حذاء جديد

فاجأني صوته وسط جلبة البائعين :
أستاذ…. أستاذ….
التفت نحوه.
ستصلني هذا المساء تشكيلة أحذية جديدة… إن شئت… بعد العصر إن شاء الله.
أجبته بإيماءة موافقة برأسي وابتسامة شاكرة، وتابعت طريقي وأنا أرمق سوار الثلوج البيضاء المحيطة بالمدينة، حل الشتاء باكرا هذا العام متزامنا مع الأضحى المبارك…
ولأني أحب أن أكون دقيقا في مواعيدي فقد وجدتني أركن سيارتي في الموعد المحدد قرب متجره، لكنه كان لا يزال مقفلا…
أغمضت عيني واسترخيت مستسلما إلى صوت المذياع الذي كان يبث بمناسبة العيد نصائح طبية عن كيفية التعامل مع لحوم الأضاحي تتخللها مقاطع غنائية.. ثم نشرة الأخبار…
بدا صوت المذيع محايدا وباردا برودة الثلج المتراكم هناك على قمم الجبال، وهو يتحدث عن العشرات من ضحايا ربيع عربي تحول إلى شتاء طويل من زمهرير الأنين والأشلاء… وشيئا فشيئا تلاشى صوت المذيع البارد المحايد وأصوات الباعة ومظاهر فرحة العيد ولم يبق في الشوارع غير صور الدماء والجثث:
صورة شيخ تناثرت حبات سبحته على لحية بيضاء مخضبة بالدماء وعينين مُفَــتـَّحتين على المدى البعيد:…
صورة صبية صغيرة تحضن في حب دميتها وعلى شفتيها بقايا ابتسامة مغدورة..
صورة شاب يفور الدم من جرح غائر في صدره وهو يتهجى آخر الكلمات: حرية… حرية…. حرية…
صورة جمجمة رجل مفتوحة تطايرت منها أشلاء دماغه على الإسفلت أرصفة اليوتوب..
كانوا كلهم حفاة … حفاة… حفاة
ثم….
صورة بقعة دم حمراء متجلطة على وجه من كان إلى الأمس القريب رئيسا عربيا… وصوت استعطاف مبحوح: (حرام عليكم… حرام عليكم..) تلاشى في لجة أصوات التكبير وطلقات الرصاص….
نهاية تراجيدية لكابوس رهيب لم يخرجني منه إلا طرق خفيف على نافذة السيارة وشفتا البائع خلف الزجاج تعتذران عن التأخر….
اعتذرت منه بدوري… فما عدت في حاجة إلى حذاء جديد.

أخي العزيز ...نصك رسم صورة الواقع بحلوه ومره ...بانتظار شبح عيد يطره الوجع والألم الذي في نفوسنا
فعلا لا نحتاج لحذاء جديد ولا لملابس جديدة ...نحتاج للامان والحرية والحياة أخي
سلم قلمك ودمت بخير
واسمح لي أن أقول لك ( كل عام وأنت بخير )

هل هو ربيع أم شتاء أم خريف هذا الزمن الذي لا ينتهي يا ناجي ؟
لم أعد أستطيع الحكم على شيء فكل شيء غير واضح للحظة باستثناء الجثث والدماء والخراب والفرقة والانقسام .. لا أعلم إن كنا سنمكث كثيراً بهذا الخريف أم أن الربيع لا بد أن ينبت على جنبات الزمن وتثمر هذه الثورات حرية حقيقية تمحي كل الظلم الذي عشش في الذاكرة .
ناجي أمين قلم مميز وفكر راق
شكرا لك أخي ودمت مبدعاً متميزاً والله يبارك فيك .

سميرة عبد العليم كتب: أخي العزيز ...نصك رسم صورة الواقع بحلوه ومره ...بانتظار شبح عيد يطره الوجع والألم الذي في نفوسنا
فعلا لا نحتاج لحذاء جديد ولا لملابس جديدة ...نحتاج للامان والحرية والحياة أخي
سلم قلمك ودمت بخير
واسمح لي أن أقول لك ( كل عام وأنت بخير )

أختي الكريمة سميرة
صدقيني لو قلت لك أنني كنت من أول المهللين لهذا (الربيع)، لكن تأبى خفافيش الظلام إلا أن تسرق منا كل مشروع فرحة وتحوله إلى كابوس رهيب...
نحن فعلا لم نعد نحتاج إلا إلى قسط من الأمان والحرية .
دمت بخير .
وكا عام وأنت طيبة..

ميساء البشيتي كتب:هل هو ربيع أم شتاء أم خريف هذا الزمن الذي لا ينتهي يا ناجي ؟
لم أعد أستطيع الحكم على شيء فكل شيء غير واضح للحظة باستثناء الجثث والدماء والخراب والفرقة والانقسام .. لا أعلم إن كنا سنمكث كثيراً بهذا الخريف أم أن الربيع لا بد أن ينبت على جنبات الزمن وتثمر هذه الثورات حرية حقيقية تمحي كل الظلم الذي عشش في الذاكرة .
ناجي أمين قلم مميز وفكر راق
شكرا لك أخي ودمت مبدعاً متميزاً والله يبارك فيك .

أختي الكريمة ميساء
هو زمن ضبابي ومخاض عسير.... ربيع تحول إلى كابوس رهيب..
عسى أن يكون المولود فجرا جديدا لهذه الأمة العربية ...
دمت بخير وسعادة

مررت هنا على حروف رسمت لنا واقعا
صور من عذابات الكثيرين
قتلى هنا وهناك
وصور شوهتها ملامح الحقيقة التي باتت واضحة للجميع
الشتاء طال امده
وما زلنا ننتظر الربيع
وكل ما اخشاه ان ينقضي العمر ونحن نحلم بربيع قادم يجبرنا على شراء الثوب الجديد
والحذاء الجديد
ففعلا اخي ما عدنا نريد اي جديد
دمت قلما لامعا حكى قصة الواقع المرير

نعم عزيزي ناجي لم نعد نحتاج أحذية عدنا حفاة في عقر دارنا !
قلم باذخ جدا .