رد: هنا عصفورة الشجن .

حروفك مبهمة فيها بعض الغموض .. والكثير من المحبة .. لذلك تبقى أنتَ وأنتَ فقط سيد النور والحروف التي صيغت من ذهب .

كم تشبه المطر .. تغسل الروح قبل الجسد .. وتمحو كل الغبار الذي نثرته الريح السوداء عن قصد وعن غير قصد .. كم تشبه المطر .. وكم يشبهك المطر .. وهنا عصفورة الشجن .

هنا .. عصفورة الشجن .. الوقت مساء .. وطيفك يتراقص لي في كوب المساء .. أحاول التقاطه .. يفرُّ مني .. لكنه يبقى يصول ويجول في كوب المساء .. وأنا أشاهد طيفك ثم أرتدي حلماً يشبهه .. وأنتظر الصباح .. وأنتظرك معه مع مساحات الإشراق .. هنا .. عصفورة الشجن تتحدى المساء و..كل مساء .

هنا .. عصفورة الشجن .. صور وأسماء ومحطات وقلوب تتقاذفها الأهواء وأمزجة تبعثرها الريح وآمال تشظت على أسوار العناد والكل متشبث .. والكل يصر .. والكل يلّح على مبدأ واحد هو .. اللهم نفسي .. اللهم نفسي ..

ليتني غيمة أظلل أفكاركم الحائرة والتائهة على دروب الشتات .. ليتني حبات المطر أغسل قلوبكم المتعبة من تلك الأتربة التي غزتها من ضيق الأفق ونفاذ البصيرة .. ليتني ياسمينة أداعب خلجات قلوبكم الخجلة التي لا تفارق نوافذ الوقت وتخجل أن تهمس " صباح الخير " .. هنا .. عصفورة الشجن .

لماذا نصغر الأشياء الكبيرة .. لماذا نبسط الأشياء العظيمة .. لماذا تصفق كبار النفوس لصغائر الأشياء .. متى نعرف قيمة أنفسنا وعمق دواخلنا ونقف مرة واحدة دون أن نصفق إلى اللاشيء .. خلقت الأكف لتتماسك وتتكاتف وتتعاضد وليس فقط من أجل أن تصفق .. أنتم أحق الناس بأن يُصفق لكم .. وأن ترفعوا على الأكتاف .. وأن ينحني الجميع احتراماً لكم .. وليس أنتم من عليكم أن تصفقوا إلى اللاشيء ..
هنا .. عصفورة الشجن .

أكبر جريمة في التاريخ هي تجيير انتصارات الفقراء وسرقة أحلامهم وتغميس الملذات بعرق جبينهم .. ولكن هل يستطيع التاريخ إنقاذهم .. أم أن التاريخ لا ينظر بهذا الاتجاه أبداً ؟

كلٌّ يغني على ليلاه .. وليلى لا تدري !
ليلى المحبوبة والمغدورة في نفس الوقت وليلى لا تدري !
كل هذا الغناء ل ليلى وعلى ليلى .. وليلى تائهة في دروب الحياة تبحث عن قيس أردته الأيام وقصائد الحب قتيلاً قبل ألف قرن .. وتفتش ليلى بين القبور علّها تجد قبراً نقش عليه اسم ابن الملوح لتبكي عليه وتشكو إليه مرارة الفقد .. وابن الملوح يصول ويجول في المدائن يغني على ليلاه ويشتم منديلها ويبكي .. وليلى لا تدري !
هنا .. عصفورة الشجن .

هنا .. عصفورة الشجن .
{ زمن الفرسان انتهى } .. هذا ليس زمان الفرسان .. الأرض لم تعد تنجب فرساناً .. الأرض لم تعد تحبل بالفرسان .. ومع ذلك وجدتك أمامي فارساً من الزمن الجميل .. ترى هل يخدعني البصر .. أم أن الأرض التي تحبل بالياسمين لا بد أن تنجب الفرسان لو بعد حين .. تفضل أيها الفارس الجميل فالميدان بانتظارك وساحة الوغى اختلط فيها الحابل بالنابل والسيوف رفعت لتغمد في خاصرة الأخوة والدماء أنهار وينابيع وشلالات والغضب كالبركان فماذا أنت فاعل أيها الفارس المغوار ؟

عفواً .. لا تسألوني عن اسم الفارس الذي هبط علينا من السماء أو ربما أورق من أشجار اللوز أو الصنوبر فهو لم يقدم إلينا شهادة ميلاد بل نحن من قدمنا إليه شهادة بالخيبات وعليه هو أن يقيم الخلل .. هنا .. عصفورة الشجن .