بحـث
من أنا ؟
![](https://i.servimg.com/u/f97/14/42/89/14/ao_210.jpg)
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
غريبان .. في أزقة الوطن
صفحة 1 من اصل 1
غريبان .. في أزقة الوطن
غريبان ...في أزقة الوطن
جلست تنتفض كقطة مبللة أمام الموقد وهو يسدل عليها غطاء من الصوف يقيها قسوة البرد ويجففها من البلل،فقد مرت عليها ساعات وهي تنتظره في أسفل تلك العمارة والمطر يتلقفها من كل جانب حتى ظهر لها أخيرا فحملها بين يديه وعاد بها إلى شقتها وأخذ يعاتبها على انتظارها في هذا الجو القارس البرودة واحضر لها كوب ( الكابتشينو )الساخن علّ الدفء يتسرب إليها ، وجلسا يحتسيانه سويا على أنغام (فيروز ) وهي تشدو بأغنيتها المفضلة لهما (سنرجع يوماً خبرني العندليب غداة التقينا على منحنى).
رفعت نظرها إليه وسألته لماذا أطلت الغيبة ؟ آلا تعلم كم اشتاق إليك ؟ أنسيت أنه لا أحد لي هنا في بلاد الغربة غيرك، قد جن جنوني ودفعتني أشواقي دون وعي للذهاب وانتظارك حتى تعود .
أخذ رأسها بين كفيه وقبّله بحنان ،فما كان منها إلا آن أجهشت بالبكاء وجلست تعاتبه كطفلة صغيرة لم تعلم بعد شيئاً عن قسوة الأيام ،قالت له بشفاهها التي ترتعش من البرد،ترتعش من الحب ،من طول الانتظار :أنت عالمي ،عيناك هما دنياي أصول بهما وأجول ويداك هما الحضن الدافئ ، هما بيتي ، وطني ،كل هذا الكون بالنسبة لي فلماذا تغيب ؟
نظر إليها بإشفاق ورفع ذقنها الناعمة بإحدى يديه وبالأخرى اخذ يمسح الدموع المنسابة على وجنتيها الورديتين وهو يقول : يجب أن لا تنسي أننا هنا لفترة مؤقتة طالت أم قصرت، وأنا أصل الليل بالنهار كي اجمع ما يكفينا من المال للعودة هناك إلى الوطن ، إلى ذلك البيت الدافئ الذي سيجمعنا إلى الأبد ؛.
أنا هنا فقط معك لإتمام دراستك والعودة ، أنا هنا فقط لأنتظرك !ليس لنا هنا من شيء نبقى لأجله .
عادت للبكاء من جديد والتوسل إليه ،نعود إلى أين ،إلى ذلك البيت المهتريء ،إلى تلك الأزقة المتآكلة ،إلى خريطة الوطن الممزقة ،أرجوك دعنا نبقى هنا ،دعنا نعيش هنا حيث الأمان والسلام .
دعنا ننجب أطفالا سعداء ينعموا بنور الشمس وضياء القمر بدل أعمدة الدخان ورائحة البارود.
أجابها بقسوة وتابع كلامه بعد أن هدأ من نبرة صوته محاولاً استمالتها إليه قدر الإمكان والتأثير عليها كما تعود دائماً أن يفعل: اسمعيني جيدا يجب أن لا تتركي الحياة هنا تبهر ناظريك ،تغريك ،هذه قشور فارغة لا تعنينا ،نحن يجب أن نعود إلى وطننا ، إلى أزقتنا ، إلى ذكرياتنا الجميلة ، تذكري معي تلك الأزقة الجميلة عندما كنت انتظرك كل صباح عند تلك الناصية كي اصطحبك إلى مدرستك ،هل تتذكرين الأشعار التي كنت اكتبها إليك على صفحات كتبك والوردة الحمراء التي كنت أهديك إياها كل صباح فتغرسينها في ضفائرك المنسدلة على كتفيك كي لا تذبل ،آما اشتقت إلى تلك الأيام ؟
فتجيبه : تلك أيام قد مرت وانتهت ونحن هنا الآن، نعيش بسلام وامن ، ورخاء ما الذي يجبرنا على العودة؟
لم يعجبه كلامها فانسحب من الجلسة ماسحا جبينها بقبلة دافئة وواعداً إياها بان لا يطيل الغيبة .
غاب عنها رغم وعوده المتكررة ،غاب كثيراً،لكنها لم تسأل ،ولم تعد تذهب أسفل تلك العمارة لانتظاره، فقد بات غريبا هو الأخر .
أنهت دراستها وعادت إلى الوطن إلى ذلك البيت الدافئ ، إلى ذلك الحضن الذي حاولت الهروب منه كثيرا ؛ لكن حديثه الدائر في مخيلتها على مدار الساعة كان دائماً يرجعها عن كل تفكير أخر.
عادت هي وتزوجت من آخر، وعاد هو بعدها بأعوام بعد آن جنى من المال ما يكفيه لترميم بيته وحياته ،عاد إلى بيته الدافئ بذكرياته معها ،عاد إلى تلك الأزقة المتآكلة ،يلتقي ظلالها في الزقاق ويناجي روحها وبقايا حديث لم يكتمل، بدأ في أزقة الوطن وتبعثر على أرجاء أزقة الوطن ،عادا ليلتقيا غريبين في أزقة الوطن .
جلست تنتفض كقطة مبللة أمام الموقد وهو يسدل عليها غطاء من الصوف يقيها قسوة البرد ويجففها من البلل،فقد مرت عليها ساعات وهي تنتظره في أسفل تلك العمارة والمطر يتلقفها من كل جانب حتى ظهر لها أخيرا فحملها بين يديه وعاد بها إلى شقتها وأخذ يعاتبها على انتظارها في هذا الجو القارس البرودة واحضر لها كوب ( الكابتشينو )الساخن علّ الدفء يتسرب إليها ، وجلسا يحتسيانه سويا على أنغام (فيروز ) وهي تشدو بأغنيتها المفضلة لهما (سنرجع يوماً خبرني العندليب غداة التقينا على منحنى).
رفعت نظرها إليه وسألته لماذا أطلت الغيبة ؟ آلا تعلم كم اشتاق إليك ؟ أنسيت أنه لا أحد لي هنا في بلاد الغربة غيرك، قد جن جنوني ودفعتني أشواقي دون وعي للذهاب وانتظارك حتى تعود .
أخذ رأسها بين كفيه وقبّله بحنان ،فما كان منها إلا آن أجهشت بالبكاء وجلست تعاتبه كطفلة صغيرة لم تعلم بعد شيئاً عن قسوة الأيام ،قالت له بشفاهها التي ترتعش من البرد،ترتعش من الحب ،من طول الانتظار :أنت عالمي ،عيناك هما دنياي أصول بهما وأجول ويداك هما الحضن الدافئ ، هما بيتي ، وطني ،كل هذا الكون بالنسبة لي فلماذا تغيب ؟
نظر إليها بإشفاق ورفع ذقنها الناعمة بإحدى يديه وبالأخرى اخذ يمسح الدموع المنسابة على وجنتيها الورديتين وهو يقول : يجب أن لا تنسي أننا هنا لفترة مؤقتة طالت أم قصرت، وأنا أصل الليل بالنهار كي اجمع ما يكفينا من المال للعودة هناك إلى الوطن ، إلى ذلك البيت الدافئ الذي سيجمعنا إلى الأبد ؛.
أنا هنا فقط معك لإتمام دراستك والعودة ، أنا هنا فقط لأنتظرك !ليس لنا هنا من شيء نبقى لأجله .
عادت للبكاء من جديد والتوسل إليه ،نعود إلى أين ،إلى ذلك البيت المهتريء ،إلى تلك الأزقة المتآكلة ،إلى خريطة الوطن الممزقة ،أرجوك دعنا نبقى هنا ،دعنا نعيش هنا حيث الأمان والسلام .
دعنا ننجب أطفالا سعداء ينعموا بنور الشمس وضياء القمر بدل أعمدة الدخان ورائحة البارود.
أجابها بقسوة وتابع كلامه بعد أن هدأ من نبرة صوته محاولاً استمالتها إليه قدر الإمكان والتأثير عليها كما تعود دائماً أن يفعل: اسمعيني جيدا يجب أن لا تتركي الحياة هنا تبهر ناظريك ،تغريك ،هذه قشور فارغة لا تعنينا ،نحن يجب أن نعود إلى وطننا ، إلى أزقتنا ، إلى ذكرياتنا الجميلة ، تذكري معي تلك الأزقة الجميلة عندما كنت انتظرك كل صباح عند تلك الناصية كي اصطحبك إلى مدرستك ،هل تتذكرين الأشعار التي كنت اكتبها إليك على صفحات كتبك والوردة الحمراء التي كنت أهديك إياها كل صباح فتغرسينها في ضفائرك المنسدلة على كتفيك كي لا تذبل ،آما اشتقت إلى تلك الأيام ؟
فتجيبه : تلك أيام قد مرت وانتهت ونحن هنا الآن، نعيش بسلام وامن ، ورخاء ما الذي يجبرنا على العودة؟
لم يعجبه كلامها فانسحب من الجلسة ماسحا جبينها بقبلة دافئة وواعداً إياها بان لا يطيل الغيبة .
غاب عنها رغم وعوده المتكررة ،غاب كثيراً،لكنها لم تسأل ،ولم تعد تذهب أسفل تلك العمارة لانتظاره، فقد بات غريبا هو الأخر .
أنهت دراستها وعادت إلى الوطن إلى ذلك البيت الدافئ ، إلى ذلك الحضن الذي حاولت الهروب منه كثيرا ؛ لكن حديثه الدائر في مخيلتها على مدار الساعة كان دائماً يرجعها عن كل تفكير أخر.
عادت هي وتزوجت من آخر، وعاد هو بعدها بأعوام بعد آن جنى من المال ما يكفيه لترميم بيته وحياته ،عاد إلى بيته الدافئ بذكرياته معها ،عاد إلى تلك الأزقة المتآكلة ،يلتقي ظلالها في الزقاق ويناجي روحها وبقايا حديث لم يكتمل، بدأ في أزقة الوطن وتبعثر على أرجاء أزقة الوطن ،عادا ليلتقيا غريبين في أزقة الوطن .
![-](https://2img.net/i/empty.gif)
» على حافة الوطن
» الوطن كما يجب أن يكون
» عَبس الوطن
» من يد الوطن ... إلى أبي في ذكرى رحيله السابعة
» من أجل عيون الوطن : للشاعر عيسى بطارسه
» الوطن كما يجب أن يكون
» عَبس الوطن
» من يد الوطن ... إلى أبي في ذكرى رحيله السابعة
» من أجل عيون الوطن : للشاعر عيسى بطارسه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
» ليلاي ومعتصمها
» غزلك حلو
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
» تحركوا أيها الدمى
» لوحة
» كنتَ مني وكنتُ منك !
» في مولد الهادي
» أحلم بالعيد
» فضل يوم عرفة
» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
» رباعيات عمر الخيام .
» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
» اعشق البحر
» ليل وعسكر .
» الغريب
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
» عاتبني أيها القمر !
» امرأة من زمن الأحلام
» زوابع الياسمين
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي