بحـث
من أنا ؟
![](https://i.servimg.com/u/f97/14/42/89/14/ao_210.jpg)
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
مشوار صاحب الناي.قصة بقلم : نصيرة تختوخ
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مشوار صاحب الناي.قصة بقلم : نصيرة تختوخ
عندما تعب صاحب الناي من التجوال في ربى القرية قصد بيدرا فارغا إلا من أكوام تبن بنيت بعناية وإتقان كصومعة عتيدة منتصبة على الأرض.
تمدد ووضع قبعته على وجهه و نام كحارس نهاري لمكان مقدس لا باب له و لا مدخل.
إستيقظ على وخز في ساقه و لفحة هواء بارد تضرب وجهه و هو يسقط القبعة.
خاطبه الواقف أمامه:' من أنت؟ وماذا تفعل هنا في هذا الوقت؟ '
فرد مرهقا ،مبتسما : 'أنا عابر سبيل ، لاأعرف شيئا عن الوقت الآن لكني كنت متعبا جدا فغفوت هنا '.
انتبه المزارع للناي على الأرض و لملامح صاحبه ، كانت فيها براءة عجيبة تشي بإنسانية لم تعلق بها الشوائب وزا دتها الابتسامة طيبة.
بعض الابتسامات تهزم كل الفضول و الحذر و تنجح في استصدار المعاملة الحسنة من أكثر النفوس ريبة، تقرب المسافات وتمهد بشفافيتها الطريق للتواصل.
قال المزارع : 'إذا لم تكن زائرا لبيت قريب من هنا فمرحبا بك ضيفا عندي هذا المساء ولك أن تقضي الليلة في بيتي إن شئت '.
و ترافق الاثنان إلى البيت الذي لم يكن يبعد عن البيدر إلا بأمتار .
أخبر المزارع زوجته بمقدم الضيف و سمعته من المطبخ يرحب به بعد ذلك في غرفة الجلوس.
لم تسمع لصاحب الناي صوتا واضحا وكأن الأبواب و الحيطان كانت تحتجز صوته .
وهي تعد الحساء، تقطع الخضر وتنقل سكينها من قطعة لحم لحبة جزر وحبة فلفل باغتها صوت ناي يقتحم عالمها.
عزف شجي فيه عيون تدمع وأيادٍ تتصافح ، فيه عناق و فراق وأشواق و غربة.
حاولت أن تركز في عملها، أن تتجاهل الذكريات أن تضع المقادير كما تعودت تباعا وحتى دون تفكير و لم تنجح.
في عزف الناي أيام عمر، فيه جروح و انكسار و هذا المكان الذي تتواجد فيه و الذي ظنت أنها ألفته غريب.
كل ما تلمسه أصابعها تحسه جديدا ، غير معهود ، لا تعرفه جيدا و لا يعرفها حقا.
عليها أن تنهي إعداد العشاء و هي تعمل على ذلك و تستمع .تمتزج أحاسيسها بلحظتها، بمهمتها، بواجبها و تتمنى لو يتوقف العزف و خلف أمنيتها تختبئ أمنية أخرى تتوسل بغير ذلك.
عندما قدم المزارع العشاء لضيفه نظر إلى صورة والده على الجدار كان شيخا مشهودا له بالكرم و الجود ، ملك الكثير لكنه أسعد الكثيرين بكرمه.
قال صاحب الناي أنه لم يذق طعم أكل كهذا في حياته و أن ما يقوله ليس أبدا من باب المجاملة واستحسن المزارع ذلك و هو يناول ضيفه طبقا من فواكه الموسم.
ظن أن صاحبه أنهى حديثه وكان هذا الأخير لا يزال في فمه كلام.
كان يريد أن يبوح أكثر ، أن يقول أن الطعام وكأن فيه تتبيلة سحرية تلائمت مع ذوقه إلى أبعد حد و لم يقل من ذلك شيء واكتفى بالاعتذار عن تناول الفاكهة.
في غرفة النوم أثنى المزارع على زوجته .أخبرها بانطباع الضيف وأجهشت بالبكاء.
كم كانت دموعها حارقة، مبهمة، تعجز اللسان عن السؤال و تمزق قلب من ينظر إليها.
مساء غريب ودموع غريبة وضيف غريب هذا كل ما نمت عنه عيون الزوج الحائر.
