نزوح آخر بقلم نور السويركي

انا مُتعبة جداً .. هذا الواقع أكبر من طاقتي على احتماله .. النزوح الجديد مُهلك جداً .. الحياة شاقة داخل خيمة في مستشفى حتى اننا لم نجد متسعاً لصنع خيمتنا فوجدنا انفسنا في خيمة ضيقة بدون تهوية نفترش رملها كانت لأحد الزملاء الذي اشفق على حالنا وسمح لنا بالمبيت فيها، الأمر مُفزع أن تكون بلا مأوى لحوالي ثمانية شهور، أن تفتقد أبسط تفاصيل حياتك الكريمة .. قليلون من يقدمون يد العون ولكن موقفاً واحداً كفيلٌ بانهيار ادعاءك باستمرارية الحياة، وصمودك الاجباري.. كأن تنهرني ممرضة على الملأ بصوت مرتفع عندما طلبت دخول حمام الممرضات .." انتو الصحفيات دبروا حالكم " وكم شعرت بالذل والقهر وعجزت عن الرد ..

أنا المُفوهة أعجزني هذا الحال عن الكلام وكل ما يدور في ذهني سؤال .. كيف أودت بحياتنا وكرامتنا مغامرة السابع من اكتوبر وكيف يتحكم بمصيرنا طرفان وقحان لا يفاوضان فقط تحت النار وإنما على دموعنا وجثث أحباءنا ووجع قلوبنا وانتهاك ماتبقى من كرامتنا وانسانيتنا .. هل وقف أحد هؤلاء القادة واعضاء وفودها في طابور حمام هذا الصباح؟ هل نهره أحدهم أن يجد حلاً لقضاء حاجته؟ هل استيقظ في خيمة تشبه كتلة الجحيم وهو يتصبب عرقاً ولا يجد ماءً لغسل وجهه والاستحمام؟ هل يشعر من يقودنا للجحيم بأحوالنا؟ متى سيضع عاقل نهاية لهذا الجنون والموت والذُل؟ كيف يمكننا الصبر أكثر على مسار اجباري اختاروه هم ولم نختر فيه شيء ومع ذلك دفعنا ثمنه مُكرهين.. نحن رهائن هذه العبث ولا تعبير آخر يمكن استعماله في هذا السياق ..

ثم أكتب هذا المنشور فيما يُصلي أحبة على فقيدهم .. ضحية جديدة لهذه الحرب وهؤلاء الوقحين .. وهذه هي صباحاتنا المُرة

نور السويركي