بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
رثاء أمي .
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
رثاء أمي .
رثاء أمي
عام مرَّ وأنا أهرب من نفسي .. أخاف أن أواجهها كي لا أثبّت حقيقة ثابتة وهي أن الموت حق .. وأن الموت استطاع أن يخطفك مني .
عام كامل وأنا أهزُّ رأسي موافقة على أن الموت حق .. وحين أخلو إلى نفسي لا تستقر هذه الحقيقة المطلقة في أعماقي ثانية واحدة .
أنا لا أستعجل فكرة أن أتقبل أنك لست بيننا الآن .. وأنك لن تكوني في استقبالي حين العودة .. وأنني أدخر إليك كماً من الأحاديث يكاد ينفجر في قلبي ويندلق من بين ضلوعي .
حتى هذه اللحظة يا أمي وأنا أكتب إليك هذه الحروف وأنا ممتلئة بالشجاعة والإيمان أتخيل أنك ستقرئين هذه الحروف وكأنها كتبت لآخر لا يعنيني ولا يعنيك فالحقائق يا أم تحتاج زمناً حتى تتغلغل فينا وتصبح جزءاً لا يتجزأ منا .. جزءاً راسخاً فينا .. ركناً موجوداً في أركان حياتنا لا يمكن تجاهله .. أو تجاوزه ..
لا أعلم إلى متى سيتم هذا الهروب ولكني لا أستعجل انتهاءه ولا أرغب بوضع النقطة الأخيرة في صفحته .. لذلك كما قلت إليك يا أم أنا أراك الآن بين السطور تقرئين وتقرئين وترتسم علامات الدهشة على محياك الرقيق .
راهنتُ طِوال العمر أنك قوية وأنك هزمت الحروب جميعها وهزمت الانكسارات التي مرت فيها حياتنا وكنت دائماً المنتصرة الوحيدة .. لم تذعني لهموم التشرد ولم تثنك هموم الغربة ولم تحاصرك الأوجاع التي كانت تطال جسدك الغض وتتعاقب عليه كتعاقب الفصول الأربعة أو حتى كتعاقب الليل والنهار ..
لم أعهدك إلا قوية .. لم أتذكر لحظة ضعف واحدة لك حتى أنني أخجل إن ضعفت يوماً وظهر إليك ضعفي جلياً .. وكما قال الراحل محمود درويش " أخجل من دمع أمي " أنا كنت أخجل أن أكون ضعيفة أمامك أو حتى أن يظهر ضعفي إليك .. وحتى هذه اللحظة أنا لا أستطيع أن أقول إليك أنا ضعفت في هذا الغياب يا أم .. ولكن أرجوك لا تحزني .. فهذا ضعف عابر لن ينال مني ولا من شجاعتي وسأبقى كما عهدتني
قوية صابرة شجاعة محتسبة ولكن كما سبق وقلت إليك يا أم بعض الحقائق تحتاج بعض الوقت حتى تدخلنا كحقائق وتخرج منا كحقائق .
كلنا إلى نهاية .. والموت علينا حق .. لكن الفقد أصعب لغة ننطقها فحروفها تنخر في الجسم .. تأكله شيئاً فشيئاً .. ولا يبقى مكانها إلا الوجع والوجع والوجع ومع ذلك تقبلي يا أم مني هذا البوح الهزيل لأنني لا أزال تحت وطأة الفقد واغفري لي إن بكيت كثيراً وإن حزنت أكثر فأنت أم استثنائية .. إن لم تكوني الأم الوحيدة في هذه الكون .. لذلك أنا كنت ولا زلت وسأبقى طِوال عمري أفتخر أنني ابنة البطلة " شهندة الغفاري" التي هزمت كل الحروب وكل الانكسارات وكل عذابات الغربة والتشرد .. ولم يهزمها إلا المرض .. إلا المرض ..
إلى جنات الرحمن يا أمي .. وألف رحمة ونور تتنزل على روحك الطاهرة ..
وعليك وعلى روح أبي الطاهرة ألف سلام .
عام مرَّ وأنا أهرب من نفسي .. أخاف أن أواجهها كي لا أثبّت حقيقة ثابتة وهي أن الموت حق .. وأن الموت استطاع أن يخطفك مني .
عام كامل وأنا أهزُّ رأسي موافقة على أن الموت حق .. وحين أخلو إلى نفسي لا تستقر هذه الحقيقة المطلقة في أعماقي ثانية واحدة .
أنا لا أستعجل فكرة أن أتقبل أنك لست بيننا الآن .. وأنك لن تكوني في استقبالي حين العودة .. وأنني أدخر إليك كماً من الأحاديث يكاد ينفجر في قلبي ويندلق من بين ضلوعي .
حتى هذه اللحظة يا أمي وأنا أكتب إليك هذه الحروف وأنا ممتلئة بالشجاعة والإيمان أتخيل أنك ستقرئين هذه الحروف وكأنها كتبت لآخر لا يعنيني ولا يعنيك فالحقائق يا أم تحتاج زمناً حتى تتغلغل فينا وتصبح جزءاً لا يتجزأ منا .. جزءاً راسخاً فينا .. ركناً موجوداً في أركان حياتنا لا يمكن تجاهله .. أو تجاوزه ..
لا أعلم إلى متى سيتم هذا الهروب ولكني لا أستعجل انتهاءه ولا أرغب بوضع النقطة الأخيرة في صفحته .. لذلك كما قلت إليك يا أم أنا أراك الآن بين السطور تقرئين وتقرئين وترتسم علامات الدهشة على محياك الرقيق .
راهنتُ طِوال العمر أنك قوية وأنك هزمت الحروب جميعها وهزمت الانكسارات التي مرت فيها حياتنا وكنت دائماً المنتصرة الوحيدة .. لم تذعني لهموم التشرد ولم تثنك هموم الغربة ولم تحاصرك الأوجاع التي كانت تطال جسدك الغض وتتعاقب عليه كتعاقب الفصول الأربعة أو حتى كتعاقب الليل والنهار ..
لم أعهدك إلا قوية .. لم أتذكر لحظة ضعف واحدة لك حتى أنني أخجل إن ضعفت يوماً وظهر إليك ضعفي جلياً .. وكما قال الراحل محمود درويش " أخجل من دمع أمي " أنا كنت أخجل أن أكون ضعيفة أمامك أو حتى أن يظهر ضعفي إليك .. وحتى هذه اللحظة أنا لا أستطيع أن أقول إليك أنا ضعفت في هذا الغياب يا أم .. ولكن أرجوك لا تحزني .. فهذا ضعف عابر لن ينال مني ولا من شجاعتي وسأبقى كما عهدتني
قوية صابرة شجاعة محتسبة ولكن كما سبق وقلت إليك يا أم بعض الحقائق تحتاج بعض الوقت حتى تدخلنا كحقائق وتخرج منا كحقائق .
كلنا إلى نهاية .. والموت علينا حق .. لكن الفقد أصعب لغة ننطقها فحروفها تنخر في الجسم .. تأكله شيئاً فشيئاً .. ولا يبقى مكانها إلا الوجع والوجع والوجع ومع ذلك تقبلي يا أم مني هذا البوح الهزيل لأنني لا أزال تحت وطأة الفقد واغفري لي إن بكيت كثيراً وإن حزنت أكثر فأنت أم استثنائية .. إن لم تكوني الأم الوحيدة في هذه الكون .. لذلك أنا كنت ولا زلت وسأبقى طِوال عمري أفتخر أنني ابنة البطلة " شهندة الغفاري" التي هزمت كل الحروب وكل الانكسارات وكل عذابات الغربة والتشرد .. ولم يهزمها إلا المرض .. إلا المرض ..
إلى جنات الرحمن يا أمي .. وألف رحمة ونور تتنزل على روحك الطاهرة ..
وعليك وعلى روح أبي الطاهرة ألف سلام .
عدل سابقا من قبل ميساء البشيتي في الأحد 16 ديسمبر 2012 - 14:41 عدل 2 مرات
--------------------------------
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
رد: رثاء أمي .
البقاء لله غاليتي الأستاذة ميساء وكلام مؤثر جدا يا عصفورتنا وصدقيني لم أتمالك نفسي فذرفت الدموع من شدة تأثري والبركة فيك غاليتنا أستاذة ميساء وكان الله في العون دائماً .
فاطمة شكري- عضو متميز
- الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 778
تاريخ الميلاد : 01/12/1979
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
العمر : 44
رد: رثاء أمي .
سطور من وجع وكلمات تقطر حزناً أستاذة ميساء ألهمكم الله الصبر والسلوان ورحم والديك وجعل مثواهما الجنة .
طارق نور الدين- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 191
تاريخ التسجيل : 06/05/2012
مواضيع مماثلة
» رثاء والدة الزميلة ميساء
» في رثاء أمه زياد سقيرق أبكانا
» آه .. من يرثي بركاناً؟ رثاء محمود درويش لغسان كنفاني
» في رثاء أمه زياد سقيرق أبكانا
» آه .. من يرثي بركاناً؟ رثاء محمود درويش لغسان كنفاني
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس 9 مايو 2024 - 11:35 من طرف ميساء البشيتي
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي
السبت 4 مايو 2024 - 11:41 من طرف حاتم أبو زيد
» هدية العصفورة إليك .
الأحد 28 أبريل 2024 - 12:00 من طرف حاتم أبو زيد
» قبر واحد يكفي لكل العرب
السبت 27 أبريل 2024 - 15:45 من طرف ميساء البشيتي
» على حافة الوطن
الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 11:55 من طرف ريما مجد الكيال
» الوطن كما يجب أن يكون
الإثنين 22 أبريل 2024 - 11:35 من طرف ورد العربي
» .لماذا لم يخبرنا بأنه محبطٌ؟ أحمد خالد توفيق
الأحد 21 أبريل 2024 - 12:20 من طرف خيمة العودة
» زهر اللوز هو عنوانك
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» حدائق اللوز
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» أصوات من غزة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» دعاء ختم القرآن الكريم
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:59 من طرف دانة ربحي
» وجوه عابرة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» العهد
الثلاثاء 2 أبريل 2024 - 21:58 من طرف راما البلبيسي
» صافحيني غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» على عيني يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» هولاكو في غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:33 من طرف طارق نور الدين
» من يخاطبكم يا ميتون
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:32 من طرف طارق نور الدين
» ثوري غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين
» أين المفر يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين
» إعدام غزة !
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:28 من طرف طارق نور الدين
» تحركوا أيها الدمى
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:26 من طرف طارق نور الدين
» رسالة من طفل غزة إلى سلاطين العرب
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:25 من طرف طارق نور الدين
» كم أنت بعيد يا أفصى
الجمعة 22 مارس 2024 - 12:06 من طرف رمزية بنت الفرج
» يا زهرة المدائن ..يا قدس
الجمعة 22 مارس 2024 - 12:04 من طرف رمزية بنت الفرج
» من يكرمكن نساء غزة ؟
الجمعة 22 مارس 2024 - 11:55 من طرف رمزية بنت الفرج