رد: حديث النفس

أفيقي يا نفس
قبل أن تجلدك سياط النهار
وتذبحك الشمس بسكاكين أشعتها الحارقة
أفيقي يا نفس وعودي إليك
عودي إلى نفسك
عودي إلى ذاتك
لن يجدي كل هذا الهروب في الفراغ
لن يجدي كل هذا الفرار
أفيقي يا نفس وعودي إلى ذاتك
قبل فوات الأوان .

لا تحيرني
ولا تخيرني
لقد وضعت النقطة
وسأبدأ من أول السطر .

قلت لك كم أنا تعيسة بحبك
ولكنك لم تفهم عباراتي
لم تفهم احتياجي وايماءاتي
كل لي النور والامل
لكنك أصبحت ظلمة القلب

وتظنُّ
وتنتابك الظنون
وتلتهمك الشكوك
تحاول أن توجه صفعة أخيرة
لا تقوى ..
لأنك لا تمتلك الهواء الكافي لتوجيه الصفعة
تأكل نفسك ..
تلومها ..
تعاتبها ..
تحاسبها ..
وتقول في سرِّك
ما كان عليَّ أن أترك الهواء فارغاً ..
كان عليَّ أن أحتل هذا الهواء ..
كان عليَّ أن أكون أنا الأكسجين الوحيد في هذه الحياة
كان عليَّ ...
كان عليَّ ....
كان عليَّ .....
وتأكل نفسك
وتلتهمك الشكوك ..
دع نفسك وشأنها
دعها وكف عن لومها وعتابها
ودع غضب يستريح
دع غضبك يستريح
وضم يدك إلى قلبك
وتحسس نبضك
أنا لا أزال أسري في نبضك
أنا لم أغادر
أنتَ لا تزال الأكسجين الذي أستنشقه
دع غضبك يستريح
دع غضبك يستريح .

لا توقظ الحروف
دعها نائمة
لا تتسلل إليها كي تحرك جذوة الشوق الساكنة فيها ..
الحروف ساكنة مسكنة منذ آخر اغتيال لها
نعم أنتَ اغتلت الحروف
واغتلت الذكريات الجميلة
واغتلت كل الوعود
وكل العهود
وكل الأحلام
وأتيت اليوم تتسلل عبر أسلاك الحروف
تريد أن توقظ جذوة الشوق في قلبها
لن يجدي ذلك ..
لن يجديك كل هذا السعي بين الحروف
أنت قتلتها
وأنت تدرك أنك قتلتها
ومع ذلك تبكي عليها كل لحظة
علَّها تعيش ..
علَّها تبعث للحياة ..
كيف يعيش من قُتل ؟
كيف يعيش ..
لا توقظ الحروف
إنها ميتة .

لا تنتظر
لن آتي
ولن أعتذر
أنا ما غادرتك إلا مكرهة
لكنك حينها كنت غارقاً في العسل
لم تنتبه لوجودي وهو يحتضر
لم تنتبه لخطواتي وهي لمشوارنا تختصر
علقت اسمها على جبينك
وشكلت خاصرتها بأرق الحروف
وجئتني اليوم تقول لي
أهديك بيتاً من الشعر
شكراً لك
لن آتي
وعن رحيلي لن أعتذر .

أنت حديث النفس
وصوت القوافي
وأنين العود في مساءات تنتظر
على شرفات اللقاء
ليتك تأتي
ويكون بيننا حديث
وياسمين يسهر على موائد البوح
ليتك تأتي وننهي كل هذا الخصام .

قلتها مرة
وألف ألف مرة
أنا لا أريد عنك بديلاً
لن أرضى عن عينيك بديلاً
لا تشح بوجهك الغاضب بعيداً عني
أنا يا حدائق الياسمين في قلبي
قد أثور
وقد أغضب
وقد أقلب الحروف رأساً على عقب
ولكني لأجل عينيك
أرتدي الهدوء عباءة
وأنسج من الصبر مسبحة
وأجلس في باحات الصمت
أنتظر منك
أو عنك
أي خبر .

تغريني براءة الحماقة
كعنقود اللوز الأخضر
أصفع الكتاب الذي بين يدي
وألقي به إلى الهواء
ليقرأه على مهل
وأنادي المرآة على عجل
أطلب منها كل حروف التجميل
وكل ما تتزين به النساء من الجُمل
ولا أنسى التشديد والتسكين
وحين يأتيني اللوز الأخضر
على طبق من فضة
اقول أهوى الكرز أكثر .

صديقي ..........
ما أعذب غربتي حين تناجيني بغرباتها !!
اهي غربة دمعة ؟ أم غربة روح ؟ أم غربة وطن ؟؟
أم غربة حزن ؟ أم غربة ابتسامة؟ أم غربة حب ؟ أم غربة صمت؟