بحـث
من أنا ؟
![](https://i.servimg.com/u/f97/14/42/89/14/ao_210.jpg)
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
“أراكَ عـَصـيَّ الـدَمـع…!”بقلم : الدكتور عـبد القادر ياسين
صفحة 1 من اصل 1
“أراكَ عـَصـيَّ الـدَمـع…!”بقلم : الدكتور عـبد القادر ياسين
ا
“أراكَ عـَصـيَّ الـدَمـع…!”بقلم : الدكتور عـبد القادر ياسين
قال لي ، بـعـد أن تفـضـل مشـكورا بزيارتي في مـسـتـشـفـى الجـامـعـة :
“لم أقـرأ لك شيئا في الأسبوعـين الماضيين….
لماذا توقفت عن الكتابة؟…
أعـرف أن وضـعـك الصحي ليس عـلى مـا يـرام…
ولكـنـك لم تتـوقف عن الكـتـابـة رغـم مـرضـك”.
وعلى الرغم من أنه ليس من عادتي أن أجيب على السؤال بسؤال ، قلت له :
ماذا تريدني أن أكتب؟
وحـاولت أن أوضـح له الأسـبـاب :
أبحث عن شئ يصلح للكتابة ..
أبحث عن موضوع قابل لأن يتحول الى قطعة من السكر تذوب في قهوة الصباح ،
لكن إزدحام المواضيع في أحيان كثيرة يؤدي الى تشتت الافكار .
لم اجد شيئا اكتب عنه بالرغم من أن الكتابة بالنسبة لي أيقونة تمنحني الأمان والشعور بالوجود والمشاركة والانغماس بهموم الناس ومعاناتهم.
أريد أن أبقى كما أنا بكل تمردي ،
بعشقي للوطن والناس والفقراء ، “مـلـح الأرض” ،
وأن أبقى فـقـيـراً حتى لا أصبح برغـياً في آلة معـطوبة .
أريد أن أكتب عن البطون الخاوية في الـعـالم العـربي ،
وعن قيادات سياسية خاوية متخاذلة بحق هذه الشعـوب ،
لكنني أخشى أن أتهم بالمزاودة لانني في الخارج .
أريد أن أكتب عن تكـديس الاسلحة في عالمنا العـربي والتي لا تـُستعمل الا في مواجهة البطون الخاوية ومواطنين مغلوبين على أمرهم .
أريد أن أكتب عن انبطاحنا المخجل للغـرب ،
عن الأموال العـربية المكدسة في بنوكهم ،
عن ارتماء زعمائنا في أحضانهم .
أريد أن أفك طلاسم هذا الجنون …
وخـيـّـم صـمـتٌ ثـقـيـل…
نـظـر إلـيَّ مـطـولا ، وقـال كـأنـه يـهـمـس كي لا تـســمـعـنـا الـمـمـرضـة :
“أراك عـصـيَّ الـدمـع..”
قـلـت لـه بـحـرقـة :
أرغـب في البكاء.
لا قهراً ولا حزناً ولا فرحا،
بل البكاء الخالص لِـذاتِه،
كما ضبابٍ ناعـسٍ،
أو شِتاءٍ وحشـي حميم.
كم مـرَّة أوشـكـت وهَـمَـمْـت ــ أو هـكـذا ظنـنـت ــ لكـنـني لم أسـتـطع،
وظـلَّـت دمـوعـي مُكابـرة،عَـصِيَّـةً، لا تـَرِيـْم.
أجهـل كُـنه هذه الرغـبة المبهـمة التي تعـتادني من حيـنٍ لحيـن.
وحينما أتـذكر المَرَّات التي بكـيت فيها،
أجد أنها لم تبلغ عدد أصابـع اليــد الـواحـدة.
أول مرة عندما توفي الرئيـس جمال عبدالناصر،
أو “أبـو خالـد” كما إعتاد النـاس أن يـقـولـوا مـن بـاب الاُلـفـة والتـقـديـر.
أتذكرُ الموقـف بوضوح :
شعـرت بغـصَّـةٍ وإختناق فيما كنت واقـفاً أستمع إلى المذياع وهو يعلن الخبر:
تماسكت وإنزويت في العتمة.
وفجأة – ودون أن أدري – تـحَـدَّرت الدموع من عينيّ،
فـتظاهـرت بإنشغال ما ،
وأشحـت بوجهـي جانباً ،
كي لا يـراه رفاقـي المتوترون الملـتـفــون حول المذياع.
لم أبـكِ بعدها سـوى ثلاث مراتٍ:
مرَّة في موقـف قهـرٍ وغـيـظٍ،
ومرتيـن إثـر وداعِ عـزيـزَيـن رحـلا فجأة الى الأبـد،
بكاء صامتاً مـكـلوماً إنطلقَ فغَـلبَـني على نفـسي.
قـلـت لـه وأنـا أنـظـر عـبـر الـنـافـذة إلى الـثـلـوج التـي تتـسـاقـط على الـحـديـقـة الـخـلـفـيـة للمـسـتـشـفى :
ليس إعـتذاراً ما أرويـه لـك…،
ولا تبريراً لسلوك شعـوري يبدو مخالفاً لتنـشئةٍ ثـقـافـية ترى في بكاء الرجال علامة ضعـف.
فأنـا لم أبـكِ من ضعـف ولا فـزع عند المِحـن ، والملمات التي ألِـفـتـهـا الى درجة اللامبالاة بها وكأنها اُمور طبيعيـة.
ففي الظروف الصعـبة الطارئة،
وحتى الخطرة جداً التي عايشتها،
كنت ــ وما زلت ــ أتصرف بهدوء تلقائي كمن يـزاول أمراً إعـتـاد عليـه.
ما أرويه إذاً،
هو إسترجاع لما أرغـب به الآن ولا أسـتـطـيـعـه،
لعله يـفـتح باباً لدمعـي الحَبيس المضطرم الذي لا أعـرف سِـرَّه.
لكنـني لا أريد أن أبكي هذه المرة على أحـد،
بل عـلى آمالٍ حـشدتها وعَـبـَّأتـهـا عبر السنـيـن،
وعلى عـيـونٍ حـزينة غادرتـها اللهـفـةُ وبَـرَّحَها الصَّبرُ الجميل وشوق الإنتظار،
فإتكأت كإضمامةِ وَرْدٍ ،
على طاولة في مقهى مُعـتمٍ خلا من الرواد.
نـظـر إليَّ مـطـولا ثـم قـال :
“لم لا تـستـطيـع البـكـاء؟
لعلك خَجِلٌ من نفسك؟
أو تخشى أن “يذاع لك سِرّ”؟
لا أنتظر منك أن تخبرني..
أعرف أنك عـنـيـد جـداً ، ولن تـعـترف،
وسـتـحـدثني عـن شأن آخـر….
تلوذُ بصمـتـك،
مُوارِياً ما أنت فـيه ،
بإبتسامةٍ حارقة..
ويندلـعُ ســؤالٌ تعـرف مُسبـقاً إجابـته :
من ذا الذي يـفـهـمـك في هـذا الزمن القاحـل الموحـش؟!
أعـرف جـيـداً أنـك ترغـب في البكاء..
لكنك لا تجـدُ صدراً تبكي عـلـيه!
آهٍ عليك….
آهٍ عليك..”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كـاتب وأكاديمي فلسطيني مـقـيـم في السـويد.
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 481
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
![-](https://2img.net/i/empty.gif)
» رَحـمـَة بالـقـُـرَّاء..! الدكتور عـبد القادر حسين ياسين
» صـنـاعـة الـتـخـلـّـف!/ الدكتور عـبد القادر حسين ياسين
» صـنـاعـة الـتـخـلـّـف! /// الدكتور عـبد القادر حسين ياسين
» الأشـجـار تـمـوت واقــفــة...!! الدكتور عـبد القادر حسين ياسين
» “إذا فـَهـمـتَ نـَصَّـاً قــَتـَـلـتـَه…!! الدكتور عـبد القادر حسين ياسين
» صـنـاعـة الـتـخـلـّـف!/ الدكتور عـبد القادر حسين ياسين
» صـنـاعـة الـتـخـلـّـف! /// الدكتور عـبد القادر حسين ياسين
» الأشـجـار تـمـوت واقــفــة...!! الدكتور عـبد القادر حسين ياسين
» “إذا فـَهـمـتَ نـَصَّـاً قــَتـَـلـتـَه…!! الدكتور عـبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
» ليلاي ومعتصمها
» غزلك حلو
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
» تحركوا أيها الدمى
» لوحة
» كنتَ مني وكنتُ منك !
» في مولد الهادي
» أحلم بالعيد
» فضل يوم عرفة
» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
» رباعيات عمر الخيام .
» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
» اعشق البحر
» ليل وعسكر .
» الغريب
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
» عاتبني أيها القمر !
» امرأة من زمن الأحلام
» زوابع الياسمين
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي