بحـث
من أنا ؟
![](https://i.servimg.com/u/f97/14/42/89/14/ao_210.jpg)
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
التلذذ باحتقار الآخرين.. د. عبد القادر ياسين
صفحة 1 من اصل 1
التلذذ باحتقار الآخرين.. د. عبد القادر ياسين
الـتـَـلـَذُذ بإحـتـقـار الآخـريـن
د. عبد القادر حسين ياسين
02/11/2019
الـدكـتـور تـيـلـو زاراتسين رجل أعـمـال ألـمـاني،
ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الديـمـوقراطي، ثاني أكبر الأحزاب الألمانية.
تولى وزارة المالية فترةً في ولاية برلين،
وهو الآن عضو في مجلس إدارة البنك المركزي الألماني.
ليس هو، إذاً، باليميني المتطرف أو الجاهل أو الأحمق.
كتب زاراتسين كتاباً يحمل عنوان Deutschland schafft sich ab "ألمـانـيـا تـلـغـي نـفـسـهـا"،
ومنذ أن طبعت صحـيـفـة "بـيـلـد" Bild Zeitung فصولاً منه قبل صدوره،
ووسائل الإعلام لا حديث لها إلا عن الكتاب.
أحدث الكتاب منذ الإعلان عنه ضجة إعلامية ليس لها مثيل، يحسده عليها أي أديب.
وفي تلك الأثناء أصدر شيخ الروائيين الألمان غونتر غراس ،
رواية جديدة لم يكد أحد يلتفت إليها، ولم تتناولها الصحف إلا على استحياء.
فما سر الجدل المثار حول " ألمـانـيـا تـلـغـي نـفـسـهـا "؟
يقول زاراتسين في كتابه ببساطة إن ألمانيا في طريقها إلى الانحدار والانهيار،
فالغباء ينتشر في المجتمع لأن المهاجرين والألمان ،
من الطبقات الدنيا ذوي الثقافة الضحلة والذكاء المحدود ،
ينجبون أطفالاً أكثر من الألمان المتعلمين المثقفين،
أي أن خريجات الجامعات ينجبن أقل من اللازم،
بينما تنجب النساء غير المتعلمات اللاتي يتلقين المعونة الاجتماعية أكثر من اللازم.
ولأن "جينات الذكاء" تورث، فإن الغباء يورث،
وهكذا تسير ألمانيا على طريق الانحدار،
والمذنبون هم الأجانب الذين يخفضون ،بذكائهم المحدود، معدلات الذكاء في البلاد.
إنهم يرفضون الاندماج ويستنزفون موارد الدولة،
لأنهم غير منتجين يعيشون على المعونات الاجتماعـية.
ويخص زاراتسين بالذكر المهاجرين من أصل تركي وعربي ،
الذين يتمتعـون بمعدلات إنجاب عالية، وينجبون "فتيات بحجاب على الرأس".
المهاجرون الأتراك والعرب، أي المسلمين، هكذا يقول تيلو زاراتسين ، يغزون ألمانيا،
ويفضلون أن يعيشوا في "مجتمعات متوازية" يترعرع فيها الأطفال،
ومعهم العنف والأصولية.
وما السبب في عدم اندماجهم؟
إنها "مشكلة ثقافية"، يرد زاراتسين.
مـشـكـلـة ثـقـافـيـة
هي بالفعل مشكلة ثقافية،
غير أن تناول تيلو زاراتسين لها ينحو إلى الشعبوية، بل والعنصرية.
وليست هذه الآراء بجديدة، فمنذ فترة يصدم المؤلف الرأي العام الألماني ،
بآرائه التعميمية والتبسيطية عن الأجانب،
مخاطباً بذلك قطاعات عريضة من الشعب الألماني،
يوافقونه سراً أو علناً على آرائه.
هـذه "النظريات" تتحدث عن مشكلات ملحة قائمة بالفعل،
ومَن يسِرْ في بعض أحياء برلين مثل حي «نويكولن»،
أو مَن يقرأ عما يحدث في بعض المدارس ،
التي يكوّن فيها أبناء الأتراك والعرب غالبية ،
مثل مدرسة «روتلي» في برلين،
فلا بد من أن يقر بوجود هذه المشاكل التي تجاهـلتها السياسة الحكومية طويلاً،
لأنها كانت تنظر إلى الأجانب الذين استقدمتهم في الخمسينات والستينات،
على أنهم Gast Arbeitert"عمال ضيوف"، والتسمية هنا دالة وبليغة.
آنذاك، أيام التشغيل الكامل والمعجزة الاقتصادية،
جاء إلى ألمانيا مئات الآلاف من العمال الأجانب،
جلبوا بعد فترة عائلاتهم، من دون أن يفكر أحد في إدماجهم في المجتمع،
فهم ضيوف، سيرحلون يوماً مثلما جاؤوا،
كما أن العمال أنفسهم كانوا ربما ينتظرون يوم العودة إلى أوطانهم الأصلية.
"كنا نبحث عن قوى عاملة، فجاء بشر"،
هـكذا عبّر الأديب السويسري ماكس فريش آنذاك عن تلك القضية،
أما السيد زاراتسين فلا يتساءل عن أسباب المشكلة السوسيولوجية،
إنه يبحث عن مذنبين وأكباش فداء،
وسرعان ما يجدهم في فئة تبدو مشاكلها ظاهرة وواضحة للعيان.
يـتـحـدث السيد زاراتسين عن غياب الاندماج ومشكلات المجتمعات المتوازية ،
بلغة تبتعد عن مفردات "الصوابية السياسية" السائدة،
ولذلك يصل إلى العامة التي سئمت ذلك الخطاب ،
الذي لا يسمي أحياناً الأشياء بمسمياتها،
فيحصد على الفور مديحاً وتصفيقاً من كثيرين،
ليس فقط من جانب اليمين المتطرف الذي دعاه إلى الانضمام إلى حزبه.
يـُـقـسـّـم كتاب زاراتسين المجتمع الألماني إلى نصفين،
نصف يجهر بتأييده لآراء الكاتب،
والنصف الآخر يقول إنه يرفضها، والله أعلم بالسرائر.
وكلما زاد هجوم الساسة عليه ، مطالبين بطرده من الحزب الاشتراكي ،
وفصله من البنك المركزي، ازداد إعجاب الناس بهذا "المفكر الجريء"،
الثابت على موقفه، لا سيما وهم يرون السياسيين يتقلبون من موقف إلى آخر،
يعدّلون اليوم أو يلغون ما قرروه بالأمس .
لا يفعلون ذلك لاقتناعهم بخطئهم أو لوجود أسباب موضوعية تحتم التصحيح،
بل لأنهم اكتشفوا أن قراراتهم لم تحز الشعبية الكافية،
وأنها كلفتهم أصواتاً انتخابية هم في أمس الحاجة إليها.
أما زاراتسين فإنه يصرّح بما يلمّح به كثيرون،
ويكتب ما يقـوله البسطاء، ويبقى ثابتاً على موقـفـه.
كتاب زاراتسين لن يوفر مناخاً أفضل للاندماج،
ولن يجعل المهاجرين المسلمين يتركون البلاد،
ولكنه يتحدث علانيةً عن المخاوف التي تسكن الأكثرية:
الخوف من الانحدار وفقدان الثروة ورغد العيش.
وبـعــد ؛
يـُـنـفـّـس زاراتسين عن غضب الكثيرين في هذه الأزمة الاقتصادية،
ويشير بإصبعه على مذنب ينظر إليه كثيرون ،
على أنه بالفعل مذنب ومتطرف ومتعصب.
أما المستفيد الأول فهو المصرفي زاراتسين وكتابه ،
الذي سيُعاد طبعه عشرات المرات في غضون أشهر قليلة.
إنهـا بالـفـعـل أزمة ثـقـافـيـة.
د. عبد القادر حسين ياسين
د. عبد القادر حسين ياسين
02/11/2019
الـدكـتـور تـيـلـو زاراتسين رجل أعـمـال ألـمـاني،
ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الديـمـوقراطي، ثاني أكبر الأحزاب الألمانية.
تولى وزارة المالية فترةً في ولاية برلين،
وهو الآن عضو في مجلس إدارة البنك المركزي الألماني.
ليس هو، إذاً، باليميني المتطرف أو الجاهل أو الأحمق.
كتب زاراتسين كتاباً يحمل عنوان Deutschland schafft sich ab "ألمـانـيـا تـلـغـي نـفـسـهـا"،
ومنذ أن طبعت صحـيـفـة "بـيـلـد" Bild Zeitung فصولاً منه قبل صدوره،
ووسائل الإعلام لا حديث لها إلا عن الكتاب.
أحدث الكتاب منذ الإعلان عنه ضجة إعلامية ليس لها مثيل، يحسده عليها أي أديب.
وفي تلك الأثناء أصدر شيخ الروائيين الألمان غونتر غراس ،
رواية جديدة لم يكد أحد يلتفت إليها، ولم تتناولها الصحف إلا على استحياء.
فما سر الجدل المثار حول " ألمـانـيـا تـلـغـي نـفـسـهـا "؟
يقول زاراتسين في كتابه ببساطة إن ألمانيا في طريقها إلى الانحدار والانهيار،
فالغباء ينتشر في المجتمع لأن المهاجرين والألمان ،
من الطبقات الدنيا ذوي الثقافة الضحلة والذكاء المحدود ،
ينجبون أطفالاً أكثر من الألمان المتعلمين المثقفين،
أي أن خريجات الجامعات ينجبن أقل من اللازم،
بينما تنجب النساء غير المتعلمات اللاتي يتلقين المعونة الاجتماعية أكثر من اللازم.
ولأن "جينات الذكاء" تورث، فإن الغباء يورث،
وهكذا تسير ألمانيا على طريق الانحدار،
والمذنبون هم الأجانب الذين يخفضون ،بذكائهم المحدود، معدلات الذكاء في البلاد.
إنهم يرفضون الاندماج ويستنزفون موارد الدولة،
لأنهم غير منتجين يعيشون على المعونات الاجتماعـية.
ويخص زاراتسين بالذكر المهاجرين من أصل تركي وعربي ،
الذين يتمتعـون بمعدلات إنجاب عالية، وينجبون "فتيات بحجاب على الرأس".
المهاجرون الأتراك والعرب، أي المسلمين، هكذا يقول تيلو زاراتسين ، يغزون ألمانيا،
ويفضلون أن يعيشوا في "مجتمعات متوازية" يترعرع فيها الأطفال،
ومعهم العنف والأصولية.
وما السبب في عدم اندماجهم؟
إنها "مشكلة ثقافية"، يرد زاراتسين.
مـشـكـلـة ثـقـافـيـة
هي بالفعل مشكلة ثقافية،
غير أن تناول تيلو زاراتسين لها ينحو إلى الشعبوية، بل والعنصرية.
وليست هذه الآراء بجديدة، فمنذ فترة يصدم المؤلف الرأي العام الألماني ،
بآرائه التعميمية والتبسيطية عن الأجانب،
مخاطباً بذلك قطاعات عريضة من الشعب الألماني،
يوافقونه سراً أو علناً على آرائه.
هـذه "النظريات" تتحدث عن مشكلات ملحة قائمة بالفعل،
ومَن يسِرْ في بعض أحياء برلين مثل حي «نويكولن»،
أو مَن يقرأ عما يحدث في بعض المدارس ،
التي يكوّن فيها أبناء الأتراك والعرب غالبية ،
مثل مدرسة «روتلي» في برلين،
فلا بد من أن يقر بوجود هذه المشاكل التي تجاهـلتها السياسة الحكومية طويلاً،
لأنها كانت تنظر إلى الأجانب الذين استقدمتهم في الخمسينات والستينات،
على أنهم Gast Arbeitert"عمال ضيوف"، والتسمية هنا دالة وبليغة.
آنذاك، أيام التشغيل الكامل والمعجزة الاقتصادية،
جاء إلى ألمانيا مئات الآلاف من العمال الأجانب،
جلبوا بعد فترة عائلاتهم، من دون أن يفكر أحد في إدماجهم في المجتمع،
فهم ضيوف، سيرحلون يوماً مثلما جاؤوا،
كما أن العمال أنفسهم كانوا ربما ينتظرون يوم العودة إلى أوطانهم الأصلية.
"كنا نبحث عن قوى عاملة، فجاء بشر"،
هـكذا عبّر الأديب السويسري ماكس فريش آنذاك عن تلك القضية،
أما السيد زاراتسين فلا يتساءل عن أسباب المشكلة السوسيولوجية،
إنه يبحث عن مذنبين وأكباش فداء،
وسرعان ما يجدهم في فئة تبدو مشاكلها ظاهرة وواضحة للعيان.
يـتـحـدث السيد زاراتسين عن غياب الاندماج ومشكلات المجتمعات المتوازية ،
بلغة تبتعد عن مفردات "الصوابية السياسية" السائدة،
ولذلك يصل إلى العامة التي سئمت ذلك الخطاب ،
الذي لا يسمي أحياناً الأشياء بمسمياتها،
فيحصد على الفور مديحاً وتصفيقاً من كثيرين،
ليس فقط من جانب اليمين المتطرف الذي دعاه إلى الانضمام إلى حزبه.
يـُـقـسـّـم كتاب زاراتسين المجتمع الألماني إلى نصفين،
نصف يجهر بتأييده لآراء الكاتب،
والنصف الآخر يقول إنه يرفضها، والله أعلم بالسرائر.
وكلما زاد هجوم الساسة عليه ، مطالبين بطرده من الحزب الاشتراكي ،
وفصله من البنك المركزي، ازداد إعجاب الناس بهذا "المفكر الجريء"،
الثابت على موقفه، لا سيما وهم يرون السياسيين يتقلبون من موقف إلى آخر،
يعدّلون اليوم أو يلغون ما قرروه بالأمس .
لا يفعلون ذلك لاقتناعهم بخطئهم أو لوجود أسباب موضوعية تحتم التصحيح،
بل لأنهم اكتشفوا أن قراراتهم لم تحز الشعبية الكافية،
وأنها كلفتهم أصواتاً انتخابية هم في أمس الحاجة إليها.
أما زاراتسين فإنه يصرّح بما يلمّح به كثيرون،
ويكتب ما يقـوله البسطاء، ويبقى ثابتاً على موقـفـه.
كتاب زاراتسين لن يوفر مناخاً أفضل للاندماج،
ولن يجعل المهاجرين المسلمين يتركون البلاد،
ولكنه يتحدث علانيةً عن المخاوف التي تسكن الأكثرية:
الخوف من الانحدار وفقدان الثروة ورغد العيش.
وبـعــد ؛
يـُـنـفـّـس زاراتسين عن غضب الكثيرين في هذه الأزمة الاقتصادية،
ويشير بإصبعه على مذنب ينظر إليه كثيرون ،
على أنه بالفعل مذنب ومتطرف ومتعصب.
أما المستفيد الأول فهو المصرفي زاراتسين وكتابه ،
الذي سيُعاد طبعه عشرات المرات في غضون أشهر قليلة.
إنهـا بالـفـعـل أزمة ثـقـافـيـة.
د. عبد القادر حسين ياسين
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 481
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
![-](https://2img.net/i/empty.gif)
» تـأمـلات في الـجـهــل و “الـجـهـلـولـوجـيــا..!!”د. عبد القادر ياسين
» العــَذاب الـفـِلـِسـطـيـنـي د. عبد القادر حسين ياسين
» ابن رشد القرن العشرين .. د. عبد القادر ياسين
» عـولـيـــس الـفـِلــِســـْطـيـني د. عبد القادر حسين ياسين
» أقـَلّ من كـَلـب...! د. عبد القادر حسين ياسين
» العــَذاب الـفـِلـِسـطـيـنـي د. عبد القادر حسين ياسين
» ابن رشد القرن العشرين .. د. عبد القادر ياسين
» عـولـيـــس الـفـِلــِســـْطـيـني د. عبد القادر حسين ياسين
» أقـَلّ من كـَلـب...! د. عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
» ليلاي ومعتصمها
» غزلك حلو
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
» تحركوا أيها الدمى
» لوحة
» كنتَ مني وكنتُ منك !
» في مولد الهادي
» أحلم بالعيد
» فضل يوم عرفة
» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
» رباعيات عمر الخيام .
» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
» اعشق البحر
» ليل وعسكر .
» الغريب
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
» عاتبني أيها القمر !
» امرأة من زمن الأحلام
» زوابع الياسمين
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي