نسمات حنين

نسمات حنين
نسمات الصباح تداعب وجهها، و تدنو منه في حنان، و تشعرها بأمان فقدته في جوفها... تلمح الأفق فتذّكر الماضي و تسترجع مجرياته بصعوبة بالغة، فتذكرت أمها و أهلها: يوم كانوا مجتمعين تحت سقف أسرتها التي قد خلت، و الأشجار بثمرها من شتى الألوان بهم قد أحاطت، و الصبية الذين يملؤون الأزقة بأصواتهم فتحسس بالحيوية و الفرحة التي استمرت....
و هي في غفلتها، إذ بجسم غريب يخترق جسمها، لم تكترث له، بل فاءت إلى أفكارها، و ظلت تمني نفسها، و ترجع إليها ذكرياتها التي انمحت.
سقطت أرضا، فاستيقظت من أفكارها غرباء على أرضها، و إخوانها النيام لم يبالوا بها.... يزداد ألمها، فتقاوم و تحيى من جديد، تنهض لتردع "غاصب" حقها، تقف لتعاتب "اللهاة" باسمها، و تستيقظ لتخبر العالم بقصتها، فقد كانت متأكدة من عودة الصبح و نسائمه، ومن رجوع الماضي و حقائقه، و من دنو الفرج و أهازيجه، وقرب النصر و تباشيره...
نعم أيتها الحنون، أنت الصامدة القوية، أنت الملحقة للغاصب المنية، أنت من آثرت "إخوانها" على نفسها التقية. حباك الله بمن هم أقوى و أصمد، و أتقى و أعدل. قلوبنا معك، و أيادينا للقادر مرفوعة، ترجو منه اللقيا بك بسرعة، فالقلب حزين و الروح موجوعة، لفراق أمنا المنزوعة، و لتيه العرب في الميوعة.
فنسأله تعالى الإجابة...
و يجنبنا المهابة...
و يعيد إلينا القدس المصابة...
فليست القوة بدبابة....
بل الحجر ينتصر بلا شك و لا ريبة...