'غدا ياحبيبتي أو بعد غد كأقصى حد، سآخذك إلى المدينة ليوم أو يومين أو حتى ثلاثة ، ستزورين السينما أو إن شئت المسرح أو أي مكان تشتهين .
غدا يا حبيبتي أو بعد غد سأدللك كأميرة وإن أردت أكثر سيكون لك ذلك '.
قال المزارع كلماته هذه و هو يداعب شعر المستلقية المبعثر الناعم .ابتسمت و عيناها مغلقتان وكأنها ماضية في طريق المنام.
في الصباح الباكر غادر صاحب الناي البيت على عجل ، رفض أن يتناول فطوره رغم امتنانه و تعبيره عن رضاه و شكره.
وهو يعبر الجسر و هو يمد خطاه لم يفارق وجه المزارع مخيلته.
كم كان يتمنى أن يكون مثله أن يكون رجلا راضيا، سعيدا.
كان ممكنا أن يكون لو سارت الأمور حسب رغبته ، لو تزوج الفتاة التي أحب، لو لم يكن والدها متعنتا ، لو لم ينظر إليه على أنه مجرد أستاذ موسيقى بائس..
كانت أصابعها جميلة حين تعزف ، كان فيها شيء من السحر، كانت تأخذه إليها وتفتح له جنة من حلم وزهر حين تضحك.
كانت مثله تحب السينما و المسرح و تعشق الخيال.
عليه الآن أن يعود إلى المدينة أن يستأنف مشواره ،حياته يجب أن تستمر .
عليه أن يتبنى حلما آخر وأن يبحث عن استقرار كاستقرار المزارع.
معدته الفارغة كانت تلح عليه بالتوقف أمام مطعم أو أي مكان يمكن الحصول فيه على وجبة تسد الرمق.
أضواء المدينة تقترب منه و مابداخله يقاوم رغبته.
ذلك الطعم في عشاء الأمس كان مختلفا، كان فيه سحر يعرفه، سحر يتمناه أن لا يزول، سحر يشبه قطعة السعادة الضائعة .
كان جوعه يؤسفه ، يحزنه لأنه مضطرا سيمسح طعم الأمس بطعم جديد.
Nassira
نصيرة تختوخ- عضو جديد
- عدد المساهمات : 115
تاريخ التسجيل : 16/01/2011
غاليتي الأستاذة نصيرة
مع أنني معتادة على قصك الجميل وأسلوبك الرقيق الشفاف في السرد لكنني هنا أُخذت بما قرأت وعدت بمخيلتي إلى زمن الحكايات الجميلة والحب الأول وكيف أنه يعيش بداخلنا ويبقى معنا ساكناً هادئاًولكنه لا يفقد بريقه ولا رائحته لذلك من السهل أن تصل إلينا رائحته مع أي نسمة هواء عابرة .. سعدت بهذه القصة الجميلة لكن سعادتي بحضورك كانت أكبر .. نورت المنتدى يا غالية ويا هلا .
:0019:
--------------------------------
![مشوار صاحب الناي.قصة بقلم : نصيرة تختوخ Aooo_o11](https://i.servimg.com/u/f66/14/42/89/14/aooo_o11.jpg)
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
رد: مشوار صاحب الناي.قصة بقلم : نصيرة تختوخ
يجتاحني الحزن هذا اليوم كتبت هذه القصة بحزن لكن يسعدني أن تقرئيها وأن تنال إعجابك أستاذة ميساء.
دمت بكل الخير
دمت بكل الخير
نصيرة تختوخ- عضو جديد
- عدد المساهمات : 115
تاريخ التسجيل : 16/01/2011
رد: مشوار صاحب الناي.قصة بقلم : نصيرة تختوخ
![0030](/users/3113/10/90/94/smiles/800147.gif)
لطالما نغتال الذكري فينا..ونحاول دثر دفاترنا العتيقة..
إلا ان هناك من يفتق الجدار المصفح الذي بنيناه حولها...
فتتساقط سنون العمر المخدوع تحت اعقاب الماضي...
اديبتنا الرائعة... قصة جميلة نسجت بنسقٍ محترف الإبداع
دمتِ في رعاية الله...وننتظر المزيد
![0021](/users/3113/10/90/94/smiles/0788.gif)
غادة البشاري- عضو متميز
- عدد المساهمات : 210
تاريخ التسجيل : 05/02/2010
رد: مشوار صاحب الناي.قصة بقلم : نصيرة تختوخ
الأخت غادة أشكرك و يسعدني أن ينال ما كتبت إعجابك.
لك شكري و تقديري
لك شكري و تقديري
نصيرة تختوخ- عضو جديد
- عدد المساهمات : 115
تاريخ التسجيل : 16/01/2011
رد: مشوار صاحب الناي.قصة بقلم : نصيرة تختوخ
اندلق هنا الحرف كقنينة عطر تناثر فوق جنان هذا البذخ الشعوري ،
نبض لا يشبهه نبض ،،
رذاذ الشجن يعلو مرمر الحروف ،
والكل يروم دفقا من نبض حزنك سيدتي ،
قرأت حروفك هذه الصباحية بروية ،
وكأنها تدندن أزغاريدا تضفي على حصاة القلب مسحة شجن
وعصارة حزن بلواعج قلبي المراهق ..
توغلت هويتك الحزينة إلى أقصى أصقاع روحي..لكن يطيب لي هذا الرذاذ العنيف
الشجي..فبتذوقه أتلمس حدود نفسي وأسافر عبر جغرافية روحي..
تراني أعبث فوق متصفحك الجميل سيدتي ،
حتى يقال عني عابث..لكن من طبعي تذوق كل الألق والعسل الأصيل..
يا أصيلة ،،
حضورك حضور مورق قلبا وقالبا...
ودي الذي لا يدانيه ود لشخصك الباذخ
نبض لا يشبهه نبض ،،
رذاذ الشجن يعلو مرمر الحروف ،
والكل يروم دفقا من نبض حزنك سيدتي ،
قرأت حروفك هذه الصباحية بروية ،
وكأنها تدندن أزغاريدا تضفي على حصاة القلب مسحة شجن
وعصارة حزن بلواعج قلبي المراهق ..
توغلت هويتك الحزينة إلى أقصى أصقاع روحي..لكن يطيب لي هذا الرذاذ العنيف
الشجي..فبتذوقه أتلمس حدود نفسي وأسافر عبر جغرافية روحي..
تراني أعبث فوق متصفحك الجميل سيدتي ،
حتى يقال عني عابث..لكن من طبعي تذوق كل الألق والعسل الأصيل..
يا أصيلة ،،
حضورك حضور مورق قلبا وقالبا...
ودي الذي لا يدانيه ود لشخصك الباذخ
محمد إيدسان- عضو متميز
-
الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 622
تاريخ الميلاد : 13/02/1991
تاريخ التسجيل : 10/01/2010
العمر : 33الموقع : حيث السماء محشوة بشذى الغضب
رد: مشوار صاحب الناي.قصة بقلم : نصيرة تختوخ
الأخ أسير الأمل أشكر مرورك و تعليقك النثري الجميل.
دمت و دام لك الأمل.
دمت و دام لك الأمل.
نصيرة تختوخ- عضو جديد
- عدد المساهمات : 115
تاريخ التسجيل : 16/01/2011
العزيزة نصيرة
عزيزتي دائما يأخذنا الحنين إلي أول حب طرق باب القلب ..نحن إليه ونرغب بالعيش معه
هي الحياة باعتابها ومشوارها ...سعدت كثيرا بقرارءة بوح رقيق ينم عن حزن ما بداخلك
تحياتي لك
هي الحياة باعتابها ومشوارها ...سعدت كثيرا بقرارءة بوح رقيق ينم عن حزن ما بداخلك
تحياتي لك
سميرة عبد العليم- عضو متميز
-
الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 1340
تاريخ الميلاد : 01/07/1973
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
العمر : 51
![-](https://2img.net/i/empty.gif)
» إلى صديقة
» لست سندريلا
» والد صديقتي نصيرة تختوخ في ذمة الله
» ثرثرة على هامش الذبول
» كائنات الوفاء
» لست سندريلا
» والد صديقتي نصيرة تختوخ في ذمة الله
» ثرثرة على هامش الذبول
» كائنات الوفاء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
» ليلاي ومعتصمها
» غزلك حلو
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
» تحركوا أيها الدمى
» لوحة
» كنتَ مني وكنتُ منك !
» في مولد الهادي
» أحلم بالعيد
» فضل يوم عرفة
» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
» رباعيات عمر الخيام .
» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
» اعشق البحر
» ليل وعسكر .
» الغريب
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
» عاتبني أيها القمر !
» امرأة من زمن الأحلام
» زوابع الياسمين
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي