بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
مُـحـمـَّـد حَـسـنـيـن هـَيـكـل : رَجُـلٌ لـكــلِّ الـفـُـصـول الدكتورعبدالقادرحسين ياسين
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مُـحـمـَّـد حَـسـنـيـن هـَيـكـل : رَجُـلٌ لـكــلِّ الـفـُـصـول الدكتورعبدالقادرحسين ياسين
مُـحـمـَّـد حَـسـنـيـن هـَيـكـل : رَجُـلٌ لـكــلِّ الـفـُـصـول
الدكتورعبدالقادرحسين ياسين
فـقـدت الصـحـافـة العربية أمس الأول أحد أشهر رموزهـا في القرن العشرين. فـقـد غـيـَّبَ الموت الكاتب الصحافي المصري الأشهر محمد حسنين هيكل عن عمر ناهز 93 عاما بعد صراع طويل مع المرض . وبرحيله فـقـدت الصـحـافـة العربية كاتباً مرموقـاً، يحظى بالإحترام على المستويين العالمي والعربي، قضى جـلَّ عـمره وسخـَّر مـهـنـتـه من أجـل أمـتـه.
من الصعب ان يرثي احد قامة بحجم الاستاذ محمد حسنين هيكل. ليس فقط لأنه لا يحتاج الى رثاء، وهو الذي طالما رفض التكريم والأوسمة في حياته، بل لأن عطاءه الوطني والمهني والانساني الممتد، والمثير للجدل احيانا، على مدى عقود يجعله عصيا على الالمام به في هذه المساحة.
وخلال رحلته الطويلة في الصحافة نجح هيكل في توطيد علاقته ببعض الحكام والرؤساء، الذين كان من أبرزهم، أحمد بن بللة، أول رئيس للجزائر بعد استقلالها عام 1962، ومحمد رضا بهلوي آخر حكام إيران، وآية الله الخميني زعيم الثورة الإيرانية التي أنهت حكم الشاه عام 1979. وحاور هيكل أغلب الرموز السياسية والثقافية والفكرية في القرن العشرين، ومنهم عالم الفيزياء ألبرت آينشتاين، والقائد البريطاني الفيلد مارشال برنارد مونتغمري، والزعيم الهندي جواهر لال نهرو، وصدرت هذه المحاورات في كتابه "زيارة جديدة للتاريخ".
ولد محمد حسنين هيكل في عام 1923 في حي الحسين، جنوب القاهرة، لأب من جذور صعيدية، وتحديدا مركز ديروط محافظة أسيوط كان يعمل تاجرا للحبوب وكان يرغب في أن يكون الابن طبيبا لكن الأٌقدار اختارت له طريقا آخر وهو الصحافة. ونظرا لظروفه المادية الصعبة التحق هيكل بمدرسة التجارة المتوسطة. قـرَّر هيكل تطوير نفسه وتحقيق رغبته في العمل بالصحافة، ولذلك واصل دراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأميركية، وخلالها كانت النقـلة التي غـيرت مجرى حياته.
تعـرف هيكل خلال تلك الفترة على سكوت واطسون ، الصحافي البريـطـاني المعروف في صحيـفةThe Egyptian Gazette ، وهي صحيفة مصرية باللغة الإنجليزية، ونجح واطسون في إلحاق هيكل بالصحيـفـة في 8 شباط 1942، كصحافي تحت التمرين بقسم المحليات وكانت مهمته العمل في قسم الحوادث. كانت "الإيجيبشان جازيت" هي الصحـيفـة الأجنبية الأولى في مصر ، وعندما التحق بها هيكل كان عمره 19 عاما، ووقتها أيضا كانت الحرب العالمية الثانية قد اشتعـلت، وزاد توهج الصحـيفـة لتغطيتها أخبار الحرب . وكان دور هيكل ترجمة ما تنقله وسائل الإعلام الأجنبية عـنها.
كانت النقلة الأهم في حياته حين وقع عليه الاختيار ليذهب إلى العلمين ليغطي وقائع الحرب العالمية الدائرة هناك ، وبعدها سافر ليغطي الحرب في مالطا ثم إلى باريس التي التقى فيها بالسيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة "روز اليوسف" والتي قررت أن تنقل الصحافي الموهوب إلى مجـلتها، ليصبح هيكل في عام 1944 صحافياً في مجلة "روز اليوسف" وهناك تعرف على محمد التابعي، لينتقل معه إلى مـجـلـة "آخر ساعة".
انتقل هيكل بعد ذلك للعمل في صحـيفـة "أخبار اليوم" التي شهدت انفرادات هيكل، من تغطيته لحرب فلسطين إلى انقلابات سوريا، ومن ثورة محمد مصدق في إيران إلى صراعـات العـسـكـر في تركيا، ومن اغتيال الملك عبد الله في القدس إلى اغتيال رياض الصلح في عمان واغتيال حسني الزعيم في دمشق.
بعد قيام ثورة 23 تـمـوز 1952 ، ولبراعته الخاصة ، كان هيكل أكثر الصحافيين قربا للرئيس جمال عبد الناصر ووصلت العلاقة بينهما الى ما يشبه الصداقة الحميمية التي جعلت هيكل يتبوأ مكانه كأكبر صحافي ، وله علاقات واسعة بدوائر صنع القرار في مصر والعالم العربي . وازدادت العلاقة قرباً بينه وبين جمال عبد الناصر ليصبح هيكل بعد فترة هو المتحدث الرسمي باسم حركة الضباط الأحرار، وليكون أحد صناع تاريخ مصر بعد ثورة تـمـوز. وظل رئيساً لتحرير صحـيفـة "الأهرام" حتى عام 1974، وفي تلك الفترة وصلت "الأهرام" إلى أن تصبح واحدة من الصحف العشرة الأولى في العالم.
بعد وفاة عـبـد الناصر وتولي السادات حكم مصر وقف هيكل بجانب الرئيس الجديد للتغلب على "مراكز القوى" . وبعد حرب تشـرين الأول 1973 التي كتب هو قرار التكليف الاستراتيجي للجيش ببدء الحرب ، ولخلافات بينه وبين السادات حول تداعـياتها ومباحثات فـض الاشتباك ، خرج هيكل بقرار رئاسي من "الأهرام" عام 1974 . وبعدها زادت نجوميته واتجه لتأليف الكتب ومحاورة زعماء العالم. ونتيجة لكتبه التي كان ينتقد فيها سياسات السادات اعتقله الرئيس الراحل ضمن اعتقالات أيـلـول 1981 ، وخرج بقرار من حسني مبارك.
الانصراف بعد 60 عاما من الكتابة
بعد مشوار مهني وفكري حافل وأكثر من 60 سنة من الكتابة والتأليف قـررهيكل إن يعـتزل الكتابة. وفي مـعـرض تبريره لـهـذا الـقـرارقال هيكل "إن أي حياة - عمراً وعملا - لها فترة صلاحية بدنية وعقلية وإنه من الصواب أن يقر كل إنسان - بالحس قبل النص - بهذه الحقيقة ويعطيها واجبها واحترامها". وأضاف : "كان يرد على بالي منذ سنوات أن الوقت يقترب من لحظة يمكن فيها لمحارب قديم أن يستأذن في الانصراف". وأوضح هيكل أن نداءات زملاء وأصدقاء له بالاستمرار لم تثنه عن قرار اعتزال الكتابة وقال : "تكرموا بجهدهم في تحويلي عما رأوه اتجاهي راغبين في إقناعي بأني مازلت - جسداً وفكراً - قادراً على الاستمرار".
اعتزل هيكل الكتابة المنتظمة والعمل الصحافي في 23 أيلول 2003 بعد أن أتم عامه الثمانين ، إلا أن حاسـته الصحافية وعشـقه للكتابة طغى عليه ، فعاد ليواصل عطاءه الصحافي سواء في كتابة المقالات أو تقديم حلقات تليفزيونية للفضائيات العربية والمصرية.
لم يقتصر عمل هيكل على العمل الصحافي المعروف بل اتجه للتحليل ومحاورة زعماء العالم وهو ما مكنه من الوصول إلى وثائق غاية في الأهمية، فكان أن بدأ بإصدار سلاسل من الكتب السياسية المتميزة.
قدم هيكل للمكتبة العربية عشرات الكتب والمراجع السياسية أبرزها "خريف الغضب" و"عودة آية الله" و "الطريق إلى رمضان" و "أوهام القوة والنصر" ، بالإضافة إلي مجموعة حرب الثلاثين سنة و"المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" و"ملفات السويس" و"العروش والجيوش."
أتقن هيكل لعبة الصحافي في خدمة السياسي، كما أتقن فن أن يكون السياسي في خدمة الصحافي، عرف هيكل مبكرا جدا ما يحتاج إليه رجل في موقع ومكانة عبد الناصر من أفكار وأخبار واتصالات، وأدى المطلوب على خير وجه، وعبر عن الزعيم بصورة كان يقول عنها عبد الناصر: "هذا بالضبط ما كنت أريد أن أقوله".
وبعد رحيل عبد الناصر، راهن هيكل على أنور السادات، ولم تكن الوقائع تشير إلى أنه سيكون الرجل القوي في النظام الجديد، وكان قادة نظام عبد الناصر يمسكون بدفة الأمور في البلاد، وكسب هيكل الرهان من جديد ولكنه كاد يخسر نفسه هذه المرة، فقد فوجئ هيكل بالرجل الذي راهن عليه ودعمه وانحاز إليه في مواجهة خصومه، يطيح به في أقرب فرصة، وعند أول خلاف حقيقي، لم يطق السادات الخلاف معه، وخرج هيكل، ثم عاد واستعاد نفسه من جديد بعيدا عن قمة السلطة.
ويـُسـجـَّـل لـهـيكـل موقفه الرافض والمناهض، حتى آخر يوم، لاتفاقيات كامب ديفيد ، وموقفه الشجاع من اتفاقيات فض الاشتباك فى 18 كانون الثاني 1974، حين انفرد بنشر خرائطها فى "الاهرام"، وما تضمنته من قبول السادات بانسحاب القوات المصرية التى عـبرت قناة السويس فى حرب تشرين الأول 1973 وإعادتها مرة أخرى الى غرب القناة، مقابل إنسحاب القوات الاسرائيلية من الغرب الى سيناء وإنهاء الثغرة، وهو ما كان سبباً فى إقالته من رئاسة تحرير"الاهرام" فى 2 شباط 1974، والتى كانت مقدمة لاعتقاله والتحفظ عليه مع 1576 معارضا فى أيلول 1981.
كان هيكل اول من دق جرس الانذار في حديث تلفزيوني داخل مصر بشأن نوايا الرئيس المخلوع حسني مبارك توريث السلطة لنجله. وكان الحديث وما أشعله من جدل واسع، أغضب مبارك، وكاد يتسبب في إغلاق القناة الفضائية التي اذاعته دليلا جديدا على انه احتفظ بقدرته على التأثير سياسيا وشعبيا بالرغم من انه كان ممنوعا من الكتابة او الظهور الاعلامي لسنوات طويلة بعد مغادرته صحيفة "الاهرام". وليس هذا سوى قليل من كثير يمكن ان يقال في حق رجل حافظ على مكانته الوطنية والمهنية وقناعاته الفكرية في زمن تتقلب فيه القلوب والولاءات والاقلام، حتى وان جانبه الصواب احيانا.
واذا ما انتقلنا الى الشأن الفلسطيني نجد أن هيكل عايش القضية الفلسطينية ولا يزال منذ بداية نشأته الصحافية حين كان مراسلا لصحيفة "أخبار اليوم"... واستمرت علاقته الوثيقة بفلسطين قضية وقادة حتى يومنا هذا. وقد لا يعرف الكثيرون أن هيكل هو الذي قـدَّم ياسر عرفات الى عبد الناصر بعد نكسة 1967. وفي آب 1968 اقترح هيكل على عبد الناصر ان يأخذ ياسر عرفات معه الى موسكو في رحلة مقررة وذلك لتقديمه الى الزعماء السوفييت.. وقد نتج عن هذه الزيارة ان حصل عرفات على بعض الاسلحة ومنها مدافع مضادة للطائرات.
ومنذ أن عرفت هيكل منذ أكثر من 25 عاما وهو ثابت على موقفه من أن لا سلام مع اسرائيل بسبب إختلال موازين القوى لصالحها، وأنه إذا قام سلام معها فسيكون سلاماً اسرائيلياً تملي إسرائيل شروطه. وهو لا يرفض فقط فكرة السلام مع اسرائيل ولكنه يعتقد إعتقاداً راسخاً أنه لن يتم أي سلام مع اسرائيل وان كل المفاوضات التي تجري عبثية ومضيعة للوقت.
كان هـيكل يرى ان على منظمة التحريرالفلسـطينيـة أن تغيّر أسلوب تفكيرها وحركتها بما في ذلك الاداء والتعبير والخطاب السياسي. واقترح أن يأتي إعتراف المنظمة باسرائيل من خلال القبول بقرار التقسيم رقم 181 والخاص باقامة دولتين في فلسطين. أما القرار 242 فقد أصرَّ هيكل على ان لا علاقة للمنظمة به لانه صدر لازالة آثار العدوان على مصر وسوريا والاردن.
لـقد حمل هـيكل على اكتافه الهمّ العربي طيلة حياته الصحافية. ولا أغالي اذا قلت أنه أكثر الكتّاب المصريين على الاطلاق تعاطياً والتصاقاً بالشأن العربي. وهو الذي ظل يردد مقولة مشهورة له مفادها انه اذا كانت حقائق التاريخ والجغرافيا واللغة والدين لم تنجح في جمع الامة العربية فلتجمعها على الاقل المصلحة المشتركة بينها.
كان هيكل إنساناً معاصراً لكل ما يجري وله "في كل عـُرس قـُرص" ( كما يقول المثل الشعبي الفلسطيني) ، وفي كل قضية رأي. وهو يملك ثقافة واسعة شرقية غربية تلم بشؤون الدين والدنيا. فـإذا أتيت على ذكر "المستطرف في كل فـن مستظرف" للأبشيهي سبقك في الحديث عنه ، واذا ذكرت "زهـر الآداب وثمر الألباب" للقيرواني لا يدع لك فرصة وهو يتغنى بمحتوياته، واذا قـلت بيتاً من الشعـر أكمل قبلك شطره الآخر... واذا حدثته عن صدور كتاب في الغرب يكون قد اقتناه قبلك او يصادره منك اذا لم يكن قد إقتناه...!
كانت تستوقفني أحاديثه في محطة "الجـزيرة" التلفزيونية حيث ينطلق متحدثاً لمدة ساعة من دون ورقة ، ومن دون سائل ، ومن غير ان يتلعثم مرة واحدة، وتأتي افكاره مرتبة متدفقة وكأنه يقرأ من شاشة أمامه.
لـقـد مـتـَّـع محمد حسنين هيكل بكتاباته ملايين الـعـرب لسنين طويلـة ، وكان حتى النـفـس الأخير الفارس المجلي في ميدانه بعقله المتوقد دوما وقلمه الرشيق السيّال.
عـنـدما سـمـعـت نـبـأ وفـاتـه تداعت في مخيلتي ذكريات متدافعة حميمة … علاقة من نوع خاص؛ عمل وصداقة في الوقت ذاته.
عرفت محمداً كصديق، وقد امتدت صداقتنا أكثر من25 عاما. إنها صداقة غير مرتبطة بالسياسة، صداقة تعمقت مع الوقت. ولا أغالي اذا قلت أن مجرد معرفة محمد تعد امتيازاً... ولا زلت أتـذكر لـقـاء دام ثلاث ساعات كاملة تحدثنا في العديد من الموضوعات التي كانت مثار جذب لي.. وخاصة تلك التي كانت تنتقد النظام أو تتناول ظواهر سلبية في المجتمع المصري. ورأيت ، يومها ، أن أغتنم الفرصة وأسـأل الأستاذ هيكل (وهو من هو) عن رأيه في فترة الردة الساداتية بعد حرب تشرين الأول 1973؛ والهجوم الشرس الذي استهدف إغتيال شخصية جمال عبد الناصر في وجدان الشعب العربي واستخدم فيه السـادات جميع الوسائل الرخيصة...والمبتـذلة... وغير الأخلاقية... فبحكم خبرته وقراءته المتعمقة للتاريخ كان واثقا من أن تلك الحملات لن تثمر، مؤكداً على البعـد الزمني الذي من شأنه أن يضع التجربة الناصرية في مكانها الصحيح في التاريخ.
وخلال 45 عاما منذ رحيل عبدالناصر في 28 أيلول 1970 امتلأت بمواقف عدم الوفاء بل الخيانة وخيبة الأمل من جانب الكثيرين ممن عملوا مع عبدالناصر ، فقد إستمر هيكل ثابتا على المبدأ.. لم يتغير بل ظل على عهده وذلك برغم مساحة الاختلاف مع جمال عبد الناصر التي عرضها في كتبه ومقالاته.
هناك فريق من المثقفين في العالم العربي يرى في هيكل موظفا ذكيا خدم النظام الناصري وسخّر مواهبه لتدبيج مقالات كانت أشبه ببيانات رسمية مغلفة بأسلوب مشوق ومادة دسمة... ويرى هذا الفريق ان هيكل ظهر ككاتب متميز في مؤلفاته التي صدرت بعد وفاة عبد الناصر وبروز خلفه أنور السادات، مثل "سنوات الغليان" و"خريف الغضب"، أي إنه قدم أفضل ما عند الصحافي المتمرس بأصول المهنة خلال مرحلتين متباعدتين، قبل الثورة الناصرية وبعدها؛ ذلك انه بعد غياب عبد الناصر أراد ان يثبت للقراء انه لم يكن من صنع غيره، وأنه لم يكن ظلاً لأحد، وربما كانت نقلته المتقدمة من حضن النظام الى حضن الجمهور هي القوة التي كرّسته المعارض الأول للأنظمة القائمة وللواقع العربي المتقيح، وبقيت المؤشر الحيّ على استمرار الناصرية بأحد أخلص أبنائها.
وبـعــد ؛
لا شك في ان محمد حسنين هيكل شعر أيضا بوحشة السنوات الأخيرة التي قضت على أحلام ثلاثة أجيال كان هو أحد روادها المميزين! ورغم ذلك، لا بـدّ من الإعـتـراف بأن هيكل هو واحد من الشخصيات القليلة التي استطاعت أن تحفر اسمها وتحقق مكانتها وتصنع تاريخها بعد مغادرتها لدوائر السلطة، بل أن أفضل مؤلفاته هى تلك التى كتبها ونشرها من موقعه خارج السلطة وبعيدا عن أروقتها.
ولا شك في اننا سنفتقد إطلالاته الاعلامية، والتى كان يحرص فيها دائما على إعطاء تحليلات او تلميحات أو اشارات أو انتقادات خارج السياق العام وغير مألوفة، قادرة على الدوام على أن تلقى ببعض الاحجار فى المياه الراكدة، وأن تفتح وتثير الحوارات بين المتابعين اتفاقاً أو اختلافاً، تأييداً أو نقداً .
يبقى ان أشير الى ان ما أكتبه عن هيكل هو القليل من الكثير الذي في القلب والوجدان والذاكرة عنه. وما زلت على اقتناعي بأن من حق هيكل على العرب ، ومن أبسط واجبات العرب تجاه ما قدمه هيكل للأمة العربية على مدى 70 عاما ، تكريم قلم لا نريد لحبره ان يجف ولا لإضاءات منارته ان تخفت ولا للكم الهائل من المقتنيات الوثائقية والمعلوماتية ان يطويها النسيان بفعل التقادم. وبهذا يبقى محمد حسنين هيكل حاضراً دائماً.
الدكتورعبدالقادرحسين ياسين
فـقـدت الصـحـافـة العربية أمس الأول أحد أشهر رموزهـا في القرن العشرين. فـقـد غـيـَّبَ الموت الكاتب الصحافي المصري الأشهر محمد حسنين هيكل عن عمر ناهز 93 عاما بعد صراع طويل مع المرض . وبرحيله فـقـدت الصـحـافـة العربية كاتباً مرموقـاً، يحظى بالإحترام على المستويين العالمي والعربي، قضى جـلَّ عـمره وسخـَّر مـهـنـتـه من أجـل أمـتـه.
من الصعب ان يرثي احد قامة بحجم الاستاذ محمد حسنين هيكل. ليس فقط لأنه لا يحتاج الى رثاء، وهو الذي طالما رفض التكريم والأوسمة في حياته، بل لأن عطاءه الوطني والمهني والانساني الممتد، والمثير للجدل احيانا، على مدى عقود يجعله عصيا على الالمام به في هذه المساحة.
وخلال رحلته الطويلة في الصحافة نجح هيكل في توطيد علاقته ببعض الحكام والرؤساء، الذين كان من أبرزهم، أحمد بن بللة، أول رئيس للجزائر بعد استقلالها عام 1962، ومحمد رضا بهلوي آخر حكام إيران، وآية الله الخميني زعيم الثورة الإيرانية التي أنهت حكم الشاه عام 1979. وحاور هيكل أغلب الرموز السياسية والثقافية والفكرية في القرن العشرين، ومنهم عالم الفيزياء ألبرت آينشتاين، والقائد البريطاني الفيلد مارشال برنارد مونتغمري، والزعيم الهندي جواهر لال نهرو، وصدرت هذه المحاورات في كتابه "زيارة جديدة للتاريخ".
ولد محمد حسنين هيكل في عام 1923 في حي الحسين، جنوب القاهرة، لأب من جذور صعيدية، وتحديدا مركز ديروط محافظة أسيوط كان يعمل تاجرا للحبوب وكان يرغب في أن يكون الابن طبيبا لكن الأٌقدار اختارت له طريقا آخر وهو الصحافة. ونظرا لظروفه المادية الصعبة التحق هيكل بمدرسة التجارة المتوسطة. قـرَّر هيكل تطوير نفسه وتحقيق رغبته في العمل بالصحافة، ولذلك واصل دراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأميركية، وخلالها كانت النقـلة التي غـيرت مجرى حياته.
تعـرف هيكل خلال تلك الفترة على سكوت واطسون ، الصحافي البريـطـاني المعروف في صحيـفةThe Egyptian Gazette ، وهي صحيفة مصرية باللغة الإنجليزية، ونجح واطسون في إلحاق هيكل بالصحيـفـة في 8 شباط 1942، كصحافي تحت التمرين بقسم المحليات وكانت مهمته العمل في قسم الحوادث. كانت "الإيجيبشان جازيت" هي الصحـيفـة الأجنبية الأولى في مصر ، وعندما التحق بها هيكل كان عمره 19 عاما، ووقتها أيضا كانت الحرب العالمية الثانية قد اشتعـلت، وزاد توهج الصحـيفـة لتغطيتها أخبار الحرب . وكان دور هيكل ترجمة ما تنقله وسائل الإعلام الأجنبية عـنها.
كانت النقلة الأهم في حياته حين وقع عليه الاختيار ليذهب إلى العلمين ليغطي وقائع الحرب العالمية الدائرة هناك ، وبعدها سافر ليغطي الحرب في مالطا ثم إلى باريس التي التقى فيها بالسيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة "روز اليوسف" والتي قررت أن تنقل الصحافي الموهوب إلى مجـلتها، ليصبح هيكل في عام 1944 صحافياً في مجلة "روز اليوسف" وهناك تعرف على محمد التابعي، لينتقل معه إلى مـجـلـة "آخر ساعة".
انتقل هيكل بعد ذلك للعمل في صحـيفـة "أخبار اليوم" التي شهدت انفرادات هيكل، من تغطيته لحرب فلسطين إلى انقلابات سوريا، ومن ثورة محمد مصدق في إيران إلى صراعـات العـسـكـر في تركيا، ومن اغتيال الملك عبد الله في القدس إلى اغتيال رياض الصلح في عمان واغتيال حسني الزعيم في دمشق.
بعد قيام ثورة 23 تـمـوز 1952 ، ولبراعته الخاصة ، كان هيكل أكثر الصحافيين قربا للرئيس جمال عبد الناصر ووصلت العلاقة بينهما الى ما يشبه الصداقة الحميمية التي جعلت هيكل يتبوأ مكانه كأكبر صحافي ، وله علاقات واسعة بدوائر صنع القرار في مصر والعالم العربي . وازدادت العلاقة قرباً بينه وبين جمال عبد الناصر ليصبح هيكل بعد فترة هو المتحدث الرسمي باسم حركة الضباط الأحرار، وليكون أحد صناع تاريخ مصر بعد ثورة تـمـوز. وظل رئيساً لتحرير صحـيفـة "الأهرام" حتى عام 1974، وفي تلك الفترة وصلت "الأهرام" إلى أن تصبح واحدة من الصحف العشرة الأولى في العالم.
بعد وفاة عـبـد الناصر وتولي السادات حكم مصر وقف هيكل بجانب الرئيس الجديد للتغلب على "مراكز القوى" . وبعد حرب تشـرين الأول 1973 التي كتب هو قرار التكليف الاستراتيجي للجيش ببدء الحرب ، ولخلافات بينه وبين السادات حول تداعـياتها ومباحثات فـض الاشتباك ، خرج هيكل بقرار رئاسي من "الأهرام" عام 1974 . وبعدها زادت نجوميته واتجه لتأليف الكتب ومحاورة زعماء العالم. ونتيجة لكتبه التي كان ينتقد فيها سياسات السادات اعتقله الرئيس الراحل ضمن اعتقالات أيـلـول 1981 ، وخرج بقرار من حسني مبارك.
الانصراف بعد 60 عاما من الكتابة
بعد مشوار مهني وفكري حافل وأكثر من 60 سنة من الكتابة والتأليف قـررهيكل إن يعـتزل الكتابة. وفي مـعـرض تبريره لـهـذا الـقـرارقال هيكل "إن أي حياة - عمراً وعملا - لها فترة صلاحية بدنية وعقلية وإنه من الصواب أن يقر كل إنسان - بالحس قبل النص - بهذه الحقيقة ويعطيها واجبها واحترامها". وأضاف : "كان يرد على بالي منذ سنوات أن الوقت يقترب من لحظة يمكن فيها لمحارب قديم أن يستأذن في الانصراف". وأوضح هيكل أن نداءات زملاء وأصدقاء له بالاستمرار لم تثنه عن قرار اعتزال الكتابة وقال : "تكرموا بجهدهم في تحويلي عما رأوه اتجاهي راغبين في إقناعي بأني مازلت - جسداً وفكراً - قادراً على الاستمرار".
اعتزل هيكل الكتابة المنتظمة والعمل الصحافي في 23 أيلول 2003 بعد أن أتم عامه الثمانين ، إلا أن حاسـته الصحافية وعشـقه للكتابة طغى عليه ، فعاد ليواصل عطاءه الصحافي سواء في كتابة المقالات أو تقديم حلقات تليفزيونية للفضائيات العربية والمصرية.
لم يقتصر عمل هيكل على العمل الصحافي المعروف بل اتجه للتحليل ومحاورة زعماء العالم وهو ما مكنه من الوصول إلى وثائق غاية في الأهمية، فكان أن بدأ بإصدار سلاسل من الكتب السياسية المتميزة.
قدم هيكل للمكتبة العربية عشرات الكتب والمراجع السياسية أبرزها "خريف الغضب" و"عودة آية الله" و "الطريق إلى رمضان" و "أوهام القوة والنصر" ، بالإضافة إلي مجموعة حرب الثلاثين سنة و"المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" و"ملفات السويس" و"العروش والجيوش."
أتقن هيكل لعبة الصحافي في خدمة السياسي، كما أتقن فن أن يكون السياسي في خدمة الصحافي، عرف هيكل مبكرا جدا ما يحتاج إليه رجل في موقع ومكانة عبد الناصر من أفكار وأخبار واتصالات، وأدى المطلوب على خير وجه، وعبر عن الزعيم بصورة كان يقول عنها عبد الناصر: "هذا بالضبط ما كنت أريد أن أقوله".
وبعد رحيل عبد الناصر، راهن هيكل على أنور السادات، ولم تكن الوقائع تشير إلى أنه سيكون الرجل القوي في النظام الجديد، وكان قادة نظام عبد الناصر يمسكون بدفة الأمور في البلاد، وكسب هيكل الرهان من جديد ولكنه كاد يخسر نفسه هذه المرة، فقد فوجئ هيكل بالرجل الذي راهن عليه ودعمه وانحاز إليه في مواجهة خصومه، يطيح به في أقرب فرصة، وعند أول خلاف حقيقي، لم يطق السادات الخلاف معه، وخرج هيكل، ثم عاد واستعاد نفسه من جديد بعيدا عن قمة السلطة.
ويـُسـجـَّـل لـهـيكـل موقفه الرافض والمناهض، حتى آخر يوم، لاتفاقيات كامب ديفيد ، وموقفه الشجاع من اتفاقيات فض الاشتباك فى 18 كانون الثاني 1974، حين انفرد بنشر خرائطها فى "الاهرام"، وما تضمنته من قبول السادات بانسحاب القوات المصرية التى عـبرت قناة السويس فى حرب تشرين الأول 1973 وإعادتها مرة أخرى الى غرب القناة، مقابل إنسحاب القوات الاسرائيلية من الغرب الى سيناء وإنهاء الثغرة، وهو ما كان سبباً فى إقالته من رئاسة تحرير"الاهرام" فى 2 شباط 1974، والتى كانت مقدمة لاعتقاله والتحفظ عليه مع 1576 معارضا فى أيلول 1981.
كان هيكل اول من دق جرس الانذار في حديث تلفزيوني داخل مصر بشأن نوايا الرئيس المخلوع حسني مبارك توريث السلطة لنجله. وكان الحديث وما أشعله من جدل واسع، أغضب مبارك، وكاد يتسبب في إغلاق القناة الفضائية التي اذاعته دليلا جديدا على انه احتفظ بقدرته على التأثير سياسيا وشعبيا بالرغم من انه كان ممنوعا من الكتابة او الظهور الاعلامي لسنوات طويلة بعد مغادرته صحيفة "الاهرام". وليس هذا سوى قليل من كثير يمكن ان يقال في حق رجل حافظ على مكانته الوطنية والمهنية وقناعاته الفكرية في زمن تتقلب فيه القلوب والولاءات والاقلام، حتى وان جانبه الصواب احيانا.
واذا ما انتقلنا الى الشأن الفلسطيني نجد أن هيكل عايش القضية الفلسطينية ولا يزال منذ بداية نشأته الصحافية حين كان مراسلا لصحيفة "أخبار اليوم"... واستمرت علاقته الوثيقة بفلسطين قضية وقادة حتى يومنا هذا. وقد لا يعرف الكثيرون أن هيكل هو الذي قـدَّم ياسر عرفات الى عبد الناصر بعد نكسة 1967. وفي آب 1968 اقترح هيكل على عبد الناصر ان يأخذ ياسر عرفات معه الى موسكو في رحلة مقررة وذلك لتقديمه الى الزعماء السوفييت.. وقد نتج عن هذه الزيارة ان حصل عرفات على بعض الاسلحة ومنها مدافع مضادة للطائرات.
ومنذ أن عرفت هيكل منذ أكثر من 25 عاما وهو ثابت على موقفه من أن لا سلام مع اسرائيل بسبب إختلال موازين القوى لصالحها، وأنه إذا قام سلام معها فسيكون سلاماً اسرائيلياً تملي إسرائيل شروطه. وهو لا يرفض فقط فكرة السلام مع اسرائيل ولكنه يعتقد إعتقاداً راسخاً أنه لن يتم أي سلام مع اسرائيل وان كل المفاوضات التي تجري عبثية ومضيعة للوقت.
كان هـيكل يرى ان على منظمة التحريرالفلسـطينيـة أن تغيّر أسلوب تفكيرها وحركتها بما في ذلك الاداء والتعبير والخطاب السياسي. واقترح أن يأتي إعتراف المنظمة باسرائيل من خلال القبول بقرار التقسيم رقم 181 والخاص باقامة دولتين في فلسطين. أما القرار 242 فقد أصرَّ هيكل على ان لا علاقة للمنظمة به لانه صدر لازالة آثار العدوان على مصر وسوريا والاردن.
لـقد حمل هـيكل على اكتافه الهمّ العربي طيلة حياته الصحافية. ولا أغالي اذا قلت أنه أكثر الكتّاب المصريين على الاطلاق تعاطياً والتصاقاً بالشأن العربي. وهو الذي ظل يردد مقولة مشهورة له مفادها انه اذا كانت حقائق التاريخ والجغرافيا واللغة والدين لم تنجح في جمع الامة العربية فلتجمعها على الاقل المصلحة المشتركة بينها.
كان هيكل إنساناً معاصراً لكل ما يجري وله "في كل عـُرس قـُرص" ( كما يقول المثل الشعبي الفلسطيني) ، وفي كل قضية رأي. وهو يملك ثقافة واسعة شرقية غربية تلم بشؤون الدين والدنيا. فـإذا أتيت على ذكر "المستطرف في كل فـن مستظرف" للأبشيهي سبقك في الحديث عنه ، واذا ذكرت "زهـر الآداب وثمر الألباب" للقيرواني لا يدع لك فرصة وهو يتغنى بمحتوياته، واذا قـلت بيتاً من الشعـر أكمل قبلك شطره الآخر... واذا حدثته عن صدور كتاب في الغرب يكون قد اقتناه قبلك او يصادره منك اذا لم يكن قد إقتناه...!
كانت تستوقفني أحاديثه في محطة "الجـزيرة" التلفزيونية حيث ينطلق متحدثاً لمدة ساعة من دون ورقة ، ومن دون سائل ، ومن غير ان يتلعثم مرة واحدة، وتأتي افكاره مرتبة متدفقة وكأنه يقرأ من شاشة أمامه.
لـقـد مـتـَّـع محمد حسنين هيكل بكتاباته ملايين الـعـرب لسنين طويلـة ، وكان حتى النـفـس الأخير الفارس المجلي في ميدانه بعقله المتوقد دوما وقلمه الرشيق السيّال.
عـنـدما سـمـعـت نـبـأ وفـاتـه تداعت في مخيلتي ذكريات متدافعة حميمة … علاقة من نوع خاص؛ عمل وصداقة في الوقت ذاته.
عرفت محمداً كصديق، وقد امتدت صداقتنا أكثر من25 عاما. إنها صداقة غير مرتبطة بالسياسة، صداقة تعمقت مع الوقت. ولا أغالي اذا قلت أن مجرد معرفة محمد تعد امتيازاً... ولا زلت أتـذكر لـقـاء دام ثلاث ساعات كاملة تحدثنا في العديد من الموضوعات التي كانت مثار جذب لي.. وخاصة تلك التي كانت تنتقد النظام أو تتناول ظواهر سلبية في المجتمع المصري. ورأيت ، يومها ، أن أغتنم الفرصة وأسـأل الأستاذ هيكل (وهو من هو) عن رأيه في فترة الردة الساداتية بعد حرب تشرين الأول 1973؛ والهجوم الشرس الذي استهدف إغتيال شخصية جمال عبد الناصر في وجدان الشعب العربي واستخدم فيه السـادات جميع الوسائل الرخيصة...والمبتـذلة... وغير الأخلاقية... فبحكم خبرته وقراءته المتعمقة للتاريخ كان واثقا من أن تلك الحملات لن تثمر، مؤكداً على البعـد الزمني الذي من شأنه أن يضع التجربة الناصرية في مكانها الصحيح في التاريخ.
وخلال 45 عاما منذ رحيل عبدالناصر في 28 أيلول 1970 امتلأت بمواقف عدم الوفاء بل الخيانة وخيبة الأمل من جانب الكثيرين ممن عملوا مع عبدالناصر ، فقد إستمر هيكل ثابتا على المبدأ.. لم يتغير بل ظل على عهده وذلك برغم مساحة الاختلاف مع جمال عبد الناصر التي عرضها في كتبه ومقالاته.
هناك فريق من المثقفين في العالم العربي يرى في هيكل موظفا ذكيا خدم النظام الناصري وسخّر مواهبه لتدبيج مقالات كانت أشبه ببيانات رسمية مغلفة بأسلوب مشوق ومادة دسمة... ويرى هذا الفريق ان هيكل ظهر ككاتب متميز في مؤلفاته التي صدرت بعد وفاة عبد الناصر وبروز خلفه أنور السادات، مثل "سنوات الغليان" و"خريف الغضب"، أي إنه قدم أفضل ما عند الصحافي المتمرس بأصول المهنة خلال مرحلتين متباعدتين، قبل الثورة الناصرية وبعدها؛ ذلك انه بعد غياب عبد الناصر أراد ان يثبت للقراء انه لم يكن من صنع غيره، وأنه لم يكن ظلاً لأحد، وربما كانت نقلته المتقدمة من حضن النظام الى حضن الجمهور هي القوة التي كرّسته المعارض الأول للأنظمة القائمة وللواقع العربي المتقيح، وبقيت المؤشر الحيّ على استمرار الناصرية بأحد أخلص أبنائها.
وبـعــد ؛
لا شك في ان محمد حسنين هيكل شعر أيضا بوحشة السنوات الأخيرة التي قضت على أحلام ثلاثة أجيال كان هو أحد روادها المميزين! ورغم ذلك، لا بـدّ من الإعـتـراف بأن هيكل هو واحد من الشخصيات القليلة التي استطاعت أن تحفر اسمها وتحقق مكانتها وتصنع تاريخها بعد مغادرتها لدوائر السلطة، بل أن أفضل مؤلفاته هى تلك التى كتبها ونشرها من موقعه خارج السلطة وبعيدا عن أروقتها.
ولا شك في اننا سنفتقد إطلالاته الاعلامية، والتى كان يحرص فيها دائما على إعطاء تحليلات او تلميحات أو اشارات أو انتقادات خارج السياق العام وغير مألوفة، قادرة على الدوام على أن تلقى ببعض الاحجار فى المياه الراكدة، وأن تفتح وتثير الحوارات بين المتابعين اتفاقاً أو اختلافاً، تأييداً أو نقداً .
يبقى ان أشير الى ان ما أكتبه عن هيكل هو القليل من الكثير الذي في القلب والوجدان والذاكرة عنه. وما زلت على اقتناعي بأن من حق هيكل على العرب ، ومن أبسط واجبات العرب تجاه ما قدمه هيكل للأمة العربية على مدى 70 عاما ، تكريم قلم لا نريد لحبره ان يجف ولا لإضاءات منارته ان تخفت ولا للكم الهائل من المقتنيات الوثائقية والمعلوماتية ان يطويها النسيان بفعل التقادم. وبهذا يبقى محمد حسنين هيكل حاضراً دائماً.
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 485
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
رد: مُـحـمـَّـد حَـسـنـيـن هـَيـكـل : رَجُـلٌ لـكــلِّ الـفـُـصـول الدكتورعبدالقادرحسين ياسين
علم كبير باسق
ولكن لا أحد ينكر دوره أيضا في التخطيط لمساعدة أنظمة عربي قمعية
شكرا
ولكن لا أحد ينكر دوره أيضا في التخطيط لمساعدة أنظمة عربي قمعية
شكرا
نسيم الطبيعة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 665
تاريخ التسجيل : 27/01/2014
الموقع : فلسطين
مواضيع مماثلة
» "الـزّول" الطـَيـِّب : رَجُـلٌ لكـلِّ الفـُـصـول // الـدكتـور عبـد القـادر حسين ياسين
» الـمَـنـفـى والـعـَودة الـمُـسـتـَحـيـلـة/ الدكتور عبد القادرحسين ياسين الدكتور عبد القادرحسين ياسين
» من آداب الحياة
» " قــَمـعـســتـان".. الدكتورعـبـدالقادرحـسـيـن ياسين
» عـولـيـــس الـفـِلــِســـْطـيـني د. عبد القادر حسين ياسين
» الـمَـنـفـى والـعـَودة الـمُـسـتـَحـيـلـة/ الدكتور عبد القادرحسين ياسين الدكتور عبد القادرحسين ياسين
» من آداب الحياة
» " قــَمـعـســتـان".. الدكتورعـبـدالقادرحـسـيـن ياسين
» عـولـيـــس الـفـِلــِســـْطـيـني د. عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 4 ديسمبر 2024 - 11:30 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة