بحـث
من أنا ؟
![](https://i.servimg.com/u/f97/14/42/89/14/ao_210.jpg)
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
غـطـرسـة فـرنسـيـة بـإمـتـيـاز…!/ الدكتورعـبـد القادرحـسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
غـطـرسـة فـرنسـيـة بـإمـتـيـاز…!/ الدكتورعـبـد القادرحـسين ياسين
غـطـرسـة فـرنسـيـة بـإمـتـيـاز…!/ الدكتورعـبـد القادرحـسين ياسين
شارك آلاف الأشخاص في الشـهـر الـمـاضي في مسيرة صامتة في ضاحية كليشي سو بوا ، شمال شرق باريس ، في ذكري مرور عام علي مقتل شابين مغربيين تسبب في اندلاع أعمال شغب وعنف استمرت ثلاثة أسابيع في ضواحي المدن الفرنسية. وتصدر الموكب أسرتا الشابين اللذين ماتا صعقاً بالكهرباء أثناء محاولتهما الهرب من الشرطة داخل محول كهربائي. وسارت الأسرتان ومحاموهما ورئيس بلدية المدينة الاشتراكي وراء لافتة حملها شبان من جمعية “ما بعد الكلمات” ارتدوا قمصانا بيضاء كتب عليها “الموت سدى”.
كان منظر وزير الداخلية (الذي وصف المتظاهرين بـ “الحـثـالة” ، وقال أن معظمهم من “اللصوص” و “القــَوَّادين”) وهو يفـرّ من مطر الحصى المنهمر عليه وعلى سيارته مؤثرا . فـقـد تبخرت جميع المظاهر الرسمية والبروتوكولات ليتحول المشهد إلى مشهـد شعبي يليق بأي حارة من حارات المدن الفلسطينية التي تشهد يوميا تراشقاً بالحجارة مع جنود الاحتلال الإسرائيلي… كنت سأتعاطف مع وزير الداخلية الذي أهين ، ولكن…
في القرن التاسع عشر ، حين أهين القنصل الفرنسي بالجزائر في عـهـد الداي حسين ، اتخذت فرنسا الحادثة ذريعة لاحتلال الجزائر ثأرا لكرامتها، فمسحت كرامة الشعب الجزائري وشعوب أخرى لأكثر من قرن من الزمان.
وفي سورية حين ضاعـت قطة ضابط فرنسي في السويداء، تسبب ذلك في اعـتقال العشرات من القادة والزعماء السوريين وبهدلتهم بصورة مزرية … وحين اعـتقـلت فرنسا ضيفاً لاجئاً إلى مضافة سلطان باشـا الأطرش ، ضاربة عرض الحائط بالعادات والتقاليد العربية ، أشعلت نار الثورة التي سبقت الثورة السورية الكبرى .
مشـكلة فرنسا أنها “قـلب أوروبا الثقافي”، ولكنها لم تحظ عبر تاريخها بسياسي يعكس مستواها الحضاري العريق… كان نابليون بونابرت أحد طغاة العالم ، ولوثت يـداه بدماء مئات الآلاف من ضحايا الشعوب.. وبعد نابليون لم يتسلم سدة الحكم شخص لامع أبدا، باستثناء الجنرال شارل ديغول الذي استمد بريقه من كفاحه في الحرب العالمية الثانية …
أليست مفارقة؟
إذا كانت الغطرسة الألمانية نابعة من الإحساس بالظلم التاريخي والإذلال الذي تعرضت لـه الأمـة الألمانية بعـد التوقيع على “اتفـاقيـة فـرساي” ، فإن الغـطرسة الفرنسية تعود إلى أن فرنسا لم تنتصر مرة على الإنجليز بسبب مغامرة قادتها التاريخيين وتهورهم .
وتتمثل غطرسة فرنسا ، شـانها في ذلك شـأن غيرها من الدول الاستعمارية ، أنها لا تحترم ثقافات الشعوب (وخاصـة شعوب العالم الثالث) ، ولذلك غـيرت فرنسـا الواقع الاجتماعي والثقافي
للشعوب المستعمـَرة (بفتح الميم) ، بعكس بريطانيا ، الإمبراطورية الاستعمارية العجوز، التي كانت أذكى وأخبث حين لم تكن مهتمة بتغيير الواقع الاجتماعي والثقافي لمستعمراتها .
في “العصر الذهبي” للحضارة الإسلامية اجتاح العرب العـديد من الدول ، ولكنهم لم يحتقروا ثقافة أي شعب باستثناء ما خالف عـقـيـدتهم، فـتـرجموا كتبهم وتناقـلوا أخبارهم وآدابهم بكثير من الاحترام ..
بلغ من استهانة الزعـمـاء الفرنسيين بالعرب والاستخفاف بمشاعرهم أن الرئيس الفرنسي الراحل فرانسـوا ميتران زار المقابر اليهودية في فرنسـا حاملا العـلم الإسرائيلي …
وباستثناء الجنرال ديغول ، اعتاد المسؤولون الفرنسيون أن يزنوا كلامهم بميزان الصائغ ، حينما يتعرضون لقضية سياسية أو ثقافية تمس إسرائيل .
