أنا في الغرام

أنا في الغرام
أنا من ؟ من أنا ؟ أنا الحجاج في الغرام !!
( إني أرى رؤوسا ً قد أينعت وحان قطافها ) ، رؤوسا ً قد امتدت فتعالت وعربدت في الفضاء.
إني أراها وإني أراك ، إني أراك تمتد لها بأناملك الحريرية فتغزل من خيوط الشمس ضفائر تداعبها في كل صباح ، وإني أراك تخدش في همساتك الناعسة ضياء القمر وتذيب عفته فيستلقي في أحضانك كل مساء .
تقول لي : أنت لي وهذه الهمسات الناعسة لك وحدك ، هذه الأنامل الراقصة لك وحدك وهذا الحضن الدافئ هو مخدعك أنت، مخدعك وحدك، أخلدي فيه واحلمي فخلدت وحلمت ورأيتك في منامي تغازلها بهمسك المبحوح ، تراقص ضفائرها بأناملك المرتجفة ، تداعب نبضات قلبها ، تدغدغ مشاعرها وتناجي كل خلية من خلايا جسدها المخدوع فتسكن إليك .
وسمعت صدى ضحكاتها تفرقع في المدى ، تمزق أذني ، تمزق قلبي ، تمزق حلمي ، ففزعت وأفقت من فزعي عليك تهدأ من روعي وتقول لي هو حلم ! مجرد حلم !
وتوالت الأحلام وتوالت التبريرات ، أعذار يقطر من حلاوتها الشهد ، لكني فزعت ، فهجرت النوم والأحلام .
في ذات مساء أصابني أرق ما ! فلجأت إليك ، واختبأت في ثناياك ، تدثرت في ثوبك ، والتحفت في أنفاسك ، وسكنني الدفء فأغمضت عيني وغفوت ، غفوت إلى أن أيقظني قرع طبول الموت ، ودق مزامير الهوى ، غانيات هنا ، وغانيات هناك ، هرج ومرج ، وكؤوس من الصخب تفرّ ، أقداح من الغزل المعسول تدور .
يا إلهي ، ما هذا ؟ ما كل هذا ؟ ما كل هذه الهمسات واللمسات ؟ ما كل هذه الغمزات التي تتطاير في أفقي ؟ أفقت من غفوتي ، من سكوني ، وحدقت حولي وأبصرت خصورا ً تتمايل إلى اليمين وخصورا ً تتمايل إلى الشمال تكاد تهز في أرجحتها ميزان الكون من حولي ، ضحكات تجلجل في الفضاء ، يكاد صدى فرقعتها يهوي بالنجوم من حضن السماء .
من أنت ؟ ما أنت ؟ أزير نساء أنت ؟ أزير نساء .
ومن أنا ؟ من أنا ؟ ربما لم تكن نظراتي في لحظها كحدة السيف !! ربما لم يتمايل القد ّ ، ويتأرجح في غنجه كتموج السيف عند استلاله من الغمد !! وربما لم تكن آهاتي وتأوهاتي ونبض كلماتي تلمع ويشع بريقها في قلبك كوهج الشمس !!ربما ، ربما ، ولكنني يا سيدي في الغرام ، بل في الانتقام ، كالسيف على رقبتك يسلط .