منتدى عصفورة الشجن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

من أنا ؟


حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية


المواضيع الأخيرة
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
إعلان انتحار Emptyأمس في 12:13 من طرف ميساء البشيتي

» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
إعلان انتحار Emptyالأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي

» عيد ميلاد ابنتي دينا
إعلان انتحار Emptyالثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي

» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
إعلان انتحار Emptyالسبت 28 سبتمبر 2024 - 13:06 من طرف ميساء البشيتي

» رسائل إلى أمي
إعلان انتحار Emptyالسبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي

» رسائل في الهواء
إعلان انتحار Emptyالسبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي

» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
إعلان انتحار Emptyالخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة

» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
إعلان انتحار Emptyالسبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد

» سلسلة حلقات جاهلية .
إعلان انتحار Emptyالثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي

» لمن يهمه الأمر
إعلان انتحار Emptyالثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي

» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
إعلان انتحار Emptyالسبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة

» شجرة التين بقلم نور دكرلي
إعلان انتحار Emptyالسبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة

» عيد ميلاد سعيد يا فرح
إعلان انتحار Emptyالأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي

» مطر أسود
إعلان انتحار Emptyالإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي

»  بـــ أحس الآن ــــــــ
إعلان انتحار Emptyالأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد

» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
إعلان انتحار Emptyالأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد

» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
إعلان انتحار Emptyالأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة

» ثورة صامتة
إعلان انتحار Emptyالإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم

» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
إعلان انتحار Emptyالثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري

» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
إعلان انتحار Emptyالإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي

» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
إعلان انتحار Emptyالأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي

» ليلاي ومعتصمها
إعلان انتحار Emptyالأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة

» غزلك حلو
إعلان انتحار Emptyالأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:21 من طرف ريما مجد الكيال

» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
إعلان انتحار Emptyالأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:18 من طرف لبيبة الدسوقي

» تحركوا أيها الدمى
إعلان انتحار Emptyالأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:14 من طرف لبيبة الدسوقي

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
ميساء البشيتي
إعلان انتحار Poll_rightإعلان انتحار Poll_centerإعلان انتحار Poll_left 


إعلان انتحار

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

إعلان انتحار Empty إعلان انتحار

مُساهمة من طرف ميساء البشيتي الخميس 13 أبريل 2017 - 18:37

إعلان انتحار
صديقي الذي غفا في أرجوحة المنفى، وصام دهرًا عن الكلام، استيقظ فجأة عندما أذن ديك الحيَّ معلنًا بدء النهار، ليعلن على الملأ: أنه قررَّ أن يتربص بالموت، وأن يفجر آخر قصيدة لديه على شرفات الانتحار!
لم ألتزم الصمت حين وصلني النبأ العظيم لكنه خِذلان الكلام! فاجأني -كما يفعل حين يجنُّ بعض الشعراء-  بقصيدة أخيرة يحتفظ بها بين طيات ثيابه؛ ليفجرها قبل الممات، لتكون قصيدة رثاء له، يريد أن يرثي نفسه بنفسه؛ ليحقق حلمًا راوده طِوال الحياة: أن يسبق الموت بخطوة، ويضع إكليلًا من الغار على قبر القصيدة، ويكتب على شاهدها: وُلدت غريبة، عاشت غريبة، انتحرت غريبة.
صديقي الذي يخبئ في جوفه الكثير من الحكايات عن الفتيات اللواتي يعشقن الياسمين، ويشكلن ضفائرهن بأوراقه، ويخبئنه في دفاتر الحساب؛ ليقع الأستاذ في شِباك الغرام، فيبدأ بجمع براعم الياسمين على وسادته كل ليلة، ثم يقِسمهن بالتساوي على نوافذ الأحلام.
خبرني ذات يوم أنه كغيره من العشاق لديه ألف حكاية وحكاية مع أشجار الورد والجلنار، وأنه كتب كثيرًا من رسائل الغرام، لكنه خبأها تحت بلاطة مكسورة في بيته العتيق في غزة أو حيفا أو يافا، أو عكا، أو الكرمل، لم أعد أذكر بالضبط من أيِّ البقاع كان هو فكل حديثنا أصبح عن برودة الأحوال.
كان يكثر الحديث عن نفسه ليس لأنه يحب الثرثرة؛ بل لأنه لم يجد من تاريخ مولده إلى تاريخ الوفاة من يسأله كيف الحال؟!  فكان يقف قرب الحروف التي يعشق، ويضمها إلى صدره بحنان، ثم يأخذ معها صورة للتذكار، ويقول فيما بعد: كنتُ هنا برفقة عصفور أو غزال.
ضحك كثيرًا عندما رأى الرفاق يتجمعون لأول مرة، يبكون صديقًا قضى على حين غفلة عند باب داره الموصد منذ أول نكبة، ولم يزره طِوال سنين الانكسار إنسيٌّ أو جانٌ أو حتى بنت الجيران!!
الآن يتسابقون في رفع صوره، وسرد ضحكاته، ولملمة دمعاته التي كان يخبؤها في قارورة جانب سريره كي لا تنسكب على دفاتر الأشعار؛ فتبللها، وتبهت حروفها التي كانت تبرق في ليالي آب، وتلمع في سماء كانون.
لم يبُح بحزنه على فراق صديقه لأنه يعلم جيدًا أن الحزن قليل عليه، وأن القصائد مهما علَت وسَمَت ستبقى حبرًا على ورق، وأن كل سنوات النضال والضياع والشتات لا يمكن أن تُختزل في دمعة وصورة وحرف.
صديقي قرر ألا ينتظر الموت كصديقه، قرر أن يوقف هذا الانتظار، أن يتحدى الموت، أن يسبقه بخطوة أو خطوات، أن يغادر السرير الأبيض دونما رجعة، أن يقبِّل يد الحياة مودعًا وقتما هو يشاء، أن يلقي برأسه على وسادة كتبه التي تحدث بها طويلًا عن أساطير الشجاعة والشجعان، عن سنوات النضال في شتى المنافي، عن ذلك الوطن البعيد الذي ينتظر أبناءه كل ليلة قبل النوم؛ ليقبِّلوا يديه وجبهته، ويدعون له بطول البقاء، ويضعون عند كل صباح على رأسه إكليلًا من أوراق الياسمين التي كانت بنات الحيَّ القديم يقطفنه ويخبئنه بدفاتر الحساب، صديقي قرر أن يباغت الموت في عقر داره، ويعلن الانتحار.

--------------------------------
إعلان انتحار Aooo_o11

الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
ميساء البشيتي
ميساء البشيتي
مديرة المنتدى
مديرة المنتدى

العذراء الأبراج الصينية : القط
عدد المساهمات : 6522
تاريخ الميلاد : 17/09/1963
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
العمر : 61
الموقع الموقع : مدونتي عصفورة الشجن

http://mayssa-albashitti.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

إعلان انتحار Empty رد: إعلان انتحار

مُساهمة من طرف arouba السبت 29 أبريل 2017 - 20:54

كان يكثر الحديث عن نفسه ليس لأنه يحب الثرثرة؛ بل لأنه لم يجد من تاريخ مولده إلى تاريخ الوفاة من يسأله كيف الحال؟!  فكان يقف قرب الحروف التي يعشق، ويضمها إلى صدره بحنان، ثم يأخذ معها صورة للتذكار، ويقول فيما بعد: كنتُ هنا برفقة عصفور أو غزال.

هي حالنا ياصديقتي، ربما أعلنا الانتحار تضامُناً، لحروفك صداها الشجي
تحيتي ومحبتي
arouba
arouba
عضو جديد
عضو جديد

عدد المساهمات : 53
تاريخ التسجيل : 19/05/2016
الموقع الموقع : https://goo.gl/UllKKi

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

إعلان انتحار Empty رد: إعلان انتحار

مُساهمة من طرف ميساء البشيتي الأحد 30 أبريل 2017 - 16:41

arouba كتب:
كان يكثر الحديث عن نفسه ليس لأنه يحب الثرثرة؛ بل لأنه لم يجد من تاريخ مولده إلى تاريخ الوفاة من يسأله كيف الحال؟!  فكان يقف قرب الحروف التي يعشق، ويضمها إلى صدره بحنان، ثم يأخذ معها صورة للتذكار، ويقول فيما بعد: كنتُ هنا برفقة عصفور أو غزال.

هي حالنا ياصديقتي، ربما أعلنا الانتحار تضامُناً، لحروفك صداها الشجي
تحيتي ومحبتي

شكرا لبهاء مرورك يا صديقتي ونحن فعلا في زمن العجائب 
لم أتخيل أن يأتي علينا يوم في هذه القسوة 
الله يبعث الفرج

--------------------------------
إعلان انتحار Aooo_o11

الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
ميساء البشيتي
ميساء البشيتي
مديرة المنتدى
مديرة المنتدى

العذراء الأبراج الصينية : القط
عدد المساهمات : 6522
تاريخ الميلاد : 17/09/1963
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
العمر : 61
الموقع الموقع : مدونتي عصفورة الشجن

http://mayssa-albashitti.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

إعلان انتحار Empty رد: إعلان انتحار

مُساهمة من طرف ميساء البشيتي الأربعاء 20 أبريل 2022 - 14:01

إعلان انتحار
صديقي الذي غفا في أرجوحة المنفى، وصام دهرًا عن الكلام، استيقظ فجأة عندما أذن ديك الحيَّ معلنًا بدء النهار، ليعلن على الملأ: أنه قررَّ أن يتربص بالموت، وأن يفجر آخر قصيدة لديه على شرفات الانتحار!
لم ألتزم الصمت حين وصلني النبأ العظيم لكنه خِذلان الكلام! فاجأني -كما يفعل حين يجنُّ بعض الشعراء-  بقصيدة أخيرة يحتفظ بها بين طيات ثيابه؛ ليفجرها قبل الممات، لتكون قصيدة رثاء له، يريد أن يرثي نفسه بنفسه؛ ليحقق حلمًا راوده طِوال الحياة: أن يسبق الموت بخطوة، ويضع إكليلًا من الغار على قبر القصيدة، ويكتب على شاهدها: وُلدت غريبة، عاشت غريبة، انتحرت غريبة.
صديقي الذي يخبئ في جوفه الكثير من الحكايات عن الفتيات اللواتي يعشقن الياسمين، ويشكلن ضفائرهن بأوراقه، ويخبئنه في دفاتر الحساب؛ ليقع الأستاذ في شِباك الغرام، فيبدأ بجمع براعم الياسمين على وسادته كل ليلة، ثم يقِسمهن بالتساوي على نوافذ الأحلام.
خبرني ذات يوم أنه كغيره من العشاق لديه ألف حكاية وحكاية مع أشجار الورد والجلنار، وأنه كتب كثيرًا من رسائل الغرام، لكنه خبأها تحت بلاطة مكسورة في بيته العتيق في غزة أو حيفا أو يافا، أو عكا، أو الكرمل، لم أعد أذكر بالضبط من أيِّ البقاع كان هو فكل حديثنا أصبح عن برودة الأحوال.
كان يكثر الحديث عن نفسه ليس لأنه يحب الثرثرة؛ بل لأنه لم يجد من تاريخ مولده إلى تاريخ الوفاة من يسأله كيف الحال؟!  فكان يقف قرب الحروف التي يعشق، ويضمها إلى صدره بحنان، ثم يأخذ معها صورة للتذكار، ويقول فيما بعد: كنتُ هنا برفقة عصفور أو غزال.
ضحك كثيرًا عندما رأى الرفاق يتجمعون لأول مرة، يبكون صديقًا قضى على حين غفلة عند باب داره الموصد منذ أول نكبة، ولم يزره طِوال سنين الانكسار إنسيٌّ أو جانٌ أو حتى بنت الجيران!!
الآن يتسابقون في رفع صوره، وسرد ضحكاته، ولملمة دمعاته التي كان يخبؤها في قارورة جانب سريره كي لا تنسكب على دفاتر الأشعار؛ فتبللها، وتبهت حروفها التي كانت تبرق في ليالي آب، وتلمع في سماء كانون.
لم يبُح بحزنه على فراق صديقه لأنه يعلم جيدًا أن الحزن قليل عليه، وأن القصائد مهما علَت وسَمَت ستبقى حبرًا على ورق، وأن كل سنوات النضال والضياع والشتات لا يمكن أن تُختزل في دمعة وصورة وحرف.
صديقي قرر ألا ينتظر الموت كصديقه، قرر أن يوقف هذا الانتظار، أن يتحدى الموت، أن يسبقه بخطوة أو خطوات، أن يغادر السرير الأبيض دونما رجعة، أن يقبِّل يد الحياة مودعًا وقتما هو يشاء، أن يلقي برأسه على وسادة كتبه التي تحدث بها طويلًا عن أساطير الشجاعة والشجعان، عن سنوات النضال في شتى المنافي، عن ذلك الوطن البعيد الذي ينتظر أبناءه كل ليلة قبل النوم؛ ليقبِّلوا يديه وجبهته، ويدعون له بطول البقاء، ويضعون عند كل صباح على رأسه إكليلًا من أوراق الياسمين التي كانت بنات الحيَّ القديم يقطفنه ويخبئنه بدفاتر الحساب، صديقي قرر أن يباغت الموت في عقر داره، ويعلن الانتحار.

--------------------------------
إعلان انتحار Aooo_o11

الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
ميساء البشيتي
ميساء البشيتي
مديرة المنتدى
مديرة المنتدى

العذراء الأبراج الصينية : القط
عدد المساهمات : 6522
تاريخ الميلاد : 17/09/1963
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
العمر : 61
الموقع الموقع : مدونتي عصفورة الشجن

http://mayssa-albashitti.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

إعلان انتحار Empty رد: إعلان انتحار

مُساهمة من طرف عروة زياد الإثنين 7 أغسطس 2023 - 12:30

ميساء البشيتي كتب:
إعلان انتحار
صديقي الذي غفا في أرجوحة المنفى، وصام دهرًا عن الكلام، استيقظ فجأة عندما أذن ديك الحيَّ معلنًا بدء النهار، ليعلن على الملأ: أنه قررَّ أن يتربص بالموت، وأن يفجر آخر قصيدة لديه على شرفات الانتحار!
لم ألتزم الصمت حين وصلني النبأ العظيم لكنه خِذلان الكلام! فاجأني -كما يفعل حين يجنُّ بعض الشعراء-  بقصيدة أخيرة يحتفظ بها بين طيات ثيابه؛ ليفجرها قبل الممات، لتكون قصيدة رثاء له، يريد أن يرثي نفسه بنفسه؛ ليحقق حلمًا راوده طِوال الحياة: أن يسبق الموت بخطوة، ويضع إكليلًا من الغار على قبر القصيدة، ويكتب على شاهدها: وُلدت غريبة، عاشت غريبة، انتحرت غريبة.
صديقي الذي يخبئ في جوفه الكثير من الحكايات عن الفتيات اللواتي يعشقن الياسمين، ويشكلن ضفائرهن بأوراقه، ويخبئنه في دفاتر الحساب؛ ليقع الأستاذ في شِباك الغرام، فيبدأ بجمع براعم الياسمين على وسادته كل ليلة، ثم يقِسمهن بالتساوي على نوافذ الأحلام.
خبرني ذات يوم أنه كغيره من العشاق لديه ألف حكاية وحكاية مع أشجار الورد والجلنار، وأنه كتب كثيرًا من رسائل الغرام، لكنه خبأها تحت بلاطة مكسورة في بيته العتيق في غزة أو حيفا أو يافا، أو عكا، أو الكرمل، لم أعد أذكر بالضبط من أيِّ البقاع كان هو فكل حديثنا أصبح عن برودة الأحوال.
كان يكثر الحديث عن نفسه ليس لأنه يحب الثرثرة؛ بل لأنه لم يجد من تاريخ مولده إلى تاريخ الوفاة من يسأله كيف الحال؟!  فكان يقف قرب الحروف التي يعشق، ويضمها إلى صدره بحنان، ثم يأخذ معها صورة للتذكار، ويقول فيما بعد: كنتُ هنا برفقة عصفور أو غزال.
ضحك كثيرًا عندما رأى الرفاق يتجمعون لأول مرة، يبكون صديقًا قضى على حين غفلة عند باب داره الموصد منذ أول نكبة، ولم يزره طِوال سنين الانكسار إنسيٌّ أو جانٌ أو حتى بنت الجيران!!
الآن يتسابقون في رفع صوره، وسرد ضحكاته، ولملمة دمعاته التي كان يخبؤها في قارورة جانب سريره كي لا تنسكب على دفاتر الأشعار؛ فتبللها، وتبهت حروفها التي كانت تبرق في ليالي آب، وتلمع في سماء كانون.
لم يبُح بحزنه على فراق صديقه لأنه يعلم جيدًا أن الحزن قليل عليه، وأن القصائد مهما علَت وسَمَت ستبقى حبرًا على ورق، وأن كل سنوات النضال والضياع والشتات لا يمكن أن تُختزل في دمعة وصورة وحرف.
صديقي قرر ألا ينتظر الموت كصديقه، قرر أن يوقف هذا الانتظار، أن يتحدى الموت، أن يسبقه بخطوة أو خطوات، أن يغادر السرير الأبيض دونما رجعة، أن يقبِّل يد الحياة مودعًا وقتما هو يشاء، أن يلقي برأسه على وسادة كتبه التي تحدث بها طويلًا عن أساطير الشجاعة والشجعان، عن سنوات النضال في شتى المنافي، عن ذلك الوطن البعيد الذي ينتظر أبناءه كل ليلة قبل النوم؛ ليقبِّلوا يديه وجبهته، ويدعون له بطول البقاء، ويضعون عند كل صباح على رأسه إكليلًا من أوراق الياسمين التي كانت بنات الحيَّ القديم يقطفنه ويخبئنه بدفاتر الحساب، صديقي قرر أن يباغت الموت في عقر داره، ويعلن الانتحار.

لا أمل من قراءة هذه الخاطرة 
كل الشكر والتقدير
عروة زياد
عروة زياد
عضو جديد
عضو جديد

عدد المساهمات : 126
تاريخ التسجيل : 29/06/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى