزينة، وقلبه ما عاد يطيق زمهرير العواصف….

ندف الثلج التي كانت تستولي على لبه طفلا وهي تتراقص كالعرائس فيمد لها يدين صغيرتين مرتعشتين، وأنامل محمرة الأطراف… ما عادت تستهويه أجنحتها المتطايرة فراشات بيضاء في ذلك السديم اللامتناهي…

ما عاد يعشق الخربشة بأعواد الأغصان اليابسة على صفحات الثلج… يرسم دوائر وقلوبا متعانقة وأحرفا… بداية أسماء…

****
سيغلف قلبه بقطن سميك… سيوقد من خشب الذكريات مدفئة لليالي الشتاء الطويلة …سيكتفي بمراقبة الثلج من خلف زجاج النوافذ….

فهذا الليل الطويل كساء الغرباء والمحزونين والثكالى…

وفي الخارج لاشيء يرى غير عين المصباح الوحيد على ناصية الدرب ترمق في ذهول حزين صمت الأبدية … يخمش وجهه من حين لآخر مواء قطة منبوذة أو عواء كلب تائه وحيد…

****

هدأت العاصفة والسماء صفت فأصبحت قبة متلألئة داكنة الزرقة منكفئة على صحن ناصع البياض…
يا إلهي أي جمال هذا؟؟

وأي طباق نظمته قصيدة الكون على صفحة الطبيعة؟؟

****

(آفة الإنسان النسيان…. !!!!!) قال…

يُنسى الإنسانُ ويَنسى …

*****

لكن بذور النبات لا تنسى أبدا…

مفعمة بالأمل… تحضن أحلامها تغفو هناك تحت أطباق الثرى والثلج والصقيع،

تخبئ في أعماق قلبها سر الحياة الخفي…

حتى إذا امتطى الشتاء صهوة الرحيل …

كسرت برأسها الواهن الضعيف قشرة الأرض منشدة أغنية التجدد والأمل… أغنية الحياة الخالدة…

فغدا ستكنس أشعة الشمس اللافحة صفائح الثلوج من السهول والروابي،

وتزرعها أزهارا وشقائق نعمان وأعشاشا لأحلام العصافير …

غدا سيزهر الربيع….

****

ليت الإنسان بذرة في حقل الطبيعة لاتموت إلا لتحيا…

ناجي ما هذا النص وما تلك اللغة التي تحاكي خبايا النفس ...جميل ما كتبته والأجمل الاحساس الرائع الذي حرك بداخلي أشياء كثرة "ليت الإنسان بذرة في حقل الطبيعة لا تموت إلا لتحيا "" ليت وليت ناجي ولكن نتمني شئ لا يقدره الانسان
تحياتي لك بكل ما في نصك من وجع وحلم ..بكل شئ جميل قلته اخي العزيز

أخيرا يا ناجي نص جميل جادت به السماء .. هل تصدقني إن قلت لك ما أفتقده في مكتوب هو كتاباتك الرائعة التي لها نكهة خاصة .. نكهة الأمل وهو يبزغ من وسط الجراح .. كم هو جميل أن يبقى بداخلنا بصيص أمل يضيء قلبنا وطريقنا عندما تباغتنا العتمة وعندما تطول لياليها .. نصك يشبه الأمل في ذلك النور الذي يشعله بداخلنا ..
شكرا لك أخي ناجي والله يبارك فيك وبهذا الإبداع المميز .

أختي العزيزة سميرة
صباح النور
بعض الناس أيضا مثل البذرة لا يموتون إلا ليحيوا رموزا في قلوب شعوبهم،
ومفازات على نواصي دروب التحرر ولانعتاق..
سعدت بمرورك وقراءتك للنص.

أختي الغالية ميساء
صباح الأمل.
شهادة أديبة قديرة وقارئة ممتازة مثلك أعتز بها،
بل وسام فخر...
هي ظروف الشغل تبعدنا قسرا عن الأصدقاء والأحبة، وتجعلنا مقصرين في حقهم...
ليس لنا إلا هذا الأمل: أن نكون أو لا نكون...
أن نكسرـ مثل البذور ـ قشرة الأرض الصلبة لننتزع حقنا من دفء الشمس والهواء والسماء والضياء... أو نتعفن تحت ركام الأوحال والصقيع..
ليس لنا غير هذا الأمل ... وحب الحياة.
دمت بخير .

العزيز ناجي أمين
خاطرة رائعة .. سرد جميل بلا تكلف ولا مبالغة .. تشابيه رائعة ..
جاذبية تشد القارىءإلى آخر حرف
لكن
غدا سيزهر الربيع….
الربيع العربي جعلنا نقشعر من كلمة ربيع ..
ولكن يبقى للربيع بهجته التي لا يمكن طمسها أو محوها ..
رائع يا عزيزي .. أكثر من هذا الإبداع .

فهذا الليل الطويل كساء الغرباء والمحزونين والثكالى…
تشبيه جميل أخي العزيز ناجي أمين
سيفرجها رب العالمين وسيزهر الربيع إن شاء الله وبعد الليل القاتم يأتي الفجر المشرق البهي المضيء .
بارك الله فيك ولك أخي ناجي .

العزيز ورد
يأتي ربيع الطبيعة في أوانه بعدما تحن إليه الأشجار والأطيار والأزهار .. أما ربيع الإنسان فمصطنع مروي بالدماء والدموع والآهات...قد يكون هذا هو سبب اشمئزازنا من كلمة ربيع...

دمت أخا عزيزا

الأخت العزيزة فينوس..
وهل هناك ربيع أبهى وأكثر إشراقا من حضوركم البهي؟
دمت بسعادة وهناء