منتدى عصفورة الشجن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

من أنا ؟


حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية


المواضيع الأخيرة
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyأمس في 18:02 من طرف ميساء البشيتي

» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري

» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي

» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي

» ليلاي ومعتصمها
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة

» غزلك حلو
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:21 من طرف ريما مجد الكيال

» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:18 من طرف لبيبة الدسوقي

» تحركوا أيها الدمى
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:14 من طرف لبيبة الدسوقي

» لوحة
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالسبت 22 يونيو 2024 - 12:04 من طرف ريما مجد الكيال

» كنتَ مني وكنتُ منك !
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالسبت 22 يونيو 2024 - 12:02 من طرف ريما مجد الكيال

» في مولد الهادي
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالثلاثاء 18 يونيو 2024 - 12:21 من طرف هدى ياسين

» أحلم بالعيد
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالأحد 16 يونيو 2024 - 12:06 من طرف اميرة

» فضل يوم عرفة
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالسبت 15 يونيو 2024 - 12:09 من طرف سيما حسن

» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالسبت 8 يونيو 2024 - 11:57 من طرف خيمة العودة

» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالجمعة 31 مايو 2024 - 11:54 من طرف هبة الله فرغلي

» رباعيات عمر الخيام .
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالخميس 30 مايو 2024 - 11:27 من طرف عمر محمد اسليم

» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالخميس 30 مايو 2024 - 11:24 من طرف خيمة العودة

» اعشق البحر
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالثلاثاء 21 مايو 2024 - 11:19 من طرف ريما مجد الكيال

» ليل وعسكر .
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالسبت 18 مايو 2024 - 12:04 من طرف لانا زهدي

» الغريب
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالأربعاء 15 مايو 2024 - 11:29 من طرف عشتار

» نزوح آخر بقلم نور السويركي
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالإثنين 13 مايو 2024 - 11:28 من طرف خيمة العودة

» عاتبني أيها القمر !
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالإثنين 13 مايو 2024 - 11:24 من طرف لبيبة الدسوقي

» امرأة من زمن الأحلام
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالأحد 12 مايو 2024 - 11:11 من طرف ريما مجد الكيال

» زوابع الياسمين
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالأحد 12 مايو 2024 - 11:09 من طرف ريما مجد الكيال

» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Emptyالسبت 4 مايو 2024 - 11:41 من طرف حاتم أبو زيد

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
ميساء البشيتي
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Poll_rightرسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Poll_centerرسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Poll_left 


رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين

اذهب الى الأسفل

رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Empty رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين

مُساهمة من طرف ميساء البشيتي الأحد 6 أكتوبر 2013 - 21:27



رسـائـل مـن فـلـسـطـيـن (3)


د. عبد القادر حسـين ياسـين

29/08/2011





الأشـجـار تـَمـوتُ واقــفــة..!



"مـَشـَيتُ ... وفي منتـصف طريق الحـياة،

وجـدتُ نفـسي في غـابة مـظـلـمـة؛

حـينها أدركتُ أنه قـد ضاعـت مني معالم الطريق"

دانـتـي آلـيـغـيـيـري (1265 ـ 1321)

الكومـيـديـا الإلـهـيـة



لا أحـاول ، في هـذه السـطور ، أن أضفى على عـودتي الى الـوطـن العـناصر الضرورية لتـراجـيـديا إغـريـقـية صريحة. ولا أغـالي إذا قـلـت أنـني لم أشعـر ، خلال أربـعـيـن عـاماً من الغـياب، أن العـودة ممكـنة.



أثـنـاء الـحـصـار الإسـرائيلي لـبـيـروت في آب 1982 إنـتـابـني الـرعـب من احتمال مـوتي، ودفـني في مـقـبـرة الشهـداء في مـخـيـم شـاتيلا... ولم يكن لديّ من السذاجة ما يكفي للاقـتـنـاع بأن شخـصاً يموت في بـيروت سيجـد من يـنـقـل رفـاتـه إلى فلسطين.



عـنـدما خطوتُ خطوتي الأولى عـلى تـراب فـلـسـطين، سقـطتُ مـُعـذبـاً ومـُتـعـبـاً وباكـياً .عُـدتُ إلى فـلـسـطين لأبـحـث عـن وطـنـي في وطـنـي... لم أجد الـوطـن في الـوطـن. لأنني تـغـيـّرت ... وتـغـيـَّر الـوطـن ، إذ لا يحـضرُ وطن بلا مـنـفـى .



وتسأل نفسك:

هـل أنت هـنا لأن "البـلاد طـلـبـت أهـلها" ؟

أم إجابة للسؤال الذي طـرحـه شـاعـر فلسطين الراحـل محمود درويش:

"أين الطريق إلى أي شيء؟"



* * * * * * * * * *

قضيتُ ليلة بلا نوم...