في مقابلة أجرتها معـه شيكة ” Euronews” قبل يومين ، وصف وزير الإعلام الفرنسي المتظاهرين الذين يشكل المغـاربة والجزائريون والسنغاليون أغلبيتهم السـاحقة بـ “الـهـمـجـيـيـن” “Sauvage ” [كــذا…!!]
ربما يعتـقـد بعض الفرنسيين أن التراشق بالحجارة في “بـلـد النور والعطور” ، واستـعـمال الأصبع الوسطى لاستفزاز الشرطة عملا همجيـاً… ولكنه ـ في رأييي المتواضع ـ أقل هـمجية من تزوير التاريخ، ومن كذبة أو أسطورة يـُراد لنا أن نــُصَـدقها كل يوم.
حين تصمت “لو مـونـد” و “فـيـغـارو” وحتى “نوفـيل أوبزرفـاتور” اليسـارية صمت المقابر عما يعانيه “الهمجيون” المـغـاربـة والأفـارقـة من تفرقـة عـنصرية وإذلال يومي، وحرمان من الحقوق الثقافية والسياسية التي يكفـلها الدستور الفرنسي، فلا بأس من بلاغة الحجارة …
وبـعــد ؛
قبل ألف عـام من ولادة الكاتب والفيلسوف الاجتماعي الفرنسي جـان جـاك روسو (1712 – 1778) ، مؤلف “الـعـقـد الاجتماعي” الذي وضع فيـه الأسس التي ينبغي أن يقوم عليها مجتمع الـعـدل والمسـاواة ، قال إسماعيل بن القاسم المعروف بـ “أبي العـتـاهـيـة :
“يا مـن يـَعـيبُ وعـَيـبـُـهُ مـُتـَشـَعـِّبٌ
كـمْ فيـكَ مـن عــَيـْبٍ وأنتَ تـَعـيـبُ”!!
شارك آلاف الأشخاص في الشـهـر الـمـاضي في مسيرة صامتة في ضاحية كليشي سو بوا ، شمال شرق باريس ، في ذكري مرور عام علي مقتل شابين مغربيين تسبب في اندلاع أعمال شغب وعنف استمرت ثلاثة أسابيع في ضواحي المدن الفرنسية. وتصدر الموكب أسرتا الشابين اللذين ماتا صعقاً بالكهرباء أثناء محاولتهما الهرب من الشرطة داخل محول كهربائي. وسارت الأسرتان ومحاموهما ورئيس بلدية المدينة الاشتراكي وراء لافتة حملها شبان من جمعية “ما بعد الكلمات” ارتدوا قمصانا بيضاء كتب عليها “الموت سدى”.
كان منظر وزير الداخلية (الذي وصف المتظاهرين بـ “الحـثـالة” ، وقال أن معظمهم من “اللصوص” و “القــَوَّادين”) وهو يفـرّ من مطر الحصى المنهمر عليه وعلى سيارته مؤثرا . فـقـد تبخرت جميع المظاهر الرسمية والبروتوكولات ليتحول المشهد إلى مشهـد شعبي يليق بأي حارة من حارات المدن الفلسطينية التي تشهد يوميا تراشقاً بالحجارة مع جنود الاحتلال الإسرائيلي… كنت سأتعاطف مع وزير الداخلية الذي أهين ، ولكن…
في القرن التاسع عشر ، حين أهين القنصل الفرنسي بالجزائر في عـهـد الداي حسين ، اتخذت فرنسا الحادثة ذريعة لاحتلال الجزائر ثأرا لكرامتها، فمسحت كرامة الشعب الجزائري وشعوب أخرى لأكثر من قرن من الزمان.
وفي سورية حين ضاعـت قطة ضابط فرنسي في السويداء، تسبب ذلك في اعـتقال العشرات من القادة والزعماء السوريين وبهدلتهم بصورة مزرية … وحين اعـتقـلت فرنسا ضيفاً لاجئاً إلى مضافة سلطان باشـا الأطرش ، ضاربة عرض الحائط بالعادات والتقاليد العربية ، أشعلت نار الثورة التي سبقت الثورة السورية الكبرى .
مشـكلة فرنسا أنها “قـلب أوروبا الثقافي”، ولكنها لم تحظ عبر تاريخها بسياسي يعكس مستواها الحضاري العريق… كان نابليون بونابرت أحد طغاة العالم ، ولوثت يـداه بدماء مئات الآلاف من ضحايا الشعوب.. وبعد نابليون لم يتسلم سدة الحكم شخص لامع أبدا، باستثناء الجنرال شارل ديغول الذي استمد بريقه من كفاحه في الحرب العالمية الثانية …
أليست مفارقة؟
إذا كانت الغطرسة الألمانية نابعة من الإحساس بالظلم التاريخي والإذلال الذي تعرضت لـه الأمـة الألمانية بعـد التوقيع على “اتفـاقيـة فـرساي” ، فإن الغـطرسة الفرنسية تعود إلى أن فرنسا لم تنتصر مرة على الإنجليز بسبب مغامرة قادتها التاريخيين وتهورهم .
وتتمثل غطرسة فرنسا ، شـانها في ذلك شـأن غيرها من الدول الاستعمارية ، أنها لا تحترم ثقافات الشعوب (وخاصـة شعوب العالم الثالث) ، ولذلك غـيرت فرنسـا الواقع الاجتماعي والثقافي
للشعوب المستعمـَرة (بفتح الميم) ، بعكس بريطانيا ، الإمبراطورية الاستعمارية العجوز، التي كانت أذكى وأخبث حين لم تكن مهتمة بتغيير الواقع الاجتماعي والثقافي لمستعمراتها .
في “العصر الذهبي” للحضارة الإسلامية اجتاح العرب العـديد من الدول ، ولكنهم لم يحتقروا ثقافة أي شعب باستثناء ما خالف عـقـيـدتهم، فـتـرجموا كتبهم وتناقـلوا أخبارهم وآدابهم بكثير من الاحترام ..
بلغ من استهانة الزعـمـاء الفرنسيين بالعرب والاستخفاف بمشاعرهم أن الرئيس الفرنسي الراحل فرانسـوا ميتران زار المقابر اليهودية في فرنسـا حاملا العـلم الإسرائيلي …
وباستثناء الجنرال ديغول ، اعتاد المسؤولون الفرنسيون أن يزنوا كلامهم بميزان الصائغ ، حينما يتعرضون لقضية سياسية أو ثقافية تمس إسرائيل .
في مقابلة أجرتها معـه شيكة ” Euronews” قبل يومين ، وصف وزير الإعلام الفرنسي المتظاهرين الذين يشكل المغـاربة والجزائريون والسنغاليون أغلبيتهم السـاحقة بـ “الـهـمـجـيـيـن” “Sauvage ” [كــذا…!!]
ربما يعتـقـد بعض الفرنسيين أن التراشق بالحجارة في “بـلـد النور والعطور” ، واستـعـمال الأصبع الوسطى لاستفزاز الشرطة عملا همجيـاً… ولكنه ـ في رأييي المتواضع ـ أقل هـمجية من تزوير التاريخ، ومن كذبة أو أسطورة يـُراد لنا أن نــُصَـدقها كل يوم.
حين تصمت “لو مـونـد” و “فـيـغـارو” وحتى “نوفـيل أوبزرفـاتور” اليسـارية صمت المقابر عما يعانيه “الهمجيون” المـغـاربـة والأفـارقـة من تفرقـة عـنصرية وإذلال يومي، وحرمان من الحقوق الثقافية والسياسية التي يكفـلها الدستور الفرنسي، فلا بأس من بلاغة الحجارة …
وبـعــد ؛
قبل ألف عـام من ولادة الكاتب والفيلسوف الاجتماعي الفرنسي جـان جـاك روسو (1712 – 1778) ، مؤلف “الـعـقـد الاجتماعي” الذي وضع فيـه الأسس التي ينبغي أن يقوم عليها مجتمع الـعـدل والمسـاواة ، قال إسماعيل بن القاسم المعروف بـ “أبي العـتـاهـيـة :
“يا مـن يـَعـيبُ وعـَيـبـُـهُ مـُتـَشـَعـِّبٌ
كـمْ فيـكَ مـن عــَيـْبٍ وأنتَ تـَعـيـبُ”!!
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 481
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
![-](https://2img.net/i/empty.gif)
» دَعـارة فـكـريـة بـإمـتـيـاز...!! الدكـتور عـبـدالقـادر حسين ياسين
» عـنـدمـا يرتـدي السـَّفـَّاحـون ثياب القِـدّيـسـيـن // الدكتورعـبـد القادر حسين ياسين
» الـمَـنـفـى والـعـَودة الـمُـسـتـَحـيـلـة/ الدكتور عبد القادرحسين ياسين الدكتور عبد القادرحسين ياسين
» " قــَمـعـســتـان".. الدكتورعـبـدالقادرحـسـيـن ياسين
» تـأمـلات في الـجـهــل و “الـجـهـلـولـوجـيــا..!!”د. عبد القادر ياسين
» عـنـدمـا يرتـدي السـَّفـَّاحـون ثياب القِـدّيـسـيـن // الدكتورعـبـد القادر حسين ياسين
» الـمَـنـفـى والـعـَودة الـمُـسـتـَحـيـلـة/ الدكتور عبد القادرحسين ياسين الدكتور عبد القادرحسين ياسين
» " قــَمـعـســتـان".. الدكتورعـبـدالقادرحـسـيـن ياسين
» تـأمـلات في الـجـهــل و “الـجـهـلـولـوجـيــا..!!”د. عبد القادر ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
» ليلاي ومعتصمها
» غزلك حلو
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
» تحركوا أيها الدمى
» لوحة
» كنتَ مني وكنتُ منك !
» في مولد الهادي
» أحلم بالعيد
» فضل يوم عرفة
» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
» رباعيات عمر الخيام .
» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
» اعشق البحر
» ليل وعسكر .
» الغريب
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
» عاتبني أيها القمر !
» امرأة من زمن الأحلام
» زوابع الياسمين
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي