بحـث
من أنا ؟
![](https://i.servimg.com/u/f97/14/42/89/14/ao_210.jpg)
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
رحلة عشوائية إلى الموت
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
رحلة عشوائية إلى الموت
رحلة عشوائية إلى الموت
زقزقة العصافير وصوت فيروز المنبعث من راديو البقّال ، و" زعيق " جارته الحمقاء كانت جميعها تخترق صمت الغرفة التي ينام فيها ، وتزاحمت فوق رأسه فأيقظته من النوم ، كان شعاع من شمس الصباح يداعب خديه بعد أن تسلل إلى الغرفة من فتحة صغيرة في سقفها .
بقي في الفراش يستجدي حلماً كان غارقاً فيه قبل لحظات ، ولكن دون جدوى ، نادته أمه ملياً ولكنه تظاهر بالنوم ، أخيراً وبعد أن يئس من محاولاته وقد تيقن بأن كل شيء حوله يدفعه للنهوض من الفراش ، راح يفكر في نهاية لذلك الحلم الجميل الذي عاشه قبل لحظات ، وقتها تاهت به الحسابات ، وأخذته الدنيا بتعقيداتها التي لا تخضع لقواعد الأحلام .
فتح عينيه مرغماً ونظر بتلقائية شديدة إلى ساعة الحائط التي توقف عقربها منذ زمن ، ثم هز رأسه ساخراً وقال : لقد نجحت هذه العقارب أن تتكيف مع الحياة قبلي ، ونظر إليها مرة أخرى ومضى .
خرج من البيت وذهب إلى عمله بأرجل ثقيلة رافضاً الروتين والملل ، وهناك قضى معظم ساعات يومه بلا جدوى ، ثم عاد ثانية إلى حارته ، عاد ليلاً مرة أخرى وفي رأسه تتقاطع الأفكار وتتزايد الأحلام والطموحات ، يحلم بحياة أجمل لا يراها سوى في أحلامه بعدما ينام ، وفي البيت تناول طعام العشاء كعادته ، ثم شطب من الرزنامة المعلقة على الحائط يوماً آخر وذهب إلى فراشه ، واستسلم بعدها للنوم .
أخذته أحلامه إلى دنيا غير هذه الدنيا ، وانقطع صوت شخيره وبدا على وجهه النائم ابتسامة لا يعرفها في صحوه ، ولكنها الحياة تأخذه دائماً من أحلامه ومن لحظات سعادته ، استيقظ ثانية وقد ارتسمت على وجهه تعابير السخط والغضب ، تهليل في الشارع المجاور يقترب رويداً رويداً ، فزّ من نومه مذعوراً ونظر من الشباك ، طلقات الرصاص كانت تقتحم ظلام الليل كالشهب ، وكان أزيزها المدوّي يشتكي منه حتى أحياء القبور .
عتمة الليل لم تمنع أحد من الخروج إلى الشارع ، سأل نفسه ما الخبر ولكنه لم يجد أي إجابة مقنعة لكل ما يجري حوله من ضرب وشتم وقتل وترويع ، دفعه فضوله ليفهم ما يحدث حوله ، وهمّ للخروج من البيت ، وفجأة أتته رصاصة طائشة من الشباك فاخترقت صدره وأوقعته قتيلاً على الأرض ، وبينما هو يلفظ أنفاسه الأخيرة نظر ثانية إلى عقارب الساعة وابتسم بمرارة ممزوجة بالسخرية من قراءة المشهد الأخير من الحياة وقال : لقد نجحت هذه العقارب أن تتكيف مع الحياة قبلي ، ثم نظر إليها مرة أخرى ومضى .
زقزقة العصافير وصوت فيروز المنبعث من راديو البقّال ، و" زعيق " جارته الحمقاء كانت جميعها تخترق صمت الغرفة التي ينام فيها ، وتزاحمت فوق رأسه فأيقظته من النوم ، كان شعاع من شمس الصباح يداعب خديه بعد أن تسلل إلى الغرفة من فتحة صغيرة في سقفها .
بقي في الفراش يستجدي حلماً كان غارقاً فيه قبل لحظات ، ولكن دون جدوى ، نادته أمه ملياً ولكنه تظاهر بالنوم ، أخيراً وبعد أن يئس من محاولاته وقد تيقن بأن كل شيء حوله يدفعه للنهوض من الفراش ، راح يفكر في نهاية لذلك الحلم الجميل الذي عاشه قبل لحظات ، وقتها تاهت به الحسابات ، وأخذته الدنيا بتعقيداتها التي لا تخضع لقواعد الأحلام .
فتح عينيه مرغماً ونظر بتلقائية شديدة إلى ساعة الحائط التي توقف عقربها منذ زمن ، ثم هز رأسه ساخراً وقال : لقد نجحت هذه العقارب أن تتكيف مع الحياة قبلي ، ونظر إليها مرة أخرى ومضى .
خرج من البيت وذهب إلى عمله بأرجل ثقيلة رافضاً الروتين والملل ، وهناك قضى معظم ساعات يومه بلا جدوى ، ثم عاد ثانية إلى حارته ، عاد ليلاً مرة أخرى وفي رأسه تتقاطع الأفكار وتتزايد الأحلام والطموحات ، يحلم بحياة أجمل لا يراها سوى في أحلامه بعدما ينام ، وفي البيت تناول طعام العشاء كعادته ، ثم شطب من الرزنامة المعلقة على الحائط يوماً آخر وذهب إلى فراشه ، واستسلم بعدها للنوم .
أخذته أحلامه إلى دنيا غير هذه الدنيا ، وانقطع صوت شخيره وبدا على وجهه النائم ابتسامة لا يعرفها في صحوه ، ولكنها الحياة تأخذه دائماً من أحلامه ومن لحظات سعادته ، استيقظ ثانية وقد ارتسمت على وجهه تعابير السخط والغضب ، تهليل في الشارع المجاور يقترب رويداً رويداً ، فزّ من نومه مذعوراً ونظر من الشباك ، طلقات الرصاص كانت تقتحم ظلام الليل كالشهب ، وكان أزيزها المدوّي يشتكي منه حتى أحياء القبور .
عتمة الليل لم تمنع أحد من الخروج إلى الشارع ، سأل نفسه ما الخبر ولكنه لم يجد أي إجابة مقنعة لكل ما يجري حوله من ضرب وشتم وقتل وترويع ، دفعه فضوله ليفهم ما يحدث حوله ، وهمّ للخروج من البيت ، وفجأة أتته رصاصة طائشة من الشباك فاخترقت صدره وأوقعته قتيلاً على الأرض ، وبينما هو يلفظ أنفاسه الأخيرة نظر ثانية إلى عقارب الساعة وابتسم بمرارة ممزوجة بالسخرية من قراءة المشهد الأخير من الحياة وقال : لقد نجحت هذه العقارب أن تتكيف مع الحياة قبلي ، ثم نظر إليها مرة أخرى ومضى .
أبو فريد- عضو نشيط
-
الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 186
تاريخ الميلاد : 01/09/1970
تاريخ التسجيل : 23/03/2011
العمر : 53
رد: رحلة عشوائية إلى الموت
أخي العزيز ابو فريد
مساء الخير والبركة اخي
طبعا هذا لون جديد يختلف عما ألفناه منك من بوح ورومانسية عذبة في خواطرك ولكنها بالتأكيد قصة جميلة ولو أنني أحيانا أكون متشائمة وأقول لم الحياة إن كانت خالية من الحياة ولكني أرجع وأقول ليس من حقي مصادرة حق الآخر بالحياة ولو أنها كانت مجرد فكرة .. هذه الحياة هبة من رب العالمين وعلينا أن نتقبلها كيفما هي .. قصتك رائعة بروعة قلمك وروعة حضورك .. شكرا لهذا الكم الهائل من الإبداع .
مساء الخير والبركة اخي
طبعا هذا لون جديد يختلف عما ألفناه منك من بوح ورومانسية عذبة في خواطرك ولكنها بالتأكيد قصة جميلة ولو أنني أحيانا أكون متشائمة وأقول لم الحياة إن كانت خالية من الحياة ولكني أرجع وأقول ليس من حقي مصادرة حق الآخر بالحياة ولو أنها كانت مجرد فكرة .. هذه الحياة هبة من رب العالمين وعلينا أن نتقبلها كيفما هي .. قصتك رائعة بروعة قلمك وروعة حضورك .. شكرا لهذا الكم الهائل من الإبداع .
--------------------------------
![رحلة عشوائية إلى الموت Aooo_o11](https://i.servimg.com/u/f66/14/42/89/14/aooo_o11.jpg)
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
رد: رحلة عشوائية إلى الموت
الموت يخطف البشر ويخطف الأحلام ويخطف الحياة القادمة بكل ما فيها من أمل هذا يتجلى في عشوائية الموت وما أكثرها هذه الأيام ،
قصة مؤثرة أستاذ خالد ودام هذا الإبداع .
قصة مؤثرة أستاذ خالد ودام هذا الإبداع .
لانا زهدي- عضو متميز
- عدد المساهمات : 248
تاريخ التسجيل : 05/02/2010
رد: رحلة عشوائية إلى الموت
أستاذتنا ميساء
حضور متألق على صفحتي
وتعليقات في غاية الأهمية والجمال
أشكرك على اهتمامك عزيزتي
ودمت بألف خير
حضور متألق على صفحتي
وتعليقات في غاية الأهمية والجمال
أشكرك على اهتمامك عزيزتي
ودمت بألف خير
أبو فريد- عضو نشيط
-
الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 186
تاريخ الميلاد : 01/09/1970
تاريخ التسجيل : 23/03/2011
العمر : 53
رد: رحلة عشوائية إلى الموت
لانا مرة أخرى
نعم عزيزتي إن :
لموت يخطف البشر ويخطف الأحلام ويخطف الحياة القادمة بكل ما فيها من أمل هذا يتجلى في عشوائية الموت وما أكثرها هذه الأيام . .
أشكرك على هذا المرور الجميل
ودمت بألف خير
نعم عزيزتي إن :
لموت يخطف البشر ويخطف الأحلام ويخطف الحياة القادمة بكل ما فيها من أمل هذا يتجلى في عشوائية الموت وما أكثرها هذه الأيام . .
أشكرك على هذا المرور الجميل
ودمت بألف خير
أبو فريد- عضو نشيط
-
الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 186
تاريخ الميلاد : 01/09/1970
تاريخ التسجيل : 23/03/2011
العمر : 53
العزيز خالد
جميل هذا البوح ..فكرة النص يكمن روعتها بألم النهاية وتمازج الافكار ..الحياة محطات والموت يداهم دون سابق انذار
تحياتي لك قرات رائعة من روائعك خالد
تحياتي لك قرات رائعة من روائعك خالد
سميرة عبد العليم- عضو متميز
-
الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 1340
تاريخ الميلاد : 01/07/1973
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
العمر : 51
رد: رحلة عشوائية إلى الموت
العزيزة سميرة
زيارة مكثفة لرزمة من النصوص التي أكتبها لها دلالات أعتز بها من كاتبة بحجمك
يسعدني مرورك العبق
دمت بكل ود
زيارة مكثفة لرزمة من النصوص التي أكتبها لها دلالات أعتز بها من كاتبة بحجمك
يسعدني مرورك العبق
دمت بكل ود
أبو فريد- عضو نشيط
-
الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 186
تاريخ الميلاد : 01/09/1970
تاريخ التسجيل : 23/03/2011
العمر : 53
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
» ليلاي ومعتصمها
» غزلك حلو
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
» تحركوا أيها الدمى
» لوحة
» كنتَ مني وكنتُ منك !
» في مولد الهادي
» أحلم بالعيد
» فضل يوم عرفة
» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
» رباعيات عمر الخيام .
» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
» اعشق البحر
» ليل وعسكر .
» الغريب
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
» عاتبني أيها القمر !
» امرأة من زمن الأحلام
» زوابع الياسمين
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي