بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
تـأمُـلات فـي السِّـفاح الـفـكـري .!! د. عبد القادر حسـين ياسـين
صفحة 1 من اصل 1
تـأمُـلات فـي السِّـفاح الـفـكـري .!! د. عبد القادر حسـين ياسـين
تـأمُـلات فـي السِّـفاح الـفـكـري .!!
د. عبد القادر حسـين ياسـين
لدينا، كما لدى غيرنا ، نماذج عجيبة غريبة من أدعياء الثقافة، سيماهم في وجوههم من أثر الكذب والنفاق والتملق و"التشعلق" بقشور الثقافة وبريقها. تجدهم يدسون أنوفهم في كل مكان للتمظهر والتشخيص، وإضفاء طابع الأهمية والمعرفة على "الخواء المزخرف".
ولا يمكنك تفويت مظهرهم المخادع في المجالس والمنتديات والمناسبات، ولكنهم ما ان يفتحوا أفواههم حتى يعـرف القاصي قبل الداني زيفهم وبريقهم السرابيّ الكاذب، ومواقـفهم التي يندى لها الجبين.
كنت أظن ـ و"بـعـض الظـن إثـم" ـ أنهم بعـد بلوغ أرذل العـمر يعـقـلون، أو يكتـشفون أنفسهم، أو يكفـرون عن غـيهم وسباتهم الطويل في الوهم، إلا أنني كنت مخطئاً، لأنني صادفتهم كما هم بمزيجهم الدبق من ضحك وابتسامات صفراء، وفوقـيتهم وغـرورهم كأنما هم الأولى بزمام المعرفة والقو
ما أثار هذا الموضوع في داخلي هو "مـقـال" لواحـد من هـؤلاء يـشـتـم فيه فـلسـطين والفلسـطينيين
(أسـاتـذة ، وأطبـاء ، ومحامين ، وفـنيين ، ومهـنـدسين ، وإداريين ، وخبراء ، وعلـمـاء) اللذين أفـنوا زهـرة شـبابهم في بنـاء تلـك "المشيخـة" المرميـة على أطراف الصحراء ، وعلى كـافـة الأصـعـدة ، حتى أصبحت علـى مـا هـي عليـه اليوم ، ويصفهم بأقـذع الشـتائـم...(مـقـال قصير تضمن سبعة أخطاء في الإمـلاء وعشرة أخـطـاء في القـواعـد لـو قرأه سـيـبـويه لـنـدم على كل ما كـتـبـه..!!)
فـعندما يريدُ أحدهم أن تصبح فلسطين "نسياً منسياً"، عندما يصبح الفلسـطينيون مادة للتندر، عـندها يتكشف كل ذلك المسكوت عـنه عبر هذه الشخصيات المفضوحة أينما حلت...
ويتأكد لك ، بـمـا لا يـدع مـجـالا للشـك ، أنك أمام أدعـياء ثقافة. وحينها تخرج رائحة الحـقـد، ورائحة الفكر الضيق المختنق، ورائحة الطائفية، ورائحة اللا مبالاة التي تصل إلى حد العبث.
لا أغـالي إذا قـلـت إن المرء يوشك أن "يحسد" إسرائيل حقاً، إذ إنها تجد من بين العرب أنفسهم من يدافع عنها، وينطق بلسانها، ويمتشق مصطلحاتها، ويردد كالببغاء مفردات قاموسها. وكأنه ليس يكفي أن يأتيها الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية والإتـحـاد الأوروبي ، لا يكفي هذا ليأتي هؤلاء "العرب" ليضيفوا إلى رصيدها من الدعم الإعلامي والدعائي ، والذي ليست هي في حاجة إليه في الواقع، إلا أنه يفيدها في تأكيد دعاواها بأن بين العرب من يقرها على ممارساتها ويصادق على رؤيتها للمقاومة على أنها إرهاب.
لا يحتـاج المرء الى عبـقريـة فـذة ، أو ذكـاء خـارق ، لكي يـدرك أن المهمـة الرئيسـة التي أوكلت الى هـؤلاء المارقين هي أشـبه ما تكون بمـهـمـة طبيب التخـدير، أي تسـهيل مهمـة "الجرَّاح" الأمريكي عنـدما يقرر تقطيع أوصـال هـذا العالم العـربي ، وانتهـاك حـُرمـاتـه ... هـذا ، بالطبع ، اذا بقيت هنـاك حـُرُمـات لم تـنـتهـك بـعـد...
قـد يجـد البعض "عـذراً" لما يقوم بـه "الزعـمـاء" العـرب فالحفاظ على العرش يفسر رغـبتـهـم الجـامحـة الى إرضـاء سـيد البيت الأبيض . ومن نافلـة القـول أن بقـاءهـم في السـلطـة يتوقف ، الى حـد كبير ، على مـدى طاعتهم لأسـيادهم ، والتزامهم بتنفيـذ التعليمـات والأوامر الصـادرة من البيت الأبيض .
العـذر لما يقوم به هـؤلاء ( ذلك أنهم يتصرفون عمـلا بما يقولـه المثل الشعـبي السـوري المعروف : "بـعـد حمـاري ما ينبت حشـيش"!! ) ، فـأي عـذر نلتمسـه لـ "ضمير الأمــَّة" ، من الكتاب والصحفيين و "المفكرين" ، وهم "يـُعـَهـِّرون" الفكر ، ويسخرونه لخـدمة أسيادهم وأوليـاء نعـمتهم الأمريكيين ...
أن يـُعـبـِّر كاتب عن رأيـه (رغم ما تميز بـه من إسـفاف...) فهـذا من حقـه... أما أن يسـخرهـذا القـَـوَّاد من رجال أعـادوا الكرامـة لأمـَّة من الخراف ، فهـذا ـ في رأيي المتواضـع ـ يدخل في إطـار "العهر السياسي" و"الـدعـارة الفـكريـة" التي عـَوَّدنـا عليها بعض الكتاب العـرب الذين يعرفـون كيف ، ومن أين ، تـؤكل الكتـف!!
لقـد دأب الكثيرون من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والتونسيين والمغاربـة على وصف بعض الكويتيين والسـعوديين بأوصاف قـبيحة ، وهي أوصاف لا تطلق جزافاً بل جاءت بعـد أن "طـفـح الكيل" و "بلغ السـيل الـزُّبى" من تصرفات بعض الكويتيين والسعوديين اللذين يعتقـدوا أنهم ـ بـدنانيرهـم وريالاتـهـم ـ قـادرون على شراء "كل شيء"...
لكل هـولاء السـفـلـة والمارقين ، لا يملك المرء الا أن يـُردد ما قـالـه شـاعـر العرب الأكبر وحـادي مـأسـاتهم الراحـل محمـد مهـدي الجـواهري :
"عــلامَ يشـتـدّ المـُمـثـل منـكـم
رفـقـا بســاعـة تـُرفـع الأســتارُ!!"...
ولكن... إذا لم تسـتح ، فـاصنع ما تشــاء!!
ليس ثمـة دستور ، أو قانون أسـاسي مـدوَّن ، ينظم العـلاقـة بين قـطاع الطـرق أو تـجـار المخـدرات أو اللصـوص ... لكن العلاقـة بين هـؤلاء واضـحـة تمـامـا ، ويحكمـهـا "عـُرفٌ" متفق عليـه ، وكل من يخرج على العـُرف ، يفقـد "شـَرَفـه المهـني" كقـاطع طريق ...أو تاجر مخـدرات... أو لصّ ... أو قـَـوَّاد...
إن "النظـام العالمي الجـديد" يختلف عن تنظيمات قـطاع الطرق وتجـار المخـدرات واللصـوص والقـوَّادين في "نقـطـة نظـام"... إنـه نظـام لا يحتـقـر القـوَّادين ولا يرفض التـعـامل معهـم... إن العلاقـة القـائمـة بين هـذا النظـام وهـؤلاء علاقـة عضـويـة ، ذلك أنهـم "ضرورة لا غـنى عنهـا" للنظـام القـائم على "الشـرعـية الـدوليـة"... هـذه الشرعـية التي عرفـنـا "فـضـائلهـا" وقـطفـنـا ثمارهـا في أفغـانسـتان ، والعراق ، وفـلسـطين.
إن القـارئ يكـاد يخرج من جلـده عـنـدما يقـرأ تعليقـات "الخبراء" و "المفكرين" و"المحللين السياسيين" العـرب عن الدور الذي تـقـوم بـه الولايات المتـحـدة الأمريكيـة ، وسـعـيـها "المشـكور" في تحقيق الديموقراطية في الشرق الأوسـط (أنظروا الى أفـغـانسـتان والعراق!!)...إن النظـام الذي يـُسـبِّح هؤلاء المرتـزقـة المـارقون بـحـمـده هو النظـام الذي أعـطى "راعي البقـر" دور الشـرطي في عـالم على هـذه الـدرجـة من الفـوضى والقـمـع... وهـذا النظـام بالـذات هـو المسـؤول عن ظهـور حـالات السـفاح الفكري لـدى بعض المثقفين العـرب .
وبـعــد ؛
في قصـيدتـه الأخيرة التي ألقـاهـا في لـنـدن قيل وفـاتـه بـبـضـعـة أيـام ، قـال الشـاعـرالفلسـطيني الراحـل مـُعـين بسـيسـو ، وكـأنـه يـوجـه سـهـام نقـده الى هؤلاء المارقين وأمثالهـم :
"... فـلا عـذراء نـَخـلـتـكـم
ولا عـذراء مـَريـَمـكـم...
فـلا بيـضٌ صـَنـائعـكـم
ولا خـُضـْرٌ مَرابـعـكـم
ولا حـُمـْرٌ مـَواضـيكـم
ألا تـَبـَّـت أيـاديكـم..!!"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وأكاديمي فلسطيني مقيم في السـويد.
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 481
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
مواضيع مماثلة
» صـقـيع الـمـنـفـى د. عبد القادر حسـين ياسـين
» مـا هـكــذا تـورد الإبـل...!!د. عبد القادر حسـين ياسـين
» الأشجار تموت واقفة // الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
» 150 مليون فـقـيـر في العـالم العـربي...!! د. عبد القادر حسـين ياسـين
» " رسائل شارل بودلير "// الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
» مـا هـكــذا تـورد الإبـل...!!د. عبد القادر حسـين ياسـين
» الأشجار تموت واقفة // الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
» 150 مليون فـقـيـر في العـالم العـربي...!! د. عبد القادر حسـين ياسـين
» " رسائل شارل بودلير "// الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 18:02 من طرف ميساء البشيتي
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة
» غزلك حلو
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:21 من طرف ريما مجد الكيال
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:18 من طرف لبيبة الدسوقي
» تحركوا أيها الدمى
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:14 من طرف لبيبة الدسوقي
» لوحة
السبت 22 يونيو 2024 - 12:04 من طرف ريما مجد الكيال
» كنتَ مني وكنتُ منك !
السبت 22 يونيو 2024 - 12:02 من طرف ريما مجد الكيال
» في مولد الهادي
الثلاثاء 18 يونيو 2024 - 12:21 من طرف هدى ياسين
» أحلم بالعيد
الأحد 16 يونيو 2024 - 12:06 من طرف اميرة
» فضل يوم عرفة
السبت 15 يونيو 2024 - 12:09 من طرف سيما حسن
» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
السبت 8 يونيو 2024 - 11:57 من طرف خيمة العودة
» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
الجمعة 31 مايو 2024 - 11:54 من طرف هبة الله فرغلي
» رباعيات عمر الخيام .
الخميس 30 مايو 2024 - 11:27 من طرف عمر محمد اسليم
» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
الخميس 30 مايو 2024 - 11:24 من طرف خيمة العودة
» اعشق البحر
الثلاثاء 21 مايو 2024 - 11:19 من طرف ريما مجد الكيال
» ليل وعسكر .
السبت 18 مايو 2024 - 12:04 من طرف لانا زهدي
» الغريب
الأربعاء 15 مايو 2024 - 11:29 من طرف عشتار
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
الإثنين 13 مايو 2024 - 11:28 من طرف خيمة العودة
» عاتبني أيها القمر !
الإثنين 13 مايو 2024 - 11:24 من طرف لبيبة الدسوقي
» امرأة من زمن الأحلام
الأحد 12 مايو 2024 - 11:11 من طرف ريما مجد الكيال
» زوابع الياسمين
الأحد 12 مايو 2024 - 11:09 من طرف ريما مجد الكيال
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي
السبت 4 مايو 2024 - 11:41 من طرف حاتم أبو زيد