بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
العشاء الأخير
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
العشاء الأخير
العشاء الأخير
سأدعوك اليوم إلى العشاء .
قررت أن أدعوك اليوم إلى مائدة العشاء , لنهجر قليلاً أحاديث الموت , وطقوس ما قبلَ الموت , وما بعده , ولنتوقف قليلاً عن إحصاء خسائرنا , وعن التفتيش في هزائمنا السابقة , واللاحقة , والتي طرحت على موائد الجوار , ولندَعَ في هذه اللحظة كل الخلق للخالق , ونتناول العشاء الأخير !
ربما أنتَ لهذه اللحظة لا تعرف بعد أنني كنتُ ممن يجيدون فن " النكتة " , طبعاً هذا كان فيما مضى , قبل أن ألتقيك بألف عام , كنتُ لا أعرف إلا السخرية من هذا الواقع الساقط , وكنتُ أتقن جيداً فن التندر بالمصائب , إلى الحد الذي تصبح فيه لينة على الهضم , فيتناولها من كُتِبَ عليهم الشقاء والشتات , قبل رحلة الهمِّ أو بعدها , لتجلب إليهم المسرات والفرح .
هذا لا يعني أنك ثقيل الدم إلى هذا الحد !
لا , لكنك بحالٍ من الأحوال أخذتني إلى طرفك , فبدأنا بالتباري أنا وأنت أيُّنا سيصبح دَمُه أثقل , ونسيتُ في خِضَّم النِزال أنني خُلقت للسعادة , وللمرح , وللسخرية التي تجرُّ في أذيالها
مواسمَ الفرح .
أنتَ ساخرٌ , وجداً , لكنك تعبثُ بجدائل الموت !
لا أدري لماذا ترافق الموت في كل تحركاته ؟
كم قلتُ لك : دع الموت ممدداً على سريره , ودعنا نقطف عناقيد العنب قبل أن يغيب الصيف , ويغيب معه كل أثر للعنب والسهر .
عصرت إليك العنب , وخبأته في قوارير العسل , ووضعته على رفٍ ليس ببعيدٍ عنك , مسافة أصبع أو أكثر .
تجمد العنب فوق الشهد , وأصبح يحتاج فصولاً من الحرَّ الشديد حتى يسيل شهد العنب على شفتيك , فتلعق منه مذاقاً لا يشبه مذاق الموت الذي تتناوله بانتظام , كل مساء قبيل النوم , وكل صباح قبيل الضحى !
لا أقرأ الطالع , أخبرتك بذلك , لكنِّي أقرأ العيون جيداً , وأنا قرأت عينيك في أول لقاء , وجدتها تبحث عن اسمي في كل الأسماء , وجدتها تنتظر حضوري قبل أن ألج هذه الحياة , قبل أن يُدرج اسمي مع المواليد الجدد , وقبل أن يُقبِّل جبيني أيلول ويقول : أهلا بك في حدائق الدنيا المشرعة الأبواب .
نعم قرأتُ كل هذا في عينيك , ولكنِّي لم أخبرك , تركتك لفراستك , ولحدسك القوي كي يحدثاك عني طويلاً , وعمن تكون الغازية الجديدة لعناقيد العنب , قبل أن تجف عروقها في قلبك , ويلفظها على أبواب الخريف !
أنا لا أستخدم عصا القصص السحرية فأضربك على رأسك مرة فتراني السندريلا الهاربة بعد الثانية عشرة ليلاً , وأضربك مرة أخرى فتراني فتاة الغابة اليتيمة التي يهبط إليها أمير الأمراء من سابع قصر ,
أو " سنو وايت " في بلاد العجائب .
لا , لا , لا .
أنا أحبُّ جداً أن أراك وأنتَ تذوب في داخلك إلى أن تتحول إلى كرة من الشهد , فأقوم بتشكيلك كما أشتهي , ولا يهمُّ فيما بعد إن سال من بين يدي كل الشهد ! فأنا ما زلت أحتفظ ببعض القطرات التي علقت في أطراف أصابع يدي اليمين , وعلى وسائد كفيَّ , وبين سطور هذا الورق , وأنتَ لا تدري !
أنتَ الذي يدري .
ألم تكن بانتظاري قبل الميلاد بألف عام , وجاءتك البشرى , وهبَطتُ إليك , قبل أن تهبط من قصرك السابع خلف المحيطات , في قارة تكاد الشمس لا تزورها , و يكاد البشر لا يعرفون لها أي عنوان .
ومع ذلك , فأنا قرأت في عينيك , ومنذ أول لقاء , أنك كنتَ في انتظاري !
ولن يطول بك الانتظار , لن يطول بك الانتظار .
أنا على موعدي الآن , أعددت إليك العشاء الأخير , وموسيقى تنساب من بين الأهداب , وشموعاً تعزف لحن اللحظة , وخاصرة طال بها أمد الانتظار لرقصة يحلم بها المساء !
لا بدَّ أن تثبت أناملك جيداً على خاصرة الرقص ,
وإلا فقد تفلت منك الأميرة , وتفرُّ من ساحة الرقص , وقد تدُق الساعة الثانية عشرة ليلاً , وتهيمُ الفتاة على وجهها في غابة الذئاب , ويذوب الثلج عن أميرته فتلعقه ألسنة ونصال .
وتصحو أنتَ , لتجد نفسك ما زلت تحلم برقصة المساء , في عشاء كان هو الأخير , لأنك ما استطعت تثبيت أناملك الهاربة , على خاصرة الرقص !
فكان عشاؤك الأخير ,
كان هذا هو العشاء الأخير .
رد: العشاء الأخير
العشاء الأخير , لفت نظري العنوان وقلت ماذا في العشاء الأخير لدى عصفورة الشجن فوجدت كل جميل ومبهر وما ترتاح إليه النفس وتسكن إليه الروح .
الرائعة عصفورة الشجن أدام الله عليك نعمة الإبداع .
الرائعة عصفورة الشجن أدام الله عليك نعمة الإبداع .
فاطمة شكري- عضو متميز
- الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 779
تاريخ الميلاد : 01/12/1979
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
العمر : 44
رد: العشاء الأخير
"أنا أحبُّ جداً أن أراك وأنتَ تذوب في داخلك إلى أن تتحول إلى كرة من الشهد , فأقوم بتشكيلك كما أشتهي , ولا يهمُّ فيما بعد إن سال من بين يدي كل الشهد ! فأنا ما زلت أحتفظ ببعض القطرات التي علقت في أطراف أصابع يدي اليمين , وعلى وسائد كفيَّ , وبين سطور هذا الورق , وأنتَ لا تدري"..
وجبة عشاء روحي بأنامل عودتنا الإتيان بكل جميل..
ابداع دائماً أيتها الرائعة عصفورة الشجن..
وجبة عشاء روحي بأنامل عودتنا الإتيان بكل جميل..
ابداع دائماً أيتها الرائعة عصفورة الشجن..
SADEQ ALSOLIHI- عضو جديد
- عدد المساهمات : 90
تاريخ التسجيل : 29/06/2013
رد: العشاء الأخير
لم يقدر كل هذا الجو الرومانتيكي ؟
خاطرة جميلة جدا
أستمتع يا عصفورة الشجن بكل ما تكتبين
رائعة
وشكرا
خاطرة جميلة جدا
أستمتع يا عصفورة الشجن بكل ما تكتبين
رائعة
وشكرا
اميرة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 388
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
رد: العشاء الأخير
غاليتي فينوس
أنت الرائعة التي تضوع المكان بكل الروعة من بهاء وألق الحضور والردود
دمت
أنت الرائعة التي تضوع المكان بكل الروعة من بهاء وألق الحضور والردود
دمت
رد: العشاء الأخير
أخي العزيز صادق
مساء الورد والحضور الجميل
شكرا لك من جوانية القلب أخي على هذا الحضور والتفاعل الجميل مع نصوصي المتواضعة وإن شاء الله أبقى عند حسن الظن دوماً .
دمت بكل خير أخي صادق
مساء الورد والحضور الجميل
شكرا لك من جوانية القلب أخي على هذا الحضور والتفاعل الجميل مع نصوصي المتواضعة وإن شاء الله أبقى عند حسن الظن دوماً .
