بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
عــُقـدة مـُركـَّـبة من الـنـقـص والاسـتـعـلاء الدكتـورعبد القادرحسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
عــُقـدة مـُركـَّـبة من الـنـقـص والاسـتـعـلاء الدكتـورعبد القادرحسين ياسين
عــُقـدة مـُركـَّـبة من الـنـقـص والاسـتـعـلاء
الدكتـورعبد القادرحسين ياسين *
إمتطي الرجل شاشة الـ CNN وتكلم بإنجليزية متأمركة عن الوضع في العراق وسوريا… وكان بين الفينة والاخرى يستخدم كلمة “عرب” مشددا علي حرف العين، علما أن هذا الحرف غير موجود في اللغة الإنجليزية. “ذي عـربز” ، كان يقول، وتخرج من بين شفتيه ابتسامة ساخرة، قبل أن يتابع هجومه باحتقارشديد على الثقافة العربية، وعلى مجموعة من الشعوب المتخلفة التي تتكلم لغة العـين وتعتنق الاسلام .
كنت قد قرأت كل ما كتبـه فؤاد عجمي، وفهمت انه يمثل فئة من المثقفين اللبنانيين المهاجرين التي ارتضت الالتحاق بالمعسكر المنتصر والتماهي كليا مع الثقافة السائدة في بلاد هِجْرتها واختيارها. نقده المتحامل وقيامه بتشويه الثقافة العربية، لا يثيران الاستغراب، لأنهما جزء من ترسانة الاستشراق الضخمة، التي لا تزال تعمل بقوة الدفع الذاتي، بعدما قام المفكر الفلسطيني الراحل الدكتور ادوارد سعيد بتفكيكها في كتابه القـيـِّم “الاستشراق” .
وحتى النص الذي نشره عن الشاعر اللبناني الراحل خليل حاوي، حيث يستخدم رواية شقيقه ايليا، وهي عمل تخييلي، كمصدر رئيسي لدراسة حياة الشاعر الكبير الذي انتحر احتجاجا على الغزو الاسرائيلي للبنان، لم يثر سوى عجبي من انحدار المستوى الأكاديمي، وقدرة المستشرقين الجدد علي الاستمرار في لعبتهم القديمة.
هذا النموذج من المثقفين عرفته جميع شعوب العالم… انه تعبير عن مزيج من خيبة الأمل والانتهازية، عـقـدة مركبة من النقص والاستعلاء قد تودي بأصحابها الى خيارات ثقافية تجعلهم في خدمة الامبراطورية.
غير أن تشديد الدكتور فـؤاد عجمي على حرف العين في كلمة العرب، أثار استغرابي، إذ لم يسبق أن قرأت لأحد من المستشرقين احتقاراً لهذا الحرف الذي جعله الخليل بن احمد الفـراهـيدي عـنوانا لأول قاموس عربي: “كتاب العـيـن” . كما لم يسبق لي أن قرأت عـنـد العرب القدماء وصفاً للغتهم بأنها لغة العين. العربية هي لغة الضاد، مثلما يقولون، أما العين فقد بقيت اقتراحاً خليلياً، ولم تسع الى وسم اللغة باسمها.
والطريف أن السيد عجمي في تشديده على عين العرب، لم يلفت نظر محاورته الى أنها لا تلفظ اسمه في شكل صحيح، فهو ليس “أجمي”، مثلما يحلو له أن يسمي نفسه هناك في الولايات المتحـدة الأمريكية، بل هو عـجمي. وهو في هذا، يشترك مع “ذي عـربز” في عـيـنهم التي يشدّدها ويشتمها!
تذكرت العين العجمية، وأنا اقرأ المقال الأخير للسيد عجمي وهو ، كما في جميع مقالاته، يتماهى مع المحافظين الجـدد في الولايات المتحدة، لكنه يشعر بالأسى.
كان الدكتور فـؤاد عجمي احد كبار المتحمسين لغزو العراق…وبعـد سنوات من المقـاومـة العراقيـة الباسـلة وجد نفسه فجأة أمام الحيرة والخيبة : “هناك آمل وشعور بأنه ما زال بامكان الأمريكيين إنقاذ هذا البلد المعـذب من تاريخه المروِّع… لكن هناك حسرة أيضا ، وشكوى بان يحبط العراق في النهاية أفضل نوايانا…” [كــذا…!!] .
لاحظوا التواضع…
الأمريكيون يريدون “إنقاذ” العراق من “تاريخه المروِّع” وهم يحملون “أفضل النوايا”… لكن النتائج “غير مؤكدة!”…
ويختتم عجمي مقاله الرثائي بالإعـراب عن “الأمل بأن لا تضيع تضحياتنا في ذلك البلـد سـُدى..” .
لا أريد أن اسأل : من طلب من الأمريكيين إنقاذ العراق من تاريخه؟
ومن أجبرهم علي تقديم هذه “التضحيات” الجسيمة؟
ولماذا هذه اللغة الكولونيالية التي لا تجرؤ على الإعلان عن نفسها؟
إنَّ مـُنظري البنتاغـون ، وفرسـان الحرب الباردة وأمثال فؤاد عجمي ، لا يجرؤون على استخدام مصطلحات الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية، لذا لجأوا إلى حجب الحكاية الأساسية في رؤيتهم الحمقاء للمشرق العربي، فالهدف هو تسليط إسرائيل على العالم العربي، وفتح معركة لا نهاية لها، من اجل إغراق المشرق العربي بالدم والدمار.
لكنهم مصابون بالهلع، فالسيد عجمي “ليس متأكدا”، و “يساوره الشك”، ويبدأ في التلعـثم… لأنه يعلم أن الإدارة الأمريكيـة تـتـخـبـط في سـيـاسـتـهـا الـخـرقـاء، لذا سوف يكون دورها الحقيقي هو تفكيك سـوريـا والـعـراق تمهيداً لتسليمهـمـا لنار الحرب الاهلية التي لا تبقي ولا تـذر…
بـيـد أن ما فات السيد عجمي، هو أن الـعـين التي يشدو بها محتقراً العرب، ويحذفها متفاخراً باسمه الأمريكي، هي عـين واحدة. عـين العرب وعـين أمريكا تتكاملان في تراجيديا الموت التي يصفها الحمق الكولونيالي حين يستعيد اللغة الاستشراقية البائدة.
وبـعــد ؛
إن العـراق (لاحظوا العـين هنا أيضا) ، البـلـد الذي أعطى البشرية أول شرائعـهـا ، أكبر بكثير ، وأعـظـم بكثير ، من أن يختصره نـَصّ عـنصري لرجل حـاقـد وسـفـيه، لا يعرف شيئا، ولا يعرف انه لا يعرف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|* كاتب وأكاديمي فلسطيني مقيم في السـويد .
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 485
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
مواضيع مماثلة
» الـمَـنـفـى والـعـَودة الـمُـسـتـَحـيـلـة/ الدكتور عبد القادرحسين ياسين الدكتور عبد القادرحسين ياسين
» نهاية المجد وبدايته بقلم : د.عبد القادرحسين ياسين
» ما هي الـصـورة الحـقـيـقـية لـلعـرب في العـالـم؟/الدكتور عبد القادرحسين ياسين
» تأملات وإنـفـعـالات شـخــصـيـة جـداً // الدكتور عبد القادرحسين ياسين
» أيـُّـهـا الفـلسـطيني الكبير.... سـَـلامــاً!! الدكتورعـبد القادرحسين ياسين
» نهاية المجد وبدايته بقلم : د.عبد القادرحسين ياسين
» ما هي الـصـورة الحـقـيـقـية لـلعـرب في العـالـم؟/الدكتور عبد القادرحسين ياسين
» تأملات وإنـفـعـالات شـخــصـيـة جـداً // الدكتور عبد القادرحسين ياسين
» أيـُّـهـا الفـلسـطيني الكبير.... سـَـلامــاً!! الدكتورعـبد القادرحسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 4 ديسمبر 2024 - 11:30 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة