كل شئ بمذاقها ! بقلم: طلال أبو شاويش

كل شئ بمذاقها !

بقلم: طلال أبو شاويش

منذ الإحساس المشوش لحظة فتح العينين صباحا و حتى الإغماضة الأخيرة قبيل الفجر بحسرة و دمعتين !

مع السجارة الأولى مع كوب القهوة الأول و الأنامل ترتعش على أزرار الموبايل لنقر الرساله الصباحية المعتادة...و ما يرافقها من رغبة جامحة في الإبداع و التجديد...فمن رسالتي الأولى تشعر تلك الذكية أي يوم سأحيا و أي مزاج سيهزمني منذ الصباح...ترد على الفور : مالك ؟ لا تكلف نفسها فتسأل : ماذا بك ؟!

على صفحة البحر الرائق صباحا و في طريقي إلى العمل يطفو وجهها و يتراقص بهدوء و يتحرك ليرافقني طوال الطريق الساحلي...و حين عبور المدينة الشائخة تذكرني الشوارع بخطاها المتعجلة و هي تحرث الأرض تحت القصف لتمنح الأطفال المرعوبين بعض السكينة والأمان !

كل شئ بمذاقها !

منذ لحظة عزف السلام الوطني ثم نشيد موطني ثم الجرس الممتد الكريه و حتى تلك النكات البذيئة التي نطلقها سريعا في الاستراحات المسروقة ...تصدح ضحكتها في فضاءات النفس كأجراس كنيسة ريفية صباح أحد مشمس !

كل شئ بمذاقها !

من لحظة اعتراك الأفكار في الدماغ المنهك و حتى لحظة النزيف فوق الأوراق البيضاء المستفزة...تتأمل النص بجدية و بعينين ذئبيتين ثم تتنحى عن منصب الناقد و تمنح رضاها عن المولود بابتسامة ثم بشهقة ثم بحضن كبير يتلوه قبلة !

كل شئ بمذاقها !

لا تكتفي بالمرور العابر كالأخريات و الآخرين...بل تضرب قدمها في الأرض فيعلن النفير...تبتسم فيبدأ موسم الحب...تتحدث فيعلن ميلاد الأدباء...تصمت فتعلن الأرض الحداد...تحزن فيطرب الموت لفرصة أتيحت...تبكي فترقص الشياطين والأشرار و الانتهازيون للحظة انتصار مؤقت... هي روح طيبة ...خجولة أمام انتصاراتها...قوية أمام هزائمها... فلا غرابة إذن إن تشبع كل شئ بمذاقها ...مذاقها فقط !!!