بحـث
من أنا ؟
![](https://i.servimg.com/u/f97/14/42/89/14/ao_210.jpg)
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
عَبس الوطن
صفحة 1 من اصل 1
عَبس الوطن
عَبس الوطن
لن تهدأ ثورتك، لن تفلت من هذا الضجر الذي يحاصرك من كل الجهات، سينال منك القاصي والداني، ويعلنوك على الملأ زنديقًا كفر بتعاويذ الأجداد، ورمى خلف ظهره صورة باهتة للوطن!
لم يبقَ فيها حيًا إلا الخراب! إنه يكبر ويمتد وينتشر مع الشمس وذرات الهواء؛ لأنهما لا يجيدان القراءة بين السطور وخلف الأفق، ولا يمتدان إلى الزوايا العميقة ومنتصف الفؤاد، لا يعرفان ماء المحبة الذي شح وانقطع؛ فتربع الخراب على كتفيهما، وهبط بنعليه، ومشى.
في الماضي القريب كنتُ أعتبر صمتك داءً خبيثًا يجب أن يُجتث من جذوره، أن تُجفف مآقيه وسواقيه ونوابعه؛ فركضت أبحث عن الدواء، هرولت إلى الكتب القريبة والبعيدة، أفتش فيها كيف أداويك؟ كيف أصنع لك رفاقًا من الورق؟ كيف أرسم وطنًا على باطن الكف تشتهيه كل صباح وأنت ترتشف قهوتك؟ كيف أرسم ضحكاتهم الغائبة على جدار بارد كي لا تنساهم وتنسى كيف يكون الضحك؟
كانت الشمس أحيانًا لا تكرهني، تحنُّ عليَّ فجأة فتشرق في أعماقي، وكنتُ لا أكذب خبرًا؛ فأنفض الخريف عن قلبي، وأميط الضجر عن عينيِّ وأمضي في حقول الصباح؛ أقطف من كل حديقة بنفسجة، وياسمينة، وأذيبهم مع رحيق الزعتر، وأرتشفهم على الريق ثلاث مرات متوالية؛ فينتعش الوطن في قلبي، وأكتب إليه قصيدة من ألف بيت، تذوب أحرفها على الجسور والمعابر، وتتشتت قوافيها، ويلملمها الرفاق ويعلقونها على قبة الصخرة؛ فيبتسم المسجد الأقصى ويضحك كل "الحَرَم"؛ فيُجبَر خاطري الذي كُسر، وعمري الذي تصدع على بوابات الشمس.
لا ياسمينة حرَّة في حدائق الجوار، لا بنفسجة بِكرٌ، لا بقايا زعتر في أرجاء القلب، كل شيء فارغ حتى من الصور! والمطر هنا يأتي على استحياء، وفي آخر مرسوم صدر عن والي المدينة حرِّم فيه وجرِّم قطف حبات المطر؛ فلم أعد أستطيع أن أخبئ إليك بين كفيِّ حبات المطر، ولم أعد أستطيع أن أزرعهما حدائقَ لترى الوطن فيهما، وتشتهيه كل صباح وعند الغسق، ولم يعد الوطن قابلًا كي أرسمه، أو أصوره لك؛ كي تحتسيه نبيذًا معتقًا عند كل مساء وقبل أن تهاجم عينيك براثن النَعَس.
الوطن أصبح بعيدًا، والمطر شحيحًا، والشمس أعلنت كراهيتها بالمطلق، وتواطأت مع الأكسجين على الفتك بكل قصيدة، وملاحقة الشعراء، والزج بهم إلى كهوف بعيدة؛ فالخيام أصبحت مبعث قلقٍ وأرقٍ، ونزفها ولو كان عشقًا خالصًا لوجه عفراء أو مادونا سيبقى مرفوضًا بلا سبب.
وأنا بين كل هذا الظلام أخرج في الصباح كعادة قديمة، أفتش في الحدائق الباردة عن نرجسة يابسة، أو ضلع ياسمينة مهجورة؛ فاتخذها صديقة!
لم يبقَ منهم أحد، فلنعلن الصمت معًا؛ فهذا الوطن مثخن بجراحه، محترق حتى أصابع قدمه، لن تشفيه صلاة، لن يرثيه دعاء.
عَبس الوطن، ولن يبتسم لقصيدة.
عدل سابقا من قبل ميساء البشيتي في الثلاثاء 17 أكتوبر 2017 - 18:24 عدل 1 مرات
--------------------------------
![عَبس الوطن Aooo_o11](https://i.servimg.com/u/f66/14/42/89/14/aooo_o11.jpg)
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
رد: عَبس الوطن
من أجمل الردود التي وردت على "عبس الوطن" رد الأديبة والصديقة الغالية جهاد بدران في منتديات قناديل الفكر والأدب .
رد: عَبس الوطن
الغالية جهاد بدران
ولن أضيف على ما تفضلت به لأنه جاء قراءة واضحة ومفصلة للنص
نحن نعيش الآن حالة صدمة حقيقية الوطن في واد والبقية في واد آخر
الوطن لم يعد بأيدي أمينة يا جهاد ولم يعد بآمان
ونحن علينا الرحيل من منفى لآخر
ونسمع من بعيد أخبار الوطن وصوت عذاباته
لنا الله يا غالية والله يحمي الوطن ويرد كيد الكائدين في نحورهم
شكرا لك على بهاء مرورك ودمت والوطن بألف خير
http://kanadeelfkr.com/vb/showthread.php?p=672489#post672489
![عَبس الوطن Icon1](https://2img.net/h/kanadeelfkr.com/vb/images/icons/icon1.gif)
اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد بدران [ مشاهدة المشاركة ] |
عبس الوطن... وما زال عابساً من خنجر الصمت الذي يذبحه كل حين.. يعبس من الأيدي الملطخة بدناء الأبرياء..من الخونة الذين يبيعون ويتاجرون بأوردة الوطن.. يعبس من الخمول والهوان الذي يعشش بين قلوب باعت الرحمة والكرامة في سوق الغرب وعلى مائدة حكامنا المتخاذلين مع الطغاة ..واستبدلت حرية الأرض بالنخاسة لعبيدها.. فكيف لا يعبس الوطن، والحكام وولاة أمورنا يصوبون أسهمتهم على قلب المقدسات ويبيعون ضمائهرهم مقامرة على كراسيهم وحكمهم الفاسد... لن يطول بهم الزمن والله لهم بالمرصاد.. مهما خططوا باغتيال الوطن فالشهداء يعيدون اتزانه والأحرار يبصمون على جدرانه الكرامة والشرف.. للوطن رجاله الذين لا يكلّون ولا يملون من الدفاع عنه بأرواحهم.. وهم يصلّون كل الوقت له ..وصلاتهم قنديل ومعراج للحق والصمود.. أمة تكالبت عليها كل فئات الكفر لأنها فقدت سبيل ربها وعاثت بالأرض الفساد..وقناديل الخشية من الله انطفأت من قلوبهم ..فكيف سيحمون الوطن والأيدي تصافح أئمة الكفر والعقول فارغة من الوعي والفقه السياسي الذي يتلاعب بهم الغرب كدمى متحركة لا تملك لنفسها زمام السيطرة على شبر أرض أو على نفوذ لصالح الوطن.. لذا كان حقاً على الوطن أن يعبس بكل وجه متخاذل خائن باع الكرامة والضمير واتبع الأوغاد من العرب والغرب... ... الراقية المبدعة الفنانة الأديبة الفذة أ.ميساء البشيتي لله درك على لوحة بارعة النسج ممتلئة بالجمال والروعة متقنة النسج مطرزة بأكاليل البراعة والحرفية التي تدل على قدرتك في صياغة الجمال وفنونه بأسلوب متفرد مميز يدل على أديبة لها شأن كبير في الأدب.. الصور والتراكيب هنا كانت قمة في الروعة والبلاغة وتحمل ألفاظاً متقنة مزدحمة في عالم الجمال والسحر.. وفقك الله وزادك من نعمه وخيره وعلمه ونوره جهاد بدران |
الغالية جهاد بدران
ولن أضيف على ما تفضلت به لأنه جاء قراءة واضحة ومفصلة للنص
نحن نعيش الآن حالة صدمة حقيقية الوطن في واد والبقية في واد آخر
الوطن لم يعد بأيدي أمينة يا جهاد ولم يعد بآمان
ونحن علينا الرحيل من منفى لآخر
ونسمع من بعيد أخبار الوطن وصوت عذاباته
لنا الله يا غالية والله يحمي الوطن ويرد كيد الكائدين في نحورهم
شكرا لك على بهاء مرورك ودمت والوطن بألف خير
http://kanadeelfkr.com/vb/showthread.php?p=672489#post672489
--------------------------------
![عَبس الوطن Aooo_o11](https://i.servimg.com/u/f66/14/42/89/14/aooo_o11.jpg)
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
رد: عَبس الوطن
عَبس الوطن
لن تهدأ ثورتك، لن تفلت من هذا الضجر الذي يحاصرك من كل الجهات، سينال منك القاصي والداني، ويعلنوك على الملأ زنديقًا كفر بتعاويذ الأجداد، ورمى خلف ظهره صورة باهتة للوطن!
لم يبقَ فيها حيًا إلا الخراب! إنه يكبر ويمتد وينتشر مع الشمس وذرات الهواء؛ لأنهما لا يجيدان القراءة بين السطور وخلف الأفق، ولا يمتدان إلى الزوايا العميقة ومنتصف الفؤاد، لا يعرفان ماء المحبة الذي شح وانقطع؛ فتربع الخراب على كتفيهما، وهبط بنعليه ومشى.
في الماضي القريب كنتُ أعتبر صمتك داءً خبيثًا يجب أن يُجتث من جذوره، أن تُجفف مآقيه وسواقيه ونوابعه؛ فركضت أبحث عن الدواء، هرولت إلى الكتب القريبة والبعيدة، أفتش فيها كيف أداويك؟ كيف أصنع لك رفاقًا من الورق؟ كيف أرسم وطنًا على باطن الكف تشتهيه كل صباح وأنت ترتشف قهوتك؟ كيف أرسم ضحكاتهم الغائبة على جدار بارد كي لا تنساهم وتنسى كيف يكون الضحك؟
كانت الشمس أحيانًا لا تكرهني، تحنُّ عليَّ فجأة فتشرق في أعماقي، وكنتُ لا أكذب خبرًا؛ فأنفض الخريف عن قلبي، وأميط الضجر عن عينيِّ وأمضي في حقول الصباح؛ أقطف من كل حديقة بنفسجة وياسمينة، أذيبهم مع رحيق الزعتر، أرتشفهم على الريق ثلاث مرات متوالية؛ فينتعش الوطن في قلبي، وأكتب إليه قصيدة من ألف بيت، تذوب أحرفها على الجسور والمعابر، وتتشتت قوافيها، ويلملمها الرفاق ويعلقونها على قبة الصخرة؛ فيبتسم المسجد الأقصى ويضحك كل "الحَرَم"؛ فيُجبَر خاطري الذي كُسر، وعمري الذي تصدع على بوابات الشمس.
لا ياسمينة حرَّة في حدائق الجوار، لا بنفسجة بِكرٌ، لا بقايا زعتر في أرجاء القلب، كل شيء فارغ حتى من الصور! والمطر هنا يأتي على استحياء، وفي آخر مرسوم صدر عن والي المدينة حرِّم فيه وجرِّم قطف حبات المطر؛ فلم أعد أستطيع أن أخبئ إليك بين كفيِّ حبات المطر، ولم أعد أستطيع أن أزرعهما حدائقَ لترى الوطن فيهما، وتشتهيه كل صباح وعند الغسق، ولم يعد الوطن قابلًا كي أرسمه، أو أصوره لك؛ كي تحتسيه نبيذًا معتقًا عند كل مساء وقبل أن تهاجم عينيك براثن النَعَس.
الوطن أصبح بعيدًا، والمطر شحيحًا، والشمس أعلنت كراهيتها بالمطلق، وتواطأت مع الأكسجين على الفتك بكل قصيدة، وملاحقة الشعراء، والزج بهم إلى كهوف بعيدة؛ فالخيام أصبحت مبعث قلقٍ وأرقٍ، ونزفها ولو كان عشقًا خالصًا لوجه عفراء أو مادونا سيبقى مرفوضًا بلا سبب.
وأنا بين كل هذا الظلام أخرج في الصباح كعادة قديمة، أفتش في الحدائق الباردة عن نرجسة يابسة، أو ضلع ياسمينة مهجورة؛ فاتخذها صديقة!
لم يبقَ منهم أحد، فلنعلن الصمت معًا؛ فهذا الوطن مثخن بجراحه، محترق حتى أصابع قدمه، لن تشفيه صلاة، لن يرثيه دعاء.
عَبس الوطن، ولن يبتسم لقصيدة.
--------------------------------
![عَبس الوطن Aooo_o11](https://i.servimg.com/u/f66/14/42/89/14/aooo_o11.jpg)
الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
![-](https://2img.net/i/empty.gif)
» على حافة الوطن
» الوطن كما يجب أن يكون
» غريبان .. في أزقة الوطن
» من يد الوطن ... إلى أبي في ذكرى رحيله السابعة
» من أجل عيون الوطن : للشاعر عيسى بطارسه
» الوطن كما يجب أن يكون
» غريبان .. في أزقة الوطن
» من يد الوطن ... إلى أبي في ذكرى رحيله السابعة
» من أجل عيون الوطن : للشاعر عيسى بطارسه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
» ليلاي ومعتصمها
» غزلك حلو
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
» تحركوا أيها الدمى
» لوحة
» كنتَ مني وكنتُ منك !
» في مولد الهادي
» أحلم بالعيد
» فضل يوم عرفة
» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
» رباعيات عمر الخيام .
» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
» اعشق البحر
» ليل وعسكر .
» الغريب
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
» عاتبني أيها القمر !
» امرأة من زمن الأحلام
» زوابع الياسمين
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي