بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
مـَرحـَبـاً أيـّهـا الـغــَريـب...! د. عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
مـَرحـَبـاً أيـّهـا الـغــَريـب...! د. عبد القادر حسين ياسين
مـَرحـَبـاً أيـّهـا الـغــَريـب...!
د. عبد القادر حسين ياسين
29/05/2017
طالَ الشـَّتـاتُ وعافـت خـطـونا المـُدُنُ
وأنـتَ تـُمـعـِنُ بـُعـداً أيـهـا الـوطـن
إرجع قـريـتـك إن قـبـراً وإن سـَكـَنـاً
فـدونـك الأرض ... لا قـبـرٌ ولا سـكـنُ"
تـذكـرت هـذه الأبـيـات الموحـية والمـعـبـِّرة للشاعـر الفـلسطيني مريد الـبرغـوثي عـنـدمـا إلـتـقـيـت ـ بـعـد غـيـاب طـويل ـ بالـصـديق النـيـكـاراغـوي إرنـسـتـو رودريـغـيـس الذي يـُعـبـِّـر بـإمـتـيـازعـن حـالـة الـمـنـفي عن وطـنه ...
ذات يوم أخذني صديق كـردي إلى مقهى سـانـديــنـو ،Sandino (نسبة الى قائد الثورة الأولى في نـيكـاراغـوا أوغـستو سيزار سـاندينو [1895-1934] أحـد زعـماء السكان الأصليين الذي قـاد ثورة مسلحة ضـد الولايات المتحـدة استمرت عشر سنوات [1924 ـ 1934] معتمـداً فقط على أبناء شعـبه من الفلاحين وصيادي الأسماك البسطاء)، في هـِسـلـهـولـمـن. وعـنـدمـا عـرف إرنـسـتـو أننـي فـلـسـطـيـني عـانـقـني بـحـرارة ، وأصـرَّ عـلى أن يـدعـوني للـعـشـاء في بـيـتـه.... ومنذ ذلك اللقاء الأول نشأت بيننا صداقة سرعان ما توطدت أواصرها.
كنتُ حين أزوره مع بضعة الأصدقاء في مقهاه في هـِسـلـهـولـمـن ، يترك ما بين يديه ويبدأ في الرقـص، ويبدأ رواد المقهى في التصفـيق والصفـير والضحـك. كان رجلاً سـمحاً حـلو المعـشر وصاحب نكتة بـإمـتـيـاز، وخاصة حين يبدأ في تـقـلـيـد زبائنه من السـويـديـيـن، وبالـتـحـديد أبناء الطبقة العـمالية منهم.
قـبـل الإنـتـقـال إلى هـِسـلـهـولـمـن كنتُ شديد الولع بـالمنطقة ، وأحب زيارتها وخاصة في نـهـايـة الاسبوع، حيث يتحول سوقها الشعـبي إلى مهرجان يرتاده الـنـاس من كل الجـنسيات والأعـراق.
في تـلـك الأمـسـيـة انتقل بنا الحديث (و"الحديث ذو شجون") من الوضع في أمريكا اللاتينية ، والأدب والشعـر والفـلسـفـة وتاريخ الحضـارات ، الى الدور الذي تلعبه الكـنيسة في النضال اليومي للجماهير في أمريكا اللاتينيـة . وأمـضـيـنـا الليـل بـطـولـه ونـحـن نـتـحـدث عـن الـمـنـفى وفـلـسطـيـن ونـيـكـاراغـوا ولاهـوت التـحـرير....
كان إرنـسـتـو رودريـغـس من ذلك النوع من البشر الذين لا مكان في دفاترهم للون الرمادي. إذا أحبوا شخصاً عـبدوه، وإذا كرهـوه بغـضوه. كان بسيطاً يـُحـب قراءة الشعـر، ويـُدمن الحديث في السياسة . جاء إلى السـويد في وقت كانت فـيه نـيـكـاراغـوا ترزح مخـتـنـقـة تحت قـسوة وفـظاظة الـطـغـمـة الـعـسـكرية الـمـدعـومـة من الولايات الـمـتـحـدة الأمريكيـة ... وحين وصلها لاجئاً فـقـيراً وقع في غـرامها، ولم يتركها إلى وطنه ثانية، حتى بعد أن انزاح عـنها الكابوس.
كان يقول لي أن هـسـلـهـولـمـن هي وطنه الذي ظل محروماً منه، وحلمه الذي كان يحمله في قـلبه خشية أن يراه رجال أنـاسـتـاسـيـو سـومـوزا. بدأ حياته فـيها عاملاً في المقهى نفـسه الذي صار يملكه فيما بعد. كان صاحب المقهى نـيـكـاراغـويـاً مثله، وبعـد سنوات من العـمل معه تزوج بابنته، ثم حين وافـت المنية العجوز صار المقهى ملكه وزوجته.
جاء وقـت انقطعـت فـيه عـن زيارة إرنـسـتـو، واستمر غـيابي سنـوات في غـوثـنـبـيـرغ، وعـنـدمـا عـدتُ إلى بـوروس، قـررت أن أزور إرنـسـتـو، وأرى ما طرأ عـليه من تغيير.
حين دخلت المقهى، رأيته في مكانه المعـتاد، واقـفـاً أمام آلة صنع القهوة. لم تبقَ في رأسه شعـرة سوداء، وعـلى عـيـنـيـه وضع نظارة طـبـيـة . حين وقـفـت أمامه، وجـاءت العـين في العـين، إبـتـسـم ورفع يديه ووجهه عالياً نحو السقـف ثم قال:
"إلهي ، يـا إلـهـي ؛ لماذا تفعـل بي هـذا...؟!"
ثم نظر إليَّ وقال :
"مرحـباً أيـهـا الـغـريب...!!"
غـادر مكانه واتجه نحوي محـتـضـنـاً ومعانـقـاً. طلب من أحد الجرسونات أن يأخـذ مكانه، وأخذني من يدي نحو أقـرب منضدة مـتاحة، وطلب لـنا فـنـجـانـيـن من الـقهـوة.
سألني عن أحوالي ، وسألني عن بقية الأصدقاء، وأحوالهم.
ودخلنا في حديث طويل طال كل شيء، ثم قال لي :
"هل تعرف أنني بعد شـهـر سأغادر السـويـد إلى الأبد؟"
قـلتُ له أنني غـير مصدق لما سمعـت، لأنه ليس من السهل عـلى إرنـسـتـو أن يغادر حلمه وإلى الأبد. زفـر إرنـسـتـو بعمق، وقال أنه لم يكن يتوقع أن يكون في أي يوم من الأيام "فـريسة سهلة لـلـحـنـيـن". قال أنه اكتشف خلال السنوات الأخيرة أن ثمة شيئاً قـوياً نبتَ في قـلـبـه فجأة ، وبدأ كالنباتات المتسلقة يزداد ارتفاعاً ، ويأخذ بمجامع قـلـبـه وعـقـلـه، وأنه في بادئ الأمر ظنَّ أن ذلك الاحساس مُجرد أمر عارض، سرعان ما يزول كالزكام. إلا أن ذلك لم يحـدث، بل ازداد شـدة وقوة، حتى شـعـر أنه يقوده نحـو الجـنون.
قال لي وهـو يـداري دمـعـة :
" عـبـد الـقـادر ، السـويـد لـم تـَعـُد الـسـويـد...، وإرنـسـتـو لم يعد ذلك الـشـَّـاب المأخوذ بالغـرابة، المسحور بالغـربة. أريد أن أعـود إلى نـيـكـاراغـوا كي ألـمـلـم بقايا طفـولتي المبعـثرة، وأفـتـش في حناياها عن جـذوتي . السـويـد لـم تـعـد متسامحة عطوفة على الغـربـاء واللاجـئـيـن من أمـثـالي وأمـثـالـك... ولـم تـعــُد وطـنـاً لـمـن لا يجـد وطناً يؤويه. السـويـد اليوم غـير السـويـد التي عـرفـت وأحببت وعشقـت وآوتني حينما جـئـتـها شاباً لاجئاً فـقـيـراً. السـويـد هـذه لا تراني إلا عـبر كاميرات الأمن المزروعـة في كل شارع ومقهى وحانة ومطعـم ومتجر"
قـلت له أنني لا أعـتـقـد أن السـويـد وما حـدث لها هي السـبب في الـقـرار الذي إتـخـذه بـالرحـيـل ، وأنني واثـق أن الحـنين إلى نـيـكـاراغـوا هـو الذي جعـله يقـرر أن يبيع المقهى ويـعـود.
"لـقـد إعـتـراك الـتـعـب يـا إرنـسـتـو ،
ومن حـقـك أن تـرتاح قـلـيـلاً، وتـُجـدد طفـولتـك وصباك وشبابك...".
نظر إليّ بعـينين من خلف عـدستي نظارته، وأذكر أنني لمحـت الـدمـوع في عـيـنـيـه.
لم أجد ما أقـول، وسكـتَ هو مدارياً عـيـنـيه في السقـف.
طلب فـنـجـانـيـن من الـقـهـوة وسألني عـمـا إذا كنت قـد مررت يوماً بما يـشـعـر به هو الآن، إلا أنه لم يمـنحني الفـرصة للـرَّد. قال:
"أعترف أنني حـقـقـت في حياتي ما كنت أريد تحـقـيـقـه،
وأعـتـقـد أن عـودتي الآن إلى نـيـكـاراغـوا بمثابة اعتراف،
بأن ساعة فـراقي لـهـذه الدنيا قـد حانـت،
ألا تذكر قـول أوكـتـافـيـو بـاث:
"من تعـب من الـمكـسـيك فـقـد تعـب من الحياة..!" .
وبـعــد ؛
أعـلم أن إرنـسـتـو لم يتعـب من السـويـد بل، مثل غـيره من الغـرباء، فــَتـَـكَ به الحـنـيـن. لكن من يـُقـنع إرنـسـتـو ان نيـكـاراغـوا التي يحـنّ للعـودة إليـهـا قـد ابـتـلـعـهـا الزمن دون مـضغ ، كما ابـتـلع شبابه، ولم يعـد لـهـا وجـود إلا في قـلـبـه ومخيلته...؟!
د. عبد القادر حسين ياسين
د. عبد القادر حسين ياسين
29/05/2017
طالَ الشـَّتـاتُ وعافـت خـطـونا المـُدُنُ
وأنـتَ تـُمـعـِنُ بـُعـداً أيـهـا الـوطـن
إرجع قـريـتـك إن قـبـراً وإن سـَكـَنـاً
فـدونـك الأرض ... لا قـبـرٌ ولا سـكـنُ"
تـذكـرت هـذه الأبـيـات الموحـية والمـعـبـِّرة للشاعـر الفـلسطيني مريد الـبرغـوثي عـنـدمـا إلـتـقـيـت ـ بـعـد غـيـاب طـويل ـ بالـصـديق النـيـكـاراغـوي إرنـسـتـو رودريـغـيـس الذي يـُعـبـِّـر بـإمـتـيـازعـن حـالـة الـمـنـفي عن وطـنه ...
ذات يوم أخذني صديق كـردي إلى مقهى سـانـديــنـو ،Sandino (نسبة الى قائد الثورة الأولى في نـيكـاراغـوا أوغـستو سيزار سـاندينو [1895-1934] أحـد زعـماء السكان الأصليين الذي قـاد ثورة مسلحة ضـد الولايات المتحـدة استمرت عشر سنوات [1924 ـ 1934] معتمـداً فقط على أبناء شعـبه من الفلاحين وصيادي الأسماك البسطاء)، في هـِسـلـهـولـمـن. وعـنـدمـا عـرف إرنـسـتـو أننـي فـلـسـطـيـني عـانـقـني بـحـرارة ، وأصـرَّ عـلى أن يـدعـوني للـعـشـاء في بـيـتـه.... ومنذ ذلك اللقاء الأول نشأت بيننا صداقة سرعان ما توطدت أواصرها.
كنتُ حين أزوره مع بضعة الأصدقاء في مقهاه في هـِسـلـهـولـمـن ، يترك ما بين يديه ويبدأ في الرقـص، ويبدأ رواد المقهى في التصفـيق والصفـير والضحـك. كان رجلاً سـمحاً حـلو المعـشر وصاحب نكتة بـإمـتـيـاز، وخاصة حين يبدأ في تـقـلـيـد زبائنه من السـويـديـيـن، وبالـتـحـديد أبناء الطبقة العـمالية منهم.
قـبـل الإنـتـقـال إلى هـِسـلـهـولـمـن كنتُ شديد الولع بـالمنطقة ، وأحب زيارتها وخاصة في نـهـايـة الاسبوع، حيث يتحول سوقها الشعـبي إلى مهرجان يرتاده الـنـاس من كل الجـنسيات والأعـراق.
في تـلـك الأمـسـيـة انتقل بنا الحديث (و"الحديث ذو شجون") من الوضع في أمريكا اللاتينية ، والأدب والشعـر والفـلسـفـة وتاريخ الحضـارات ، الى الدور الذي تلعبه الكـنيسة في النضال اليومي للجماهير في أمريكا اللاتينيـة . وأمـضـيـنـا الليـل بـطـولـه ونـحـن نـتـحـدث عـن الـمـنـفى وفـلـسطـيـن ونـيـكـاراغـوا ولاهـوت التـحـرير....
كان إرنـسـتـو رودريـغـس من ذلك النوع من البشر الذين لا مكان في دفاترهم للون الرمادي. إذا أحبوا شخصاً عـبدوه، وإذا كرهـوه بغـضوه. كان بسيطاً يـُحـب قراءة الشعـر، ويـُدمن الحديث في السياسة . جاء إلى السـويد في وقت كانت فـيه نـيـكـاراغـوا ترزح مخـتـنـقـة تحت قـسوة وفـظاظة الـطـغـمـة الـعـسـكرية الـمـدعـومـة من الولايات الـمـتـحـدة الأمريكيـة ... وحين وصلها لاجئاً فـقـيراً وقع في غـرامها، ولم يتركها إلى وطنه ثانية، حتى بعد أن انزاح عـنها الكابوس.
كان يقول لي أن هـسـلـهـولـمـن هي وطنه الذي ظل محروماً منه، وحلمه الذي كان يحمله في قـلبه خشية أن يراه رجال أنـاسـتـاسـيـو سـومـوزا. بدأ حياته فـيها عاملاً في المقهى نفـسه الذي صار يملكه فيما بعد. كان صاحب المقهى نـيـكـاراغـويـاً مثله، وبعـد سنوات من العـمل معه تزوج بابنته، ثم حين وافـت المنية العجوز صار المقهى ملكه وزوجته.
جاء وقـت انقطعـت فـيه عـن زيارة إرنـسـتـو، واستمر غـيابي سنـوات في غـوثـنـبـيـرغ، وعـنـدمـا عـدتُ إلى بـوروس، قـررت أن أزور إرنـسـتـو، وأرى ما طرأ عـليه من تغيير.
حين دخلت المقهى، رأيته في مكانه المعـتاد، واقـفـاً أمام آلة صنع القهوة. لم تبقَ في رأسه شعـرة سوداء، وعـلى عـيـنـيـه وضع نظارة طـبـيـة . حين وقـفـت أمامه، وجـاءت العـين في العـين، إبـتـسـم ورفع يديه ووجهه عالياً نحو السقـف ثم قال:
"إلهي ، يـا إلـهـي ؛ لماذا تفعـل بي هـذا...؟!"
ثم نظر إليَّ وقال :
"مرحـباً أيـهـا الـغـريب...!!"
غـادر مكانه واتجه نحوي محـتـضـنـاً ومعانـقـاً. طلب من أحد الجرسونات أن يأخـذ مكانه، وأخذني من يدي نحو أقـرب منضدة مـتاحة، وطلب لـنا فـنـجـانـيـن من الـقهـوة.
سألني عن أحوالي ، وسألني عن بقية الأصدقاء، وأحوالهم.
ودخلنا في حديث طويل طال كل شيء، ثم قال لي :
"هل تعرف أنني بعد شـهـر سأغادر السـويـد إلى الأبد؟"
قـلتُ له أنني غـير مصدق لما سمعـت، لأنه ليس من السهل عـلى إرنـسـتـو أن يغادر حلمه وإلى الأبد. زفـر إرنـسـتـو بعمق، وقال أنه لم يكن يتوقع أن يكون في أي يوم من الأيام "فـريسة سهلة لـلـحـنـيـن". قال أنه اكتشف خلال السنوات الأخيرة أن ثمة شيئاً قـوياً نبتَ في قـلـبـه فجأة ، وبدأ كالنباتات المتسلقة يزداد ارتفاعاً ، ويأخذ بمجامع قـلـبـه وعـقـلـه، وأنه في بادئ الأمر ظنَّ أن ذلك الاحساس مُجرد أمر عارض، سرعان ما يزول كالزكام. إلا أن ذلك لم يحـدث، بل ازداد شـدة وقوة، حتى شـعـر أنه يقوده نحـو الجـنون.
قال لي وهـو يـداري دمـعـة :
" عـبـد الـقـادر ، السـويـد لـم تـَعـُد الـسـويـد...، وإرنـسـتـو لم يعد ذلك الـشـَّـاب المأخوذ بالغـرابة، المسحور بالغـربة. أريد أن أعـود إلى نـيـكـاراغـوا كي ألـمـلـم بقايا طفـولتي المبعـثرة، وأفـتـش في حناياها عن جـذوتي . السـويـد لـم تـعـد متسامحة عطوفة على الغـربـاء واللاجـئـيـن من أمـثـالي وأمـثـالـك... ولـم تـعــُد وطـنـاً لـمـن لا يجـد وطناً يؤويه. السـويـد اليوم غـير السـويـد التي عـرفـت وأحببت وعشقـت وآوتني حينما جـئـتـها شاباً لاجئاً فـقـيـراً. السـويـد هـذه لا تراني إلا عـبر كاميرات الأمن المزروعـة في كل شارع ومقهى وحانة ومطعـم ومتجر"
قـلت له أنني لا أعـتـقـد أن السـويـد وما حـدث لها هي السـبب في الـقـرار الذي إتـخـذه بـالرحـيـل ، وأنني واثـق أن الحـنين إلى نـيـكـاراغـوا هـو الذي جعـله يقـرر أن يبيع المقهى ويـعـود.
"لـقـد إعـتـراك الـتـعـب يـا إرنـسـتـو ،
ومن حـقـك أن تـرتاح قـلـيـلاً، وتـُجـدد طفـولتـك وصباك وشبابك...".
نظر إليّ بعـينين من خلف عـدستي نظارته، وأذكر أنني لمحـت الـدمـوع في عـيـنـيـه.
لم أجد ما أقـول، وسكـتَ هو مدارياً عـيـنـيه في السقـف.
طلب فـنـجـانـيـن من الـقـهـوة وسألني عـمـا إذا كنت قـد مررت يوماً بما يـشـعـر به هو الآن، إلا أنه لم يمـنحني الفـرصة للـرَّد. قال:
"أعترف أنني حـقـقـت في حياتي ما كنت أريد تحـقـيـقـه،
وأعـتـقـد أن عـودتي الآن إلى نـيـكـاراغـوا بمثابة اعتراف،
بأن ساعة فـراقي لـهـذه الدنيا قـد حانـت،
ألا تذكر قـول أوكـتـافـيـو بـاث:
"من تعـب من الـمكـسـيك فـقـد تعـب من الحياة..!" .
وبـعــد ؛
أعـلم أن إرنـسـتـو لم يتعـب من السـويـد بل، مثل غـيره من الغـرباء، فــَتـَـكَ به الحـنـيـن. لكن من يـُقـنع إرنـسـتـو ان نيـكـاراغـوا التي يحـنّ للعـودة إليـهـا قـد ابـتـلـعـهـا الزمن دون مـضغ ، كما ابـتـلع شبابه، ولم يعـد لـهـا وجـود إلا في قـلـبـه ومخيلته...؟!
د. عبد القادر حسين ياسين
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 485
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
مواضيع مماثلة
» العــَذاب الـفـِلـِسـطـيـنـي د. عبد القادر حسين ياسين
» عـولـيـــس الـفـِلــِســـْطـيـني د. عبد القادر حسين ياسين
» صـقـيع الـمـنـفـى د. عبد القادر حسين ياسين
» الـجَـهـْـل الـمُـزدَوج د. عبد القادر حسين ياسين
» مــهــنـة الـريـاء د. عبد القادر حسين ياسين
» عـولـيـــس الـفـِلــِســـْطـيـني د. عبد القادر حسين ياسين
» صـقـيع الـمـنـفـى د. عبد القادر حسين ياسين
» الـجَـهـْـل الـمُـزدَوج د. عبد القادر حسين ياسين
» مــهــنـة الـريـاء د. عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 4 ديسمبر 2024 - 11:30 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة