بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
إرنيست هـمـنـجواي : حـياة طليقة… ونهاية فاجعة! الدكتور عـبدالقادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
إرنيست هـمـنـجواي : حـياة طليقة… ونهاية فاجعة! الدكتور عـبدالقادر حسين ياسين
إرنيست هـمـنـجواي : حـياة طليقة… ونهاية فاجعة! الدكتور عـبدالقادر حسين ياسين
بالرغم من أنه أنهي حياته منتحرًا،
فإنه كان على موعـد دائم مع الحياة…
إرنـيـسـت هـمنجواي ، ذلك الكاتب الذي كان نقطة تحول،
في الأدب الأمريكي والعالمي، جعل من مادة الحياة الإنسانية،
من الحرب إلى الحب، ومن القـنص إلى الـقـتـل،
ومن الحضارة إلى البدائية.
حين رحل إلى كوبا تلك الجزيرة الساكنة،
أراد للزمن أن يتوقف هنيهة،
ولكنه بدلا من ذلك دخل في صراع آخر مع الزمن ذاته،
وفي محاولة منه لوقف معركته ضد الشيخوخة ،
والوهن والمرض اسـتـَّل من جعـبته رصاصة الرحمة الأخيرة وأنهى بها هذا الصراع.
عاش الكاتب والروائي الأمريكي إرنيـست همنجواي (1899 – 1961) ،
حياة حافلة بالتنقـل والمخاطرات المميتة،
فمرة كاد أن يقـضي في الحرب العالمية الأولى،
وفي الثلاثينيات ناطح الثيران في إسبانيا،
ووسط أدغال إفريقيا هوت به طائرة خفيفة ونجا منها بأعجوبة،
وركب بعدها طائرة ثانية فسقـطت به ونجا!!!
وأخيرا استقر به المقام في كوبا لعشرين عاما مارس فيها أجمل هواياته ،
وهي صيد أسماك المارلين ، التي أوحت له برواية “العجوز والبحر”،
التي أوصلته لنيل جائرة نوبل عام 1954،
وكانت تلك هي الفترة الذهبية في حياة إرنيـست همنجـواي.
شخـصية هـمنجواي
“مغامر أقـرب إلى الجنون” هو الوصف المناسب لشخصيته،
التي لم تتغير حتى مع تقـدمه في السن ، وانتقاله من مرحلة إلى أخرى،
كان عـصبياً ومُحـباً للشجار ، وكانت لهذه الطباع الحادة،
انعكاساتها على حياة همنجواي الزوجية إذ ارتبط بأربع زيجات فاشلة.
نـجـا هـمنجواي من الموت المُحـقـق عدة مرات،
فخلال الحرب العالمية الأولى انفجرت بالقرب منه قذيفة مورتر،
قتلت ثلاثة جنود كانوا بجانبه ،
وكان وقتها يعمل لحساب الصليب الأحمر على الجبهة الإيطالية،
وخلفت تلك القذيفة عشرات من الشظايا التي استقرت في ركبتي همنجواي،
وسببت له عرجاً خفيفاً ظل يلازمه أثناء المشي.
وفي إسبانيا شارك همنجواي في لعـبة مصارعة الثيران دون خبرة سابقة،
ولولا حظه الجيد لكانت قرنا الثور الذي تلاعـب معه ،
قد اخترقت بطنه ،ولكنه أصيب بجروح خطيرة.
وأخطر الحوادث التي مرَّت على همنجواي ،
هي سقوط الطائرة به مرتين متتاليتين في إفـريقـيا.
وإلى جانب إسرافه في الشراب الذي لم يكن يفارقه،
حتى وهو يمارس هواية الصيد،
كان همنجواي مقبلا على الطعام بكل جوارحه،
وخصَّـص لتلك المتعة جيشا من الخدم والطباخين الكوبيين،
ليقدموا له أشهى وألذ الوجبات الكوبية،
والمأكولات التي تعـد على الطريقة الصينية.
وفي لحظاته الأخيرة مع الحياة أغـرت “المغامرة” همنجواي ،
فأقحم عليها الجنون باختياره ،وأطلق على نفسه رصاصة النهاية،
ليوقف مسلسل عـذابه مع الأمراض التي فـتـكـت به.
لم تكن جزيرة كوبا الواقعة في حوض البحر الكاريبي ،
مجرد ملهى خلفي يقع بالقرب من الولايات المتحدة الأمريكية،
فما أكثر الدول التي تتوافر فيها وسائل الترفيه لجميع الأعمار والأذواق…
وأمريكا نفسها متخمة بنوادي القمار والملاهي الليلية.
فحتى شواطئ الفاراديرو ،ذات الرمال البيضاء،
التي تظللها أشجار جوز الهند ذات السيقان الطويلة،
يوجد شبيه لها في أغلب جزر الكاريبي،
ولكن كوبا كانت حالة خاصة من التناقـض المضحك،
إذ ساهمت في جذب عشاق السيجار ومدمني المقامرة من جهة،
وكبار رؤوس عصابات المافيا والقـتـلة المأجورين من جهة أخرى،
وبين هؤلاء وهؤلاء سياسيون وفـنانون ومطربون ولاعـبو بيسبول،
وملاكمون وشـعـراء ومؤلفون مثل هـمنجواي.
وقد قـدَّم فـيلم العـرَّاب (الجزء الثاني) لمحة سريعة وعميقة الدلالات،
عن تلك الفترة حينما استعـرض واقع النفوذ الذي تتمتع به عصابات المافيا،
على حكومات ما قبل ثورة فيديل كاسترو في الأول من كانون الثاني 1959،
ذلك النفوذ الذي تلاشى بفضل نجاح ثورته.
لم يكن اختيار همنجواي لكوبا موطناً له ما بين عامي 1940 ــ 1960،
نابعاً من الصدفة أو مغامرة من مغامراته المتسلسلة،
فـقـد اجتمعت أسباب كافية هيأت الأجواء وكـثـفـتها، حتى يتخذ قراره بالاستقرار.
أولها تعلقه الشديد بهواية صيد سمك المارلين،
والثاني حاجته إلى مكان هادئ يصلح للكتابة،
والثالث قرب كوبا من موطنه الرئيسي أمريكا ،
فهي لا تبعد عن ميامي أكثر من 90 ميلا.
في الرحلة الأولى لوصوله إلى كوبا مع زوجته الثالثة الصحفية مارثا جيلهورن،
ظل همنجواي يدرس قـرار الانتقال خلال وجوده بفندق امبوس موندوس،
الذي لا يزال إلى يومنا الحاضر يفاخر باختيار همنجواي ،
الطابق الخامس منه كمحطة أولى قبل استقراره بكوبا،
ولم يتأخر القرار طويلاً، إذ استأجر همنجواى مزرعة كبيرة ،
في منطقة خارج العاصمة هافانا، ما لبث أن اشتراها،
ولعل الـ 150 ألف دولار التي دفعتها شركة بارامونت السينمائية،
لشراء رواية “لمن تقـرع الأجراس؟” عجـَّـلت في اتخاذ همنجواي لقرار البقاء في كوبا.
عـالـم هـمـنـجـواي
كانت محتويات مزرعة همنجواي مكونة من منزل بدور واحد،
صبغت جدرانه باللون الأبيض، وبالقرب منه يوجد حمام سباحة،
وملعب تنس لم يستعمل قط، ،
وبرج شيد لاحقا ليكون المكان الذي سيكتب فيه،
وفي داخل البيت ، الذي يحتل وسط المزرعة ،
يمكن مشاهدة العديد من خزائن الكتب منتشرة في كل زاوية من زواياه،
وعلى الجدران علقـت رؤوس الطرائد التي أصابتها بندقـية همنجواي،
في أدغال وسهوب إفريقيا.
أرضية المنزل لم تكن مفروشة بأي قطعة سجاد ،
كحال أي بيت في كوبا نظراً لارتفاع درجات الحرارة والرطوبة طوال العام،
وما عـدا بعض قطع الفـراء لحيوانات متوحشة،
ألقـيت على الأرض هنا وهناك، فلا يوجد ما يذكر.
آلت مزرعة همنجواي بعد وفاته إلى الشعب الكوبي،
وذلك تنفيذا لوصيته التي طلب فيها إبقاء كل شيء في المزرعة في مكانه،
وقد حـوَّلـتـهـا الحكومة الكوبية إلى متحف مفتوح للزوار،
يشاهـدون فيه جميع مقتنيات همنجواي،
كما أصبحت زيارة منزله ركنا أساسيا في برنامج الوفود الإعلامية والرسمية لكوبا.
ويندر أن يتجاهل السياح الأمريكيون زيارة مزرعة همنجواي ،
أو فندق أمبوس موندوس، أو المرفأ الذي سمي باسم همنجواي…
لم يغادر همنجواي كوبا بعد نجاح ثورة كاسترو عام 1959 ،
مثل الكثيرين من الأجانب الذين توجسوا خيفة من القادم المجهول،
بل العكس من ذلك مارس همنجواي مغامرته الأخيرة بتأييده المطلق للثورة.
بعد وفاة أمه وزوجته الأولى أصيب همنجواي بالاكتئاب ،
ما دعاه لتلقي علاج بالصدمات الكهربائية،
وقد نجح هذا العلاج في تخليص همنجواي من الاكتئاب،
ولكن بعد أن خسر كفاءة قدرته على التذكر.
ومع شعوره بدنو الأجل عاد همنجواي إلى مسقـط رأسه،
في ضاحية أوك بارك في مدينة شيكاغو،
وظل يصارع المرض فيها، إلى أن قرر أن ينهي حياته ،
بالطريقة نفسها التي قضى بها والده…
وفي صبيحة الثاني من تـمـوز 1961 انسـلَّ إرنـيـست همنجواي إلى غرفة مكتبه،
وتناول بندقيته ة ذات الماسورتين ووجهها إلى جبهته،
ثم ضغط على الزناد لتنطلق منها عاصفة نارية،
حطمت الجزء العلوي من رأسه منهية حياة كاتب كبير،
عاش ومات مقبلا على الدنيا ،
ومدبرا عن همومها أو همومه بمعنى أدق.
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 478
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
مواضيع مماثلة
» اسـتـبـاحة الـكـيـانـيـة الـفـلـسطـيـنـيـة بـرمَّـتـهـا..!! الدكتور عـبدالقادر حسـيـن ياسين
» أحــلام … وكـوابيس!/ الدكتور عبد القادر حسين ياسين
» وداعــاً ... أبا الـفـهـد/ الدكتور عبد القادر حسين ياسين *
» أيـلـول الـفـلـسـطـيـنـي // الدكتور عــبـد القادر حسين ياسين
» مـَـرَضْ أكـابـِـر…!!” الدكتور عبد القادر حسين ياسين
» أحــلام … وكـوابيس!/ الدكتور عبد القادر حسين ياسين
» وداعــاً ... أبا الـفـهـد/ الدكتور عبد القادر حسين ياسين *
» أيـلـول الـفـلـسـطـيـنـي // الدكتور عــبـد القادر حسين ياسين
» مـَـرَضْ أكـابـِـر…!!” الدكتور عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 4 مايو 2024 - 11:41 من طرف حاتم أبو زيد
» هدية العصفورة إليك .
الأحد 28 أبريل 2024 - 12:00 من طرف حاتم أبو زيد
» قبر واحد يكفي لكل العرب
السبت 27 أبريل 2024 - 15:45 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
السبت 27 أبريل 2024 - 15:40 من طرف ميساء البشيتي
» على حافة الوطن
الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 11:55 من طرف ريما مجد الكيال
» الوطن كما يجب أن يكون
الإثنين 22 أبريل 2024 - 11:35 من طرف ورد العربي
» .لماذا لم يخبرنا بأنه محبطٌ؟ أحمد خالد توفيق
الأحد 21 أبريل 2024 - 12:20 من طرف خيمة العودة
» زهر اللوز هو عنوانك
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» حدائق اللوز
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» أصوات من غزة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» دعاء ختم القرآن الكريم
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:59 من طرف دانة ربحي
» وجوه عابرة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» العهد
الثلاثاء 2 أبريل 2024 - 21:58 من طرف راما البلبيسي
» صافحيني غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» على عيني يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» هولاكو في غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:33 من طرف طارق نور الدين
» من يخاطبكم يا ميتون
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:32 من طرف طارق نور الدين
» ثوري غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين
» أين المفر يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين
» إعدام غزة !
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:28 من طرف طارق نور الدين
» تحركوا أيها الدمى
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:26 من طرف طارق نور الدين
» رسالة من طفل غزة إلى سلاطين العرب
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:25 من طرف طارق نور الدين
» كم أنت بعيد يا أفصى
الجمعة 22 مارس 2024 - 12:06 من طرف رمزية بنت الفرج
» يا زهرة المدائن ..يا قدس
الجمعة 22 مارس 2024 - 12:04 من طرف رمزية بنت الفرج
» من يكرمكن نساء غزة ؟
الجمعة 22 مارس 2024 - 11:55 من طرف رمزية بنت الفرج