رسالة عربي الى البيت الأبيض بقلم: الشاعر عيسى بطارسه

رسالة عربي الى البيت الأبيض

الشاعر عيسى بطارسه

__________________

إعْــــدِلـوا أو أعْــــدِلوا ..

* * *

شعر: عيسى بطارسه

* * *

أعرفُ شأن كل من في الأرضِ من بشر؛

أنك إن غضبتَ،

يغضبُ الزّمانُ والسّماءُ والقدرْ!

وتصبحُ الجبالُ والجُسورُ والبيوتُ في خطر.

تستبدلُ الغُيومُ ماءها بالموتِ؛

تهربُ الأوطانُ من أصحابها مذعُورةً ..

ويجفلُ التّرابُ في معارجِ الحجر!

ففي يديكَ الأمنُ والدّمارْ؛

وفي يديكَ أن تنيرَ ليلَ أمةٍ إذا أردتَ،

أو أن تطفئَ النهارْ.

أدري كما يدري جميعُ من في الأرضِ:

أن من في الأرضِ، فوقهَا أو تَحتها،

وكل من يدورُ تحت إبطها .. دورتَها.

إن لم يكنْ لكمْ،

إن لم يكن لمنْ لكم!

يفسدُ نفطُهُ،

يُصبحُ ماءً غير صالحٍ للشّربِ،

تُجفلُ الأنهارُ في وجوهِ أهلها،

وتقفلُ الحقولُ في وجوهِ زارعيها فرجَها.

يصيرُ صوتُهُ في مجلسِ الأمنِ –كما أردتمْ – ضدّهُ،

وضدهُ يصيرُ خالهُ وجارهُ وجدّهُ،

كما يصيرُ عمهُ ..

كما تصيرُ أمّهُ!!

أعرفُ شأن من في الأرضِ أنكمْ

أولُ من قد فضّ علمُهُ مجاهلَ القمرْ

وأن كل خطوةٍ على ثراه ملككمْ،

وأنكم،

تمتلكونَ صكهُ:

الأحمرُ الذي عليهِ خافقٌ .. أحمركمْ،

الأزرقُ الذي يحاورُ السماءَ فوقه .. أزرقكمْ،

وكل لمسةٍ وهمسةٍ تؤنس ليلهُ .. من صُنعكمْ!

في جيبهِ هُويّةٌ منكم،

وفي دُروبِ الكونِ يستعملُ في ترحالهِ جوازكمْ.

* * *

يا سيدي،

إصنع إذا أردتَ بيتكَ الأبيضَ وسعَ الأرضِ،

وافرش ظلهُ لو شئتَ وُسعَ الكونِ،

والعب أنت والشّيطانُ في أرجائهِ ما شئتَ ..

إقطع ألسنَ الشّاكينَ،

والجمْ أدمعَ الباكينَ،

حركْ من تُريدْ.

"كشَّ" الوزيرَ واقتلِ الملك!

أعد إذا رغبتَ قتلَ من قتلتَ ،

كل من على يديكَ قد هلكْ.

سوّر على الأمطارِ ألفَ سورٍ أسودٍ كالشرّ،

حوّل أكلنا زفتاً وخبزنا صديدْ!

حول مياهنا ملحاً إذا رغبتَ، واجلدِ الأممْ،

بكل ما لديكَ،

واغتصبْ ما شئتَ من قممْ.

وفصّل الوجودَ حسبما تريد.

وازهُ علينا ما اشتهيتْ،

وافرش أمام الكونِ ريشكَ البَهيّ ..

واعتلِ أمامَ عينِ الله ما ابتنيتْ!

يا سيدي،

لن تسرقوا في الأرضِ دورَ الله ..

عَدلُنا يدنو بنا من ظلّهِ ..

وأنت لن تكون، لن تكون، لن تكونَ، لن تكونَ،

دون عدل، غير مارق،

ولن تصير دون عدل غير عابث،

وسوفَ ينتهي الزّمانُ

حلوهُ ومرهُ،

وكذبه وصدقهُ ..

ويختفي من أعين الدنيا،

كما اختفى من قبلنا ..

ومثلما تكون في غدٍ قد انتهيتْ!

من غيركم قد حرمَ الأطفالَ

في بلادنا من بهجةِ الطّفوله؟

واستبدلَ الأحلام في مهودهم بضجةِ الرّصاصِ؟

حتى صارت الأقلام في أكفّهمْ حجارةً،

والكتب التي تغصّ في حقائب الدراسةِ الصّغيرةِ الجميله،

قد غيرتْ أقوالها:

فالجيمُ ليست جملاً!

والحاءُ ليست حملاً!

والعينُ قد تحولتْ من عاملٍ إلى عبوّةٍ ناسفةٍ ..

والقافُ في يديهِ الحلوتينِ والصّغيرتينِ،

قد تبدلت وأصبحت قنبلةً غاضبةً ..

والدّربُ نحو الصف غيرَ اتجاههُ القديمَ،

صار دربَ الموتِ والبُطوله!

* * *

رأيتكم بالعينِ تطعنونَ ظل الله

عندما تبكونَ قِطةً تموتُ،

ثم لا تبكون جيلاً كاملا من الأطفالِ تدهسونهُ

وتطلقونَ تحت عين الله في تجبرٍ كلابَ الجوعِ والفنا

كواسراً تنهش لحم شعبٍ كاملٍ،

تنثّ سمها في لحمه و عظمهِ..

وبيتهِ وحقلهِ

ورزقهِ وزيتهِ

* * *

يا سادةَ البيتِ اعدلُوا،

أو فاعدلوا

* * *

ما لم أقلهُ بعدُ شيءٌ واحدٌ:

حتى يجيئنا يوما من الأيامِ

من يصدّكمْ،

يوقِفكم عن غيّكمْ،

تبّا لكمْ.