ضيعت الأماكن

ضَيّعتُ الأماكن
كطفلة صغيرة أعدو .. أسابق الريح لأصافح
تلك الطرقات .. أقبّلُ منها الجبين وأعانق فيها
نسمات الأماكن .
دغدغتُ قلبي بفرح عارم ووعدته بأمسية صيفية من أمسيات تموز الحالمة .. داعبت وجنات الورود في طريقي إلى درب الياسمين وهمست في أذنها أنني عدتُ لأصطحبها في مشوار .
تصالحتُ مع الوقت وضممتُ إليَّ عقارب الساعات وألغيت من خارطتي كل الإتجهات .. نحوك فقط تتجه كل الخطى .. وحولك فقط تدور عقارب الوقت .. ومن خطوط كفيك تقرأ كل العناوين .
لكن ... هل تهرم الطرقات ؟
هل تذبل الأماكن ؟
فلماذا أشتم رائحة الشيخوخة تفوح من عبير الملامح وشذى الأماكن ؟
وجوه أعرفها جيداً صافحتها عمراً بأكمله .. لم تعد تذكرني .. أماكن عايشتها دهراً .. حفرت خطاي فيها مسارب ومسالك .. لم تعد تذكرني .. أناس ومدائن حاضرة غائبة استلقينا فيها تحت مظلة المطر وكَستنا فيها غيوم الثلوج والبرد ..
لم تعد تذكرني .
أتراني حملت غربتي معي .. أم تراها معالم الغربة أرخت ظلالها على الطرقات والملامح ؟
تلفتّ حولي فلم أجد سوى سحابة جامدة تظللني ونجيمات متعبة تحوم في سماء رمادية لم تحبل بغيمة ممطرة منذ دهور .. وأشجار مجهولة تفتح
ذراعيها للهواء المرِّ وتستجدي دموع السماء الشحيحة .
ليس سواك أيها القمر المتربع على عرش السماء من يشهد قدومي اللحظة ومن شهد معي ذلك المساء .
أتيتُ أبحث عن ورود لي نثرتها هنا في هذه الرياض .. أتيتُ أبحث عن ذكريات لي غلفتها بنسائم الربيع ودعوت لها بطول البقاء .. أتيتُ أفتش في هذه الأماكن عن بقايا مني ..عن بقاياي .
يا قمري المتربع على عرش السماء هل تسافر الطرقات .. هل تهاجر الأماكن ؟
أين وجهتها يا قمر علني ألحق ظلها فأصلها ولو بعد ألف عام .. أخشى يا قمري أنني في غربتي قد ضيّعتُها .. ضيّعتُ مني الأماكن .

ليس سواك أيها القمر المتربع على عرش السماء من يشهد قدومي اللحظة ومن شهد معي ذلك المساء .
عندنا مثل شعبى يقول
من معاه القمر ما يطارد نجوم
سعدت بما سطرته
دمتى رائعة

نعم سيدتي ميساء ان للمكان سحره الغريب
لكم هو جميل ذلك الشعور الذي يجذبنا للاماكن التي نحن اليها .. انها سلطة المكان .. جاذبيته ..
و في الحقيقة ، فان المكان فضاء مجرد ، لكننا نحن الذين نكسوه بتلك الهالة الروحية .. نحن من يرفع المكان من فيزيائيته الجافة الى درجة الرمزية ..
انه لا يساوي ، احيانا ، لا شيء بدون ما نصبغهه عليه من دلالة و اعتبارية عاطفية ، وطنية اوجمالية ..
ان لبعض الامكنة قوتها الملهمة في ذاتها .. ذلك شان الوطن .
و لبعضها بعدا نوستالجيا .. انها تقفز الى ذاكراتنا باستحضار ذكرياتنا فيها .
و لكن سلطتها لا تتم الا باستعدادنا الباطني _و اعيا كان او لاواعيا_ للخضوع لها .

احن الى مدينتي الصغيرة و الى اماكن مخصوصة فيها ! سوف اعود اليها غدا ... لقد ذكرني نصك سيدتي بتلك الامكنة .. اه اه اه ...

زهرة اليوسف كتب:ليس سواك أيها القمر المتربع على عرش السماء من يشهد قدومي اللحظة ومن شهد معي ذلك المساء .
عندنا مثل شعبى يقول
من معاه القمر ما يطارد نجوم
سعدت بما سطرته
دمتى رائعة

هههههههههه .. حلوة يا زهرتي
أعجبني جدا هذا المثل الرائع
حبيبتي ان شاء الله بتسلمي لقلبي
:0027:

خالد المغربي كتب: نعم سيدتي ميساء ان للمكان سحره الغريب
لكم هو جميل ذلك الشعور الذي يجذبنا للاماكن التي نحن اليها .. انها سلطة المكان .. جاذبيته ..
و في الحقيقة ، فان المكان فضاء مجرد ، لكننا نحن الذين نكسوه بتلك الهالة الروحية .. نحن من يرفع المكان من فيزيائيته الجافة الى درجة الرمزية ..
انه لا يساوي ، احيانا ، لا شيء بدون ما نصبغهه عليه من دلالة و اعتبارية عاطفية ، وطنية اوجمالية ..
ان لبعض الامكنة قوتها الملهمة في ذاتها .. ذلك شان الوطن .
و لبعضها بعدا نوستالجيا .. انها تقفز الى ذاكراتنا باستحضار ذكرياتنا فيها .
و لكن سلطتها لا تتم الا باستعدادنا الباطني _و اعيا كان او لاواعيا_ للخضوع لها .

احن الى مدينتي الصغيرة و الى اماكن مخصوصة فيها ! سوف اعود اليها غدا ... لقد ذكرني نصك سيدتي بتلك الامكنة .. اه اه اه ...

رائع .. رائع .. رائع ..
أصفق لهذا الرد الذي لم يترك لي شاردة أو واردة إلا فسرها
يسلمو يا خالد على هذا الرد الجميل
أنا مثلك بالإضافة إلى الوطن هناك أماكن متفرقة
في بلاد الله الواسعة أحبها .. لأنني تركت بعضا ً مني فيها
أتمنى لك زيارة جميلة للبقعة التي يهواها قلبك ويشتاقها .

:0027: