بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
وفاء...الأمومة المغتصبة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
وفاء...الأمومة المغتصبة
بخطى واثقة يشق طريقه نحو أعلى الجبل...وهي تتبعه بخطى مضطربة متثاقلة أحيانا ومتعبة أحيانا أخرى بفعل حملها...تحت ظلال أشجار التين المتراصة تتوقف للاستراح قليلا...ثم تكمل سيرها وعالم من التساؤلات يراودها...
وصلا أخيرا...ترحيب كالعادة بالإبن وزوجته...كؤوس الشاي مصحوبة بقطع من الحلوى توزع على الحاضرين...لكن المسكينة لم تقو على الجلوس طويلا فأخلدت للنوم...
استيقظت صباحا لتجد الجو قد أعلن تجهمه وكأنه يشاطرها حزنها الدفين وقلقها الدائم...تقاطرت زخات المطر بشدة...زمجرت الرياح...ارتفع هزيم الرعد...مما زاد من فجوة خوفها...تطمئن نفسها بكلمات متلعثمة علها تبعد عنها وساوسها: هذه سمات فصل الشتاء...يا نفس لا تقلقي..
كل يوم...تجلس بالقرب من نافذة غرفتها المطلة على مروج القرية القاحلة والعطشى لهطول سيل المطر ...تراقب تراقص عباب الغيث يمينا ويسارا بفعل الرياح...تدمع عيناها للمشهد...ينمو قلقها وهي تحدث نفسها: يصعب العودة للمدينة في مثل هذه الأجواء...
كل يوم تهرع لرصد تمرد الجو...وكل مرة تجده أكثر عصيانا من قبل...فبدات جرعات الأمل تضمحل في مخيلتها وتسود القرية في عينيها الدامعتين...فلا أمل في تبسم الجو...وزاد من امتعاضها انكسار الجسر المؤدي للمدينة بسبب الأمطار الغزيرة... فأصبحت القرية في عزلة تامة.
استسلمت الزوجة للقدر وأيقنت ان مولودتها سترى النور قريبا هنا بالقرية فلا مناص من ذلك...ستلد بكريتها بعيدة عن والدتها...بلا رعاية طبية كافية لافتقار القرية لمستوصف...وبلا جرعة حقنة مهدئة لآلام الوضع..
كل صباح تسأل عن الجسر واصلاحه..لكن الجواب يكون دائما منافيا لرغبتها...كل هذه الأحداث زادت من انفجار كومة غضبها وقلقها...وتسببت في ولادة قبل الأوان.
ففي ليلة ماطرة هوجاء..أحست بألم الولادة..كابدت المسكينة آلامها التي أثخنت جسدها الغض...وأنهكت قواها ...وأتلفت جميع ملامحها...
وبعد معاناة...رزقت بطفلة جميلة أنستها كل آلامها واختارت لها من الأسماء وفاء...
بعد أيام...تماثل جسم الأم للشفاء وأصلح الجسر أخيرا.... فعاد الزوجان رفقة ضيفتهما الجديدة لمنزلهما...وكانت أولى خطوات الأم صوب مستشفى الأطفال لتطعيم الطفلة والاطمئنان على صحة ابنتها...ذهلت الممرضة من وزن وفاء ...فأكدت للأم أن مولودتها ولدت قبل الأوان بأسابيع مما قد يسبب لها مشاكل صحية ...ارتخت دمعة على وجنة الأم... وأبت الرضيعة إلا أن تزيد من تدفق عبرات الأم بمرضها المفاجئ... فاختطفت الرضيعة من بين أيدي أم طال انتظارها لصغيرتها...غادرت وفاء عالمنا بعدما ألفت الأم ضمها عند كل رضعة وعند بكاءها كل ليلة...رحلت وفاء بعدما رسمت الأم أحلاما وردية لم تكتمل...غابت وفاء مخلفة شرخا عميقا في القلب وكسرا غائرا في النفس ووجعا لم تمحه الأيام...وتفنن القدر في سحب سجادة الأمومة من تحت أقدام الأم ليسقطها في بئر الاكتئاب مجردة من أجمل الألقاب مكسورة القلب والفؤاد ...وبذلك أجهض حلم أمومتها في مهده.
لطيفة الميموني
وصلا أخيرا...ترحيب كالعادة بالإبن وزوجته...كؤوس الشاي مصحوبة بقطع من الحلوى توزع على الحاضرين...لكن المسكينة لم تقو على الجلوس طويلا فأخلدت للنوم...
استيقظت صباحا لتجد الجو قد أعلن تجهمه وكأنه يشاطرها حزنها الدفين وقلقها الدائم...تقاطرت زخات المطر بشدة...زمجرت الرياح...ارتفع هزيم الرعد...مما زاد من فجوة خوفها...تطمئن نفسها بكلمات متلعثمة علها تبعد عنها وساوسها: هذه سمات فصل الشتاء...يا نفس لا تقلقي..
كل يوم...تجلس بالقرب من نافذة غرفتها المطلة على مروج القرية القاحلة والعطشى لهطول سيل المطر ...تراقب تراقص عباب الغيث يمينا ويسارا بفعل الرياح...تدمع عيناها للمشهد...ينمو قلقها وهي تحدث نفسها: يصعب العودة للمدينة في مثل هذه الأجواء...
كل يوم تهرع لرصد تمرد الجو...وكل مرة تجده أكثر عصيانا من قبل...فبدات جرعات الأمل تضمحل في مخيلتها وتسود القرية في عينيها الدامعتين...فلا أمل في تبسم الجو...وزاد من امتعاضها انكسار الجسر المؤدي للمدينة بسبب الأمطار الغزيرة... فأصبحت القرية في عزلة تامة.
استسلمت الزوجة للقدر وأيقنت ان مولودتها سترى النور قريبا هنا بالقرية فلا مناص من ذلك...ستلد بكريتها بعيدة عن والدتها...بلا رعاية طبية كافية لافتقار القرية لمستوصف...وبلا جرعة حقنة مهدئة لآلام الوضع..
كل صباح تسأل عن الجسر واصلاحه..لكن الجواب يكون دائما منافيا لرغبتها...كل هذه الأحداث زادت من انفجار كومة غضبها وقلقها...وتسببت في ولادة قبل الأوان.
ففي ليلة ماطرة هوجاء..أحست بألم الولادة..كابدت المسكينة آلامها التي أثخنت جسدها الغض...وأنهكت قواها ...وأتلفت جميع ملامحها...
وبعد معاناة...رزقت بطفلة جميلة أنستها كل آلامها واختارت لها من الأسماء وفاء...
بعد أيام...تماثل جسم الأم للشفاء وأصلح الجسر أخيرا.... فعاد الزوجان رفقة ضيفتهما الجديدة لمنزلهما...وكانت أولى خطوات الأم صوب مستشفى الأطفال لتطعيم الطفلة والاطمئنان على صحة ابنتها...ذهلت الممرضة من وزن وفاء ...فأكدت للأم أن مولودتها ولدت قبل الأوان بأسابيع مما قد يسبب لها مشاكل صحية ...ارتخت دمعة على وجنة الأم... وأبت الرضيعة إلا أن تزيد من تدفق عبرات الأم بمرضها المفاجئ... فاختطفت الرضيعة من بين أيدي أم طال انتظارها لصغيرتها...غادرت وفاء عالمنا بعدما ألفت الأم ضمها عند كل رضعة وعند بكاءها كل ليلة...رحلت وفاء بعدما رسمت الأم أحلاما وردية لم تكتمل...غابت وفاء مخلفة شرخا عميقا في القلب وكسرا غائرا في النفس ووجعا لم تمحه الأيام...وتفنن القدر في سحب سجادة الأمومة من تحت أقدام الأم ليسقطها في بئر الاكتئاب مجردة من أجمل الألقاب مكسورة القلب والفؤاد ...وبذلك أجهض حلم أمومتها في مهده.
لطيفة الميموني
لطيفة الميموني- عضو متميز
- عدد المساهمات : 335
تاريخ التسجيل : 21/03/2018
رد: وفاء...الأمومة المغتصبة
غاليتي لطيفة إنها قصة محزنة جدًا ولكنها بالنسبة للأم "أم وفاء" فاجعة
قد تحتاج بعض الوقت لرتق الجرح الكبير
لكنها ستعود وتنهض على قدميها بإذن الله
غاليتي لطيفة دام حسك الإنساني الرائع ورمضان كريم يا غالية
قد تحتاج بعض الوقت لرتق الجرح الكبير
لكنها ستعود وتنهض على قدميها بإذن الله
غاليتي لطيفة دام حسك الإنساني الرائع ورمضان كريم يا غالية
عدل سابقا من قبل ميساء البشيتي في السبت 19 مايو 2018 - 14:57 عدل 1 مرات
--------------------------------
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
رد: وفاء...الأمومة المغتصبة
اشكر مرورك عزيزتي ميساء
رحلت الرضيعة وفاء وتركت أما بئيسة....
رمضان كريم على الامة الإسلامية جمعاء
رحلت الرضيعة وفاء وتركت أما بئيسة....
رمضان كريم على الامة الإسلامية جمعاء
لطيفة الميموني- عضو متميز
- عدد المساهمات : 335
تاريخ التسجيل : 21/03/2018
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 4 مايو 2024 - 11:41 من طرف حاتم أبو زيد
» هدية العصفورة إليك .
الأحد 28 أبريل 2024 - 12:00 من طرف حاتم أبو زيد
» قبر واحد يكفي لكل العرب
السبت 27 أبريل 2024 - 15:45 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
السبت 27 أبريل 2024 - 15:40 من طرف ميساء البشيتي
» على حافة الوطن
الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 11:55 من طرف ريما مجد الكيال
» الوطن كما يجب أن يكون
الإثنين 22 أبريل 2024 - 11:35 من طرف ورد العربي
» .لماذا لم يخبرنا بأنه محبطٌ؟ أحمد خالد توفيق
الأحد 21 أبريل 2024 - 12:20 من طرف خيمة العودة
» زهر اللوز هو عنوانك
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» حدائق اللوز
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» أصوات من غزة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» دعاء ختم القرآن الكريم
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:59 من طرف دانة ربحي
» وجوه عابرة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» العهد
الثلاثاء 2 أبريل 2024 - 21:58 من طرف راما البلبيسي
» صافحيني غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» على عيني يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» هولاكو في غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:33 من طرف طارق نور الدين
» من يخاطبكم يا ميتون
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:32 من طرف طارق نور الدين
» ثوري غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين
» أين المفر يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين
» إعدام غزة !
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:28 من طرف طارق نور الدين
» تحركوا أيها الدمى
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:26 من طرف طارق نور الدين
» رسالة من طفل غزة إلى سلاطين العرب
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:25 من طرف طارق نور الدين
» كم أنت بعيد يا أفصى
الجمعة 22 مارس 2024 - 12:06 من طرف رمزية بنت الفرج
» يا زهرة المدائن ..يا قدس
الجمعة 22 مارس 2024 - 12:04 من طرف رمزية بنت الفرج
» من يكرمكن نساء غزة ؟
الجمعة 22 مارس 2024 - 11:55 من طرف رمزية بنت الفرج