بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
+3
عشتار
SADEQ ALSOLIHI
ميساء البشيتي
7 مشترك
صفحة 1 من اصل 4
صفحة 1 من اصل 4 • 1, 2, 3, 4
أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
أوراق أيلولية
الورقة الأولى
يدغدغني الخريف .. يدقُ بأنامله الخريفية أبواب قلبي كي تفتح له .. يتوسلها بزخة مطر حانية .. بهبة ريح ناعمة تلاطف منه الوجنات .. فهو يعلم جيداً أنَّ من يأتِ بعد الصيف وأبوابه المشرعة لاستقبال الغياب .. يبقَ منتظراً كثيراً في الباب .. فالعصافير تركن إلى الهدوء .. إلى السكينة .. وأيلول يقتحم بفوضى الحضور كل هذا الهدوء ليطلب إذناً بالعبور إلى صحن الدار ..
أنا متواطئة مع الخريف .. أنا متواطئة مع كل خريف يدق الباب .. أو يتسلل من الشباك .. لذلك بعد أن قطعت أشواطاً طويلة مع الخريف في كرٍّ وفرٍّ قررت أنَّ ما كان يجري في كل خريف بيني وبين أيلول من صولاتٍ وجولاتٍ .. لن يعود ليسري على خريف هذه الأيام ..
كنتُ في كل خريف مضى أغلق الباب .. لكني أترك نافذة لأيلول .. يعبرُ منها خلسة عن أعين الأحباب .. فيضيء لي شمعة جديدة في كل عام .. ولا أنكر أن شموع أيلول لا تذوب .. بل تبقى متقدة دون انطفاء ..
في كل خريف أكون على موعد مع شمعة جديدة من شموع أيلول .. لا أسأله متى .. وكيف .. ومن أين أتى بشمعته هذه .. فأنا لا أكثر مع أيلول السؤال ..
أنا أعدُّ له مائدة كبيرة من الاشتياق .. وأذيب له قطعاً من الحديث في فنجان قهوة الصباح .. وعند العصر أقطف له ما تبقى من عناقيد تدلت بغنج من دالية الجوار .. أما في المساء فأيلول يحبُّ أن أكتبه لوحة من الشعر أو النثر .. سيان .. يحبُّ أن أرسمه بين السطور .. وألونه في كل عنوان .. أيلول كان وسيبقى حديث الشعراء ..
يستوقفني أيلول في كثير من الأحيان .. يسألني .. بل يباغتني بالسؤال .. وحين يلحُّ بالسؤال كثيراً أدرك أنه قد لاكته أنياب الغيرة .. وانتابته أعاصير الشك .. وأنَّ زوبعة في صحن داري ستهبُّ عما قريب .. وبذكاء عصفورة أيلولية اعتادت على غيرة أيلولها .. أعدُّ له حلوى العيد التي يشتهي ويطلبها في كل عام .. فينسى معها زوابع الغيرة والشك .. ويعود إلى مرابع الطفولة وملاعب الصغار .. ويكتبني كما أكتبه في دفتر الأشعار ..
أيلول خفيف الظل .. لكنه دائم العتب والعتاب .. قليل .. كثير الشك أحياناً .. ويلح عليَّ دائماً أن أبقيه بالجوار .. لكن ما أن أرفع يدي ملوحة له بالرحيل .. يحمل أوراقه بكل ما نثرته عليها من أشعار .. ويلملم بصمات قلبي بين كفيه .. ويصعد إلى السماء .. ليأخذ دور نجمة تضيء لي كل مساء .
عدل سابقا من قبل ميساء البشيتي في الأحد 22 سبتمبر 2013 - 19:24 عدل 1 مرات
رد: أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
الورقة الثانية
كعادتي حين أنوي الفرار من قومي والبدء برحلة جديدة نحو المجهول .. لقد فُطرت على الترحال .. وأيلول هو موعد الترحال في كل عام .. أنطلق من كوة صغيرة فتحتها في إحدى الجدران الخلفية للحياة .. أفرُّ منها كل عام مع أيلول .. نبتعد قليلاً عن القوم والديار .. أغيب في رحلة قد تطول وقد تقصر ولكنها رحلة قصيرة بكل الحالات .. دائماً أعود بخفيِّ حنين فالرحلات القصيرة ليست للمكوث .. إنما هيَّ عملية تفتيش سريعة في رئتي الهواء .. وتنقيب في ذرات الأكسجين .. هل ترَكتُ خلفي أحداً مقصياً .. منسياً .. منفياً .. مهجوراً على أبواب النسيان ؟
لا بد أن يكون هناك خلف تلك السحب البعيدة القريبة تلة مهجورة نسيها الزمان .. أو ثلة من الحجارة تكاد تصدأ من الهجران .. أيلول يصرُّ في كل عام أن نذهب إلى هناك .. إلى حيث التلة والثلة وكل معالم الهجر والنسيان .. يصرُّ على أن نمطر قليلاً من الحب في تلك الأرجاء .. أيلول الخريفي المزاج أحياناً يتقمص دور الربيع فيهدي في الخريف أزهاراً .. لا تعيش طويلاً .. لكنها تمنح الدفء والحنان لبعض الوقت .. وتترك بصمة جلية للعيان أننا كنا هنا قبل عام .. أو أعوام .. ونعود إلى الديار .. فيتركني أيلول على أبواب الخريف .. ويرحل هو إلى مكانه بين النجوم في سابع سماء ..
هذه المرة أنا مترددة .. خائفة بعض الشيء .. حائرة قليلاً .. لا أريد ترك قومي .. لا أريد ترك الديار .. شيء ما يمسك بتلابيب ثوبي .. يدعوني للبقاء .. هيَّ تلة مهجورة تشكو برودة الصدأ والنسيان .. وأيلول مثلي متأرجح بين إقدام وإحجام .. وأنا على أبواب الخريف لا أستطيع أن أعدهم أنَّ في جعبتي غيمة صغيرة لا تزال تمطر قليلاً من الحب على جبال من الجليد .. فهل يذوب الجليد بقطرات من الدفء والحنان ؟
تعبت .. وتعب أيلول معي .. وتعب الفرار مني .. والخريف مكشراً عن أنيابه كي لا أتأخر بالعودة فيحين فصل الشتاء .. وغيمة صغيرة جداً تغمزني بطرف عينها .. وتلقي إليَّ بمظلة الهروب .. وقلبي حائر .. متردد .. خائف ..
هل يذيب الجليد بضع قطرات دافئة من الماء ؟
رد: أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
نعم اختي ميساء.. كم يتطلب منا أيلول فلسفة روح تُجَارِي تفاصيل رحيله الأخيرة..
فهاهو يلملم فلوله ليرحل معلناً بداية فصل جديد..
شكراً لعبق هذا القلم المحترف عشق أناملك ميساء..
سلمت ودام هذا البوح الساحر..
فهاهو يلملم فلوله ليرحل معلناً بداية فصل جديد..
شكراً لعبق هذا القلم المحترف عشق أناملك ميساء..
سلمت ودام هذا البوح الساحر..
SADEQ ALSOLIHI- عضو جديد
- عدد المساهمات : 90
تاريخ التسجيل : 29/06/2013
رد: أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
نعم أيلول يلملم ذيل ثوبه وينوي الرحيل وأنا لا أطيق وداع أيلول لذلك أحاول أن أستبقيه ولكن لا بد مما لا بد منه .. سعدت بتواجدك هنا وبقراءتك الواعية والشفيفة لحروفي البسيطة ودمت بألف خير أخي صادق .
رد: أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
عصفورة أيلول أنا هنا أحجز مقعدي واتابع السلسلة بشغف كبير .. بالأمس كنت أحدث نفسي أنني لم أعد أقرأ لك كالسابق سلسلة من نوع جديد وها أنت تشرعين بسلسلة جديدة وجميلة وأيلولية بحتة .
عشتار- عضو متميز
- عدد المساهمات : 895
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
رد: أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
أعتذر عن غيابي الطويل أستاذة ميساء ولقد عدت الآن قبل أن يرحل أيلول لأكون معك في وداعه .
الرائعة بلا حدود أستاذة ميساء اشتقت إلى حروفك العذبة .
الرائعة بلا حدود أستاذة ميساء اشتقت إلى حروفك العذبة .
طارق نور الدين- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 191
تاريخ التسجيل : 06/05/2012
رد: أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
وأنا كنت سأنتظرك وأنتظرك حضورك البهي يا عشتار صديقتي الغالية .
رد: أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
حمداً لله على سلامتك أخي طارق وكنت في انتظارك .. أهلا بعودتك .
رد: أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
الورقة الثالثة
ربما أصبحت عنيدة كأيلول .. وربما فُقته في العناد .. لم يكن من داعٍ لطرق أبواب الصعاب كما اعتدت كلَّ خريف .. ولم يكن من داعٍ كي أستسلم لرغبات أيلول في الجري والقفز بين المدِّ والجزرِ .. فماذا يضيرني لو استقبلت شهر مولدي وأنا متكئة على مقعد الياسمين .. أحتسِ قهوته .. برفقة الوقت ..
أعددت العدة للرحلة .. لم تثنني طول المسافات .. ووعورة الطريق .. وكثرة الحفر .. رحلتي كانت جلدية الملمس .. بارزة الحروف .. ذهبية اللون .. رحلتي كانت بين دفتّي كتاب .. كتاب من العسجد .. وقع بين يديَّ بالصدفة البحتة .. شدني إليه العنوان
" المذبوح " ..
لا أعلم لماذا وجدت نفسي تركض إليه .. حاولت أن ألقي في طريق خطواتي الهاربة مني إليه بعض الحجارة .. علها تتعثر منذ البداية .. فتعود لرشدها .. وتعود أدراجها إلى معاقل الخريف .. وتكفُّ عن مشوارها المستحيل في دروب الوحدة .. لكن عبثاً حاولت .. وعبثاً أحاول .. فأيلول يشدني من يدي ويلحُّ عليَّ في مشوار من العمر .. يهمس في أذني رجاءً يتلوه رجاء .. لم يبقَ من أيلول الكثير فتعالي معي ..
كتابٌ قدَّ من الحجارة .. أو أشدُّ قسوة .. أصلب من الصخر .. لكنه أحياناً كزبد البحر يرغي كثيراً وبسهولة .. فيغريني بمزيد من القفز .. وأنا التي كنت أحبُّ قراءة القصص الحالمة .. أعشق قصص أميرة الأحلام .. وفراشة الصباح .. وندى الفصول .. ماذا في كتابٍ يحمل عنوان " المذبوح " .. يغريني ؟
رد: أوراق أيلولية .. سلسلة من البوح الخريفي .
الورقة الرابعة
لم أعتد على قراءة صعبة إلى هذا الحد .. ولا أريد أن أمتحن أبجديتي فأرهقها صعوداً ونزولاً في مفردات كنتوءات الصخر .. أوكالنقش في الحجر..
" لم أستطع ابتلاع الغربة " .. قالها بصريح العبارة .. " لم أستطع هضم الغربة ".. ومن قال يا هذا "المذبوح " أنني أتقنت في يوم .. أو أنني سأتقن يوماً ما " ابتلاع الغربة " .. أو " هضم الغربة " ولكني لا أرتدي على وجهي ملامحَ من تراجيديا العصور الوسطى .. لا أصبغ شعرات رأسي بأقلام الفحم .. لا أتوضأ بالغيم .. ولا أصعد إلى السماء بسلالم من العتب .. فلمَ كل هذا النحيب وأنتَ برفقة حسناء آتية إليك من زمن الأحلام الوردية .. تحمل بين يديها زهرة برية من تلك العصور الغابرة .. وكوباً من القهوة المحلاة بالحليب وقطع السكر .. التي أصبحت أنتَ أحد ندّامها ومدمنيها ..
ومع ذلك .. مع كل هذه الصلابة في الحروف .. والوحدة التي تنبعث رائحتها العتيقة من الهوامش .. من الزوايا .. من بين السطور .. ومع أنني كلما فتحت هذا الكتاب شعرت بريح كآبة تهب في وجهي كأنها قادمة من بوابات الجحيم .. وتقول لي أغلقيه على مصراعيه .. أقفليه عن بكرة أبيه ..
لكني كأيلولية صعبة المراس .. يصعب التحكم في مزاجها المتقلب .. وفي مرادها الصعب .. وفي هواياتها منذ ألف عام وهي تسلق الصعاب كلعبة السيرك تماماً .. ولو كانت تلك اللعبة على حافة الهاوية ..
لم أصغِ لحديث أذني .. ولم أُعرِّ اهتماماً لأوامر العقل بأن أغلق هذا الكتاب وأعيده إلى مكانه بالرف .. بل أصرّيتُ على البدء في القراءة .. وعلى مهل .. لكن بعد قراءة بسيطة وسريعة ومتقلبة لعدد من الصفحات .. أخشى أن أقولها .. أنني بدأت أترك بين السطور شيئاً مني .. شيئاً من نفسي .. فأين أنت يا أيلول لتدركني ؟
صفحة 1 من اصل 4 • 1, 2, 3, 4
صفحة 1 من اصل 4
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة
» غزلك حلو
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:21 من طرف ريما مجد الكيال