رد: هنا عصفورة الشجن .

تأكدت الآن أنني استعجلت رحيلك .. لأتوسد الفراغ !
وأن السماء لا تستعيد مطرها من قلب الأزهار ..
كان عليّ أن أخبئك في قلبي
وأن لا أرسلك مع الريح .. في مشوار .

يسألني أبو العتاهية ومروض الحروف ..

أهي رقصة حرب .. أم رقصة مطر ؟

هي رقصة مطر يا مروض الحروف

فنون الحرب أنا لا أعرفها

ورقصة الحرب للأسف لم أتعلمها

أنا تركت فنون الحرب لقومي

هم يجيدون هذا جيداً منذ داحس والغبراء

وهم لا يجيدون سوى فن الحرب

أما أنا فأجيد فن الإصغاء

وفن الصمت

وفن الحيرة

وفن القلق

وفن الخوف

وفن الهروب

وأخيراً أجدت رقصة المطر ..

فهل تبارك هذا النوع من الفنون ؟

عائدة من رحلة صيد فاشلة
ليس لي في اصطياد العصافير !
ليس لي إلا عصفور واحد حين يغرد .. أبكي
وحين يغرد أكثر .. أضحك
لا داع للصيد .. ولا لرحلات الصيد الفاشلة ..
طالما أن عصفوري على نافذتي يغرد الآن ..
وأنا أبكي .

يسألني القرنفل عن الحب

وهل أجدت يوماً فن الحب

أم أن قبيلتي لم تدربني على فن مسالم غير فنون الحرب ؟

الحب يا زهر القرنفل ليس فناً من فنون الحياة

وليس من الفنون التي تعلم أو تدرس

الحب هو شمس هذه الحياة

قد تكون الشمس باردة أحياناً

وقد تكون حارقة

قد تكون ساطعة جداً

وقد تكون غائمة

لكنها لا يمكن أن تكون غير موجودة

وإن غابت

فهي تستسلم للنوم في حضن البحر

لتصحو أكثر نشاطاً

وأكثر إشراقاً

وأكثر حياة ..

أعتذر يا عصفورة الشجن عن تقصيري
العصافير في الخارج تغرد أو تنوح
وأنا أسمع كل همس يطير في الأفق القريب أو البعيد
لكن أنا مشغولة باللاشيء
يتربع اللاشيء على موائدي
يأخذ كل وقتي
يمضي معي جلَّ النهار أو كله
وفي المساء يسبقني إلى ركن السهرة
ليكون أول السهرانين وآخرهم
وهو من يشرب معي قهوة الصباح والعصر
ويحدثني بأحاديث تدور وتلتف من حولي كشرنقة النحل
وحين أتحسس كفيَّ أجدني خالية الوفاض
فأدرك أنه اللاشيء قد احتل كل حياتي .

ذكرني

أنا دائمة النسيان ..

لم أعد أتذكر متى كانت آخر مرة حضرت فيها ..

لم أعد أذكر أيضاً متى كانت آخر مرة تذكرتك فيها !

تغيب .. وأنساك ..

وتحضر .. فأتذكر أني نسيتك ..

آه كم نسيتك ..

وما نسيت مذاق العنب وهو يندلق من فم الصباح

هذا ليس آوان العنب

فلم حضرت الآن ..

ومن أين تأتيني بكل هذه العناقيد ؟

يزعجني أنك لست معي
يزعجني أكثر أنك معها
أنت تلعب بقراطيس الغيرة
لا تدري أيها ينفلت من مداره فتقع الكارثة
كم قلت في نفسي غزا الشيب معقله
ولكنك ما زلت طفلاً يركض وراء الكرة
لن أنزعج بعد الآن
أحاول ألا أكترث من قراطيس الغيرة التي تنثرها تحت نافذتي
لأنني ببساطة شديدة غزا الشيب معقلي وفؤادي
ولم يعد لي بالهرولة وراء السراب
والسعي بين قراطيس الوهم .

كم هو مؤلم أن نصرف طاقة كبيرة من التزيين على أوراق تبقى باهتة كل العمر !

والمؤلم أكثر أن تشرب قهوتك الصباحية
على أنغام
خيبة الأمل ..

هنالك أوراق لا تستطيع أن تمزقها
وليس بإمكانك الاحتفاظ بها
ولا يمكنك تقويم إعوجاجها
ولا يمكنك تركها عوجاء ..