دمت بكل خير أخي صادق
رد: العشاء الأخير
ميساء البشيتي كتب:العشاء الأخيرسأدعوك اليوم إلى العشاء .قررت أن أدعوك اليوم إلى مائدة العشاء , لنهجر قليلاً أحاديث الموت , وطقوس ما قبلَ الموت , وما بعده , ولنتوقف قليلاً عن إحصاء خسائرنا , وعن التفتيش في هزائمنا السابقة , واللاحقة , والتي طرحت على موائد الجوار , ولندَعَ في هذه اللحظة كل الخلق للخالق , ونتناول العشاء الأخير !ربما أنتَ لهذه اللحظة لا تعرف بعد أنني كنتُ ممن يجيدون فن " النكتة " , طبعاً هذا كان فيما مضى , قبل أن ألتقيك بألف عام , كنتُ لا أعرف إلا السخرية من هذا الواقع الساقط , وكنتُ أتقن جيداً فن التندر بالمصائب , إلى الحد الذي تصبح فيه لينة على الهضم , فيتناولها من كُتِبَ عليهم الشقاء والشتات , قبل رحلة الهمِّ أو بعدها , لتجلب إليهم المسرات والفرح .هذا لا يعني أنك ثقيل الدم إلى هذا الحد !لا , لكنك بحالٍ من الأحوال أخذتني إلى طرفك , فبدأنا بالتباري أنا وأنت أيُّنا سيصبح دَمُه أثقل , ونسيتُ في خِضَّم النِزال أنني خُلقت للسعادة , وللمرح , وللسخرية التي تجرُّ في أذيالهامواسمَ الفرح .أنتَ ساخرٌ , وجداً , لكنك تعبثُ بجدائل الموت !لا أدري لماذا ترافق الموت في كل تحركاته ؟كم قلتُ لك : دع الموت ممدداً على سريره , ودعنا نقطف عناقيد العنب قبل أن يغيب الصيف , ويغيب معه كل أثر للعنب والسهر .عصرت إليك العنب , وخبأته في قوارير العسل , ووضعته على رفٍ ليس ببعيدٍ عنك , مسافة أصبع أو أكثر .تجمد العنب فوق الشهد , وأصبح يحتاج فصولاً من الحرَّ الشديد حتى يسيل شهد العنب على شفتيك , فتلعق منه مذاقاً لا يشبه مذاق الموت الذي تتناوله بانتظام , كل مساء قبيل النوم , وكل صباح قبيل الضحى !لا أقرأ الطالع , أخبرتك بذلك , لكنِّي أقرأ العيون جيداً , وأنا قرأت عينيك في أول لقاء , وجدتها تبحث عن اسمي في كل الأسماء , وجدتها تنتظر حضوري قبل أن ألج هذه الحياة , قبل أن يُدرج اسمي مع المواليد الجدد , وقبل أن يُقبِّل جبيني أيلول ويقول : أهلا بك في حدائق الدنيا المشرعة الأبواب .نعم قرأتُ كل هذا في عينيك , ولكنِّي لم أخبرك , تركتك لفراستك , ولحدسك القوي كي يحدثاك عني طويلاً , وعمن تكون الغازية الجديدة لعناقيد العنب , قبل أن تجف عروقها في قلبك , ويلفظها على أبواب الخريف !أنا لا أستخدم عصا القصص السحرية فأضربك على رأسك مرة فتراني السندريلا الهاربة بعد الثانية عشرة ليلاً , وأضربك مرة أخرى فتراني فتاة الغابة اليتيمة التي يهبط إليها أمير الأمراء من سابع قصر ,أو " سنو وايت " في بلاد العجائب .لا , لا , لا .أنا أحبُّ جداً أن أراك وأنتَ تذوب في داخلك إلى أن تتحول إلى كرة من الشهد , فأقوم بتشكيلك كما أشتهي , ولا يهمُّ فيما بعد إن سال من بين يدي كل الشهد ! فأنا ما زلت أحتفظ ببعض القطرات التي علقت في أطراف أصابع يدي اليمين , وعلى وسائد كفيَّ , وبين سطور هذا الورق , وأنتَ لا تدري !أنتَ الذي يدري .ألم تكن بانتظاري قبل الميلاد بألف عام , وجاءتك البشرى , وهبَطتُ إليك , قبل أن تهبط من قصرك السابع خلف المحيطات , في قارة تكاد الشمس لا تزورها , و يكاد البشر لا يعرفون لها أي عنوان .ومع ذلك , فأنا قرأت في عينيك , ومنذ أول لقاء , أنك كنتَ في انتظاري !ولن يطول بك الانتظار , لن يطول بك الانتظار .أنا على موعدي الآن , أعددت إليك العشاء الأخير , وموسيقى تنساب من بين الأهداب , وشموعاً تعزف لحن اللحظة , وخاصرة طال بها أمد الانتظار لرقصة يحلم بها المساء !لا بدَّ أن تثبت أناملك جيداً على خاصرة الرقص ,وإلا فقد تفلت منك الأميرة , وتفرُّ من ساحة الرقص , وقد تدُق الساعة الثانية عشرة ليلاً , وتهيمُ الفتاة على وجهها في غابة الذئاب , ويذوب الثلج عن أميرته فتلعقه ألسنة ونصال .وتصحو أنتَ , لتجد نفسك ما زلت تحلم برقصة المساء , في عشاء كان هو الأخير , لأنك ما استطعت تثبيت أناملك الهاربة , على خاصرة الرقص !فكان عشاؤك الأخير ,كان هذا هو العشاء الأخير .
رائعة جدا
كل الشكر والتقدير
رشيد أحمد محسن- عضو جديد
- عدد المساهمات : 79
تاريخ التسجيل : 19/06/2012
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة
» غزلك حلو
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:21 من طرف ريما مجد الكيال