بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
الدكتور شريـف حتاتة : قامَة تـَسـَتـعـْـصي على القِياس…!/ الدكتـور عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
الدكتور شريـف حتاتة : قامَة تـَسـَتـعـْـصي على القِياس…!/ الدكتـور عبد القادر حسين ياسين
الدكتور شريـف حتاتة : قامَة تـَسـَتـعـْـصي على القِياس…!/ الدكتـور عبد القادر حسين ياسين*
ا
غـيـَّـبَ الـمـوت يوم أمـس الكاتب والروائي والمناضل المصري، شريف حتاتة، في أحد مستشفيات ألمانيا، عن عمر ناهز 94 عامًا، في نهاية تـتـسق مع مشوار نضالي طويل، نالت الغربة نصيبًا كبيرًا فيه، ما بين ولادة في إنجلترا لأم إنجليزية فقيرة وأب مصري أرستقراطي، وفرار من سجن طويل في مصر إثر نشاطه السياسي ليستقر في فرنسا فترة، ثم يعود إلى وطنه هربًا كما فـرَّ منه.
وعلى الرغم من ذلك، حافظ الكاتب على شغف طفل وحماسة شاب في إقباله على الحياة ورومانسيتها، حتى وفاته..
ولد شـريـف حـتـاتـة في إنجلترا لأم إنجليزية وأب مصري، فأتـقـن الفرنسية والإنجليزية قبل أن يعرف شيئا من العربية، إلا أنه أمسك بزمامها كاتباً وأديباً أثرى “أدب السجون” بكتاباته، بعد رحلاته الطويلة والمضنية في السجون والمعتقلات المصرية ..
إرتبط اسم شريف حتاتة بنضاله في صفوف الحركة اليسارية في مصر ، واعتقاله لأكثر من 15 عاماً ، وبقائه في المعارضة حتى يومه الأخير.
درس شـريـف حـتـاتـة الطب، وغادر مصر إلى أوروبا بعد سجنه لأول مرّة، حيث أعتقل في فرنسا لخروجه في مظاهرات تؤيّد الثورة الجزائرية، ثم عاد إلى القاهرة في خمسينيات القرن الماضي ليلاحق من قبل السلطة بسبب معارضته للحكم..
كان للأسرة الأرستقراطية دورها في سلوك وطبيعة حتاتة، الذي درس الطب وتفوق فيه، وكان من المفترض أن يصبح أحد أهم أطباء مصر، لكنه اختار طريقاً آخر، دفع ثمنه حتى رحيله. وعن هذه الفترة يقول: “كان الإحساس بالعزلة يضايقني، كنت أريد ألا أصبح جزءا منه، وعندما تخرجت وعملت في القصر العـيني، بدأت أفكر في ضرورة تغيير نمط حياتي، ويجب أن أعمل من أجل الناس… فمهنة الطب مهنة قهرية، فالأطباء يعتبرون أنفسهم فوق البشر، فهم يتعاملون مع الإنسان وهو ضعيف، وهو في طريقه إلى الموت”.
خلال نشاطه الحزبي، التقى الدكـتـورة نوال السعداوي وتزوّجا عام 1964، وهو ينسب إليها الفضل في دفعه نحو الكتابة الأدبية والروائية على وجه التحديد، وقد نُشرت سيرتهما في كتاب “نوال السعداوي وشريف حتاتة.. تجربة حياة” ضمّ عدداً من الحوارات تؤرّخ لمشوارهما الطويل.
ألّـَّف حتاتة العديد من الروايات وكتب السيرة، منها: “العين ذات الجفن المعدني”، و”الهزيمة”، و”الشبكة”، و”قصة حب عصرية”، و”نبض الأشياء الضائعة”، و”عمق البحر”، و”رقصة أخيرة قبل الموت”. “.
في روايته “النوافـذ المفـتوحة”، اقترب من سيرته الذاتية متناولاً التحوّلات الاجتماعية التي شهدتها مصر بعد الحرب العالمية الثانية، وصولاً إلى نهاية التسعينيات، إلى جانب نقـده للتيارات الماركسية المصرية وكشفه عن تناقـضاتها ومعضلاتها المزمنة.
تمثـّل كتابات حتاتة شهادة على تجربة ثرية ومتعدّدة، لكنها تعبّر بصورة أساسية عن هزيمة اليسار واستبدال الوعي الثوري بنموذج الاستلاب إلى النمط الاستهلاكي وثقافته، وعن خضوع المثقّـف إلى هيمنة السلطة والمال، وتبريره لكل تنازلاته وتصويرها على أنها قدرية.
وإلى جانب أعماله الأدبية، أصدر شـريـف حـتـاتـة عـدّة مؤلّفات فكرية؛ من بينها: “فكر جديد في اليسار”، و”العولمة والإسلام السياسي”، و”فكر اليسار وعـولمة رأس المال”، وكان آخر كتبه “معارك العالم البديل”.
في “النوافذ المفتوحة” يحكى شـريـف حـتـاتـة عن بداياته وشبابه وأفكاره، يبدأ منذ أن ولد في لندن في أسرة إقطاعـية، وإلـتـحـاقـه بالمدرسة الإرسالية، وطالبا فى كلية الطب ، وطبيباً فى المستشفى الجامعي ، ومشاركاً فى الحركة الوطنية ضد الإنجليز والملك فاروق…
ويـسـتـعـرض حـتـاتـة مرحلة انضمامه إلى الحركة اليسارية ليصبح محترفاً سياسياً، إلى أن يـُقـبض عليه ويـُسجن، ثم يهرب من سجنه ـ ويسافر فى قاع سفينة شحن، ليلجأ إلى باريس ..
ثـم عودته سراً إلى مصر عــقـب قيام ثورة 23 تـمـوز 1952، حيث يستأنف نشاطه السياسي فى قرى الوجه البحري إلى أن يـُقـبـض عليه مرة أخرى، ويـَصدر عليه حكم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات، يقضيها فى السجن الحربي وليمان طرة .
ويـتـضـمن الكتاب فـصـلا عن حياتـه مع نوال السعـدواي، وكيف تعرف عليها في وزارة الصحة، وكيف اتخذت حياته مساراً جديداً ينقـله إلى الكتابة الروائية، وإلى المشاركة فى العمل من أجل حقوق الإنسان، إلى جانب المعارك الأخرى التى يخوضانها معا.
فى هـذا الكتاب سيرة مزج فيها شـريـف حـتـاتـة الخاص والعام ، وفتح من خلالها جميع نوافـذ حياته للقارئ، ليكشف عن تفاصيل الحياة، بأسلوب لا يـخـلـو من القسوة أحياناً .
يقول شـريـف حـتـاتـة إنه تعـرف على نوال السعداوي بعد خروجه من المعـتقـل الذي قضى فيه 10 سنوات، ليعـيش بعدها منبوذاً من الناس والمجتمع، وكانت السـعـداوي تعانى أيضاً نبذ المجتمع والناس بعد زواجها مرتين وطلاقها.
ويوضح حتاتة أنه لم يكن يعرف جمال عبد الناصر، فعند قيام ثورة 23 تـموز 1952 كان في أحد السجون الفرنسية، وعند عـودته وجد الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو) أيدت الثورة في بدايتها، إلا أن الثورة أصدرت أحكام العفو عن الإخوان المسلمين دون اليساريين. فتم اعتقاله عام 1953 في القاهرة بالتهمة المعهودة وقتها ــ المعهودة الآن أيضا ــ وهي قلب نظام الحكم. فيقول: “أودعوني السجن الحربي، وكانوا يريدون محاكمتنا أمام محكمة الثورة، ثم جاءت أحداث آذار لإقصاء محمد نجيب، فـتمت محاكمتنا أمام مجلس من الضباط ، وصدر حكم عليّ بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين”.
يرى حتاتة أن “معظم الذين كتبوا عن أدب السجون في مصر كان اهتمامهم منصبا على بطولاتهم، لكن أنا يهمني الإنسان والأفكار التي يؤمن بها وموقفه من الحياة، ففي أعمالي قـدمت إضاءة للسجّان والسجين ، وأسلوبهما في الحياة ونفسيتهما ، فالكثـــــير من اليساريين بـــعد تجـــربة السجن تحوّلوا تماما عن مبادئهم، وصاروا من كبار الرأسماليين، وقلة قليلة احتفظت بمبادئها، لأن اليسار ضعيف ولا يساند المؤمنين به”.
ويمضي الرجل ليصبح أكثر صراحة واتساقا مع ما يعيشه ويكتبه، فيقول: “أنا أكره ادعاء البطولة لأننا بشر في النهاية، ولدينا الكثير من نقاط الضعـف ولحظات الكذب والانتهازية، ولا أنكر أنني في فترة من حياتي بعد خروجي من السجن راودني التفكير في التخلي عن القضايا التي آمنت بها لأحقق مكاسب كما فعل غيري”.
وبعما حاربته أنظمة الحكم المتوالية، خاصة في حالة التهميش المقصود، سواء في المتابعة النقدية لأعماله، أو الاهتمام من قِبل الصفحات الأدبية، لا يكترث الرجل لهذه الأفعال، بل استمر ينتج أدبا ومؤلفات سياسية في رؤية اجتماعية ــ مهما اختلفنا حولها ــ لأنه آمن بأفكار وحاول تحقيقها بالعيش من خلالها، يقول: “أعتقد أنني قدمت أعمالا روائية مهمة، وكتبت سيرة ذاتية فيها الكثير من الصراحة والوضوح. بصفة عامة، رواياتي ضد العالم كما هو؛ ضد القبح والاستغلال والنفاق والزيف الكامنين فيه، أحيانا أنجح في التعبير عن ذلك المضمون وربما أخفق في أحيان أخرى”.
وبـعــد ؛
يمكن القـول ، دون مـغـالاة، أن حياة الرجل وكل ما مرّ بها من تقـلبات ومنعطفات، كحال القـِلة التي أصرَّت على الإيمان بمواقفها حتى النهاية. للرجل تاريخ نضالي كبير، ربما تباين تأثيره في بلد يخشى مناضليه، ونظام حاكم يحاول وضعهم دوما في نمط يخيف منهم الآخرين.
لم ينل شريف حتاتة ما يستحق من تكريم في حياته، لا من اليسار الذي انتمى دائمًا إليه ،ولا من الدولة التي سجنته لنحو 15 عامًا…
هذه لمحة سريعة عن حياة الرجل ، ربما تذكرة لإعادة قراءة إنتاجه الأدبي والفكري، في عمق يستحق عمق تجربته، التي يكفي أنه صدقها وعاش من خلالها.
ا
غـيـَّـبَ الـمـوت يوم أمـس الكاتب والروائي والمناضل المصري، شريف حتاتة، في أحد مستشفيات ألمانيا، عن عمر ناهز 94 عامًا، في نهاية تـتـسق مع مشوار نضالي طويل، نالت الغربة نصيبًا كبيرًا فيه، ما بين ولادة في إنجلترا لأم إنجليزية فقيرة وأب مصري أرستقراطي، وفرار من سجن طويل في مصر إثر نشاطه السياسي ليستقر في فرنسا فترة، ثم يعود إلى وطنه هربًا كما فـرَّ منه.
وعلى الرغم من ذلك، حافظ الكاتب على شغف طفل وحماسة شاب في إقباله على الحياة ورومانسيتها، حتى وفاته..
ولد شـريـف حـتـاتـة في إنجلترا لأم إنجليزية وأب مصري، فأتـقـن الفرنسية والإنجليزية قبل أن يعرف شيئا من العربية، إلا أنه أمسك بزمامها كاتباً وأديباً أثرى “أدب السجون” بكتاباته، بعد رحلاته الطويلة والمضنية في السجون والمعتقلات المصرية ..
إرتبط اسم شريف حتاتة بنضاله في صفوف الحركة اليسارية في مصر ، واعتقاله لأكثر من 15 عاماً ، وبقائه في المعارضة حتى يومه الأخير.
درس شـريـف حـتـاتـة الطب، وغادر مصر إلى أوروبا بعد سجنه لأول مرّة، حيث أعتقل في فرنسا لخروجه في مظاهرات تؤيّد الثورة الجزائرية، ثم عاد إلى القاهرة في خمسينيات القرن الماضي ليلاحق من قبل السلطة بسبب معارضته للحكم..
كان للأسرة الأرستقراطية دورها في سلوك وطبيعة حتاتة، الذي درس الطب وتفوق فيه، وكان من المفترض أن يصبح أحد أهم أطباء مصر، لكنه اختار طريقاً آخر، دفع ثمنه حتى رحيله. وعن هذه الفترة يقول: “كان الإحساس بالعزلة يضايقني، كنت أريد ألا أصبح جزءا منه، وعندما تخرجت وعملت في القصر العـيني، بدأت أفكر في ضرورة تغيير نمط حياتي، ويجب أن أعمل من أجل الناس… فمهنة الطب مهنة قهرية، فالأطباء يعتبرون أنفسهم فوق البشر، فهم يتعاملون مع الإنسان وهو ضعيف، وهو في طريقه إلى الموت”.
خلال نشاطه الحزبي، التقى الدكـتـورة نوال السعداوي وتزوّجا عام 1964، وهو ينسب إليها الفضل في دفعه نحو الكتابة الأدبية والروائية على وجه التحديد، وقد نُشرت سيرتهما في كتاب “نوال السعداوي وشريف حتاتة.. تجربة حياة” ضمّ عدداً من الحوارات تؤرّخ لمشوارهما الطويل.
ألّـَّف حتاتة العديد من الروايات وكتب السيرة، منها: “العين ذات الجفن المعدني”، و”الهزيمة”، و”الشبكة”، و”قصة حب عصرية”، و”نبض الأشياء الضائعة”، و”عمق البحر”، و”رقصة أخيرة قبل الموت”. “.
في روايته “النوافـذ المفـتوحة”، اقترب من سيرته الذاتية متناولاً التحوّلات الاجتماعية التي شهدتها مصر بعد الحرب العالمية الثانية، وصولاً إلى نهاية التسعينيات، إلى جانب نقـده للتيارات الماركسية المصرية وكشفه عن تناقـضاتها ومعضلاتها المزمنة.
تمثـّل كتابات حتاتة شهادة على تجربة ثرية ومتعدّدة، لكنها تعبّر بصورة أساسية عن هزيمة اليسار واستبدال الوعي الثوري بنموذج الاستلاب إلى النمط الاستهلاكي وثقافته، وعن خضوع المثقّـف إلى هيمنة السلطة والمال، وتبريره لكل تنازلاته وتصويرها على أنها قدرية.
وإلى جانب أعماله الأدبية، أصدر شـريـف حـتـاتـة عـدّة مؤلّفات فكرية؛ من بينها: “فكر جديد في اليسار”، و”العولمة والإسلام السياسي”، و”فكر اليسار وعـولمة رأس المال”، وكان آخر كتبه “معارك العالم البديل”.
في “النوافذ المفتوحة” يحكى شـريـف حـتـاتـة عن بداياته وشبابه وأفكاره، يبدأ منذ أن ولد في لندن في أسرة إقطاعـية، وإلـتـحـاقـه بالمدرسة الإرسالية، وطالبا فى كلية الطب ، وطبيباً فى المستشفى الجامعي ، ومشاركاً فى الحركة الوطنية ضد الإنجليز والملك فاروق…
ويـسـتـعـرض حـتـاتـة مرحلة انضمامه إلى الحركة اليسارية ليصبح محترفاً سياسياً، إلى أن يـُقـبض عليه ويـُسجن، ثم يهرب من سجنه ـ ويسافر فى قاع سفينة شحن، ليلجأ إلى باريس ..
ثـم عودته سراً إلى مصر عــقـب قيام ثورة 23 تـمـوز 1952، حيث يستأنف نشاطه السياسي فى قرى الوجه البحري إلى أن يـُقـبـض عليه مرة أخرى، ويـَصدر عليه حكم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات، يقضيها فى السجن الحربي وليمان طرة .
ويـتـضـمن الكتاب فـصـلا عن حياتـه مع نوال السعـدواي، وكيف تعرف عليها في وزارة الصحة، وكيف اتخذت حياته مساراً جديداً ينقـله إلى الكتابة الروائية، وإلى المشاركة فى العمل من أجل حقوق الإنسان، إلى جانب المعارك الأخرى التى يخوضانها معا.
فى هـذا الكتاب سيرة مزج فيها شـريـف حـتـاتـة الخاص والعام ، وفتح من خلالها جميع نوافـذ حياته للقارئ، ليكشف عن تفاصيل الحياة، بأسلوب لا يـخـلـو من القسوة أحياناً .
يقول شـريـف حـتـاتـة إنه تعـرف على نوال السعداوي بعد خروجه من المعـتقـل الذي قضى فيه 10 سنوات، ليعـيش بعدها منبوذاً من الناس والمجتمع، وكانت السـعـداوي تعانى أيضاً نبذ المجتمع والناس بعد زواجها مرتين وطلاقها.
ويوضح حتاتة أنه لم يكن يعرف جمال عبد الناصر، فعند قيام ثورة 23 تـموز 1952 كان في أحد السجون الفرنسية، وعند عـودته وجد الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو) أيدت الثورة في بدايتها، إلا أن الثورة أصدرت أحكام العفو عن الإخوان المسلمين دون اليساريين. فتم اعتقاله عام 1953 في القاهرة بالتهمة المعهودة وقتها ــ المعهودة الآن أيضا ــ وهي قلب نظام الحكم. فيقول: “أودعوني السجن الحربي، وكانوا يريدون محاكمتنا أمام محكمة الثورة، ثم جاءت أحداث آذار لإقصاء محمد نجيب، فـتمت محاكمتنا أمام مجلس من الضباط ، وصدر حكم عليّ بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين”.
يرى حتاتة أن “معظم الذين كتبوا عن أدب السجون في مصر كان اهتمامهم منصبا على بطولاتهم، لكن أنا يهمني الإنسان والأفكار التي يؤمن بها وموقفه من الحياة، ففي أعمالي قـدمت إضاءة للسجّان والسجين ، وأسلوبهما في الحياة ونفسيتهما ، فالكثـــــير من اليساريين بـــعد تجـــربة السجن تحوّلوا تماما عن مبادئهم، وصاروا من كبار الرأسماليين، وقلة قليلة احتفظت بمبادئها، لأن اليسار ضعيف ولا يساند المؤمنين به”.
ويمضي الرجل ليصبح أكثر صراحة واتساقا مع ما يعيشه ويكتبه، فيقول: “أنا أكره ادعاء البطولة لأننا بشر في النهاية، ولدينا الكثير من نقاط الضعـف ولحظات الكذب والانتهازية، ولا أنكر أنني في فترة من حياتي بعد خروجي من السجن راودني التفكير في التخلي عن القضايا التي آمنت بها لأحقق مكاسب كما فعل غيري”.
وبعما حاربته أنظمة الحكم المتوالية، خاصة في حالة التهميش المقصود، سواء في المتابعة النقدية لأعماله، أو الاهتمام من قِبل الصفحات الأدبية، لا يكترث الرجل لهذه الأفعال، بل استمر ينتج أدبا ومؤلفات سياسية في رؤية اجتماعية ــ مهما اختلفنا حولها ــ لأنه آمن بأفكار وحاول تحقيقها بالعيش من خلالها، يقول: “أعتقد أنني قدمت أعمالا روائية مهمة، وكتبت سيرة ذاتية فيها الكثير من الصراحة والوضوح. بصفة عامة، رواياتي ضد العالم كما هو؛ ضد القبح والاستغلال والنفاق والزيف الكامنين فيه، أحيانا أنجح في التعبير عن ذلك المضمون وربما أخفق في أحيان أخرى”.
وبـعــد ؛
يمكن القـول ، دون مـغـالاة، أن حياة الرجل وكل ما مرّ بها من تقـلبات ومنعطفات، كحال القـِلة التي أصرَّت على الإيمان بمواقفها حتى النهاية. للرجل تاريخ نضالي كبير، ربما تباين تأثيره في بلد يخشى مناضليه، ونظام حاكم يحاول وضعهم دوما في نمط يخيف منهم الآخرين.
لم ينل شريف حتاتة ما يستحق من تكريم في حياته، لا من اليسار الذي انتمى دائمًا إليه ،ولا من الدولة التي سجنته لنحو 15 عامًا…
هذه لمحة سريعة عن حياة الرجل ، ربما تذكرة لإعادة قراءة إنتاجه الأدبي والفكري، في عمق يستحق عمق تجربته، التي يكفي أنه صدقها وعاش من خلالها.
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 485
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
مواضيع مماثلة
» " الـتـَّـوبـَـة بـمـَرسـوم مـن أمـيـرالـمـؤمـنـيـن..."! الدكتـور عـبد القادر حسين ياسين
» الـعـَـرَب والدَوَران إلى الـخـَلـف / الدكتـور عبد القادر حسين ياسين
» الطريـق الملكي لـلوصول الى الحقيقة/ الدكتـور عبد القادر حسين ياسين
» وداعــاً ... أبا الـفـهـد/ الدكتور عبد القادر حسين ياسين *
» الخيانة الجميلة! الدكتور عبد القادر حسين ياسين
» الـعـَـرَب والدَوَران إلى الـخـَلـف / الدكتـور عبد القادر حسين ياسين
» الطريـق الملكي لـلوصول الى الحقيقة/ الدكتـور عبد القادر حسين ياسين
» وداعــاً ... أبا الـفـهـد/ الدكتور عبد القادر حسين ياسين *
» الخيانة الجميلة! الدكتور عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 4 ديسمبر 2024 - 11:30 من طرف ميساء البشيتي
» منشورات ميساء البشيتي في جريدة عرب كندا
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة