بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
أشهر”لا ” في التاريخ الأمـريـكـي!! / الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
أشهر”لا ” في التاريخ الأمـريـكـي!! / الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
أشهر”لا ” في التاريخ الأمـريـكـي!! / الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
في أحد أمسيات شهر كانون الأول عام 1955 الباردة ،جمعت روزا باركس ذات البشرة
السمراء والتي تعمل خياطة ، حاجياتها وتجهزت للعودة إلى بيتها بعد يوم من العمل الشاق المضني …
مشت روزا في الشارع تحتضن حقيبتها مستمدة منها بعض الدفء اللذيذ. التفتت يمنة ويسرة ثم عبرت الطريق ووقفت تنتظر الحافلة كي تقلها إلى وجهتها . وأثناء وقوفها الذي استمر لدقائق كانت روزا تشاهد بألم منظر مألوف في أمريكا آنذاك ، وهو قيام الرجل الأسود من كرسيه ليجلس مكانه رجل أبيض ! .
لم يكن هذا السلوك وقتها نابعاً من روح أخوية ، أو لمسة حضارية ، بل لأن القانون الأمريكي آنذاك كان يمنع منعاً باتاً جلوس الرجل الأسود وسيده الأبيض واقف ؛ حتى وإن كانت الجالسة امرأة سوداء عجوز، وكان الواقف شاباً أبيض في عنفوان شبابه ، فـتـلـك مخالفة تُغرم عليها المرأة العجوز !! .
وكان مشهوراً وقـتها أن تجد لوحة معلقة على باب أحد المحال التجارية أو المطاعم مكتوب عليها:
NO DOGS…NO BLACK
“ممنوع دخول الكلاب والـسـّود..!!
كل تلك الممارسات العنصرية كانت تصيب روزا بحالة من الحزن والألم والغضب .
فإلى متى يعاملوا على أنهم هم الدون والأقل مكانة ؟
لماذا يُحقرون ويُزدرون ويكونوا دائما في آخر الصفوف ، ويصنفوا سواء بسواء مع الحيوانات ؟
وعندما وقفت الحافلة استقلتها روزا وقد أبرمت في صدرها أمراً .
قلبت بصرها يمنة ويسرة ، فما أن وجدت مقعداً خالياً إلا وارتمت عليه، وقد ضمت حقيبتها إلى صدرها ،وجلست تراقب الطريق في هدوء .إلى أن جاءت المحطة التالية ، وصعـد الركاب، وإذ بالحافلة ممتلئة … وبهدوء اتجه رجل أبيض إلى حيث تجلس روزا ، منتظراً أن تفـسح له المجال ، لكنها نظرت له في لامبالاة، وعادت لتراقب الطريق مرة أخرى !!!.
ثارت ثائرة الرجل الأبيض ، وأخذ الركاب البيض في شـتـم روزا ، والتوعد لها إن لم تقم من فورها ، وتجلس الرجل الأبيض الواقف .لكنها أبت وأصرت على موقفها ، فما كان من سائق الحافلة أمام هذا الخرق الواضح للقانون إلا أن يتجه مباشرة إلى الشرطة، كي تحقق مع تلك المرأة السوداء التي أزعجت السادة البيض !!! .
وبالفعل تم التحقيق معها ، وتغريمها 15 دولاراً ، نظير تعـديها على حقوق الغير !! .
وهنا انطلقت الشرارة في سماء أمريكا ، ثارت ثائرة السود في جميع الولايات ، وقرروا مقاطعة وسائل المواصلات ، والمطالبة بحقوقهم كبشر لهم حق الحياة والمعاملة الكريمة .
استمرت حالة الغليان مدة طويـلـة ، امتدت لـ 381 يوماً ، وأصابت أمريكا بصداع مزمن. وفي النهاية خرجت المحكمة بحكمها الذي نصر روزا باركس في محنتها. وتم إلغاء ذلك العرف الجائر وكثير من الأعراف والقوانين العنصرية .
وفي 27 تشـرين الأول 2001، بعد مرور 46 عـامـاً على هذا الحادث ، تم إحياء ذكرى الحادثة في التاريخ الأمريكي، حيث أعلن السيد ستيف هامب، مدير متحف هنري فورد في مدينة ديربورن في ميتشيغان عن شراء الحافلة القديمة المهترئة التي وقعت فيها حادثة السيدة روزا باركس التي قـدحت الزناد الذي دفع حركة الحقوق المدنية في أمريكا للاستيقاظ، بحيث تعدَّل وضع السود. وقد تم شراء الحافلة بمبلغ 492 ألف دولار أمريكي.
وبعد أن بلغت روزا باركس الثمانين من العمر، تذكر في كتاب صدر لها لاحقاً بعنوان “القوة الهادئة” عام 1994 بعضاً مما اعتمل في مشاعرها آنذاك فتقول :
“في ذلك اليوم تذكرت أجدادي وآبائي، والتجأت إلى الله ،
فأعطاني القوة التي يمنحها للمستضعـفـيـن”.
وفي 24 تشرين الأول 2005 احتشد الآلاف من المشيعـين الذين تجمعـوا للمشاركة في جنازة روزا باركس ، رائدة الحقوق المدنية الأمريكية، التي توفيت عن عمر يناهز 92 عاما. يوم بكى فيه الآلاف ، وحضره رؤساء دول ، ونـُكـِّسَ فيه العلم الأمريكي، وتم تكريمها بأن رقد جثمانها بأحد مباني الكونجرس منذ وفاتها حتى دفنها ، وهو إجراء تكريمي لا يحظى به سوى الرؤساء والوجوه البارزة.
ولم يحظ بهذا الإجراء سوى 30 شخصا منذ عام 1852، ولم يكن بينهم امرأة واحدة.
ماتت روزا باركس وعلى صدرها أعلى الأوسمة ، فقد حصلت على الوسام الرئاسي للحرية عام 1996، والوسام الذهبي للكونجرس عام 1999، وهو أعلى تكريم مدني في البلاد. وفوق هذا وسام الحرية الذي أهـدته لكل بني جنسها عبر كلمة “لا” ، أشهر “لا” في تاريخ أمريكا ..
ما الذي يمكن أن تفعله المبادرة الايجابية ؟
روزا باركس أزالت بموقفها بعض العـفـن عن وجه أمريكا الكريه
ووقفت بـشجاعة أمام الغطرسة الأمريكية في فترة حالكة سوداء .
كان يمكن أن يرزخ السود تحت وطأة الذل والاستعباد أمداً طويلا لـو قالت روزا لنفسها ، “إنني ضعـيفة مضطهدة .” كان يمكن أن ينتهي الذل قبل ذلك الموقف بزمن ، لو بادر أحدهم بقول “لا” وتحمل تـبـعـات قوله .
كل حدث تاريخي جلل ، وكل موقف كبير مشرف ، كان وراءه شخصية مبادرة ، تؤمن
بقدرتها على قهر ما اصطلح الناس على تسميته بـ “المستحيل”.
مواضيع مماثلة
» تـأمـلات فـي التأريخ واختلاق التاريخ / الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
» الـخـَوف مـن الـكـتـابـة الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
» لـماذا لا نـَعتـَرف بأنـَّـنـا عـُـنـصُـريـّون…؟!.. الـدكـتـور/ عـبـد القـادر حسين ياسين
» معارض الكتب عـنـدنـا... وعـنـدهـم!! الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
» عـالمٌ بلا أخـلاق وبـلا ضمـيـر/ الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
» الـخـَوف مـن الـكـتـابـة الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
» لـماذا لا نـَعتـَرف بأنـَّـنـا عـُـنـصُـريـّون…؟!.. الـدكـتـور/ عـبـد القـادر حسين ياسين
» معارض الكتب عـنـدنـا... وعـنـدهـم!! الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
» عـالمٌ بلا أخـلاق وبـلا ضمـيـر/ الـدكـتـور عـبـد القـادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة
» غزلك حلو
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:21 من طرف ريما مجد الكيال