جسر بيتشوجين


بقلم: إ . بيرمياك
ترجمها من الروسية أ . د . حامد طاهر


في الطريق إلى المدرسة , تعود جماعة من التلاميذ الحديث عن المآثر .


قال الصبى الأول : ما اروع إنقاذ طفل من الحريق !


وتخيل الثاني: أروع منه اصطياد أكبر كركي . . على الفور يعرفه الناس جميعًا .


وقال الثالث: أروع من هذا كله أول من يطير إلى القمر , فإن العالم كله سيعرف صاحبه !


لكن ( بيتشوجين ) لم يفكر في شيء من هذا . فقد كان فتى هادئًا , صامتًا . ومثل باقي زملائه , كان بيتشوجين يفضل الذهاب إلى المدرسة من طريق قصير عبر نهر صغير عند شاطئ شديد الانحدار . وكان عبوره وثبًا من أصعب الأمور .


في العام الماضى , لم يتمكن تلميذ صغير من القفز فسقط في الماء , وما زال يرقد في المستشفى . وفي هذا الشتاء , عبرته فتاتان في الجليد فعثرت أقدامهما عليه . وهكذا تعالت الصرخات منه . وحرمت جماعات التلاميذ الصغار من استخدام هذا الطريق القصير . وكم يكون المسير مرهقًا وطويلًا , عندما يوجد طريق آخر قصير !


وها هو بيتشوجين يفكر . . ويهتدى أخيرًا إلى ضرورة قطع صفصافه قديمة من هذا الشاطئ ليسقطها على الشاطئ الآخر . وكانت لديه " بلطة " جيدة , مشحوذة من عهد جده , فراح يقطع في الصفصافة وقد اتضح بعد قليل أن هذا عمل غير سهل . فقد كانت الصفصافة غليظة جدًا , لا يمكن لإنسان واحد أن يضمها بذراعيه الاثنتين . لكنها بعد يومين من العمل المتواصل سقطت . . راقدة عبر النهر الصغير ثم كان على بيتشوجين أن يشذب فروع الصفصافة التي تعوق المسير ,وتشتبك تحت قدميه .
لكنه - بعد أن قطع الفروع - وجد أن السير أصعب , لأنه لم يكن هناك شيء يمكن الاستناد إليه وخاصة عندما يسقط الجليد . . وقرر بيتشوجين أن يركب سورًا من أعواد الخشب .


وهكذا ظهر جسر جديد . ولم يعد التلاميذ فقط هم الذين يستخدمونه وإنما كل سكان المنطقة عندما يعبرون من قرية إلى قرية أخرى , بواسطة طريق قصير . حتى أن أولئك الذين كانوا يستخدمون الطريق غير المباشر , كان يقال لهم:


- هل تريدون أن تقطعوا مسافة سبعة آلف متر ! اذهبوا مباشرة عن طريق جسر بيتشوجين .


وعندما تآكلت الصفصافة , وأصبح المسير عليها محفوظًا بالمخاطر استبدل بها أهالي القرى المجاورة جذع شجرة أخرى جيدة . . لكن بقي الاسم الأسبق للجسر , وهو: بيتشوجين .


ثم لم يلبث هذا الجسر أن تغير , وأصبح طريقًا معبدًا , وعبر النهر السريع , امتد الطريق , في نفس مكان ذلك الممر الصغير , حيث شيدت الحكومة جسرًا كبيرًا , ارتفعت على جانبيه قوائم من حديد الزهر . وكان من الممكن أن يطلق على هذا الجسر الضخم اسم كبير . لكن أحدًا لم يفكر على الإطلاق في أن يطلق عليه أي اسم آخر سوى: جسر بيتشوجين !


وبهذه الطريقة وحدها , يمكن أن يصبح للإنسان اسم في الحياة !