بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
ماذا ينقصني؟!
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ماذا ينقصني؟!
ماذا ينقصني؟!
في سباقٍ مع القدر، أركض من زاوية لأخرى، أرتب حروفي وأرواقي، أعيد النظر بتاريخ ومكان ولادتي؛ قبل أن تهاجمني أصابع الريح العاتية فتبعثر آخر ملامحي، أقف على حافة الفوضى وخراب الديار لأفجر السؤال: هل ينقصني شيء؟!
قبل عقودٍ من الزمان كنتُ أعرف أن "إسرائيل" هي عدوي وعدوكم وعدو كل هذا العالم، كنتُ لا أرى إلا دبابات الجيش الإسرائيلي تقف على باب منزلي، وفي الشارع، وعلى باب المدرسة، وحول باحات المسجد الأقصى وأدراجه.
كنتُ لا أعرفُ جيشًا غيره، لا أسمع دعاءً يخرج من الصدر بحرقة ومرارة إلا وكان منصبًا عليه، بدأتُ أعرفُ في حينها أن بلادي وقعت في براثن المحتل، وأن علينا أن ندفع ثمن هذا الاحتلال؛ فكانت أولى خطوات الشتات، والمنفى هو العنوان.
كنتُ في سن صغيرة وقتها، لا أعلم أي شيء عما يحدث خارج وطني فلسطين أو داخله، فقط علمتُ فيما بعد أنه أصبح يوجد في بلادي فلسطين (الغرباء) وهم "اليهود"!!!
أهلي، أهل فلسطين، شعبي، أبناء وطني الجميع يحبهم، أما "اليهود" فالجميع يكرههم، هذا كان حين كنتُ طفلة غرة في السابعة من عمري.
لم تمضِ فترة بسيطة ربما لم تتجاوز العدة شهور حتى علمتُ ورأيتُ بأم عيني أن أهل فلسطين، أهلي، شعبي، يوجد من يكرههم أيضًا، كاليهود تمامًا. وكذلك يوجد هناك جيش آخر غير الجيش الإسرائيلي، ودبابات أخرى غير تلك التي تخص "اليهود"، ويوجد خوف، وحقد، وقلق، ودعاء مكتوم، لكن هذه المرة ليس على "اليهود"!
مضت سنة، سنتان، ربما أكثر أو أقل، بدأت أرى وبأم عيني أنَ الكراهية لشعبي الفلسطينيِّ أخذت تتسع دائرتها من جهة، وتخف من جهة أخرى تجاه ذلك المحتل المتمرس في قلب وطني فلسطين! أصبحتُ أرى جيوشًا غير تلك الإسرائيلية، دبابات ومدافع وطائرات حربية غير تلك التي بحوزة عدونا الأوحد إسرائيل وربما كانت تفوقه عدة وعتادًا!
وكانت تتسع رقعة الدعاء لكن ليس على اليهود، ربما كانت علينا! لم أكن أدري، ربما كنت أدري ولا أفهم بالضبط كل هذا ماذا يعني؟!
كنتُ أتابع نشرات المساء، أستمع كل يوم إلى نشرة الأخبار ذاتها، ذات الأخبار تتكرر كل يوم كأنها لم تمرُّ عنها أشعة الشمس أو تلفحها نسمة الهواء، تعيد النشرة وتكرر: أنَّ عدونا الأوحد هو إسرائيل.
إذا لماذا أخاف أن أغادر باب شقتي طالما أن عدونا الأوحد إسرائيل، وإسرائيل ليست هنا؟! لم أكن أفهم، أو ربما كنتُ أفهم ولكن لا أجرؤ على البوح.
كبرتُ، في كل يوم كنتُ فيه أَكبرُ كانت تطاردني اللعنة _ أني فلسطيني_ مع أن نشرات الأخبار كانت تصرُّ على نفس القول: عدونا الأوحد إسرائيل! فلا عجب أن أكبر وسط المتناقضات، وأن أعرف شيئًا وأرى خلافه، وأحس شيئًا وأخفيه في صدري، وتصبح خطواتي معدومة، وأنفاسي معدودة، وأمانيِّ وأحلامي متقزمة، أما نشرات الأخبار فهي كما هي لا تراها الشمس ولا تمرُّ عنها نسمة الهواء.
كبرتُ أكثر، اللعنة ما زالت تطاردني، الجيوش غير الإسرائيلية بازدياد، الحروب كثرت وتفاقمت، وأنا لا أجرؤ أن أغادر جلدي حتى لا أجلد! ونشرات الأخبار تصيح بملء اليقين: عدونا الأوحد هو إسرائيل، وفلسطين على طريق التحرير والنصر الأكيد.
اليوم أنا في الخمسين من عمري، عدد النكبات التي عشتها بعدد شعرات رأسي ، بلادي تآكل ياسمينها، زيتونها تدوسه أقدام "اليهود"، حجارتها أصبحت تعرض في متاحف العالم وتباع بالمزادات، وترابها رحل إلى بيوت المستعربين والمستعمرين الغزاة.
على الضفاف الأخرى جيوشًا لا حصر لها، أعتدةً لا نهاية لها، ولعبة الموت بألف لون ولون، على كل الموائد وبأبخس الأثمان، والفلسطيني لعنة تُطارد إلى أبد الآبدين، أما نشرة الأخبار فهي كما هي منذ ألف عام: إسرائيل هي عدونا الأوحد.
خُلقت في هذه الحياة قبل خمسين عام، كنتُ أعرف ساعتها أن لي وطن واحد وعدو واحد، أما اليوم فأنا لا وطن لي، ولي ألف عدو يتربص بأنفاسي، ولائحة من الدعاء المعلن والمكتوم تطولني من رأسي حتى أخمص قدمي، وأنا لا أفهم شيئًا، صِدقًا لا أفهم شيئًا، لكن من باب الاحتياط أنا لا أغادر باب شقتي!
فهل ينقصني شي؟!
عدل سابقا من قبل ميساء البشيتي في الأربعاء 13 يوليو 2016 - 21:04 عدل 1 مرات
--------------------------------
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
رد: ماذا ينقصني؟!
الرائعة الأستاذة الفاضلة ميساء البشيتي
دائما أجد في حروفك الجواب الشافي لكل ما يدور في ذهني من أسئلة وتساؤلات وتخمينات .
شكرا لك أيتها المتألقة بلا حدود
دائما أجد في حروفك الجواب الشافي لكل ما يدور في ذهني من أسئلة وتساؤلات وتخمينات .
شكرا لك أيتها المتألقة بلا حدود
طارق نور الدين- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 191
تاريخ التسجيل : 06/05/2012
رد: ماذا ينقصني؟!
بل ماذا ينقصنا
فالحال من بعضه يا عصفورة الشجن
فالحال من بعضه يا عصفورة الشجن
حاتم أبو زيد- عضو متميز
- عدد المساهمات : 447
تاريخ التسجيل : 29/04/2010
رد: ماذا ينقصني؟!
الرائع طارق أهلا بك وبردك الجميل وبصدق أفتقد نشاطك السابق وأتمنى أن تكون بخير .
--------------------------------
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
رد: ماذا ينقصني؟!
صدقت يا حاتم وأنت دائما تضع النقاط على الحروف
شكرا لك .
شكرا لك .
--------------------------------
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
غاليتي ميساء
مساء الخير ... تمنياتي أن تكوني والعائلة بألف خير صديقتي وأختي الحبيبة
توقفت علي نصك كثيرا ..ربما لاني عاجزة ع كتابة أي كلمة أمام براعة كلماتك وربما لأنك حاكيتي كل ما يجول بداخلي
آه ميساء ينقصنا الكثير والكثير .. ينقصنا أن نكون نحن .. صعب سؤالك والاصعب الرد عليه
دام قلمك واحساسك الراثع
توقفت علي نصك كثيرا ..ربما لاني عاجزة ع كتابة أي كلمة أمام براعة كلماتك وربما لأنك حاكيتي كل ما يجول بداخلي
آه ميساء ينقصنا الكثير والكثير .. ينقصنا أن نكون نحن .. صعب سؤالك والاصعب الرد عليه
دام قلمك واحساسك الراثع
سميرة عبد العليم- عضو متميز
- الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 1340
تاريخ الميلاد : 01/07/1973
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
العمر : 51
رد: ماذا ينقصني؟!
نعم وللآن لم أجد الإجابة
ما زال البحث جاريًا عن الإجابة
هل ينقصني شيء؟!
ما زال البحث جاريًا عن الإجابة
هل ينقصني شيء؟!
--------------------------------
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
رد: ماذا ينقصني؟!
ميساء البشيتي كتب:ماذا ينقصني؟!في سباقٍ مع القدر، أركض من زاوية لأخرى، أرتب حروفي وأرواقي، أعيد النظر بتاريخ ومكان ولادتي؛ قبل أن تهاجمني أصابع الريح العاتية فتبعثر آخر ملامحي، أقف على حافة الفوضى وخراب الديار لأفجر السؤال: هل ينقصني شيء؟!قبل عقودٍ من الزمان كنتُ أعرف أن "إسرائيل" هي عدوي وعدوكم وعدو كل هذا العالم، كنتُ لا أرى إلا دبابات الجيش الإسرائيلي تقف على باب منزلي، وفي الشارع، وعلى باب المدرسة، وحول باحات المسجد الأقصى وأدراجه.كنتُ لا أعرفُ جيشًا غيره، لا أسمع دعاءً يخرج من الصدر بحرقة ومرارة إلا وكان منصبًا عليه، بدأتُ أعرفُ في حينها أن بلادي وقعت في براثن المحتل، وأن علينا أن ندفع ثمن هذا الاحتلال؛ فكانت أولى خطوات الشتات، والمنفى هو العنوان.كنتُ في سن صغيرة وقتها، لا أعلم أي شيء عما يحدث خارج وطني فلسطين أو داخله، فقط علمتُ فيما بعد أنه أصبح يوجد في بلادي فلسطين (الغرباء) وهم "اليهود"!!!أهلي، أهل فلسطين، شعبي، أبناء وطني الجميع يحبهم، أما "اليهود" فالجميع يكرههم، هذا كان حين كنتُ طفلة غرة في السابعة من عمري.لم تمضِ فترة بسيطة ربما لم تتجاوز العدة شهور حتى علمتُ ورأيتُ بأم عيني أن أهل فلسطين، أهلي، شعبي، يوجد من يكرههم أيضًا، كاليهود تمامًا. وكذلك يوجد هناك جيش آخر غير الجيش الإسرائيلي، ودبابات أخرى غير تلك التي تخص "اليهود"، ويوجد خوف، وحقد، وقلق، ودعاء مكتوم، لكن هذه المرة ليس على "اليهود"!مضت سنة، سنتان، ربما أكثر أو أقل، بدأت أرى وبأم عيني أنَ الكراهية لشعبي الفلسطينيِّ أخذت تتسع دائرتها من جهة، وتخف من جهة أخرى تجاه ذلك المحتل المتمرس في قلب وطني فلسطين! أصبحتُ أرى جيوشًا غير تلك الإسرائيلية، دبابات ومدافع وطائرات حربية غير تلك التي بحوزة عدونا الأوحد إسرائيل وربما كانت تفوقه عدة وعتادًا!وكانت تتسع رقعة الدعاء لكن ليس على اليهود، ربما كانت علينا! لم أكن أدري، ربما كنت أدري ولا أفهم بالضبط كل هذا ماذا يعني؟!كنتُ أتابع نشرات المساء، أستمع كل يوم إلى نشرة الأخبار ذاتها، ذات الأخبار تتكرر كل يوم كأنها لم تمرُّ عنها أشعة الشمس أو تلفحها نسمة الهواء، تعيد النشرة وتكرر: أنَّ عدونا الأوحد هو إسرائيل.إذا لماذا أخاف أن أغادر باب شقتي طالما أن عدونا الأوحد إسرائيل، وإسرائيل ليست هنا؟! لم أكن أفهم، أو ربما كنتُ أفهم ولكن لا أجرؤ على البوح.كبرتُ، في كل يوم كنتُ فيه أَكبرُ كانت تطاردني اللعنة _ أني فلسطيني_ مع أن نشرات الأخبار كانت تصرُّ على نفس القول: عدونا الأوحد إسرائيل! فلا عجب أن أكبر وسط المتناقضات، وأن أعرف شيئًا وأرى خلافه، وأحس شيئًا وأخفيه في صدري، وتصبح خطواتي معدومة، وأنفاسي معدودة، وأمانيِّ وأحلامي متقزمة، أما نشرات الأخبار فهي كما هي لا تراها الشمس ولا تمرُّ عنها نسمة الهواء.كبرتُ أكثر، اللعنة ما زالت تطاردني، الجيوش غير الإسرائيلية بازدياد، الحروب كثرت وتفاقمت، وأنا لا أجرؤ أن أغادر جلدي حتى لا أجلد! ونشرات الأخبار تصيح بملء اليقين: عدونا الأوحد هو إسرائيل، وفلسطين على طريق التحرير والنصر الأكيد.اليوم أنا في الخمسين من عمري، عدد النكبات التي عشتها بعدد شعرات رأسي ، بلادي تآكل ياسمينها، زيتونها تدوسه أقدام "اليهود"، حجارتها أصبحت تعرض في متاحف العالم وتباع بالمزادات، وترابها رحل إلى بيوت المستعربين والمستعمرين الغزاة.على الضفاف الأخرى جيوشًا لا حصر لها، أعتدةً لا نهاية لها، ولعبة الموت بألف لون ولون، على كل الموائد وبأبخس الأثمان، والفلسطيني لعنة تُطارد إلى أبد الآبدين، أما نشرة الأخبار فهي كما هي منذ ألف عام: إسرائيل هي عدونا الأوحد.خُلقت في هذه الحياة قبل خمسين عام، كنتُ أعرف ساعتها أن لي وطن واحد وعدو واحد، أما اليوم فأنا لا وطن لي، ولي ألف عدو يتربص بأنفاسي، ولائحة من الدعاء المعلن والمكتوم تطولني من رأسي حتى أخمص قدمي، وأنا لا أفهم شيئًا، صِدقًا لا أفهم شيئًا، لكن من باب الاحتياط أنا لا أغادر باب شقتي!فهل ينقصني شي؟!
سلامة حسين عبد النبي- عضو جديد
- عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 20/06/2022
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:06 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة
» غزلك حلو
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:21 من طرف ريما مجد الكيال
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:18 من طرف لبيبة الدسوقي
» تحركوا أيها الدمى
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:14 من طرف لبيبة الدسوقي