الدكتور عبد القادر حسين ياسين// فؤاد نصار


فؤاد نصار


يصادف اليوم ذكرى وفاة المناضل الوطني والاممي فؤاد نصار(ابو خالد) ،
الابن البار للشعب الفلسطيني ، الذي رحل عـنا في 30 أيلول عام 1976.


ولد فؤاد نصار في سوريا (بلودان عام 1914) لأبوين فلسطينيين من الناصرة.
ترك فؤاد نصار المدرسة من الصف الرابع الابتدائي ،
ليعمل في صناعة الأحذية لتأمين دخل يسهم في نفقات العائلة.


وفي عام 1929 شارك في المظاهرات الشعبية ضد الاستعمار البريطاني،
وضد الاستيطان الصهيوني، واحتجاجا على إعدام الوطنيين الفلسطينيين الثلاثة ،
حجازي وجمجوم والزير...
القي القبض عليه وسجن لمدة أسبوع، وكانت بداية حياته النضالية.


عرف المنافي والتشرد وحياة الاختفاء القاسية،
وتنقل في أكثر من سجن، في فلسطين والعراق وإيران والأردن،
وعاش مرارة الهزائم والنكسات التي حلت بشعبه،
فلم تـخـفـت عـنده روح التفاؤل، ولا غاب عن ناظريه نجم الأمل .


في عام 1945 أنتخب أمين عام "مؤتمر العمال العرب " في فلسطين ،
وفي عام 1951 أنشأ الحزب الشيوعي الأردني ،
باندماج الماركسيين في شرق الأردن مع عصبة التحرر الوطني في فلسطين.
وأنتخب نصار أمينا عام للحزب.


كانت حياته زاخرة بالنضال والمواقف المشرفة والمبدئية ،
حيث انخرط في صفوف النضال منذ صباه .
ودافع عن القضايا الوطنية والعربية ، وعن العمال والفلاحين والفقراء عامة.


في عام 1936 شكل نصار  مجموعة من الثوار كانت تصنع المتفجرات،
وتهاجم القوات البريطانية... وبعد اعتقاله في نفس العام ، قدم للمحاكمة ،
بتهمة الانتماء إلى منظمة سرية معادية للانتداب البريطاني.


تعرض بعد ذلك إلى الاعتقال عدة مرات ...
خرج من سجن عكا ، وفرضت عليه الإقامة الجبرية في الناصرة ،
فرَّ إلى الخليل والتحق بالثورة الفلسطينية من جديد ...
استدعته القيادة العامة للثورة الفلسطينية في أواخر عام 1938 ،
إلى لبنان ليعود إلى فلسطين قائدا للثورة المسلحة في منطقة القدس والخليل ،
بعد انسحاب القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني إلى دمشق بسبب مرضه.






في أواخر عام 1942 ،أصدرت حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين عفوا عاما،
وعاد فؤاد نصار في بداية عام 1943 إلى فلسطين،
وفرضت عليه السلطات البريطانية الإقامة الجبرية في مدينة الناصرة.


أعاد اتصاله بالعمال والنقابيين الذين كان قد تعرف عليهم في الثلاثينات،
وانضم للحركة النقابية الفلسطينية.


في خريف عام 1943 تم تكوين عصبة التحرر الوطني في فلسطين ،
وانتخب ابو خالد عضوا في اللجنة المركزية ،
وفي عام 1944 انعقد المؤتمر الأول للعصبة واقر برنامجها ،
وانتخب أبو خالد أحد أربعة أمناء للجنة المركزية للعـصبة.


بعد اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948 ،
واحتلال معظم الأراضي الفلسطينية ، ودخول الجيوش العربية فلسطين،
تمزقـت عـصبة التحرر الوطني الفلسطيني، ولم يبقَ من قيادتها في الضفة الغربية ،
سوى  8  أعضاء منهم فؤاد نصار ، وطالب في حينه، بإقامة الدولة الفلسطينية ،
التي نـَصَّ عليها قرار الأمم المتحدة الصادر في 29 تـشـرين الـثـاني 1949.


في عام 1951أعلن عن قـيام الحزب الشيوعي الأردني ،
وانتخب فؤاد نصار أمينا عاما للحزب .
وفي نهاية 1951 القي القبض عليه وحكم لمدة عشر سنوات ،
وخفض الحكم لست سنوات ، وبقي في سجن الجفر الصحراوي طيلة هذه المدة ...


وفي تموز عام 1956 رفضت السلطات الأردنيـة أطلاق سراحه،
الى ان جاءت الحكومة الوطنية برئاسة سليمان النابلسي،
في أعقاب نجاح الحركة الوطنية في الانتخابات النيابية ،
وقررت إطلاق سراحه....
ونجح عن الحزب في هذه الانتخابات نائبان ،
الـدكـتـور.يعقـوب زيادين عن مقعـد القدس، وفائق ورَّاد عن مقعـد رام الله.


وفي نيسان عام 1957 غادر فؤاد نصارالأردن إلى دمشق ،
بسبب الظروف التي نشأت في الأردن ،
بعد الانقلاب على الحكومة الوطنية،
وتنقل بين دمشق وبغداد إلى أن استقر به المقام ،
في أوائل عام 1960 في ألمانيا الديموقراطية ...


عاد إلى الأردن بعد حرب حزيران 1967 ،
وكان على رأس مؤتمر الحزب في نيسان عام 1970 ،
الذي أقر تشكيل قـوات الأنصار للمساهمة في الكفاح المسلح ،
ضد الاحتلال الإسرائيلي. وفي عام 1972 اختير عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني.


هذا هو أبو خالد الإنسان الذي اتخذ من النضال حرفة،
ومن التفاني نمط حياة .
لم يعرف حياة خارج الحزب ،
ولا رسالة اشرف من النضال لخير الشعب .


أبو خالد هذا الاسم الذي اقـتـرن بالقـيم والمثل الشريفة ،
وتردد على السنة البسطاء من شعبنا بالمحبة والتقدير.
مات أبو خالد... انطفأ النجم الساطع ،
ولكن حرارته ستظل تشع وستظل ذكراه ،
عزيزة على قلوب الفقراء تلهمهم الشجاعة والصلابة ،
وتثير فيهم الحمية والحماس .


فـلـئـن كنا اليوم نـفـتـقـده ونشعر بمدى الفراغ الذي يصعب ملؤه ،
فإن عزائنا ان القضية التي عاش ومات من أجلها ،
أخذت تتعمق أكثر فأكثر في وجدان شعبنا ، ولا بد أن تـنـتـصر  .