بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
وجهٌ من ذلك الزمن الفلسطيني..!! بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
وجهٌ من ذلك الزمن الفلسطيني..!! بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين
وجهٌ من ذلك الزمن الفلسطيني..!!
وجه صبوح على الرغم من الشعر الأشيب الذي تناثر على محياه مما زاده وقاراً
ومهابة ؛ إلا أنه ما زال محتفظا بحيوية تصيبك بالدهشة... وهو إسم لعـله لا يثير لدى القراء أي استفزاز للبحث والتنقيب عما يختزن بين أضلعه من ماضٍ وما اجترحه من مآثر بطولية.
وهو لكل من عرفه عن قرب مصدر الهام حيّ لتاريخ النضال الفلسطيني. وهو في قسمات وجهه وتقاطيع جبينه الصلد الذي حفرت فيه السنوات مجرى يمنحك إحساسا بالدفء ، ويثير فيك مشاعر لا تملك إزاءها ألا أن تـُمني النفس وتعـيد التمني في أن يعـيد التاريخ نفسه لترقب بأم عـينيك حركة الأحداث ولتكون إما واحداً من أبطال الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939) أو شاهدا لهؤلاء الرجال.
لقد احتزم أبو يحيى ورفاقه الذين تقاطروا في خط لا ينتهي مُيمنين وجوههم صوب بيت المقدس (أليست القدس "أولى القبلتين " ؟) احتزموا بالإيمان الصادق والعزيمة التي لا تلين ، وانطلق الإنسان في داخله ، الإنسان الذي يرفض أن يظل مكبلا بقيود الاحتلال ( سواء كان بريطاني أو صهيوني ) الإنسان الذي يرفض أن يكون منحني الرأس ("ما بشيل الرأس إلا اللي ركبه"..!! ) لا يستطيع أن يصافح نور الشمس أو يعانق الفرح الذي لم يجد يوما إلى نفسه مدخلا ، ولم تترك الزنازين في تلك النفس المتعبة سوى جرح لم يندمل وميسم من الأحزان والآهات المجترة .
كان أبو يحيى يمقت كثيرا الحديث عن نفسه ، ويؤلمه أيما ألم الاستطراد في التنقيب عن مآثره وما صنعه لهذا الجيل الذي ترعرع في كنف الانتفـاضـة ولم يستطع أن يلملم شظايا الذكريات ويحفظها لتكون خير معين ورفدا خصبا لمسيرة شعبنا ضد التغييب والاغتراب .
لم يكن من السهل على من لم يخبر الأحداث ولم يعاصر جيل الشيخ عزالدين القسـَّام أن يخترق خزانة الذكريات .
كان أبو يحيى واحدا من ذلك الجيل ، شخصية توارت اختارت لها موقع الظل ، كان مثله الأعلى حماية ذاته من الكلمات " المفخخة " التي تحيله إلى طاووس متغـطرس ينفش ريشه فخرا أو إعتزازا. وكان مصدر قلقه وغيظه أن يبجل دوره النضالي...
كان وجها من ذلك الزمن الفلسطيني ، واحدا من "الحرس القديم" ، ذلك الرعيل الذي ظل الموت معلقا على كتفه ، وعلى كتفه الأخرى البندقية الصد ئة ، وعلى خاصرته زانة الرصاص محتزما بالموت ، متوسدا تراب الوطن ..
وفي الجـمـعـة الأخيـرة من شـهـر رمـضـان ذهب أبو يحيى من حارة السعـدية في مدينة القدس القديمة إلى المسجد الأقصى لاداء صلاة الجمعة التي كان يحرص على أداءها في الحرم القدسي الشريف منذ أكثر من نصف قرن.
وفي الزقاق المؤدي إلى المسجد شاهد قوات الاحتلال الصهيونية تطلق النار على أطفال المدارس. وعلى الرغم من أنه جاوز الثمانين ، فقد أمسك حجرا بقبضته ورمى به إلى وجه جندي صهيوني جاء يؤكد خرافة التاريخ على ارض فلسطين .
أبـو يـحـيى ، أكبر الشهداء سنا ، قرر أن لا يذهب إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة الأخيرة في رمضـان ، بل قررالالتحاق بالمتظاهرين من أحفاده مصوبا عينيه إلى أول حجر ليعيد الأمل إلى أمة في طور الانقراض ، فطرزه الرصاص … ليلقى وجه ربه على أبواب الأقصى ، مضمخا بدمه ثرى الوطن ومكـللا بالغار...
أبا يحيى ،
أيها الشيخ الفلسطيني حتى النخاع ،
إن أطفال الحجارة هم مستقبل هذه الامة...
لقد رفعوا رؤوسنا المطأطأة...
إنهم عمرنا الذي ضاع في المنافي والمعتقلات ...
وداعاً ايها الرجل في زمن عـزَّ فيه الرجال ،
لك الغـار والـنـدى ...
فالأشجار تموت واقـفـة!
وجه صبوح على الرغم من الشعر الأشيب الذي تناثر على محياه مما زاده وقاراً
ومهابة ؛ إلا أنه ما زال محتفظا بحيوية تصيبك بالدهشة... وهو إسم لعـله لا يثير لدى القراء أي استفزاز للبحث والتنقيب عما يختزن بين أضلعه من ماضٍ وما اجترحه من مآثر بطولية.
وهو لكل من عرفه عن قرب مصدر الهام حيّ لتاريخ النضال الفلسطيني. وهو في قسمات وجهه وتقاطيع جبينه الصلد الذي حفرت فيه السنوات مجرى يمنحك إحساسا بالدفء ، ويثير فيك مشاعر لا تملك إزاءها ألا أن تـُمني النفس وتعـيد التمني في أن يعـيد التاريخ نفسه لترقب بأم عـينيك حركة الأحداث ولتكون إما واحداً من أبطال الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939) أو شاهدا لهؤلاء الرجال.
لقد احتزم أبو يحيى ورفاقه الذين تقاطروا في خط لا ينتهي مُيمنين وجوههم صوب بيت المقدس (أليست القدس "أولى القبلتين " ؟) احتزموا بالإيمان الصادق والعزيمة التي لا تلين ، وانطلق الإنسان في داخله ، الإنسان الذي يرفض أن يظل مكبلا بقيود الاحتلال ( سواء كان بريطاني أو صهيوني ) الإنسان الذي يرفض أن يكون منحني الرأس ("ما بشيل الرأس إلا اللي ركبه"..!! ) لا يستطيع أن يصافح نور الشمس أو يعانق الفرح الذي لم يجد يوما إلى نفسه مدخلا ، ولم تترك الزنازين في تلك النفس المتعبة سوى جرح لم يندمل وميسم من الأحزان والآهات المجترة .
كان أبو يحيى يمقت كثيرا الحديث عن نفسه ، ويؤلمه أيما ألم الاستطراد في التنقيب عن مآثره وما صنعه لهذا الجيل الذي ترعرع في كنف الانتفـاضـة ولم يستطع أن يلملم شظايا الذكريات ويحفظها لتكون خير معين ورفدا خصبا لمسيرة شعبنا ضد التغييب والاغتراب .
لم يكن من السهل على من لم يخبر الأحداث ولم يعاصر جيل الشيخ عزالدين القسـَّام أن يخترق خزانة الذكريات .
كان أبو يحيى واحدا من ذلك الجيل ، شخصية توارت اختارت لها موقع الظل ، كان مثله الأعلى حماية ذاته من الكلمات " المفخخة " التي تحيله إلى طاووس متغـطرس ينفش ريشه فخرا أو إعتزازا. وكان مصدر قلقه وغيظه أن يبجل دوره النضالي...
كان وجها من ذلك الزمن الفلسطيني ، واحدا من "الحرس القديم" ، ذلك الرعيل الذي ظل الموت معلقا على كتفه ، وعلى كتفه الأخرى البندقية الصد ئة ، وعلى خاصرته زانة الرصاص محتزما بالموت ، متوسدا تراب الوطن ..
وفي الجـمـعـة الأخيـرة من شـهـر رمـضـان ذهب أبو يحيى من حارة السعـدية في مدينة القدس القديمة إلى المسجد الأقصى لاداء صلاة الجمعة التي كان يحرص على أداءها في الحرم القدسي الشريف منذ أكثر من نصف قرن.
وفي الزقاق المؤدي إلى المسجد شاهد قوات الاحتلال الصهيونية تطلق النار على أطفال المدارس. وعلى الرغم من أنه جاوز الثمانين ، فقد أمسك حجرا بقبضته ورمى به إلى وجه جندي صهيوني جاء يؤكد خرافة التاريخ على ارض فلسطين .
أبـو يـحـيى ، أكبر الشهداء سنا ، قرر أن لا يذهب إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة الأخيرة في رمضـان ، بل قررالالتحاق بالمتظاهرين من أحفاده مصوبا عينيه إلى أول حجر ليعيد الأمل إلى أمة في طور الانقراض ، فطرزه الرصاص … ليلقى وجه ربه على أبواب الأقصى ، مضمخا بدمه ثرى الوطن ومكـللا بالغار...
أبا يحيى ،
أيها الشيخ الفلسطيني حتى النخاع ،
إن أطفال الحجارة هم مستقبل هذه الامة...
لقد رفعوا رؤوسنا المطأطأة...
إنهم عمرنا الذي ضاع في المنافي والمعتقلات ...
وداعاً ايها الرجل في زمن عـزَّ فيه الرجال ،
لك الغـار والـنـدى ...
فالأشجار تموت واقـفـة!
--------------------------------
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
غاليتي ميساء
هناك رجالا يصنعون التاريخ ميساء ويزينون صفحاته بنضالاتهم .. قلم نابض يحمل اصالة لا مدي لها
محبتي
محبتي
سميرة عبد العليم- عضو متميز
- الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 1340
تاريخ الميلاد : 01/07/1973
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
العمر : 50
رد: وجهٌ من ذلك الزمن الفلسطيني..!! بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين
نعم سميرة إنهم الجنود المجهولون ..
أهلا بعودتك يا غالية وعساك بألف خير دائما .
أهلا بعودتك يا غالية وعساك بألف خير دائما .
--------------------------------
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
مواضيع مماثلة
» رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين
» ثلاثة أشياء بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين
» الـصـنـاعـة الـوطـنـيـة ...!! بقلم د. عبد القادر حسين ياسين
» في ذكرى الشاعر الفلسطيني راشد حسين: شجـرة اقـتلعـت من تـربـتها د.عـبد القادر حسـين ياسين
» بائع الثـقـافـة .. بقلم : الدكتور عبد القادر حسين ياسين
» ثلاثة أشياء بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين
» الـصـنـاعـة الـوطـنـيـة ...!! بقلم د. عبد القادر حسين ياسين
» في ذكرى الشاعر الفلسطيني راشد حسين: شجـرة اقـتلعـت من تـربـتها د.عـبد القادر حسـين ياسين
» بائع الثـقـافـة .. بقلم : الدكتور عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 11:35 من طرف ميساء البشيتي
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي
السبت 4 مايو 2024 - 11:41 من طرف حاتم أبو زيد
» هدية العصفورة إليك .
الأحد 28 أبريل 2024 - 12:00 من طرف حاتم أبو زيد
» قبر واحد يكفي لكل العرب
السبت 27 أبريل 2024 - 15:45 من طرف ميساء البشيتي
» على حافة الوطن
الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 11:55 من طرف ريما مجد الكيال
» الوطن كما يجب أن يكون
الإثنين 22 أبريل 2024 - 11:35 من طرف ورد العربي
» .لماذا لم يخبرنا بأنه محبطٌ؟ أحمد خالد توفيق
الأحد 21 أبريل 2024 - 12:20 من طرف خيمة العودة
» زهر اللوز هو عنوانك
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» حدائق اللوز
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» أصوات من غزة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» دعاء ختم القرآن الكريم
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:59 من طرف دانة ربحي
» وجوه عابرة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» العهد
الثلاثاء 2 أبريل 2024 - 21:58 من طرف راما البلبيسي
» صافحيني غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» على عيني يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» هولاكو في غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:33 من طرف طارق نور الدين
» من يخاطبكم يا ميتون
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:32 من طرف طارق نور الدين
» ثوري غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين
» أين المفر يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين
» إعدام غزة !
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:28 من طرف طارق نور الدين
» تحركوا أيها الدمى
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:26 من طرف طارق نور الدين
» رسالة من طفل غزة إلى سلاطين العرب
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:25 من طرف طارق نور الدين
» كم أنت بعيد يا أفصى
الجمعة 22 مارس 2024 - 12:06 من طرف رمزية بنت الفرج
» يا زهرة المدائن ..يا قدس
الجمعة 22 مارس 2024 - 12:04 من طرف رمزية بنت الفرج
» من يكرمكن نساء غزة ؟
الجمعة 22 مارس 2024 - 11:55 من طرف رمزية بنت الفرج