رد: حديث النفس

أحتاج في هذا الصباح إلى أشعة حنونة على قلبي
أحتاج نسمة هواء كتلك التي كانت تأتيني منك
أحتاج أن أقول أحبك , أحبك , أحبك
وكفى

عجبني من هذا الرجل ... كأن الزمان يسحب منه كل شئ
هل نسي جرح نزف علي يديه ؟
هل نسي دمعة سقطت ؟
زمنه قد ولي وتاه بين طرقات الزمن

الآن
بعد أن تلبدت السماء بالغيوم السوداء
وبعد أن راودت أشعة الشمس نفسها
وتساءلت في حيرة وقهر ..
هل تظهر هي في حياتي أنا ..
أم تستسلم لعنجهية السحب السوداء ؟
الآن
بعد أن برزت أنياب الليوث ومخالب الضباع
وبعد أن اكفهرت السماء غضباً وألماً وقهراً
وبعد كل هذا الزئير والعويل والنحيب واللطيم
وبعد المد والجزر ومهادنة أمواج البحر
سأقبل الشمس في جبينها وأقول لها
أنا كنت على خطأ ..
الآن
أدركت أنني كنت على خطأ
وحدك أنت حبات المطر
ومن تبقى
وما تبقى
هي سحب سوداء ..
سحب سوداء .

ما هذا الشئ الذي يضعفني ... لماذا أبكيه اليوم؟
الحياة ليست طويلة ...وليست قصيرة أيضا
لكنها لا تساوي شئ ... لن تساوي شئ في حياتي

حتى الشوق إليك يتأرجح في داخلي
أصحو معه في الصباح أحدثه ويحدثني
لكن في المساء تخبو نار الشوق
ربما تبقى ذكريات القسوة تشتعل في المساء
لم أعد أعرف هل هو حبك من يخنقني
أم هي نار البعد التي تأكلني
وأبقى أسيرة الشوق في الصباح
وفي المساء أسيرة الانتقام .

عندما يأتي المساء
أركض كطفلة صغيرة إلى الشرفة
كطفلة تحمل تباشير العيد بين يديها
أنظر إلى القمر بدلال وتمني
هل سيأتيني طيفه هذا المساء ؟
يغمزني القمر بطرف عينه الشمال
وأفهم على الفور
أرسل إليه قبلة على عجل وأركض مرة أخرى
لكن إلى المرآة
هل لا زلت أجمل النساء في عينيه
كان القمر يضحك من خلف النافذة
يخيل إليَّ أن صوت ضحكاته قد أزاح الستائر قليلاً
ما به هذا القمر ؟
لا أحب أن يتلصص على أحلامي
كل ما في الأمر أنني سألته سؤالاً
هل سيأتيني طيفه في المساء
هل أخطأت في السؤال
آه منك أيها القمر لا تخفى عليك أسرار العشاق
كم سكبت لك فناجيناً من القهوة حتى تسهر معي
والآن أقولها لك بكل صدق .. كنت أضحك عليك
كنت أريدك أن تسهر لتجذبه للسهرة معك
فأسرقه منك
هل ترى يا قمري لقد تحولت إلى لصة قلوب
ولكن أنتَ يا قمري لا تعتب على هكذا سرقات
والآن أستودعك الله يا قمري
لا أريده أن ينتظر كثيراً على شرفات الأحلام
اخشى أن ينفد صبره فيغيب وأعود إليك بعد أن يهجرني العيد
لا تؤخرني يا قمر فأنا وطيفه على ميعاد في هذا المساء

لم أعد أعترف بشئ اسمه الحب ... كيف ينتهي الحب بلحظة
كيف تتوه سنين العمر خلف ستار اسود؟
لم أعد أعترف به ولم أعد أثق بأحد
كل الطرقات أصبحت متشابهة
كل الوجوه تشابهت بالزيف والخداع والأمكنة

كم قلت له إنه مداد قلمي
وكم تعذرت به وكم انتحلت منه أعذاراً ..
وكم خشيت أن أرفع عيني فتقع في شرك عينيك ..
وعندها ستعلم أنني ما كنت أكتب إليك إلا بدمي ..
لم تكن قطرات مداد فرت من محبرتي
بل كانت قطرات دمي تسابق الريح إليك ..
واليوم بعد أن مات كل شيء ماذا أقول أنا للمداد ؟

مؤلم الفراق كما اللقاء
علي ضفاف الحياة صفحات كثر
صفحة للوفاء وأخريات للخداع
ألوان وأنماط ونفوس لا قيمة لها
تلك هي الحياة في هذا الزمان

أعرف أني اليوم ليس ككل الأيام ... حاولت اقناع نفسي فوجدتها وحدها في المرآة
في باطنك غرور .. وظاهرك كبرياء ... لكن مثلك أمتلك الكبرياء .