بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
" رسائل شارل بودلير "// الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
صفحة 1 من اصل 1
" رسائل شارل بودلير "// الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
[h4]
" رسائل شارل بودلير "// الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
قبل أيـام كنت في زيارة لصـديق ســويـدي ،
( وهو "دودة كتـب" ـ كما يقول الألمـان) ،
وأراني نسـخة من كتاب هو الطبعة الأولى من ،
"رسائل شارل بودلير" للشـاعـر والنـاقـد الفرنسي الكبيرCharles Baudelaire.
وقال لي أنـه إشترى الكتاب من أحـد معـارفـه ،
يعاني من ضـائقـة ماليـة بـ "1400 كراون سويدي فقـط!"
( حوالي 200 دولار أمريكي).
طلبت اليه أن يعيرني الكتاب ، فوافق بعـد تردد...
قررت ان اقرأه كلمة كلمة ، وسطرا سطرا ،
ذلك أنني لم أقـرأ الكثير لشارل بودلير،
أحد أعظم شعراء فرنسا الذي اشتهر بديوانـه "أزهـار الشـَّر" Fleurs du Mal...
معظم الرسائل من شارل بودلير الى امه.
في السطور الأولى ، يعتذر عن فقر حاله.
وفي الفقرة التالية يطلب منهـا المساعـدة.
وفي نهاية الرسـالة يسألها ان ترسل اليه "بضعة شراشف نظيفة" ،
لأنه ينام بلا اغطية ولذلك اصيب "بالبرد والزكام".
يبدأ بودلير رسائله بالكتابة الى شقيقه الاكبر ،
ليخبره ان شوارع ليون" سوف تضاء عما قريب بمصابيح الغاز".
الناس تهلل لذلك. ونحن في فرنسا 1839. ونهر الرون لا يزال يتفجر ويطوف على الجانبين.
ثم يبدأ بودلير بالكتابة الى أمه.
كم يشعر بالحنين اليها.
وسوف يبدأ الكتابة قريبا في صحيفة اسبوعية،
ولذا يطلب من أمه ، ومن جميع معارفها ، الاشتراك في الصحيفـة تشجيعاً له.
وبعد أعـوام، في نهاية الاربعينات من ذلك القرن،
لا يزال يطلب من أمه المساعـدة.
ويكتب اليها بالتفصيل الممـل " الدخل والمصاريف".
إنه في حاجة ماسـة الى" ستة آلاف فرنك في العام!"
أجـل ، سـتة آلاف فرنك في العام ، أي ما يعـادل ثلث المبلغ ،
الذي دفعـه الصـديق السـويدي ثمنا لنسخة واحدة من كتبه العادية.
يعيش الكتاب والفنانون فــقـراء بلا دخول،
ثم تتحول أعمالهم الى ثروات لا نهاية لها.
لا شيء في العالم، لا شيء، تضاعــفـت أسعاره بالنسبة التي تضاعفت فيها ،
أسعار لوحات الرسـام الهولنـدي "فـنسـنت فان غـوغ Vincent Van Gogh،
او الرسـام والعـالم الايطالي ليوناردو دافنشي Leonardo da Vinci ،
التي اصبحت خارج نطاق أي تسعـير او عرض او طلب.
والأعــمال التي لم تكن تعثر على من يطلبها لم تعـد في منال من يطلبها من الافراد.
والرجل الذي أصبح توقيعه على ورقة يساوي عشرات الآلاف من الدولارات،
كتب الى أمه في التاسع من شـباط عـام 1857 ما يلي :
"أما بالنسبة اليك، أمي العزيزة، فيجب أن أعترف بأنني لم افهم من رسالتك شيئا.
لا شيء اطلاقا سوى الاهانات ...
انني اعيش في وحدة قاتلة، وقلق دائم ،
وانت تضيفين الى كل ذلك الاهانات ...
لا تقلقي، سوف أعثر غـدا على 500 فرنك من أي مكان...".
بيـد أن قلق بودلير نفسه كان بلا نهاية،
مع أن المحافل الأدبية كانت قد بدأت تعترف به.
وذات يوم يكتب الى امه انه "انتهى للتو من كتاب جديد" ،
سوف يعتبر "في المستقبل" الى جانب "كبار الأعمال الأدبية" في فرنسا.
وتسخر أمه من هذا الادعـاء.
لكن الكتاب كان "أزهار الشر" الذي اصبح ، في الواقع ،
واحدا من اهم العناوين الشعرية في تاريخ فرنسا الأدبي.
مات شـارل بودلير فقيرا معـدمـاً ، وتائها وقلقا من الحياة.
ولم يكن يدري انه سيأتي يوم يبيع فيه تاجرآثـار فـنـلـنـدي ،
يعاني من ضـائقـة مالية نسخة عن رسائله الى امه ،
بمبلغ كان يعيش عليه طوال العام ....
الفارق بين الأدبـاء الأوروبيين والأدباء العرب،
أن الأوروبيين يعيشون فقـراء ويصبحون اثرياء بعـد الموت،
أمـا العـرب فيعانون من فـقـر مـدقع هنا ، وفقر مـدقـع هناك ...
فقر في كل مكان وزمان.
[/h4][h4]
" رسائل شارل بودلير "// الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
قبل أيـام كنت في زيارة لصـديق ســويـدي ،
( وهو "دودة كتـب" ـ كما يقول الألمـان) ،
وأراني نسـخة من كتاب هو الطبعة الأولى من ،
"رسائل شارل بودلير" للشـاعـر والنـاقـد الفرنسي الكبيرCharles Baudelaire.
وقال لي أنـه إشترى الكتاب من أحـد معـارفـه ،
يعاني من ضـائقـة ماليـة بـ "1400 كراون سويدي فقـط!"
( حوالي 200 دولار أمريكي).
طلبت اليه أن يعيرني الكتاب ، فوافق بعـد تردد...
قررت ان اقرأه كلمة كلمة ، وسطرا سطرا ،
ذلك أنني لم أقـرأ الكثير لشارل بودلير،
أحد أعظم شعراء فرنسا الذي اشتهر بديوانـه "أزهـار الشـَّر" Fleurs du Mal...
معظم الرسائل من شارل بودلير الى امه.
في السطور الأولى ، يعتذر عن فقر حاله.
وفي الفقرة التالية يطلب منهـا المساعـدة.
وفي نهاية الرسـالة يسألها ان ترسل اليه "بضعة شراشف نظيفة" ،
لأنه ينام بلا اغطية ولذلك اصيب "بالبرد والزكام".
يبدأ بودلير رسائله بالكتابة الى شقيقه الاكبر ،
ليخبره ان شوارع ليون" سوف تضاء عما قريب بمصابيح الغاز".
الناس تهلل لذلك. ونحن في فرنسا 1839. ونهر الرون لا يزال يتفجر ويطوف على الجانبين.
ثم يبدأ بودلير بالكتابة الى أمه.
كم يشعر بالحنين اليها.
وسوف يبدأ الكتابة قريبا في صحيفة اسبوعية،
ولذا يطلب من أمه ، ومن جميع معارفها ، الاشتراك في الصحيفـة تشجيعاً له.
وبعد أعـوام، في نهاية الاربعينات من ذلك القرن،
لا يزال يطلب من أمه المساعـدة.
ويكتب اليها بالتفصيل الممـل " الدخل والمصاريف".
إنه في حاجة ماسـة الى" ستة آلاف فرنك في العام!"
أجـل ، سـتة آلاف فرنك في العام ، أي ما يعـادل ثلث المبلغ ،
الذي دفعـه الصـديق السـويدي ثمنا لنسخة واحدة من كتبه العادية.
يعيش الكتاب والفنانون فــقـراء بلا دخول،
ثم تتحول أعمالهم الى ثروات لا نهاية لها.
لا شيء في العالم، لا شيء، تضاعــفـت أسعاره بالنسبة التي تضاعفت فيها ،
أسعار لوحات الرسـام الهولنـدي "فـنسـنت فان غـوغ Vincent Van Gogh،
او الرسـام والعـالم الايطالي ليوناردو دافنشي Leonardo da Vinci ،
التي اصبحت خارج نطاق أي تسعـير او عرض او طلب.
والأعــمال التي لم تكن تعثر على من يطلبها لم تعـد في منال من يطلبها من الافراد.
والرجل الذي أصبح توقيعه على ورقة يساوي عشرات الآلاف من الدولارات،
كتب الى أمه في التاسع من شـباط عـام 1857 ما يلي :
"أما بالنسبة اليك، أمي العزيزة، فيجب أن أعترف بأنني لم افهم من رسالتك شيئا.
لا شيء اطلاقا سوى الاهانات ...
انني اعيش في وحدة قاتلة، وقلق دائم ،
وانت تضيفين الى كل ذلك الاهانات ...
لا تقلقي، سوف أعثر غـدا على 500 فرنك من أي مكان...".
بيـد أن قلق بودلير نفسه كان بلا نهاية،
مع أن المحافل الأدبية كانت قد بدأت تعترف به.
وذات يوم يكتب الى امه انه "انتهى للتو من كتاب جديد" ،
سوف يعتبر "في المستقبل" الى جانب "كبار الأعمال الأدبية" في فرنسا.
وتسخر أمه من هذا الادعـاء.
لكن الكتاب كان "أزهار الشر" الذي اصبح ، في الواقع ،
واحدا من اهم العناوين الشعرية في تاريخ فرنسا الأدبي.
مات شـارل بودلير فقيرا معـدمـاً ، وتائها وقلقا من الحياة.
ولم يكن يدري انه سيأتي يوم يبيع فيه تاجرآثـار فـنـلـنـدي ،
يعاني من ضـائقـة مالية نسخة عن رسائله الى امه ،
بمبلغ كان يعيش عليه طوال العام ....
الفارق بين الأدبـاء الأوروبيين والأدباء العرب،
أن الأوروبيين يعيشون فقـراء ويصبحون اثرياء بعـد الموت،
أمـا العـرب فيعانون من فـقـر مـدقع هنا ، وفقر مـدقـع هناك ...
فقر في كل مكان وزمان.
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 485
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
مواضيع مماثلة
» الأشجار تموت واقفة // الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
» الـكــُتـب الـتـي لـم نـقـرأها بـعــد... الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
» العامل الأمـّي البسيط الـذي عـلـَّمني أبجـدية الـفـلـسـفـة!/ الدكتور عـبـد القادر حسـين ياسـين
» البـاحـث الـمـنـاضـل هـادي العـلوي :صـَرخـَة مـُسـتـَديـمة في وَجه الـظـلـم والعـُبـوديـّة/الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
» صـقـيع الـمـنـفـى د. عبد القادر حسـين ياسـين
» الـكــُتـب الـتـي لـم نـقـرأها بـعــد... الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
» العامل الأمـّي البسيط الـذي عـلـَّمني أبجـدية الـفـلـسـفـة!/ الدكتور عـبـد القادر حسـين ياسـين
» البـاحـث الـمـنـاضـل هـادي العـلوي :صـَرخـَة مـُسـتـَديـمة في وَجه الـظـلـم والعـُبـوديـّة/الدكتور عبد القادر حسـين ياسـين
» صـقـيع الـمـنـفـى د. عبد القادر حسـين ياسـين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 11:30 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة