رد: حديث النفس

أنا .. أشتاق إليك
أشتاق إلى أنا في ناظريك
أشتاق إلى تلك الصباحات
التي كانت تلد النهار من بؤبؤ عينيك ..
أنا أشتاق إليك
أشتاق لهمس الحروف تطير إليَّ مع فراشات الصباح
تضع قبلتها على فنجان قهوتي وترحل ..
لا تضع السكر
لا أريد مزيداً من السكر في قهوتي
شفاهك أحلى من الشهد على حواف الفنجان
هل غاب الشهد من شفتيك
أم شفتيك هي من أدمنت الغياب ؟
لا تعد الآن ..
لا تعد اليوم
ولا تعد في يوم آخر
لأن أيامي معك غابت معك أيضاً
في أول غياب
هل تعود تلك الأيام ؟
أعد لي أيامي معك ..
هل تعود الأيام ؟
لن تعود الأيام ..
لكنه اشتياقي الأهوج
الذي يبكيك كل صباح .

وأنا أنتحر
على أسوار الاشتياق
أنتَ أينك ؟

صباح آخر
لا يحمل اسمك
لا يحملك إليَّ
كما اعتدت واعتدنا
على أوراق الياسمين
يطول الليل ويطول ويطول
وحين يأتي الصباح
يأتيني فارغاً
خالياً منك
وكأنني طِوال الليل
ما أمضيت ليلي في الدعاء
أن يحملك الصباح إليَّ
كما اعتدت واعتدنا
على أوراق الياسمين
صباح آخر من دونك
يمزق أوراق النهار
وينتظر الليل على موائد الدعاء
قد يحملك صباح آخر
على أوراق الياسمين .

حديث النفس
وحديث الصباح والمساء والعصر
وحديث كل ساعة
وحديث كل الوقت
أنتَ حديث الوقت
وعقارب الوقت لا تقف إلا عندك
ولا تتحرك إلا من عندك
لذلك هنا يقف الزمان
ولا يتحرك
حتى تأذن له
فينطلق كيمامة برية تتجول في حقول السعادة
تغرف منها ما تشاء
لتهديه إلى الحبيب
قبل أن يتوقف الوقت عنده
ويتوقف الزمان
وينتهي حديث الوقت
وينتهي حديث النفس .

لست مزاجية
ولا ممن يجسون النبض
أنتَ تغيرت عليَّ
وأنا أصابني البرد
دفء حبك انقطع عني
وحاصرتني ثلوج الشك
لم أدري بحالي
إلا وأنا على باب بيتك
ألتمس بعض الدفء
هل هذه مزاجية
بل هي أكبر حب .

قالوا أنك في الديار
وقالوا أنك ترافقها في سهرات المساء
وقالوا أنك تحمل إليها باقات الورد الصباحية
وتقطف إليها عناقيد اللوز الأخضر
وسلال التين
وتهديها عصافير الكنار
لتوقظ فيها صباحات اللقاء
ومع ذلك
هززت كتفي وقلت
يهواني أنا وأنا فقط .

لا يعرفون
إنهم لا يعرفون
أنني أول حرف في أبجدية حبك
وأنني الحرف الأخير
وأنني الذي يربط بين الحروف
وأنني جميع علامات الاستفهام
وعلامات التعجب
وعلامات الترقيم
فدعهم يهيمون
ودعهم يفكرون
ودعهم يتساءلون
أنتَ من تكون ؟

صورة
وراء صورة
وراء صورة
تعددت الصور
وغبت أنت
كثرت الصور
وغبت أنت
وفي النهاية
عشقت الصور
ونسيت أنت
نسيتك أنت !

حين يهاجمني الليل بشراسة
وتُرفع كل سيوف الحقد في وجهي
يسّود اللي في عيني أكثر
ويصبح ظلامه أشد من ظلام بني البشر
حينها
حينها فقط
لا أجد إلا يدك الطاهرة
تمتدُ إليَّ بحنان الملائكة
تطبطب على كتفي
تلقي عن كاهله كل ما رموني به من حقد
وتمسح دمعة تحجرت في عيني
وتهمس في أذني
أنا معك
فدعيهم لغلهم
دعيهم لحقدهم
أنا معك
وقلبي معك
وهذه كفي توسديها
وهذه عيني تضمك
وتضيء إليك عتمة الليل
فلا تخافي
ظلامهم لن يطول
ولن يبقى
أنا معك
حتى يضيء الفجر .

تلومني
وتثقل عليَّ بالملامة والعتاب
ومزاجك كالزئبق
صاعد
هابط
ممطر
غائم
صحو
لا يستقرُّ على حال
وأنا أداوي جرحك الآن
تتفتق منك آلاف الجراح ..
قل لي ماذا أفعل
وكيف أضمد جرحك
وجرحي الذي ينزف ..
أليس له عندك أي اعتبار ؟
لا تقف كالصنم
تحجز دورك
في طابور المتفرجين
أوان الصمت قد زال
وعليك أن تتقدم خطوة
وتحطم بفأسك ذاك الجدار
وحدي عاجزة
يدُّ واحدة لا تصفق
أعطني يدك لتتشابك الأيادي
ونكمل باقي المشوار