أخرج من باب البيت الذي أقـيـم فـيـه.

أمرّ في الزقاق الضيق ...

الجـرذان تـتـقـافـز فـوق أكوام من الزبالة التي تسـُدّ منافـذ الأزقـة الضيقة ومنافـذ الروح ...

يأخـذني الطريق إلى الطريق العام. على بوابة المـسـتـشـفى شاهـدت موسى نـواجـحـة ، الذي اسـتـشـهـد مسـاء أمس في القـصـف الاسـرائيلي للـمـدينـة، وسمعـت أمـَّه التي تدور حول نـفـسها كدجاجة ذبـيـحة تـطـلـق الـزغاريد.

أتـت الغارة الإسـرائيلية على البيت كلّه. كم من الصعـب أن يحيا المرء نهباً للرعـب ، وأن يصير بلا بـيـت ... في غـزة ، يـعـيـش الفلـسـطـيـنـيـون حكاية هذه المأساة منذ الـنـكـبـة الكبرى في أيـار 1948... لكنـهـم يـقـهـرون اليأس ولا يـفـقـدون الأمل بـالحـرية، ويـصـنـعـون كل يوم معجزة الانـتـصـار على الموت، بالحياة وبالموت معاً.

وقـال لـي أكـرم أن إبـنـتـه الوحيدة نـجـوى تعاني من وطأة الكوابيس التي إنــتابـتـها طوال الليالي الفائتة، وخصوصاً بعد الغارة التي دمـرت البيت. وأنها "تـفـتـقـد القطة " (!!!) التي عـثـروا عـلـيـها تحـت الأنـقـاض.

احترق قـلبي عـلى شهداء لا أعـرفهم ، فـلسطين هي الحـبـل السرّي بين روحي وأرواحهم.

بكيتُ مع أمـَّهات تخيّـلتهـن ينطوين على أنفـسهن في عـتمة البيوت، بكبرياء حتى لا يراهـنّ أحـد، هـنّ اللواتي أطلقـن الزغـاريد متباهـيات باستـشهاد فـلذات الأكباد.



إرتجـفـت روحي قهـراً وغـضباً وأنا أشاهـد أكـفّ أطفال فلسطينيين ترفع الرايات، وأصابعـهـم الرقـيـقـة الداكـنة تجمع نـتـفـاً من لحم بـشري محـتـرق تـنـاثـر مع شظايا سيارات قصفـــتها الطائرات الاسرائيلية بصواريخ صَهَـرت معــدنها، إمعاناً في قـتـل الفـلـسـطـيـنـيـيـن حـرقاً. سيّارات هي بعـض محارق، لا تنطفئ في مدينة إلاً لـتـشـتـعــل في مخـيم، ثمّ في قـرية، وهكذا دون توقّـف...



رأيت أمـَّاً فـلسـطـيـنـيـة تمـضي وراء جـنازة إبنها ، وجـثـمانه مرفـوع على الأكفّ، وهي تمشي ذاهـلة، ضاربة كـفـاً بـكـفّ، تـتـكـلـّم مع نفـسها...

لا، هـذه ليست كلمات متقاطعة ،

إنها جـزء من مونولوج فلسطيني جـماعي :

إنَّ ما تفـعـلـه اسرائيل يدفع الفـلـسـطـيـنـيـيـن أن يهاجموا " القـلـعـة المتحركـة" (دبـابـة الميركافـا) بالحجارة ـ معركة لامعـقـولة! ـ وأن يطـلـقـوا رصاص بنادقـهـم المتواضعـة على الطائرات الأسرع من الصوت، وأن يصرخوا حـتى الاستشهاد حتى لا يموتوا في "الخزّان" بصمت ...



* * * * * * * * * *



هـذه هي الـمـرة الأولى التي ألـتـقـي فـيـها كمال الـهـنـدي مـنـذ 25 عـامـا... تأملـته برهة واسـعـة خطـفـت فـيـها تاريخـاً أظـلـنـا، وأطلـتُ النـظـر. ذكـَّرني بـلـقـاءنا في تونس في نيـسـان 1986...وحـوارنا على مـدى ثلاث ليال...



تـحـدثـنـا كثيراً في ما لا نـقـوله لـو كنا رتـَّـبـنـا أنـفـسـنا لقـول أو بـوح.

أعـذب الكلام ما لا يكون مـُرتباً أو مُخططاً. ...

سـألـتـه عن بـعـض الأخـوة اللذين يـعـرفـهـم جـيـدا...وخـاصـة صـهـره جـمـال الـزعـبـي...وما كـدتُ أنـهـي السـؤال حتى غـطـَّت ملامـحـه سـحابة من الحـزن...قـال: "الـبـقـيـة في حياتك...ألم تـقـرأ نـعـيـه في الصـحـف؟"



لـم أعـرف كيف أداري خـجـلي...

وطـوال سـاعـتـيـن كان حديـثـنـا عن الوطـن ... والـمـنـفى... والرحـيل.. رحيل المثـقـفـيـن الفلسطينيين في كـافـة أرجـاء الـمـعـمورة...



* * * * * * * * * *

صارع جـمـال الـزعـبي المـرض طيلة سنوات، تكشفـت عن المزيد ـ النبيل والشجاع ـ ممّا كان يُعـرف عـنه من طاقة مذهلة على تثمين الحياة، وإدمان المقاومة، وإستنبات الأمل.

كانت حـياتـه بمثابة صراع مفـتوح من أجل طراز من البـقـاء لا تغـيب عـنه سجايا النظافة، واللقمة الشريفـة، والتحـرّر من غـريزة القـطيع، والتـمـسك بالعـقـل الجـدلي الذي يُحـسن تـمـيـيـز الخاصّ عـن العامّ ، وكيف ومتى يتوجـب الفـصل (أو الوصل) بينهما.

كان فـلسطيـنـيـاً خالصاً يستـقـطر وعـده الفـلـسـطـيـني، يـرشح بحـبّ فـلـسـطـيـن وبحـلـم يمـضي به حـدّ التعـصب. مـُثـقـفٌ موهـوب، غاضب، يشعـر بالحـيف من كل ما أحيط به : الفـقـر والغـنى ، والحرية والعـبودية ، وفـُرص النشر والتألق والانزواء ...

أتـقـن "الحـبّ على الطريقة الـفـلـسـطـيـنـيـة" ، لبس العـري ثوباً معـطًـراً، واجه الجـوع بالـزعـتـر، ثم رحل في صمت كلي.

قـبـل ثلاثـة أشـهـر قـال لي أنـه يشـعـر بأن "الرحـلـة إنتـهـت..." وأنـه يـتـمـنـى أن يـدفـن "هـنـاك..." في سـفـح جـبـل "جـرزيم".. في نابلس ، مدينة الصـابون والـكـنـافـة النابلسـية...

و"جـبـل النـار"...

كان يهـتـف لي أحيانا، بصوته الذي أنهـكه المرض حـتى صار هـمـساً مبحـوحاً، ليـلـفـت إنـتـبـاهي إلى مـقـال في مـجـلـة أدبيـة ، أو لكتاب جـديد.

ولأن جـمـال إنسان، ولأن لكل عـمر نهاية، ولـكـل مـنـيـة سبباً، ولأن الموت حـقّ، فـقـد كان مـحـتـماً أن نـفـتـقـده ذات يوم ...

جـمـال الذي بدأ مُعـلـّماً، ظل يتعـلـَّم ويتعـلـَّم ويتعـلـَّم حتى آخر يوم في حياتـه... كان يـُدهـشـنـي في حضوره اللامع والمتواضع، في دقـة متابعـته للتـطورات، وسرعة خاطره، وشمولية رؤيته للمشهد العـربي ، وجرأتـه في المواضيع التي يطرحـهـا، ومن بـيـنـها أن الـمـواطن العـربي كان غـريبا ـ ولا يزال ـ في وطنه، وكات يـتـألـم لـهـذا السقوط المريع للفكر الـعـربي، "حتى بات الواحد منا يخجل من ان يقول أنه عـربي...".

ولا شـك في أن الواقـع الـمـأسـاوي لـهـذه الأمـة الـمـتـخـاذلـة والـمـهـزومـة ، والأوضـاع السـائـدة في فلسطين قد أثـَّرت في قـلب الرجـل، فآثر راضيا الرحيل تاركا وراءه هذا الهـبـوط لأمة تـزعـم أنـهـا "خـيـر أمـة أخـرجـت للناس".



فالأشجار تموت واقـفـة!

* * * * * * * * * *



في السـويد حيث أقـيـم مـنـذ سـنـوات نـادراً مـا أرى وجـهـاً فـلـسـطينـيـاً ... أمـا في الـوطـن فلا أرى سوى وجـوه فـلـسـطـيـنـيـة ، ولا أسمع سوى اللـهـجـة الـفـسـطـيـنـيـة.

في عالم اليوم الذي أصبح "قـريـة صـغـيـرة" يغـترب الكثيرون، ويُهاجرون لأسباب شتى، إما بحثاً عن ظروف عـمـل ومعـيـشة أفـضل، أو رغـبة في إستكشاف عـوالم جـديدة، تعــتـبـر مجهـولة بالنسبة لهم، قـياساً إلى عالمهم الصغـير، المحدود، الذي ولـدوا ونشأوا فيه. لكن هـؤلاء وهـم يغـتـربون فإنهم يظـلون مسكونـيـن بالحـرية : حرية إخـتـيـار الهجـرة وحـرية العـودة إلى الوطن متى شاؤوا. وتـتـجـلى قـسوة الغـربة في أوضح صُورها حـين تكون محمـولاً على هـذه الغـربة لظروف قاسية خارجة عـن إرادتـك، كما هـو الحـال بالنسـبـة للـفـلـسـطيني.

هل يشعـر من غـاب عـن وطـنه سنوات طويلة بأن تلك كانت سنوات ضـائـعـة من عـمـره، خاصة حين تكون ما تـُوصف بـ "زهـرة العـمـر" قـد ذبـلـت وهو بـعـيـد عـن وطنه؟

كيف يستطيع العائد إلى وطنه ، بعـد غـيابٍ طويل ، أن يُعـيـد "إقـامة" علاقاـته مع المحيط الذي انـقـطـع عنه دهـراً من العمر طال أكثر مما يجـب؟



* * * * * * * * * *

قبل أربـعـة أشـهـر سألني صديق سويدي :

"لـماذا لا تعـود الى فلسطين ؟"

وقـلـتُ لـه :

لـيـتـنـي أعـود ...

ولـكـنـنـي تـورطـت ُ في المـنـفـى ...

لـقـد تورطت لدرجة أسـأل معـها نفسـي ماذا سـأفعل ؟ ...

أريد أي مكان لأعـود إلى ذاتي،

لأعـلـق لوحـة على جـدار لي،

لأزرع حوضاً من النعـناع ...

كل شيء خارج المكان عـابر وسريع الزوال..

يجـتاحني نـداء راعـف إلى الـعـودة...

أريـد أن أعـود....

لا أريـد أن أمـوت هـنـا... في هـذه الصـحراء الجـليـديـة...



في الـمـنـفـى السويدي ثـمـة مـا يـُذكرالفـلسـطيني على الـدوام بأن هـذه الصحراء الجـلـيـدية أكـثر دفـئاً وحـناناً ، وأكثر إنسانية من أولئك الذين خُــيّـِل إلـيـنا أننا نـشاركـهـم الـلـغـة ، والـثـقـافـة ، والـديـن ، والتاريـخ ، والـنـضـال ، والمـسـيـر، والـمـصـير المـشـتـرك .

كـنـتُ أنظر الى أسراب الطـيـور المهاجـرة ، وأبـحـث عـن نـفـسي فـلا أجـدهـا... تـحـتـرق أصابعي إذا مَسَّـتها ، أقـتـربُ من الـنـار ولا أدانـيـهـا... وأدرك أنـها بـعـيـدة عـنـي بُعـدي عن الله أجد نفسي وحـيداً في مكان لا مكان لي فـيه....

لـقـد اكـتـشـــفـتُ ( متأخرا على ما يـبـدو ؟!) أن الواقع أكبر وأقوى بكثير من اللغة ، وأن ما بين "الموقع" و"الموقـف" جدلية أخرى .

أعترف بأنني لم أتقن فـن المنفى ، كما أنني لم أتعـلم شـيئا من المنفى...

لم أتحاور مع المنفى.... لقد بقيت غـريبا... حتى عـن الغـربة، أردد كـلـمـات الشـاعـر الـعـراقي الراحل عـبـد الوهـاب الـبـيـَّاتي التي قـالها من منـفـاه في إسـبانيـا:



"لم يَـعـُـد ما يُـحـتـَسـى

كلما إزددتُ من النـبـع إقـتـرابا

كلما إزددتُ أسـى

بلغ العـُمـرُ المـَســا ."



إلـى اللـقـاء من زهـرة الـمـدائـن ، من الـقـدس



غـزة ، فـلـسـطـيـن ، في 28 آب 2011




د. عبد القادر حسـين ياسـين

--------------------------------
رسائل من فلسطين (3) بقلم : د. عبد القادر حسين ياسين  Aooo_o11

الوجه الآخر لي
إصداري الورقي الثاني
ميساء البشيتي
ميساء البشيتي
مديرة المنتدى
مديرة المنتدى

العذراء الأبراج الصينية : القط
عدد المساهمات : 6506
تاريخ الميلاد : 17/09/1963
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
العمر : 60
الموقع الموقع : مدونتي عصفورة الشجن

http://mayssa-albashitti.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى