أرأيتـها ضاقت علينا وحدنـا !!

لم أتجرأ يوماً وأشهر قلمي في وجه أخٍ لي أو شقيق عربي سوى نخبتنا المسؤولة المنبطحة لكن واجب المثقف " ولا أدعي أني مثقف " أن يكون ضميره إنسانياً ملتحم بشكل ملتزم وعضوي بمشاكل مجتمعه،حاضر دوماً في الميدان وعلى خط النار..صحيح أني كنت متحفظاً في فتح ملف هذه النكسة الحضارية لكني قررتُ أن أدافع عن طابوهاتنا،وأشهر قلمي في وجه من أراد أن ينكس مجدنا ويشوه شرف السيدة المغربية،أجـل هذا رد لأشقائنا المصريين والكويتيين حول الأعمال الدرامية التي روجت للصورة النمطية حول المرأة المغربية بإعتبارها مجرد كيان يتفنن في أصول تجارة الجسد ويبدع فنون الشعوذة والسحر..المسلسل الكرتوني الكويتي "أبو قتادة وأبو نبيل" والمسلسل المصري "العار" و"الوعد"..أعمال درامية صورت المرأة المغربية في أبشع تجليات الإنتكاس القيمي والأخلاقي،مجرد جسد يتهافت وتتكالب عليه الأجساد المشرقية لتلبية رغباتها وإشباع نزواتها الحيوانية..دراما تافهة سطحية سبق للعشرات من ضعيفي الموهبة إجترارها فهي ليست المرة الأولى التي نُهان فيها من طرف أشقائنا المشارقة ولن تكون بالطبع الأخيرة لكن كانت هاته الأعمال الـلافنيـة القطرة التي أفاضت الكأس..
دراما تعكس التدنٍ القيمي والسلوكي والفكري لأصحابها ولنخبة أدبية معينة وللأسف المرتزقة منهم والفقراء ثقافياً ومبدئياً هم من يسيطرون حالياً على المشهد الفني المشرقي،الإشكال المحوري لا يتعلق بهاته الأعمال الدرامية المشبعة بالواقعية الضنكة ولا في المنابر الإعلامية المشرقية التي تخال نفسها صانعة لحضارة العرب والمغاربة مجرد قوم تُبعْ يركبون الحميروعقولهم تعشعش فيها تقاليد السحر وفنيات الشعودة،الإشكال المركزي يتجلى في النظرة التعميمية وزاوية تحليل الظواهر الإجتماعية التي تعمق بُعد التعميم،فقد وقع هؤلاء اللامبدعين في وحل التعميم وللأسف فقد نجحوا بأن يرتقوا بهذه النظرة النمطية لمستوى الظاهرة..
صحيح أن ملف الدعارة وشبكاتها نعاني منه كأي مجتمع آخر ربما بنسب متفاوتة وصحيح أن هاته الأعمال الدرامية مواكبة للحاضر وإنعكاس لجزء من الحقيقة لكن تعميمها وترويجها كصورة نمطية فهذا الأمر الجلل؛وقبل أن أحمل قلمي أعلم وأؤمن أن الأعمال الأدبية مجرد تجلي جمالي لجملةٍ من الخواطر والأفكار لأصحابها ولا تسمو لمستوى النظرية العلمية فهي لا تدعي الشمول ولا تمثل الحقيقة،لكن أنبه النخبة الفنية أشقائنا المصريين والكويتيين أن تناول الظواهر الإجتماعية يكون بشكل فني وبشكل مبدع يرتقي بها،وليس الفن أن تعكس لي الواقع بالكمال والتمام فهذا من باب تحصيل الحاصل..فهناك إذن أسئلة تأصيلية وأخرى بديهية ملحة : أين تتجلى اللمسة الإبداعية في مثل هاته الأعمال الدرامية مادامت تعكس الواقع دون تناول فني أخلاقي لها ؟ ولماذا كل هذا الإهتمام المبالغ فيه فيما يتصل بالتغطية ومتابعة القضايا الإنحراف الأخلاقي والميوعة من طرف منابر إعلامية لطالما أساءت إلى المرأة المغربية ؟ ولماذا تتجاهل الدراما العربية التجارب الرائدة للمرأة المغربية ؟ وهل بتزييف صورة نسائنا سيجحفون من مكانة أحفاد أبطال معركة أنـوال ووادي المخازن ؟ لماذا يتجاهلون ويتعامون عن السيدة المغربية:العالمة الداعية،الفنانة الرائدة،الرياضية المتألقة،السياسية المقاومة،الحاملة لهم وطن بل أوطان ؟؟؟!!!
يكفي أن نقر بأن الإنتهازية تذر منافع مالية لن يذرها شقاء الوعي وحرقة الكتابة،لقد وقّعَ هؤلاء الأشقاء على موتهم الفكري والأخلاقي والموقفي..ومن هذا المنبر أقول أن الأمر تجاوز الظرفية بل صار جزء من فلسفة يراد لها أن تعم المنابر الإعلامية المشرقية وصرنا نعاني من نظرة مرضية من إخواننا المشارقة؛يكفي لأي متأمل وأي محلل لهاته الأعمال الدرامية أن يستشف عدم أمانة مهنية وعجز عن تبني قضايا حقيقية بموضوعية فلم يتورع أشقاؤنا من أن تعمي أعمالهم الفوضوية عيون إخواننا عن مشاعرنا وآلامنا فقط من أجل ذر المال وضمان الشهرة الزائفة بأعمال لا تصلح للمتابعة لو كانت حقيقية فما بالك لو كانت صرحا من خيـال لا يحتاج سوى نفخة هواء ليهوي...
أخيـراً أنبه أشقائنا المشارقة وأبلور موقفي أنا لن أرد عليهم بمثل ما أهـانونا ولن أضع مستوايا على كفة بمستواهم،لكن أقول نحن بحاجة إلى حوار صريح بين المشارقة والمغاربة نقاش جرئ حول من يتحمل المسؤولية وإلا صرنا لقمة سائغة للمشاريع الإمبريالية المتوحشة الغربية والصهيونية وسياستهم الممنهجة "فرق تسـود" لكن أكرر إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة..
وأسـفاه على هذا التردي الحضاري والقيمي الذي نحياه وأسـفاه..لكن وطني لا تجزع ولا تحزن تذكرْ إذا طعنك شخض من الخلف فإعلم أنك في الـمـقدمـة..

أجل هذا هو المنتظر منك سيدتي ميـساء
فأي إنسان سوي عاقل ذو ضمير إنساني سيرفض بالطبع
مثل هاته الأعمال بأي شكل من الأشكال وتحت أي ضغط من الضغوط
فمابالك بحقوقية مناضلة مثلك وإن كان المذنب أبناء جلدتك لكن نحن لا نستحي من الحق
هذا ما كنت أقصده بالعلاقة المتوثرة بين المغرب والمشرق حين قمتُ وإياك بكرسي الإعتراف
نحن نعيش بخضم أمم متخلفة بجميع المقاييس والمعايير بيننا وبين التحضر وتبني العلاقات الإنسانية السامية قرون ضوئية..وأسـفاه عليك يا أمتي ياأمـة ضحكت من جهلهـا الأمم