بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
نافذة على عالم الجنون .. الجزء السادس والأخير ..
صفحة 1 من اصل 1
نافذة على عالم الجنون .. الجزء السادس والأخير ..
( شبح الجنون .. 13 )
** لم أرَ عصفورتي على هذه الحالة من الحزن قبل الآن .. كأنك عصرت حزن الكون كله وأمضيت الليل في احتسائه حتى الثمالة .**
لم أشعر بتناقض كبير في حياتي يا شبحي كالذي يعتريني الآن .. أذكر أنني حين أخبرتك عن الحروف التي ارتسمت في فنجان قهوتي صدفة ذات صباح .. عن الوصفة السحرية ..عن الثورة التي هبت في أرجاء قلبي ..عن العاصفة الهوجاء التي اجتاحت فكري .. مخيلتي .. أحلامي .. عن رغبتي الأكيدة في الطيران مجددا ًً..عن التحليق في فضاءات لا حد لها خلف ذيل قصة عتيقة وأدتها حية قبل قرن من الزمان .. عن نيتي في أن أهبّ إليها قبل فوات الآوان كي أميط عنها ما بعثرته فوقها من أتربة .. كي أعيد لها دورة الحياة .. كي أسكنها وتسكنني وأعيش ما بقي من عمري في كنفها ولو داخل أقبية قبرها .
لكنني اليوم وبعد أن أصبت بطلقات من خيبة الأمل وبعد أن إحتل الحزن قلبي أشعر أنني عزفت عن فكرة الطيران من جديد .. لم أعد أرغب حتى بفرد أجنحتي ولو لبعض الوقت .. أرغب يا شبحي في الإنزواء بعيدا ً .. أرغب بالمكوث هنا قرب هذا الموقد وثلة الحطب .. أشعر ببرد شديد يمزق أوصالي .. حتى هذه النوافذ المطلة على مدينة العقلاء وأهلها أود إغلاقها بإحكام .. أخشى أن تتسرب إلي منها رياح باردة تبثها أجسادهم الخاوية .. أخشى البرد يا شبحي .. أخشى الصقيع .. أخشى التجمد الذي بدأ يهدد حياتي .
** كلمات مبتورة من أناس مزيفين تفعل بعصفورتي كل هذا ؟ **
ليست كلمات مبتورة يا شبحي .. ليست مجرد كلمات مبتورة .. بل هي الخديعة .. هي طلقات الخديعة يا شبحي التي صوبت لقلبي .. بحر من الوهم كنت أعوم فيه حتى كدت أغرق .. ابتلت أجنحتي وقصفت من البرد وتقول لي كلمات مبتورة .
كنت أؤسس في داخلي مدينة من الأوهام في فكري .. أحلم بأناس يشبهونني ..ينطقون لغتي .. يجيدون أبجديتي .. يفهمون عشقي .. أسكنهم كما يسكنونني .. فإذا بي أسكن الفراغ .. أسكن العدم .. أسكن اللاشيء .
لا أحد يشبهنني يا شبحي ..لا أحد .. لا أحد يشبهني سوى من رسمتهم أبطالا ً في أوهامي .. في أحلامي .. في خيالاتي الجريحة .. في أفكاري المنسوجة من حبر على ورق .. وعندما حاولت استنطاقهم .. فقدوا النطق .. أصابهم الخرس يا شبحي وأنا التي كنت أسمع رنين أصواتهم يوقظني من مناماتي فأقف كالمسحورة أمام عذب كلماتهم .. نسيت أنني أنا من خط أحرفها بلهيب أناملي .
رسمت خديعة كبيرة لنفسي .. أوقعت فيها ذاتي .. أغرقتها وعندما أوشكت على الهلاك لم تجد حولها طوق نجاة .. كل ما حولي يخنقني يا شبحي .
** وتلك الحروف يا عصفورتي .. ما هو مصيرها الآن ؟ **
تلك الحروف يا شبحي دعها تهنأ في قبرها .. لن أميط عنها التراب .. سأدعها تموت .. سأخنقها قبل أن تخنقني ..قبل أن يأتي يوم فتقف في بابي وتطلق على قلبي الرصاص .
قد كنت امرأة حبلى بالوهم يا شبحي ..تسعة أشهر أحمل بين أحشائي وهما ً وحين تمخضت أنجبت جنينا ً من الوهم .. هل سأربي الوهم طفلا ً لي ليكون عكازي الذي أتكئ عليه في أيام كهذه ؟
هل يعيش أطفال الوهم ؟ هل يكبرون ؟ هل يصبحون رجالا ً ؟ أم يبقون مجرد أقزام في زمان أفراده هم عمالقة الخديعة ؟
** وصندوق الذكريات يا عصفورتي ؟ هذا الذي تحملينه منذ ألف عام بين أضلاعك ماذا ستفعلين ؟ **
سألقي به لهذا الموقد .. حطبا ً للشتاء القادم .
( شبح الجنون ..14 )
**** علمت بأن العصفورة السعيدة معتكفة في صومعتها .. لا تكلم أحدا ً ..لا تقابل أحدا ً .. فهل أطمع بشرف مقابلتك سيدتي ولو لثوان ٍٍ معدودة ؟ ****
هل حضرت أخيرا ً ؟ كم انتظرت قدومك حتى مللت من انتظاري لك ويئست من حضورك .
**** عصفورتي .. لن أقدم عذرا ً لغيابي فأنت تعلمين جل ّ أعذاري .. *****
نعم .. أنا أعلم جل ّ أعذارك فقد فاقت شعيرات المشيب في رأسك .. لكنك الوحيد الذي لا زلت ألتمس له العذر في هذه المدينة .. مدينة العقلاء .. مدينة الأغبياء كما أراد لها أهلها من تسمية .. أنت الوحيد الذي لا تعتبر من هؤلاء الأغبياء .. لم أجدك في يوم غبيا ً .. ربما كنت غامضا ً بعض الشيء ولكن غموضك كان يريحني .. كان يعطيني مساحة واسعة للكرّ والفرّ .. للطيران والتحليق .. ألست عصفورة ؟
**** كنت أعلم بهذا يا عصفورتي ولكنني كنت متيقنا ً أن قلبي هو مهبطك الآمن الذي تهبطين إليه بسلام بعد كل جولة . ****
سأرحل عن مدينة العقلاء .. سأتركها لهم .. أهل الخديعة والخيانة ..
**** يا عصفورتي .. كم حذرتك من قبل .. كم قلت لك بأنهم قلوب جائعة للحب .. تريد أن تلتهم الحب كسرة إثر كسرة .. لن يشبع نهمها ما تلقينه إليهم من فتات الحب .. ****
لست رسولا ً للحب والإنسانية .. لست نبيا ً أتلو عليهم الذكر وألقنهم الوصايا .. أنا عصفورة .. أطير .. أحلق .. أهبط في أفئدة تمنحني الحب في وقت تشتد فيه العواصف في الخارج وتنذر بقنابل من المطر .. أحتمي في أفئدتهم .. أختبىء من ويل العواصف .. أنتظر حلول الربيع .. حتى أتمكن من فرد أجنحتي والطيران صوب جهة أخرى .. هو ذا نحن العصافير وهذا حالنا .. لم أكن أعلم أنه لقاء كل ذرة حب عليّ أن أدفع لهم الثمن .. وحين رفضت ..
**** تخلوا عنك ؟ ****
لا .. بل غدروا بيّ ..
**** عصفورتي هذا طبع البشر .. كان عليك أن تتيقني من الحضن الذي ستأوين إليه .. ستتدثرين به .. ما كان عليك أن تنخدعي بمظاهرهم الكاذبة .. كان عليك أن لا تلجئي إلاَّ إليّ . ****
وأين أجدك ؟ في ساحة الوغى ؟ أم منغلق على ذاتك في صومعة لا أعرف وجهتها ؟ أم يائس وبائس ولا تحبني أن أراك وأنت تجتر بؤسك ؟
**** عصفورتي .. فلننه هذا الخلاف الآن .. أنت لن ترحلي إلى الأبد .. ستبقين بقربي .. لن أعدك بعدم الغياب فأنا لم أعتد الكذب .. ولكنني أعطيك مساحة واسعة من الحرية تكفيك لتغادري مع هذا الشبح .. بعض الوقت .. هو سيعتني بك لأنه يحبك بصدق ولكنك لن تقيمين معه في مدينته .. عالم الجنون .. هي مجرد فترة من الوقت تحتاجينها كي تداوي الآلام التي سببها لك معشر الأغبياء .. ثم تعودين في الربيع القادم وقد تعافيت من كل سوء وعندها ستجدين قلبي كما هو مهبطك الآمن وربما لن تضطرين للرحيل مرة أخرى . ****
وأتمنى أن تنتهي كل أعذارك في غيابي .. لن أعود لو لمست عذرا ً واحدا ًً في انتظاري .. عليك أن تنتهي من كل أعذارك في رحلة الغياب هذه .
**** نعم .. أنا بحاجة لإعادة ترتيب أوراقي .. هناك الأهم فالمهم وأنت الأكثر أهمية في حياتي .. ورحيلك المؤقت مع هذا الشبح ما هو إلا للترفيه عن نفسيتك المتعبة فقط .. أهل مدينة العقلاء اتركيهم لشأنهم لا علاقة لك بهم بعد اليوم .. قلوبهم جوفاء كعقولهم .. سامحيهم ولا تنتظري منهم شيئا ً . ****
** هيا يا عصفورتي .. في عالمي هناك .. عالم الجنون ستصبحين عصفورة الفرح .. هناك حيث الفرح والحب بلا مقابل .. حيث الطهر والنقاء .. حيث تختفي المادة من حسابات البشر ولا يتسلل الحقد والجبن والخوف إلى القلوب.. هناك حيث الحرية حرية وليست مفردات تشبهها أو تميل إليها بعض الشيء .. هناك كل الأمور تسمى بمسمياتها الحقيقية ولم تفرغ من مضمونها بعد ..هناك حيث الدفء يحتوي القلوب يغمرها يحيطها كسياج من لسعات البرد القارص .. حيث النظرات الحنونة تمطرك حبا ً وترويك عشقا ً إن احتجبت في يوم مياه الأمطار .. هناك الريح تضحك والقمر يغني والعشب يتراقص والبحر يرسل أمواجه لمعانقة النجوم والشمس تستلقي كل مساء في حضن البحر .. تغفو في جوفه وتستيقظ دون إذن أو ميعاد .. الفصول فصول والساعات ساعات .. الليل يصافح النهار والنهار يذوب في دموع الليل حتى يبزغ الشروق .. هناك يا عصفورتي سيطيب لك المقام .. هناك العالم الذي يستحقك فلا تضني عليهم بوجودك الجميل . **
انتظرني يا شبحي لألقي على أهلي .. أهل مدينة العقلاء تحية الوداع .. أنا قادمة إليك في الحال ..
**************
الوداع يا أهل مدينة العقلاء .. إني راحلة الآن ولكنّي لن أغيب .. سأعود .. عندما تعودون إلى رشدكم وتتعلمون أبجدية الحب الحقيقية .. وتدفنون الزيف والخداع .. عندها سأعود .. سأعود يا أهل مدينتي .. مدينة العقلاء .
انتهت بحمد الله
** ترمز إلي شبح الجنون **
**** ترمز إلى حكيم مدينة العقلاء ****
** لم أرَ عصفورتي على هذه الحالة من الحزن قبل الآن .. كأنك عصرت حزن الكون كله وأمضيت الليل في احتسائه حتى الثمالة .**
لم أشعر بتناقض كبير في حياتي يا شبحي كالذي يعتريني الآن .. أذكر أنني حين أخبرتك عن الحروف التي ارتسمت في فنجان قهوتي صدفة ذات صباح .. عن الوصفة السحرية ..عن الثورة التي هبت في أرجاء قلبي ..عن العاصفة الهوجاء التي اجتاحت فكري .. مخيلتي .. أحلامي .. عن رغبتي الأكيدة في الطيران مجددا ًً..عن التحليق في فضاءات لا حد لها خلف ذيل قصة عتيقة وأدتها حية قبل قرن من الزمان .. عن نيتي في أن أهبّ إليها قبل فوات الآوان كي أميط عنها ما بعثرته فوقها من أتربة .. كي أعيد لها دورة الحياة .. كي أسكنها وتسكنني وأعيش ما بقي من عمري في كنفها ولو داخل أقبية قبرها .
لكنني اليوم وبعد أن أصبت بطلقات من خيبة الأمل وبعد أن إحتل الحزن قلبي أشعر أنني عزفت عن فكرة الطيران من جديد .. لم أعد أرغب حتى بفرد أجنحتي ولو لبعض الوقت .. أرغب يا شبحي في الإنزواء بعيدا ً .. أرغب بالمكوث هنا قرب هذا الموقد وثلة الحطب .. أشعر ببرد شديد يمزق أوصالي .. حتى هذه النوافذ المطلة على مدينة العقلاء وأهلها أود إغلاقها بإحكام .. أخشى أن تتسرب إلي منها رياح باردة تبثها أجسادهم الخاوية .. أخشى البرد يا شبحي .. أخشى الصقيع .. أخشى التجمد الذي بدأ يهدد حياتي .
** كلمات مبتورة من أناس مزيفين تفعل بعصفورتي كل هذا ؟ **
ليست كلمات مبتورة يا شبحي .. ليست مجرد كلمات مبتورة .. بل هي الخديعة .. هي طلقات الخديعة يا شبحي التي صوبت لقلبي .. بحر من الوهم كنت أعوم فيه حتى كدت أغرق .. ابتلت أجنحتي وقصفت من البرد وتقول لي كلمات مبتورة .
كنت أؤسس في داخلي مدينة من الأوهام في فكري .. أحلم بأناس يشبهونني ..ينطقون لغتي .. يجيدون أبجديتي .. يفهمون عشقي .. أسكنهم كما يسكنونني .. فإذا بي أسكن الفراغ .. أسكن العدم .. أسكن اللاشيء .
لا أحد يشبهنني يا شبحي ..لا أحد .. لا أحد يشبهني سوى من رسمتهم أبطالا ً في أوهامي .. في أحلامي .. في خيالاتي الجريحة .. في أفكاري المنسوجة من حبر على ورق .. وعندما حاولت استنطاقهم .. فقدوا النطق .. أصابهم الخرس يا شبحي وأنا التي كنت أسمع رنين أصواتهم يوقظني من مناماتي فأقف كالمسحورة أمام عذب كلماتهم .. نسيت أنني أنا من خط أحرفها بلهيب أناملي .
رسمت خديعة كبيرة لنفسي .. أوقعت فيها ذاتي .. أغرقتها وعندما أوشكت على الهلاك لم تجد حولها طوق نجاة .. كل ما حولي يخنقني يا شبحي .
** وتلك الحروف يا عصفورتي .. ما هو مصيرها الآن ؟ **
تلك الحروف يا شبحي دعها تهنأ في قبرها .. لن أميط عنها التراب .. سأدعها تموت .. سأخنقها قبل أن تخنقني ..قبل أن يأتي يوم فتقف في بابي وتطلق على قلبي الرصاص .
قد كنت امرأة حبلى بالوهم يا شبحي ..تسعة أشهر أحمل بين أحشائي وهما ً وحين تمخضت أنجبت جنينا ً من الوهم .. هل سأربي الوهم طفلا ً لي ليكون عكازي الذي أتكئ عليه في أيام كهذه ؟
هل يعيش أطفال الوهم ؟ هل يكبرون ؟ هل يصبحون رجالا ً ؟ أم يبقون مجرد أقزام في زمان أفراده هم عمالقة الخديعة ؟
** وصندوق الذكريات يا عصفورتي ؟ هذا الذي تحملينه منذ ألف عام بين أضلاعك ماذا ستفعلين ؟ **
سألقي به لهذا الموقد .. حطبا ً للشتاء القادم .
( شبح الجنون ..14 )
**** علمت بأن العصفورة السعيدة معتكفة في صومعتها .. لا تكلم أحدا ً ..لا تقابل أحدا ً .. فهل أطمع بشرف مقابلتك سيدتي ولو لثوان ٍٍ معدودة ؟ ****
هل حضرت أخيرا ً ؟ كم انتظرت قدومك حتى مللت من انتظاري لك ويئست من حضورك .
**** عصفورتي .. لن أقدم عذرا ً لغيابي فأنت تعلمين جل ّ أعذاري .. *****
نعم .. أنا أعلم جل ّ أعذارك فقد فاقت شعيرات المشيب في رأسك .. لكنك الوحيد الذي لا زلت ألتمس له العذر في هذه المدينة .. مدينة العقلاء .. مدينة الأغبياء كما أراد لها أهلها من تسمية .. أنت الوحيد الذي لا تعتبر من هؤلاء الأغبياء .. لم أجدك في يوم غبيا ً .. ربما كنت غامضا ً بعض الشيء ولكن غموضك كان يريحني .. كان يعطيني مساحة واسعة للكرّ والفرّ .. للطيران والتحليق .. ألست عصفورة ؟
**** كنت أعلم بهذا يا عصفورتي ولكنني كنت متيقنا ً أن قلبي هو مهبطك الآمن الذي تهبطين إليه بسلام بعد كل جولة . ****
سأرحل عن مدينة العقلاء .. سأتركها لهم .. أهل الخديعة والخيانة ..
**** يا عصفورتي .. كم حذرتك من قبل .. كم قلت لك بأنهم قلوب جائعة للحب .. تريد أن تلتهم الحب كسرة إثر كسرة .. لن يشبع نهمها ما تلقينه إليهم من فتات الحب .. ****
لست رسولا ً للحب والإنسانية .. لست نبيا ً أتلو عليهم الذكر وألقنهم الوصايا .. أنا عصفورة .. أطير .. أحلق .. أهبط في أفئدة تمنحني الحب في وقت تشتد فيه العواصف في الخارج وتنذر بقنابل من المطر .. أحتمي في أفئدتهم .. أختبىء من ويل العواصف .. أنتظر حلول الربيع .. حتى أتمكن من فرد أجنحتي والطيران صوب جهة أخرى .. هو ذا نحن العصافير وهذا حالنا .. لم أكن أعلم أنه لقاء كل ذرة حب عليّ أن أدفع لهم الثمن .. وحين رفضت ..
**** تخلوا عنك ؟ ****
لا .. بل غدروا بيّ ..
**** عصفورتي هذا طبع البشر .. كان عليك أن تتيقني من الحضن الذي ستأوين إليه .. ستتدثرين به .. ما كان عليك أن تنخدعي بمظاهرهم الكاذبة .. كان عليك أن لا تلجئي إلاَّ إليّ . ****
وأين أجدك ؟ في ساحة الوغى ؟ أم منغلق على ذاتك في صومعة لا أعرف وجهتها ؟ أم يائس وبائس ولا تحبني أن أراك وأنت تجتر بؤسك ؟
**** عصفورتي .. فلننه هذا الخلاف الآن .. أنت لن ترحلي إلى الأبد .. ستبقين بقربي .. لن أعدك بعدم الغياب فأنا لم أعتد الكذب .. ولكنني أعطيك مساحة واسعة من الحرية تكفيك لتغادري مع هذا الشبح .. بعض الوقت .. هو سيعتني بك لأنه يحبك بصدق ولكنك لن تقيمين معه في مدينته .. عالم الجنون .. هي مجرد فترة من الوقت تحتاجينها كي تداوي الآلام التي سببها لك معشر الأغبياء .. ثم تعودين في الربيع القادم وقد تعافيت من كل سوء وعندها ستجدين قلبي كما هو مهبطك الآمن وربما لن تضطرين للرحيل مرة أخرى . ****
وأتمنى أن تنتهي كل أعذارك في غيابي .. لن أعود لو لمست عذرا ً واحدا ًً في انتظاري .. عليك أن تنتهي من كل أعذارك في رحلة الغياب هذه .
**** نعم .. أنا بحاجة لإعادة ترتيب أوراقي .. هناك الأهم فالمهم وأنت الأكثر أهمية في حياتي .. ورحيلك المؤقت مع هذا الشبح ما هو إلا للترفيه عن نفسيتك المتعبة فقط .. أهل مدينة العقلاء اتركيهم لشأنهم لا علاقة لك بهم بعد اليوم .. قلوبهم جوفاء كعقولهم .. سامحيهم ولا تنتظري منهم شيئا ً . ****
** هيا يا عصفورتي .. في عالمي هناك .. عالم الجنون ستصبحين عصفورة الفرح .. هناك حيث الفرح والحب بلا مقابل .. حيث الطهر والنقاء .. حيث تختفي المادة من حسابات البشر ولا يتسلل الحقد والجبن والخوف إلى القلوب.. هناك حيث الحرية حرية وليست مفردات تشبهها أو تميل إليها بعض الشيء .. هناك كل الأمور تسمى بمسمياتها الحقيقية ولم تفرغ من مضمونها بعد ..هناك حيث الدفء يحتوي القلوب يغمرها يحيطها كسياج من لسعات البرد القارص .. حيث النظرات الحنونة تمطرك حبا ً وترويك عشقا ً إن احتجبت في يوم مياه الأمطار .. هناك الريح تضحك والقمر يغني والعشب يتراقص والبحر يرسل أمواجه لمعانقة النجوم والشمس تستلقي كل مساء في حضن البحر .. تغفو في جوفه وتستيقظ دون إذن أو ميعاد .. الفصول فصول والساعات ساعات .. الليل يصافح النهار والنهار يذوب في دموع الليل حتى يبزغ الشروق .. هناك يا عصفورتي سيطيب لك المقام .. هناك العالم الذي يستحقك فلا تضني عليهم بوجودك الجميل . **
انتظرني يا شبحي لألقي على أهلي .. أهل مدينة العقلاء تحية الوداع .. أنا قادمة إليك في الحال ..
**************
الوداع يا أهل مدينة العقلاء .. إني راحلة الآن ولكنّي لن أغيب .. سأعود .. عندما تعودون إلى رشدكم وتتعلمون أبجدية الحب الحقيقية .. وتدفنون الزيف والخداع .. عندها سأعود .. سأعود يا أهل مدينتي .. مدينة العقلاء .
انتهت بحمد الله
** ترمز إلي شبح الجنون **
**** ترمز إلى حكيم مدينة العقلاء ****
مواضيع مماثلة
» نافذة على عالم الجنون .. الجزء الثاني ..
» نافذة على عالم الجنون .. الجزء الخامس ..
» نافذة على عالم الجنون .. الجزء الأول
» نافذة على عالم الجنون .. الجزء الرابع ..
» نافذة على عالم الجنون .. الجزء الثالث
» نافذة على عالم الجنون .. الجزء الخامس ..
» نافذة على عالم الجنون .. الجزء الأول
» نافذة على عالم الجنون .. الجزء الرابع ..
» نافذة على عالم الجنون .. الجزء الثالث
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 12:04 من طرف لانا زهدي
» الغريب
الأربعاء 15 مايو 2024 - 11:29 من طرف عشتار
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
الإثنين 13 مايو 2024 - 11:28 من طرف خيمة العودة
» عاتبني أيها القمر !
الإثنين 13 مايو 2024 - 11:24 من طرف لبيبة الدسوقي
» امرأة من زمن الأحلام
الأحد 12 مايو 2024 - 11:11 من طرف ريما مجد الكيال
» زوابع الياسمين
الأحد 12 مايو 2024 - 11:09 من طرف ريما مجد الكيال
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
الخميس 9 مايو 2024 - 11:35 من طرف ميساء البشيتي
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي
السبت 4 مايو 2024 - 11:41 من طرف حاتم أبو زيد
» هدية العصفورة إليك .
الأحد 28 أبريل 2024 - 12:00 من طرف حاتم أبو زيد
» قبر واحد يكفي لكل العرب
السبت 27 أبريل 2024 - 15:45 من طرف ميساء البشيتي
» على حافة الوطن
الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 11:55 من طرف ريما مجد الكيال
» الوطن كما يجب أن يكون
الإثنين 22 أبريل 2024 - 11:35 من طرف ورد العربي
» .لماذا لم يخبرنا بأنه محبطٌ؟ أحمد خالد توفيق
الأحد 21 أبريل 2024 - 12:20 من طرف خيمة العودة
» زهر اللوز هو عنوانك
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» حدائق اللوز
السبت 6 أبريل 2024 - 11:42 من طرف لبيبة الدسوقي
» أصوات من غزة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» دعاء ختم القرآن الكريم
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:59 من طرف دانة ربحي
» وجوه عابرة
الجمعة 5 أبريل 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» العهد
الثلاثاء 2 أبريل 2024 - 21:58 من طرف راما البلبيسي
» صافحيني غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» على عيني يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:35 من طرف طارق نور الدين
» هولاكو في غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:33 من طرف طارق نور الدين
» من يخاطبكم يا ميتون
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:32 من طرف طارق نور الدين
» ثوري غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين
» أين المفر يا غزة
الجمعة 29 مارس 2024 - 12:30 من طرف طارق نور الدين