بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
المراه في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المراه في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم
المراه في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم
لقد جعل الإسلام للمرأة مكانة رفيعة فيه فالنساء شقائق الرجال، وحفظ لها شرفها وكرامتها، ولكن كثيراً من اليهود والمغرضين يطعنون في معاملة الإسلام للمرأة وفي هذا الدرس يطوف القارئ طوفة سريعة مع معاملات الإسلام للمرأة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في مجالات مختلفة
مكانة المرأة من النبي:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن
يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد … فيا أيها الإخوة: إن حكمة الله تعالى اقتضت أن يجعل الإنسان من زوجين ذكرٍ وأنثى، وأن
يجعل النساء شقائق الرجال، كما في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم: {أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأم
سليم: إنما النساء شقائق الرجال} أي: أن المرأة والرجل نظيران في هذه الحياة في أمورٍ كثيرة في التكليف، والجزاء، والقيام
بالواجبات الشرعية الملقاة عليهما، كما أن المرأة خلقت من ضلع الرجل، فهي مشتقة منه، ولذلك فقوام الحياة هو بصلاح الرجل
والمرأة واستقامتهما، ووجود العلاقة الشرعية بينهما، وإذا انحرف الرجل أو انحرفت المرأة فسدت الحياة، ودب إليها الضياع
والفناء، وموضوعنا الذي نتحدث عنه في هذه الليلة -كما سمعتم- هو عن المرأة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. والرسول
صلى الله عليه وسلم هو بشرٌ من البشر، ولكنه نبيٌ مختار عليه الصلاة والسلام: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ
[الكهف:110] ولذلك فقد ولد صلى الله عليه وسلم كما يولد غيره من أبوين من ذكرٍ وأنثى، فكان أبوه عبد الله بن عبد المطلب، وكانت
أمه آمنة بنت وهب، ولعل من العجيب أن يموت الرسول صلى الله عليه وسلم في حجر عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: {مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري} أي
أنها كانت تسنده إلى صدرها صلى الله عليه وسلم قالت: {كان عليه الصلاة والسلام إذا مرض تعوذه بعض نسائه} أي: أنَّ عادته صلى
الله عليه وسلم إذا مرض أن ترقيه بعض زوجاته، وتقرأ عليه شيئاً من القرآن، وتنفث، أو ما شابه ذلك، قالت: {فذهبت لأرقيه أو
لأعوذه، فسمعته يقول: بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى}. أي أنه اختار جوار الله عز وجل بعد أن خيره الله تبارك وتعالى، بين
الحياة الدنيا ونعيمها والخلد فيها ثم الجنة، وبين لقاء الله تبارك وتعالى والموتِ ثم الجنة، فاختار الرفيق الأعلى فقالت: {فسمعته يقول
بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى} قالت رضي الله عنها: {ومر عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه جريدة رطبة، فرأيت النبي صلى الله
عليه وسلم ينظر إليها فظننت أن له بها حاجة، فأخذتها من أخي عبد الرحمن فقضمت رأسها، ولينته، ثم نفضته، فأعطيته النبي صلى
الله عليه وسلم، قالت: فاستن به - أي: استاك به- فما رأيته استن استناناً أحسن منه، عليه الصلاة والسلام ثم قضى صلى الله عليه
وسلم، قالت: فخالط ريقي ريقه، عليه الصلاة والسلام في آخر يومٍ من الدنيا وأول يوم من الآخرة}. فهكذا كان النبي القدوة صلى الله
عليه وسلم، يولد من آمنة بنت وهب، ويموت في حجر عائشة رضي الله عنها، وهذا معبرٌ عما كان للمرأة من مكانة في حياته صلى الله
عليه وسلم، وفي نفسه، وفي هديه وسنته، كما سيتضح بعض ذلك، من خلال الحديث. ...
المرأة كأم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:
فأما في ما يتعلقُ بمعاملته صلى الله عليه وسلم للمرأة باعتبارها أماً: فإن حكمة الله تبارك وتعالى اقتضت أن يموت والدا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشرك، وقبل أن
يبعث صلى الله عليه وسلم، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان من الشرائع التي أنـزلت عليه؛ وهي شريعةٌ موافقة للفطرة منسجمة معها، جاءت بها جميع الديانات ا
لسماوية الأمر ببر الوالدين، والإحسان إليهما أحياءً وأمواتاً، عرفاناً بفضلهما وجميلهما المتقدم للإنسان، ومقابلةً لمحبتهما، لابنهما، وعطفهما عليه، وشفقتهما عليه. فروى
الإمام مسلم في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه وقد قبرت أمه بـالأبواء زار قبر أمه صلى الله عليه وسلم فبكى بكاءً طويلاً،
وأبكى من حوله، وقال لأصحابه: استأذنت ربي أن أزور قبر أمي فأذن لي، واستأذنته أن استغفر لها فلم يأذن لي} وقد ورد في طبقات ابن سعد وغيرها أنه صلى الله عليه
وسلم بكى رقةً لها، ورحمةً لما يؤول إليه أمرها، حيث ماتت على الشرك، وحيث نهي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى، وورد
في أمه نصٌ خاص، كما سمعتم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم، {واستأذنته أن أستغفر لها، فلم يأذن لي}. وهكذا كانت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أحسن إليه في
الصغر كحضانته، ومنهن حليمة السعدية، ومنهن الشيماء بنتها، فقد جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقبلها، وفرش لها رداءه، وأجلسها عليه، وهكذا كانت معاملته
لـأم أيمن، وكانت حاضنةً له صلى الله عليه وسلم في حياة أمه وبعد وفاتها، فكان يحبها ويقدرها ويحسن إليها، ويتعاهدها بالزيارة صلى الله عليه وسلم، ولذلك عندما مات
صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر الصديق لـعمر بن الخطاب كما في الصحيح: [[انطلق بنا إلى أم أيمن، نـزورها كما كان صلى الله عليه وسلم يزروها، فلما دخلا عليها وجلسا
عندها بكت، وكان المسلمون حديثي عهد بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا لها، ما يبكيك؟ أما علمت أنما عند الله خيرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: أما
إني لأعلم أن ما عند الله خيرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أبكي لانقطاع الوحي من السماء، فهيجتهما على البكاء، فأخذا يبكيان معها]]. وهكذا أدركت هذه المرأة
المؤمنة أمراً عظيماً وخطباً جللاً في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ليس مجرد فقد شخصه عليه الصلاة والسلام، وإن كان هذا فيه من الحزن العميق، على من عاشوا معه،
وسافروا معه، وجلسوا معه، وصلوا خلفه، وسمعوا كلامه، وأمنَّوا على دعائه؛ إن كان في فقد شخصه عليه الصلاة والسلام خطباً جسيماً إلا أن هناك ما هو أعظم من ذلك
وهو فقدانهم نـزول الوحي من السماء، وهذا ما أدركته أم أيمن رضي الله عنها، فهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يزور قبر أمه، ويحسن إلى حاضناته -كما سبق- فهذا
دليل كبير على مكانة المرأة كأمٍ وكحاضنة ومرضعةٍ، وكمربية في حياة النبي عليه الصلاة والسلام حين يهتم بإبراز هذا الجانب بشكلٍ عملي، فإنه يعطي المسلمين الأسوة
والقدوة في ذلك. وما أحوج المسلمين اليوم إلى أن يعرفوا هذا الأمر وقد تفككت روابط الأسر في كثيرٍ من البلاد، وأصبح الابن في البلاد الكافرة لا يعرف أباه ولا أمه، ولا يهتم
به، ولا يحسن إليهما، ولا يهمه أمرضا أم شقيا، أعاشا أم ماتا، اغتنيا أم افتقرا، وأصبح الابن في كثيرٍ من الأحيان قد يسيء إلى والديه ويعتدي عليهما، وذلك بسبب نغمة
الحرية التي ينادون بها، فهم يزعمون أن من الحرية أن يفعل الابن ما يشاء، وتفعل البنت ما تشاء، ويفعل الأب والأم ما يشاءان ولا علاقة لأحد بأحد، ولا أمر لأحدٍ على أحد،
حتى إن الابن مثلاً ولو كان صغيراً في مقتبل عمره، لو أدبه أبوه وضربه فإنه يرفع سماعة التلفون ويتصل بالشرطة أو بالبوليس، فيحضر إلى البيت ويأخذوا الأب ويحققوا
معه، وقد يدينونه بالاعتداء على ابنه، وهذا ليس خيالياً أو كلاماً يقال، هذا والله واقع في كثير من البلاد الكافرة، وقد تسربت عدواه إلى بلاد المسلمين. ولعل من أهم أسبابه:
تقصير الأبوين في العناية بأبنائهما- كما سيأتي في فقرةٍ قادمة- ولكن المقصود أن الأبناء بحاجةٍ إلى تذكيرهم بحقوق الأبوين ومكانتهما، ووجوب الإحسان إليهما، وتحمُّل ما قد
يصدر منهما من التصرفات التي لا تعجب الأولاد، وهذا الولد هو الآن ابن، وهو بعد وقتٍ غير طويل أب أو أم، كما يفعل لأبويه سيُفعل معه، وكما يريد أن يكون أبناؤه معه فيجب
أن يكون كذلك مع والديه. ......
المرأة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بنتاً:
أما النقطة الثانية في هذا الموضوع، فهي: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مع بناته، أو المرأة في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام باعتبارها بنتاً: وقد ولد
للرسول صلى الله عليه وسلم أربع بنات، هن: زينب ورقية وفاطمة وأم كلثوم، وقد بقيت فاطمة وحدها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أشهراً ثم قبضت كما في
الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، {أن فاطمة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فسارَّها بشيءٍ فبكت ثم سارها بشيء فضحكت، قالت: فسألتها بعد فقالت:
أخبرني أنه يموت صلى الله عليه وسلم في مرضه هذا فبكيت، ثم أخبرني أنني أول من يلحق به من أهله فضحكت} نعم ضحكت فرحاً بلقاء محمد صلى الله عليه وسلم،
بعد أن أحزنها فراقه ستة أشهر، فحين أخبرها أنها أول من يلحق به، ضحكت، وفي رواية أخرى أنه أخبرها أنها سيدة نساء العالمين، أو سيدة نساء أهل الجنة
فضحكت، وكلاهما في الصحيح. أما بقية بناته صلى الله عليه وسلم فقد متن في حياته عليه الصلاة والسلام، وذاق النبي صلى الله عليه وسلم الحزن لفقدهن، وكيف لا
يحزن صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب القلب الحنون العطوف، الممتلئ بالحب لأولاده، الممتلئ بالرحمة لهم ولغيرهم من المؤمنين، بل وللدواب وغيرها! وقد ثبت
في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام، ذهب إلى أبي سيف القين، وكان عنده ابنه إبراهيم، وكان يجود بنفسه، فحمله النبي صلى الله عليه وسلم، ثم فاضت روحه
الطاهرة، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معه رجالٌ من المؤمنين منهم عبد الرحمن بن عوف، فقال: تفعل هذا وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال عليه الصلاة والسلام: {يحزن القلب، وتدمع العين، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون}. نعم كان صلى الله عليه وسلم يحزن لفراق
أولاده وموتهم، ومع ذلك فقد ذاق آلام فراقهم جميعاً إلا فاطمة رضي الله عنها، وهذه حكمة لله تبارك وتعالى، وللمؤمنين به في ذلك ومن يفقدون أولادهم أو أحداً من
أولادهم خير أسوةٍ وقدوة .
لقد جعل الإسلام للمرأة مكانة رفيعة فيه فالنساء شقائق الرجال، وحفظ لها شرفها وكرامتها، ولكن كثيراً من اليهود والمغرضين يطعنون في معاملة الإسلام للمرأة وفي هذا الدرس يطوف القارئ طوفة سريعة مع معاملات الإسلام للمرأة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في مجالات مختلفة
مكانة المرأة من النبي:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن
يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد … فيا أيها الإخوة: إن حكمة الله تعالى اقتضت أن يجعل الإنسان من زوجين ذكرٍ وأنثى، وأن
يجعل النساء شقائق الرجال، كما في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم: {أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأم
سليم: إنما النساء شقائق الرجال} أي: أن المرأة والرجل نظيران في هذه الحياة في أمورٍ كثيرة في التكليف، والجزاء، والقيام
بالواجبات الشرعية الملقاة عليهما، كما أن المرأة خلقت من ضلع الرجل، فهي مشتقة منه، ولذلك فقوام الحياة هو بصلاح الرجل
والمرأة واستقامتهما، ووجود العلاقة الشرعية بينهما، وإذا انحرف الرجل أو انحرفت المرأة فسدت الحياة، ودب إليها الضياع
والفناء، وموضوعنا الذي نتحدث عنه في هذه الليلة -كما سمعتم- هو عن المرأة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. والرسول
صلى الله عليه وسلم هو بشرٌ من البشر، ولكنه نبيٌ مختار عليه الصلاة والسلام: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ
[الكهف:110] ولذلك فقد ولد صلى الله عليه وسلم كما يولد غيره من أبوين من ذكرٍ وأنثى، فكان أبوه عبد الله بن عبد المطلب، وكانت
أمه آمنة بنت وهب، ولعل من العجيب أن يموت الرسول صلى الله عليه وسلم في حجر عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: {مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري} أي
أنها كانت تسنده إلى صدرها صلى الله عليه وسلم قالت: {كان عليه الصلاة والسلام إذا مرض تعوذه بعض نسائه} أي: أنَّ عادته صلى
الله عليه وسلم إذا مرض أن ترقيه بعض زوجاته، وتقرأ عليه شيئاً من القرآن، وتنفث، أو ما شابه ذلك، قالت: {فذهبت لأرقيه أو
لأعوذه، فسمعته يقول: بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى}. أي أنه اختار جوار الله عز وجل بعد أن خيره الله تبارك وتعالى، بين
الحياة الدنيا ونعيمها والخلد فيها ثم الجنة، وبين لقاء الله تبارك وتعالى والموتِ ثم الجنة، فاختار الرفيق الأعلى فقالت: {فسمعته يقول
بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى} قالت رضي الله عنها: {ومر عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه جريدة رطبة، فرأيت النبي صلى الله
عليه وسلم ينظر إليها فظننت أن له بها حاجة، فأخذتها من أخي عبد الرحمن فقضمت رأسها، ولينته، ثم نفضته، فأعطيته النبي صلى
الله عليه وسلم، قالت: فاستن به - أي: استاك به- فما رأيته استن استناناً أحسن منه، عليه الصلاة والسلام ثم قضى صلى الله عليه
وسلم، قالت: فخالط ريقي ريقه، عليه الصلاة والسلام في آخر يومٍ من الدنيا وأول يوم من الآخرة}. فهكذا كان النبي القدوة صلى الله
عليه وسلم، يولد من آمنة بنت وهب، ويموت في حجر عائشة رضي الله عنها، وهذا معبرٌ عما كان للمرأة من مكانة في حياته صلى الله
عليه وسلم، وفي نفسه، وفي هديه وسنته، كما سيتضح بعض ذلك، من خلال الحديث. ...
المرأة كأم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:
فأما في ما يتعلقُ بمعاملته صلى الله عليه وسلم للمرأة باعتبارها أماً: فإن حكمة الله تبارك وتعالى اقتضت أن يموت والدا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشرك، وقبل أن
يبعث صلى الله عليه وسلم، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان من الشرائع التي أنـزلت عليه؛ وهي شريعةٌ موافقة للفطرة منسجمة معها، جاءت بها جميع الديانات ا
لسماوية الأمر ببر الوالدين، والإحسان إليهما أحياءً وأمواتاً، عرفاناً بفضلهما وجميلهما المتقدم للإنسان، ومقابلةً لمحبتهما، لابنهما، وعطفهما عليه، وشفقتهما عليه. فروى
الإمام مسلم في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه وقد قبرت أمه بـالأبواء زار قبر أمه صلى الله عليه وسلم فبكى بكاءً طويلاً،
وأبكى من حوله، وقال لأصحابه: استأذنت ربي أن أزور قبر أمي فأذن لي، واستأذنته أن استغفر لها فلم يأذن لي} وقد ورد في طبقات ابن سعد وغيرها أنه صلى الله عليه
وسلم بكى رقةً لها، ورحمةً لما يؤول إليه أمرها، حيث ماتت على الشرك، وحيث نهي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى، وورد
في أمه نصٌ خاص، كما سمعتم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم، {واستأذنته أن أستغفر لها، فلم يأذن لي}. وهكذا كانت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أحسن إليه في
الصغر كحضانته، ومنهن حليمة السعدية، ومنهن الشيماء بنتها، فقد جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقبلها، وفرش لها رداءه، وأجلسها عليه، وهكذا كانت معاملته
لـأم أيمن، وكانت حاضنةً له صلى الله عليه وسلم في حياة أمه وبعد وفاتها، فكان يحبها ويقدرها ويحسن إليها، ويتعاهدها بالزيارة صلى الله عليه وسلم، ولذلك عندما مات
صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر الصديق لـعمر بن الخطاب كما في الصحيح: [[انطلق بنا إلى أم أيمن، نـزورها كما كان صلى الله عليه وسلم يزروها، فلما دخلا عليها وجلسا
عندها بكت، وكان المسلمون حديثي عهد بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا لها، ما يبكيك؟ أما علمت أنما عند الله خيرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: أما
إني لأعلم أن ما عند الله خيرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أبكي لانقطاع الوحي من السماء، فهيجتهما على البكاء، فأخذا يبكيان معها]]. وهكذا أدركت هذه المرأة
المؤمنة أمراً عظيماً وخطباً جللاً في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ليس مجرد فقد شخصه عليه الصلاة والسلام، وإن كان هذا فيه من الحزن العميق، على من عاشوا معه،
وسافروا معه، وجلسوا معه، وصلوا خلفه، وسمعوا كلامه، وأمنَّوا على دعائه؛ إن كان في فقد شخصه عليه الصلاة والسلام خطباً جسيماً إلا أن هناك ما هو أعظم من ذلك
وهو فقدانهم نـزول الوحي من السماء، وهذا ما أدركته أم أيمن رضي الله عنها، فهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يزور قبر أمه، ويحسن إلى حاضناته -كما سبق- فهذا
دليل كبير على مكانة المرأة كأمٍ وكحاضنة ومرضعةٍ، وكمربية في حياة النبي عليه الصلاة والسلام حين يهتم بإبراز هذا الجانب بشكلٍ عملي، فإنه يعطي المسلمين الأسوة
والقدوة في ذلك. وما أحوج المسلمين اليوم إلى أن يعرفوا هذا الأمر وقد تفككت روابط الأسر في كثيرٍ من البلاد، وأصبح الابن في البلاد الكافرة لا يعرف أباه ولا أمه، ولا يهتم
به، ولا يحسن إليهما، ولا يهمه أمرضا أم شقيا، أعاشا أم ماتا، اغتنيا أم افتقرا، وأصبح الابن في كثيرٍ من الأحيان قد يسيء إلى والديه ويعتدي عليهما، وذلك بسبب نغمة
الحرية التي ينادون بها، فهم يزعمون أن من الحرية أن يفعل الابن ما يشاء، وتفعل البنت ما تشاء، ويفعل الأب والأم ما يشاءان ولا علاقة لأحد بأحد، ولا أمر لأحدٍ على أحد،
حتى إن الابن مثلاً ولو كان صغيراً في مقتبل عمره، لو أدبه أبوه وضربه فإنه يرفع سماعة التلفون ويتصل بالشرطة أو بالبوليس، فيحضر إلى البيت ويأخذوا الأب ويحققوا
معه، وقد يدينونه بالاعتداء على ابنه، وهذا ليس خيالياً أو كلاماً يقال، هذا والله واقع في كثير من البلاد الكافرة، وقد تسربت عدواه إلى بلاد المسلمين. ولعل من أهم أسبابه:
تقصير الأبوين في العناية بأبنائهما- كما سيأتي في فقرةٍ قادمة- ولكن المقصود أن الأبناء بحاجةٍ إلى تذكيرهم بحقوق الأبوين ومكانتهما، ووجوب الإحسان إليهما، وتحمُّل ما قد
يصدر منهما من التصرفات التي لا تعجب الأولاد، وهذا الولد هو الآن ابن، وهو بعد وقتٍ غير طويل أب أو أم، كما يفعل لأبويه سيُفعل معه، وكما يريد أن يكون أبناؤه معه فيجب
أن يكون كذلك مع والديه. ......
المرأة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بنتاً:
أما النقطة الثانية في هذا الموضوع، فهي: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مع بناته، أو المرأة في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام باعتبارها بنتاً: وقد ولد
للرسول صلى الله عليه وسلم أربع بنات، هن: زينب ورقية وفاطمة وأم كلثوم، وقد بقيت فاطمة وحدها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أشهراً ثم قبضت كما في
الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، {أن فاطمة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فسارَّها بشيءٍ فبكت ثم سارها بشيء فضحكت، قالت: فسألتها بعد فقالت:
أخبرني أنه يموت صلى الله عليه وسلم في مرضه هذا فبكيت، ثم أخبرني أنني أول من يلحق به من أهله فضحكت} نعم ضحكت فرحاً بلقاء محمد صلى الله عليه وسلم،
بعد أن أحزنها فراقه ستة أشهر، فحين أخبرها أنها أول من يلحق به، ضحكت، وفي رواية أخرى أنه أخبرها أنها سيدة نساء العالمين، أو سيدة نساء أهل الجنة
فضحكت، وكلاهما في الصحيح. أما بقية بناته صلى الله عليه وسلم فقد متن في حياته عليه الصلاة والسلام، وذاق النبي صلى الله عليه وسلم الحزن لفقدهن، وكيف لا
يحزن صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب القلب الحنون العطوف، الممتلئ بالحب لأولاده، الممتلئ بالرحمة لهم ولغيرهم من المؤمنين، بل وللدواب وغيرها! وقد ثبت
في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام، ذهب إلى أبي سيف القين، وكان عنده ابنه إبراهيم، وكان يجود بنفسه، فحمله النبي صلى الله عليه وسلم، ثم فاضت روحه
الطاهرة، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معه رجالٌ من المؤمنين منهم عبد الرحمن بن عوف، فقال: تفعل هذا وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال عليه الصلاة والسلام: {يحزن القلب، وتدمع العين، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون}. نعم كان صلى الله عليه وسلم يحزن لفراق
أولاده وموتهم، ومع ذلك فقد ذاق آلام فراقهم جميعاً إلا فاطمة رضي الله عنها، وهذه حكمة لله تبارك وتعالى، وللمؤمنين به في ذلك ومن يفقدون أولادهم أو أحداً من
أولادهم خير أسوةٍ وقدوة .
SADEQ ALSOLIHI- عضو جديد
- عدد المساهمات : 90
تاريخ التسجيل : 29/06/2013
رد: المراه في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم
رائع طرحك أخي صادق ومهم جداً .. ما أحوجنا أن نعود نقرأ ونتفكر .. نحن أصبح ما يحدث حولنا يلهينا عن التفكر بأمور مهمة في ديننا .. أصبحت حياتنا تافهة جدا لأنها تكاد تخلو من المعاني القيمة والأهداف النبيلة لها ..
شكرا لك أخي صادق وبارك الله فيك دائماً .
شكرا لك أخي صادق وبارك الله فيك دائماً .
رد: المراه في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم
الأروع مروركِ بين سطوري أختي ميساء..
دام هذا الحضور.. ودمت الأكثر سعادةً وعطاء..
دام هذا الحضور.. ودمت الأكثر سعادةً وعطاء..
SADEQ ALSOLIHI- عضو جديد
- عدد المساهمات : 90
تاريخ التسجيل : 29/06/2013
رد: المراه في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم
أخي الفاضل صادق صلحي بارك الله فيك على هذا الموضوع الرائع وفي السيرة النبوية أعظم دروس لنا ,, ليتنا نتعظ ونطبق كل ما نقرأه عن رسولنا الكريم .
شكرا لك وأنار الله بصيرتك وجعل كل ما تقدمه لنا في ميزان حسناتك
شكرا لك وأنار الله بصيرتك وجعل كل ما تقدمه لنا في ميزان حسناتك
فاطمة شكري- عضو متميز
- الأبراج الصينية :
عدد المساهمات : 779
تاريخ الميلاد : 01/12/1979
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
العمر : 44
رد: المراه في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم
شكراً أخي فينوس لها الحضور الرائع..
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه..
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه..
SADEQ ALSOLIHI- عضو جديد
- عدد المساهمات : 90
تاريخ التسجيل : 29/06/2013
مواضيع مماثلة
» فيديو كليب عن الرسول صلى الله عليه وسلم
» عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
» تصريحات منسوبة لزياد رحباني: فيروز تحب حسن نصر الله المؤيد لـ«الأسد» ورد ريما الرحباني عليه ..
» حياة في منفى
» قصيدة أبـو تمـام وعروبـة اليـوم .. للشاعر عبدالله البردوني
» عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
» تصريحات منسوبة لزياد رحباني: فيروز تحب حسن نصر الله المؤيد لـ«الأسد» ورد ريما الرحباني عليه ..
» حياة في منفى
» قصيدة أبـو تمـام وعروبـة اليـوم .. للشاعر عبدالله البردوني
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة
» غزلك حلو
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:21 من طرف ريما مجد الكيال