إهداء لعصفورة الشجن : ميساء

إهداء لسيدة في الطرف الأخر من الوجع..

سين السيوف،لام الليل واللهب،ميم المجد على مد الإباء رُُبي،شكلتُ منها سلامي واختصرتُ بها دمع القصيد وشوق العُرب للعَرب..
أيتها العصفورة..أيا عصفورة الشجن..لا تتحجبي فليس معي الغرباء،حرفي وقلمي ودمعي وشجني،يسعرني حرفك بنيران تُذاق مع كل غروب للحب بمحرابك،قتلتِ الليل بمعبدكِ،وقتلتِ من أحبكِ،إن كان قتلكِ للمحبين مفخرة فبموتي أفتخر إن كان يرضيك يا سيدة الشجن،حروفك ضرجتْ دمعي في دموعي..مابال شِعرك لا يفارق دمعك ؟ مابال الشجن يعتكف على شط دمعك ؟ عطرك يا سيدتي نسائم أيلول جمعتْ عطرها من بريق جموع الشهداء من كل تلال القدس الشامخة في إباء،سيدتي..عبَرتِ القوافي إلى بدايات الشجن،دموعك تسقي بوادر الوجع..مرّي علّي سيدتي فلا ريح تمر علّي..
نسي النسيان أن يئذ صوتكِ يا أمي،فأحزاننا تتبرك من أحزانكِ،ونصل عروبتك في زمجرة حرفك ودمعك على الغروب يبسط جناحيه،فأنت يا سيدتي أشبه بالشعر طفل للروح،ريشة ألوان تختال السواد،صوتكِ نبوءة،حرفكِ صلاة،عقيدتكِ أحدٌ أُحد..
رأيتك تهدين للنار الشهب،تسيرين وحدكِ إلى بعضكِ ووجه الوطن كل جهاتكِ،في حقيبتكِ حفنة تراب وغصن زيتون وورقة سوسن ونهر بكاء لتزرعين في كل شبر وطناً وطنا،أنت يا عصفورة الشجن علمتنا كيف نرقص رقصة الثكالى،ونتأنق أناقة الحزن،كنتُ قبلكِ يا أماه سائراً مفقود السامر بكَ ياوطني،أجول بين قصائدي منفياً أتهجد دوماً حروف عروبتي،أمشطُ ظفائر شعري تحت مطر شجني،لكن حبكِ أضاء جرحي فالحزن شاء ولم أشئ أن أعيش جرحي،فأنت يا سيدتي إليك إنتسب الشجن،قصيدة أنتِ لم يلامس خدها الصحف،إسمكِ كالخواطر في نداوتها،فعلى رصيف قلبكِ لنا كل يوم موعد مع الأشواق..تقتاتين أسئلة يعزفها شوق الوطن،أسئلة تخاف من الجواب.آه يا سيدتي كأنك في اللاوصف تتصفين،محنتك الكبرياء وحبك عبق طفولي يُشهر نصله على شواطئ الحروف،سأصوغ معاني الوطن من جراحك..
أُشفق عليكِ يا أماه..فإبن العم سرق وطنكِ,أُشفق عليك فكفكِ ما تخضبتْ مذ رأت أن حاتم الطائي أطفئ ناره،غَزّل شوق الوطن شجنك فصارت تسير جحافلا حافلات في رداح،تلبسك جراح في جراح،عَلمتكِ رقة فطرتك أن لاجدوى آهات النواح،عاندتِ دموع الضياع،وجالدتِ عنف البين،فبددتْ شجونك كل أفراحك وعصفتْ أحزانك بكل نسائمك الشامية..
هيهات يا قومي كل العرب تعرفُ سارق وطنكِ لكن لا تطلب من العرب إنتخاء،عجباً فكل مخفرٍ عربي يعرف سارق وطنها لكن ضد مجهول دونوا بلاغها،فيا ويح قومي أخزاهم الصمم..
أبكي على جبين حرفكِ،أبكي لدموع تُعزي آمانيك،أبكي لقدرك،كأن من قسم الأحزان لم يجد سواكِ فنلتِ أعمق الطعنات،أبكي على قومي..ألا فأعجبْ لأمتنا ولا تعجب لباكيها،فعلى حرفك أنورتْ شيم وأهديتهِ وشاح الحب والأمل فبالحب وليس بغير الحب تُحدى رواحله،وللحب في زمني يا أماه صفة من صفات الجهاد فشابت بُحتك حباً وشجناً..أشفق على قدركِ،وأغبطكِ على حرفكِ وقلبك،فهنيئاً لقلبك وهنيئاً لحرفك،أُهنئكِ يا أماً علمت للأبجدية كيف تضيف إلى الحاء باء..الحب لا شئ غير الحب...

إنسيابية في البوح،
وعفوية في الإنسياب،
ورونق في الرد والتقدير ما أحلاه من فيض شعوري برئ من كل زيف ،
لأجل ردك هذا سيدتي قد أتوغل في جسد الحرف ،وأسقي رحيق فؤاده لأصنع رحيقا أُعطر به مجلس إسمك ..
’ميساء‘ إسم علمني كيف أهدي لمعشوقتي باقة من أوراق أيلول،وعلمني كيف أنتشي من جراح الوجد الذي يفُت فؤادي ،
وعلمني كيف أبتسم إبتسامة منتصر منتشي بعبق الشجن وفي عيّني ألف دمعة تحكي معها حكايات طيفي العاشق المشغوف ،
إسم ميساء علمني كيف أهنئ لمن علم للأبجدية كيف تضيف إلى الحاء باء..
أليس أحرى بي أن أُعلم هذا الإسم كيف يُرد الجميل عبر الأثير،سيدتي وأمي لو أردت لقادتني محاسنكم لأن أسود بالأمداح أوراقي..
تقبل الله صيامكم وتقبل منا ومنكم فضائل الأعمال..
ودي..