بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
عـنـدمـا نـفـقــد شـهـيـَّة الـحَـيـاة.. (شهادة) د. عـبـد القـادر حسـين ياسين*
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عـنـدمـا نـفـقــد شـهـيـَّة الـحَـيـاة.. (شهادة) د. عـبـد القـادر حسـين ياسين*
عـنـدمـا نـفـقــد شـهـيـَّة الـحَـيـاة.. (شهادة)
د. عـبـد القـادر حسـين ياسين*
استيقظت ذات صباح، فإذا بي أحس بأن بي صداعاً.
أهذا ممكن.. أن يستيقظ المرء من نومه وبه صداع؟
حملت نفسي وذهبت الى الطبيب ...
فـفحصني ووجه إليّ أسئلة، ثم قال :
"سأتركك أسبوعــاً، فإن لم يتحسن وضعـك، عـد إليّ".
وإذ لم يتحسن وضعي عـدت الى الطبيب ، فقال:
"سأرسلك الى المستشفى الجامعي لينظر في حالتك الطبيب المختص بالأمراض العـصابية".
وبعد موعدين مع الطبيب المختص، تخللهما اجراء تخطيط شعاعي لدماغي،
توصل البروفسور الاختصاصي الى أن صداعي المستمر،
الذي سماه صداعاً مزمناً ناجم عن مزاجي القلق والمتوتر.
ووصف لي دواء يُعطى لمن يعانون من الكآبة.
رُحتُ أسائل نفسي :
هل أنا أشكو من كآبة من دون علمي؟
قلت ربما، بحكم تقدّمي في السن،
الذي يجعلني أفكر في أيامي المعـدودات.
لكن أغـرب ما في الأمر أن ورقة الدواء الذي وصفه لي،
لفتت انتباهي الى الحقيقة المرعبة الآتية:
"إذا كنت تشكو من كآبة ، و/أو تشكو من قلق،
فإنك قد تفكر أحياناً في ايذاء نفسك.
هذا الإحساس يزداد في بداية استعمالك العلاجات المضادة للكآبة.
ولأن هذه الأدوية تتطلب وقتاً لكي تؤدي مفعولها،
فأنت في أغـلب الاحتمالات ستفكر في انهاء حياتك.
وهذا يحدث مع الشباب ممن هم دون الخامسة والعشرين بصفة خاصة،
من ذوي الهموم النفسية، ممن عولجوا بالأدوية المضادة للكآبة".
تـنـفـستُ الصعـداء لأنني لست دون الخامسة والعشرين...
لكن ماذا يتعين عليّ أن أفعل..
هل أتناول هذا الدواء المخيف، أم أهمله؟
قررت أن أتناوله ...
والآن، مضى شهر وأنا أتناول هذا العقار المضاد للكآبة،
ولم أشعربأي تحسن ، كما لم تراودني فكرة الانتحار!
ودخل في روعي انني سأتعايش مع صداع رأسي.
لكنني أشـعر بأن طاقتي على الكتابة ضعـفـت،
في الوقت الذي بدأت أفكر في انجاز عدد من مشاريعي الأكاديمية المؤجلة.
لحسن الحظ أنني استطعت انجاز 70% من "الموسوعـة السـياسية للصـراع الفلسـطيني ـ الاسـرائيلي" التي أعـمـل عـلى إنـجـازهـا بالإنـجـليزية مـنـذ أكثر من عـشـر سـنوات.
أما المواضيع التي بقيت مؤجلة، فمن بينها الكتابة عن" تاريخ الأديان" ،
و"فـلسـطين في عشـرة آلاف عـام" ، و "تـاريخ مـا أغـفـلـه التـاريخ" ،
و "نـحـن وهـُمّ : تأمـلات في الـعـنـصـرية"....
فهل سيكون في وسعي أن أكتب عن أي من هذه المواضيع، وبأيها أبدأ؟
ليس في طاقتي الكتابة الآن عن الـعـنصـرية وأنا أعاني من صداع على مدار الساعة.
ومع أن التاريخ كان موضوع اختصاصي، ومع أنني درسته على مدى ثلاثين عاماً،
إلاّ أن وضعي الصحي الحالي ليس ملائماً للكتابة عن "تـاريخ مـا أغـفـلـه التـاريخ".
وهذا يحزّ في نفسي، لأن علاقتي بالتاريخ حميمة جداً...
وكنت أفكر دائماً في الـتـفـرغ للإنـتـهـاء من كتاب"تـاريخ الأديان" ،
بيد أن ذلك كان سيكون على حساب كتاباتي الأخرى،
التي كانت تلح عليّ بلا انقطاع.
كتبت كثيراً في الـفـلسـطينـيـَّـات، ربما أكثر من أي موضوع آخر،
لكنني لا أشعر أنني استوفيت الموضوع حقه.
كما انني لم أقرأ شيئاً - في حدود اطلاعاتي المـتـواضـعـة ـ أشبع فضولي عن فلسفة الأديـان.
لذلك أشعر أن هناك نقصاً أو خللاً في ثقافتي الـدينيـة،
وهو أنني لم أقف بما فيه الكفـاية على الأبعاد الفلسفية للـدين.
فما زلت أشعر أنني بحاجة الى فهم أعـمق لـتلـك الخـلجـات ،
التي تـعـصـف بالنفس البشـرية في صـراعـهـا الأزلي لإقـتـحـام الغـيب..
وما زلت أفكر في تلك المقولة الخالدة للفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه،
في كتـابه القـيـِّم Also sprach Zarathustra "هـكـذا تـكـلـم زرادشت...":
"المـؤرخ المفضل لديّ هو من يعرف آلام السعادة الحقة فقط،
وليس غيرها من آلام. ولم يوجد مؤرخ كهذا حتى الآن".
هذه المقولة تنطوي على أعمق المعاني .
هنا يجمع نيتشه بين الألم والسعادة في تـدوين التاريخ.
ليس من المغالاة القول بأنني لم أجد تعبيراً في مثل عمق هذه المقولة
(ويبدو أنها لا تصدر إلا عن شاعر وفيلسوف ومجنون مثل نيتشه!)،
وهذا يدعـوني الى الاعتقاد بأن أروع المؤلـفـات ،
هي تلك التي تـسـتـنهـض فـينـا احساساً بالكآبة،
كآبة من طراز متعالٍ، إذا جاز القول.
ويروق لي البحث في فلسفة التاريخ والأديان من هذا المنطلق.
لكن الصداع المُلازم الآن يُقعـدني عن تحقيق هذا المشروع.
ولا أدري إذا كانت ستتاح لي الفرصة للكتابة عنه.
بالأمس ذهبت للمرة الثالثة الى المسـتشـفى الجامعي في غـوثنبيرغ ،
وتـحـدثت مطولا مع أستاذ أخصائي في جراحة الدماغ.
"أنت على حافة الهاوية"، قال لي الجراح بعدما عاين وفحص.
نظرت إليه متسائلاً.. فأعاد كلامه بنبرة حازمة خالطها بعض الأسى.
لم يسبق له أن حـدثي بهذه الطريقة من قبل.
كان حينما أراجعه يكتفي بأن يطلب إليّ تناول حبة دواء معـينة.. أو يقول لي ببساطة:
"ابتعـد عمَّا يوتِّر وخـذ قـسطاً من الراحة...!"
لكن كلامه هذه المرة كان مختلفاً وهو يـُشدّد على ما تستدعـيه حالتي من انتباه.
وحينما أصر على توصيلي إلى البوابة الخارجية للمستشفى بدا لي وكأنه يـُودعـني.
لم أخف يوماً من الموت..
بل لم أحسب له حساباً حينما كنت قاب قوسين أو أدنى منه.
وأقصى ما فكرت فيه حينها أن يسمح لي بمهلة،
ريثما أنتهي من إنـجـاز "الموسوعـة السياسية للصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي" ،
وريثما تمتلىء عيني ممن ومما أحب، ثم أرحل بهدوء كغيمة عابرة.
لكنني أنزعج حينما يتعلق الأمر باحتمال ضعف يصيبني ،
وما يعنيه من افتقاد قدرة وعجز.
وهي حالة لا أرغب أبداً في تجربتها.
وفي الحقيقة لم يكن كلام الطبيب هو ما أوحى إليّ بهذا الشعور المزعج،
بل معاينتي لنفسي خلال الفترة الماضية ،
وملاحظتي ما حل بي من وهن فقدت معه القدرة على التفاعل..
وفـقـدت ما هو أكثر:
شـهـيـة الحـيـاة.
* كاتب وأكاديمي فلسطيني مقيم في السويد.
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 485
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
رد: عـنـدمـا نـفـقــد شـهـيـَّة الـحَـيـاة.. (شهادة) د. عـبـد القـادر حسـين ياسين*
مقال يحتاج إلى أكثر من وقفة!! بارك الله فيكما ، الكاتب والناشر..تحيتي وتقديري..
محمد الصالح الجزائري- عضو جديد
- الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 40
تاريخ الميلاد : 02/06/1959
تاريخ التسجيل : 11/08/2013
العمر : 65
رد: عـنـدمـا نـفـقــد شـهـيـَّة الـحَـيـاة.. (شهادة) د. عـبـد القـادر حسـين ياسين*
محمد الصالح الجزائري كتب:مقال يحتاج إلى أكثر من وقفة!! بارك الله فيكما ، الكاتب والناشر..تحيتي وتقديري..
نعم أستاذي العزيز @محمد الصالح الجزائري هذا المقال يحتاج وقفة كبيرة
سيما أن الكاتب صدقًا فقد شهيته للكتابة على ما يبدو وطبعًا للحياة
كان الله في عوننا جميعًا
كل التحايا أستاذي الفاضل
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 485
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
مواضيع مماثلة
» أمة من الخراف بقلم الدكتور عـبـد القـادر حسـين ياسين
» عـَـقـل لا يـَعــتـرف بـ "تـاء التأنـيـث"... الـدكتـور عـبـد القـادر حسـين ياسـين
» ثــَقـافـة الصّـورة وإسـتـلاب الـعـُـقـول االـدكـتـور عـبـد القـادر حسـين ياسـين
» الصّورَة النـَمَطية للاسلام والمسلمين في أوروبـا // الدكتـور عـبـد القـادر حسـين ياسـين
» 98 عـامـاً مـن الـظــلـم الـتـاريـخـي الدكتور عبـد القـادر حسـين ياسين
» عـَـقـل لا يـَعــتـرف بـ "تـاء التأنـيـث"... الـدكتـور عـبـد القـادر حسـين ياسـين
» ثــَقـافـة الصّـورة وإسـتـلاب الـعـُـقـول االـدكـتـور عـبـد القـادر حسـين ياسـين
» الصّورَة النـَمَطية للاسلام والمسلمين في أوروبـا // الدكتـور عـبـد القـادر حسـين ياسـين
» 98 عـامـاً مـن الـظــلـم الـتـاريـخـي الدكتور عبـد القـادر حسـين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 4 ديسمبر 2024 - 11:30 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة