بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
أيـهـا الفـلـسـطيني الـعـظـيـم، ســلامـاً...!! د. عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
أيـهـا الفـلـسـطيني الـعـظـيـم، ســلامـاً...!! د. عبد القادر حسين ياسين
الدكتور عبد القادر حسين ياسين*: أيـهـا الفـلـسـطيني الـعـظـيـم، ســلامـاً...!!
أيـهـا الفـلـسـطيني الـعـظـيـم، ســلامـاً...!!
الدكتور عـبد القادر حسين ياسين*
"طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ
فـزعـت منه بآمالي إلى الـــــكـذب.."
أبو الطيب المتنبي
غـيـَّب الـمـوت في الأسبوع الماضي القـائـد الفلسطيني الكبير عبدالعزيز شاهين عن عمر يناهز الثمانين عاماً . كان شاهين يعاني منذ فترة خللاً في وظائف الكبد، ونقل إلى مستشفيات مصرية، ولكن لسوء حالته الصحية وعدم استجابته للعلاج طلب من أنجاله أن يـُنـقـل إلى غزة ليدفن فيها.
ليس في مقدور أي كلام يكتبه أي قلم ـ مهما كان سَـيَّـالا ـ أن يعبر عن الخسارة الكبرى التي نزلت على شـعـبنا، عندما غاب عن دنيانا ذلك المناضل الفلسـطيني الحقيقي والمتوهج.
عندما وصلني نبأ رحيله، ظللت للحظات صامتا في مكاني... لم تصدر عـني حركة. حتى الأنفاس أحسستها متجمدة. النبأ وحده أكبر من صمتي...
غـفـا أبو علي شاهين في نومه الأخير.
أدرك ـ بالطبع ـ أن إغفاءته، هي نهاية بالجملة، لآلام تسللت إلى جسده، على مراحل، وتمكنت منه، كأنها جمرة، نثرتها النارُ، رماداً بعـد أثر!
انتهت رحلة عُمرٍ خصب، تركت لنا، صفحات ثمينة، من الرأي الحصيف، ومن الرؤية الثاقبة. كان ملتزماً خلوقاً، لا يروق له كلام، ولا يطيب له مجلس، إلا إذا كانت فلسطين،التي أحب وعشق، هي محور الأحاديث والسجالات والتطلعات. ذلك الفلسطيني الهائل، بانتمائه وبطموحه ...
ومثل كل المناضلين الحقيقيين، كان أبـو عـلـي شـاهـيـن حريصا على أن تكون حياته اليومية صورة عن قناعاته الفكرية... وعلى النقيض من حياة البـذخ التي كان يـنـعـم بـها "مناضلو الصالونات" و "أمراء النضـال" ، وعلى الرغـم من أنـه كان يشـغـل أعـلى المراتب التنظيمية ، فـقـد كان يرفض بإصـرارأن يتمتع يوماً بأي من الإمتيازات التي يعـتبرها البعـض "حقـاً" من حقوق القيادة ، كان يؤثر الحياة البسيطة البعـيدة على التكلّف والاستعراض.
كان مؤمنا بتفاعل الفكر الإنساني، لصالح الإنسان في مواجهة العنصرية والاحتلال، وسيطرة القوى الكبرى الغاشمة على مقدرات الشعوب المناضلة من اجل الحرية والاستقلال.
كان معارضا صلبا لنهج التسوية السياسة وإفرازات اوسلو، وعلى الرغم من خـلافه الحـاد مع القيادة الفلسطينية فإنـه لم يلجـأ إلي دعم أي حركة تدعـو لشق الصف الفلسطيني، فقد كان بطبعه وحدويا وداعيا للائتلاف الوطني والحوار مع كل فصائل المقاومة، وموقف كهذا جعله قريبا من كل فصائل العمل الفلسطيني، في الداخل والخارج.
كان عاشـقا لفلسـطين، وكان ذا نزوع مثالي إليها، ولم ييأس من فكرة العـودة، ولا من فكرة النصر. مشى أيامه ببطء المتزن الواثق الرصين، ولم يكترث لشيء خاص، سوى حقه الصغـير، في خبز وكتاب، وقلم يبوح به، للفقراء والمتعـبين واللاجئين، بأسرار كل اللحظات، لكي يظل الفلسطينيون جديرين بتراث وطنهم وقضيته! لقد فـقـد شعبناالفلسطيني برحيله، علما سياسيا ... مات أحد كبارنا المحترمين، من المناضلين المثابرين. ذهب الرجل على إيقاع الأيام المطفأة، عبر أنفاق السبات والذكرى. لكن فلسطين، ستبقى في انتظاره، في دُغـشـة الصباحات الشاحبة، وفي ليالي الوجد، كما في مواسم وأعياد عاشقيها. مات أحد أعز المكافحين، بنبل وحيوية، صامتاً حيال أوجاع اللحظات الأخيرة. ستظل آثاره، سراجاً يُشعل ضوءاً أبدياً، بينه وبين وطنه، لا تُطفئه دموع الغـيم، ولا أنواء البحر.
حين وصلني نبأ رحيله ، تذكرت بيت الشعر المأثور عن أبي الطيب المتنبي: ، عندما جاءه نبأ وفاة صديق عزيز :
"طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ
فزعـتُ منه بآمالي إلى الـــــكذب.."
ومن سوء الحظ أنه لا الأكاذيب ولا الحقائق، ولا الشعر، ولا الدموع تكفي للتسليم بأن المقادير شاءت وحكمت، وجاءت وذهبت ومعها شاهين إلى عالم بعيد.
أبـا علي ؛ أيـهـاالأخ العزيز والصديق الصدوق ، هل أقول سـلامـا ، أم أقول وداعـا؟أنت أكبر من السـلام ، وأكبر من الوداع.
أبـا علي ؛
سـلامـا وتحيـة ، ففي التحيـة الحياة...
التحية هي المحافظة على وديعـتك التي أودعـتـهـا لدى كل من لا يزال مؤمنـا بأن المقاومة هي كل ما نملـك ، وبأن الوعي النقـدي هو الطريق. كـلـمـاتك علمت الكثيرين الثبات على المـبـدأ ، وهم يواصلون طريق المقاومة : أبجدية من أعطوا للبشـرية ، عـبر تاريخها الحضاري الطويل الذي يمـتـد عبر آلاف السنين ، ما تستحق به الإقامة على الأرض .
أبـا علي ؛
أيـهـا الفلسـطيني الـعـظـيـم، ســلامـا!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كـاتب وأكاديمي فلسطيني مـقـيـم في السـويد.
أيـهـا الفـلـسـطيني الـعـظـيـم، ســلامـاً...!!
الدكتور عـبد القادر حسين ياسين*
"طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ
فـزعـت منه بآمالي إلى الـــــكـذب.."
أبو الطيب المتنبي
غـيـَّب الـمـوت في الأسبوع الماضي القـائـد الفلسطيني الكبير عبدالعزيز شاهين عن عمر يناهز الثمانين عاماً . كان شاهين يعاني منذ فترة خللاً في وظائف الكبد، ونقل إلى مستشفيات مصرية، ولكن لسوء حالته الصحية وعدم استجابته للعلاج طلب من أنجاله أن يـُنـقـل إلى غزة ليدفن فيها.
ليس في مقدور أي كلام يكتبه أي قلم ـ مهما كان سَـيَّـالا ـ أن يعبر عن الخسارة الكبرى التي نزلت على شـعـبنا، عندما غاب عن دنيانا ذلك المناضل الفلسـطيني الحقيقي والمتوهج.
عندما وصلني نبأ رحيله، ظللت للحظات صامتا في مكاني... لم تصدر عـني حركة. حتى الأنفاس أحسستها متجمدة. النبأ وحده أكبر من صمتي...
غـفـا أبو علي شاهين في نومه الأخير.
أدرك ـ بالطبع ـ أن إغفاءته، هي نهاية بالجملة، لآلام تسللت إلى جسده، على مراحل، وتمكنت منه، كأنها جمرة، نثرتها النارُ، رماداً بعـد أثر!
انتهت رحلة عُمرٍ خصب، تركت لنا، صفحات ثمينة، من الرأي الحصيف، ومن الرؤية الثاقبة. كان ملتزماً خلوقاً، لا يروق له كلام، ولا يطيب له مجلس، إلا إذا كانت فلسطين،التي أحب وعشق، هي محور الأحاديث والسجالات والتطلعات. ذلك الفلسطيني الهائل، بانتمائه وبطموحه ...
ومثل كل المناضلين الحقيقيين، كان أبـو عـلـي شـاهـيـن حريصا على أن تكون حياته اليومية صورة عن قناعاته الفكرية... وعلى النقيض من حياة البـذخ التي كان يـنـعـم بـها "مناضلو الصالونات" و "أمراء النضـال" ، وعلى الرغـم من أنـه كان يشـغـل أعـلى المراتب التنظيمية ، فـقـد كان يرفض بإصـرارأن يتمتع يوماً بأي من الإمتيازات التي يعـتبرها البعـض "حقـاً" من حقوق القيادة ، كان يؤثر الحياة البسيطة البعـيدة على التكلّف والاستعراض.
كان مؤمنا بتفاعل الفكر الإنساني، لصالح الإنسان في مواجهة العنصرية والاحتلال، وسيطرة القوى الكبرى الغاشمة على مقدرات الشعوب المناضلة من اجل الحرية والاستقلال.
كان معارضا صلبا لنهج التسوية السياسة وإفرازات اوسلو، وعلى الرغم من خـلافه الحـاد مع القيادة الفلسطينية فإنـه لم يلجـأ إلي دعم أي حركة تدعـو لشق الصف الفلسطيني، فقد كان بطبعه وحدويا وداعيا للائتلاف الوطني والحوار مع كل فصائل المقاومة، وموقف كهذا جعله قريبا من كل فصائل العمل الفلسطيني، في الداخل والخارج.
كان عاشـقا لفلسـطين، وكان ذا نزوع مثالي إليها، ولم ييأس من فكرة العـودة، ولا من فكرة النصر. مشى أيامه ببطء المتزن الواثق الرصين، ولم يكترث لشيء خاص، سوى حقه الصغـير، في خبز وكتاب، وقلم يبوح به، للفقراء والمتعـبين واللاجئين، بأسرار كل اللحظات، لكي يظل الفلسطينيون جديرين بتراث وطنهم وقضيته! لقد فـقـد شعبناالفلسطيني برحيله، علما سياسيا ... مات أحد كبارنا المحترمين، من المناضلين المثابرين. ذهب الرجل على إيقاع الأيام المطفأة، عبر أنفاق السبات والذكرى. لكن فلسطين، ستبقى في انتظاره، في دُغـشـة الصباحات الشاحبة، وفي ليالي الوجد، كما في مواسم وأعياد عاشقيها. مات أحد أعز المكافحين، بنبل وحيوية، صامتاً حيال أوجاع اللحظات الأخيرة. ستظل آثاره، سراجاً يُشعل ضوءاً أبدياً، بينه وبين وطنه، لا تُطفئه دموع الغـيم، ولا أنواء البحر.
حين وصلني نبأ رحيله ، تذكرت بيت الشعر المأثور عن أبي الطيب المتنبي: ، عندما جاءه نبأ وفاة صديق عزيز :
"طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ
فزعـتُ منه بآمالي إلى الـــــكذب.."
ومن سوء الحظ أنه لا الأكاذيب ولا الحقائق، ولا الشعر، ولا الدموع تكفي للتسليم بأن المقادير شاءت وحكمت، وجاءت وذهبت ومعها شاهين إلى عالم بعيد.
أبـا علي ؛ أيـهـاالأخ العزيز والصديق الصدوق ، هل أقول سـلامـا ، أم أقول وداعـا؟أنت أكبر من السـلام ، وأكبر من الوداع.
أبـا علي ؛
سـلامـا وتحيـة ، ففي التحيـة الحياة...
التحية هي المحافظة على وديعـتك التي أودعـتـهـا لدى كل من لا يزال مؤمنـا بأن المقاومة هي كل ما نملـك ، وبأن الوعي النقـدي هو الطريق. كـلـمـاتك علمت الكثيرين الثبات على المـبـدأ ، وهم يواصلون طريق المقاومة : أبجدية من أعطوا للبشـرية ، عـبر تاريخها الحضاري الطويل الذي يمـتـد عبر آلاف السنين ، ما تستحق به الإقامة على الأرض .
أبـا علي ؛
أيـهـا الفلسـطيني الـعـظـيـم، ســلامـا!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كـاتب وأكاديمي فلسطيني مـقـيـم في السـويد.
--------------------------------
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
مواضيع مماثلة
» العــَذاب الـفـِلـِسـطـيـنـي د. عبد القادر حسين ياسين
» عـولـيـــس الـفـِلــِســـْطـيـني د. عبد القادر حسين ياسين
» صـقـيع الـمـنـفـى د. عبد القادر حسين ياسين
» الـجَـهـْـل الـمُـزدَوج د. عبد القادر حسين ياسين
» مــهــنـة الـريـاء د. عبد القادر حسين ياسين
» عـولـيـــس الـفـِلــِســـْطـيـني د. عبد القادر حسين ياسين
» صـقـيع الـمـنـفـى د. عبد القادر حسين ياسين
» الـجَـهـْـل الـمُـزدَوج د. عبد القادر حسين ياسين
» مــهــنـة الـريـاء د. عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 4 ديسمبر 2024 - 11:30 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة