بحـث
من أنا ؟
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
ملف مخيم اليرموك ومأساة اللاجئين الفلسطينين
4 مشترك
صفحة 3 من اصل 5
صفحة 3 من اصل 5 • 1, 2, 3, 4, 5
رد: ملف مخيم اليرموك ومأساة اللاجئين الفلسطينين
محمد عساف يدعو لضحايا الجوع في اليرموك .
رغم أنه أصبح نجما ووصل العالمية في أقل من سنة إلا أن الفلسطيني محمد عساف لا يزال يتابع وطنه وقضاياه , ففي الحصار الذي ولد مجاعة في مخيم اليرموك الفلسطيني بسوريا عبر عساف عن حزنه حيث كتب عبر صفحته : " الي أهلنا في مخيم اليرموك رب .. فرج عنهم كل ضيق ، ولا تحملهم مالا يطيقوا ورحمهم انت بهم راحم يا رب العالمين ".
رغم أنه أصبح نجما ووصل العالمية في أقل من سنة إلا أن الفلسطيني محمد عساف لا يزال يتابع وطنه وقضاياه , ففي الحصار الذي ولد مجاعة في مخيم اليرموك الفلسطيني بسوريا عبر عساف عن حزنه حيث كتب عبر صفحته : " الي أهلنا في مخيم اليرموك رب .. فرج عنهم كل ضيق ، ولا تحملهم مالا يطيقوا ورحمهم انت بهم راحم يا رب العالمين ".
رد: ملف مخيم اليرموك ومأساة اللاجئين الفلسطينين
اليرموك نكبتنا الأخيرة...!
بقلم: أكرم عطا الله
قفوا على أبواب المخيم واقرؤوا ما تيسر من آيات الموت الذي يصر على أن يرافق تاريخنا في كل العواصم... اقرؤوا ما تيسر من مجازر ومذابح ومآتم بلا معزين.. واقرؤوا ما تعسر من حليب أطفال
ولدوا حاملين لوائح اتهامهم.. فأن تولد فلسطينيا يعني أن تبدأ رحلة الدفاع الطويلة عن النفس ضد عقوبة الموت التي تلاحقك من الأخوة الألداء ومن الأعداء.
"اليرموك" نكبتنا الجديدة على امتداد مساحة الألم الذي يرافقنا منذ اقتلاعنا ولا زلنا معلقين على صليب الموت المصاحب لتاريخنا المثقل بالفجيعة ونحن نتنقل ببوصلة من القهر تدلنا على تجمعات شعبنا المتناثر والمفعم بالحزن دون زمن مستقطع بين فجيعتين لا تعطياننا وقتا لتجفيف الدموع، ماذا فعلنا كي يصب التاريخ جام غضبه علينا بلا توقف وبلا رحمة؟ كأن قدر الفلسطيني أن يبقى أسيرا أو شهيدا أو طريدا.
في اليرموك روايات بلا أبطال وشهداء دون معارك وحروب بلا شرف يخوضها من انتزعت إنسانيتهم بحصار الأبرياء باحثين عن انتصاراتهم على جثثنا والموت بالجوع أحدث وسائل القتل لديهم، وسكان المخيم يصرخون معتقدين أن هناك بقايا ضمير يمكن أن ينقذهم من آلة الدمار المجنونة التي تتفنن في وسائل القتل بالقنص أو بالذبح أو بالجوع وليس أمامهم سوى الموت أو الموت، ولا انتظار سوى حصار وأعشاب أصبحت تخجل من وجوه آكليها حين اعتادت على كائنات أُخرى.
في المخيم نفدت الحمير والقطط والكلاب، وفي كل يوم جديد تضاف إلى قائمة الموت أسماء جديدة وهو النداء الذي كان ذات مرة حين أطلق محاصرو مخيمات لبنان قبل سبعةٍ وعشرين عاماً نداء استغاثتهم المحفور في ذاكرتنا "أنقذونا فقد نفدت القطط" وكأن الحصارات لم تشبع من حصارنا بعد "تل الزعتر" حتى حصار بيروت وحصار المخيمات وحصار جنين وغزة وصولا إلى ما يدمي القلب لاجئي اليرموك وهم يطرقون بقسوة على أبواب ضمائرنا نحن البؤساء والفقراء وليس لدينا سوى أن نبكيهم عندما تلسعنا صورهم ورواياتهم حين يصرعهم الجوع.
كأن موتَهم يربط تاريخنا بتاريخنا الذي يأبى إلا أن يكتب بالدم وبالدموع وبأمعاء أطفال تكفر بحروب القرون الوسطى التي يخوضها العرب في الألفية الثالثة، ودموع جحظت وهي على مشارف الموت من شدة الجوع، فسحقاً لإنسانية تصبح فيها كسرة الخبر حلماً للإنسان، وأي عالم عربي هذا يستحق الحياة وهو يسير نحو السلطة على جماجم البشر، ويصبغ بساطه الأحمر بالدم الفلسطيني، وحين يصعدون للسلطة ندفع الثمن وعندما يهبطون ندفع فاتورة عجزهم، فحين سقطت بغداد كان الفلسطيني ضحيتَها وطريدها نحو مخيم كجزء من إرث التشرد الدائم "الوليد" وفي الحرب على دمشق يقام مخيم جديد، وكأن كل تلك العواصم تأبى إلا أن يكون تاريخها مكتوبا باللجوء الفلسطيني المتواصل، فلسنا شعبا لقيطا في هذه المساحة من الكون ليبقى التشرد قدرَنا، ولم نأت للتاريخ بجناية اغتصاب لأرض أحد، فنحن من ارتكبت الجريمة بحقه، ولسنا شعبا زائدا حتى تنفتح كل فوهات مدافع الكون ضدنا ليبقى اللجوء قدرَنا الدائم ونكتب حضورنا بالموت، فقد انغلقت في وجه مخيم اليرموك كل بوابات الوطن وانفتحت فقط بوابة الألم، فهل قدر الفلسطيني أن يحمل كل آثام التاريخ ونزوات سادة القتل ويسقط صريعا في صراعات العرب الطويلة؟
أتعبنا الرحيل الدائم واللجوء الدائم والنزيف الدائم والجوع الدائم والحصار الداهم، وأصبحت الفواتير أكثر ثقلا على القلب ونحن نعد طوابيرنا من القتلى وترمقنا عيون أطفال ماتوا جوعاً، ويصفعنا أنين من تبقوا إلى الدرجة التي من حقنا أن نتساءل عن جدوى الحياد الإيجابي الذي يطرح حين نحصي خسائرنا التي تفوق الاحتمال، وما معنى الحياد حين ندفع كل هذا الثمن، فعندما تصل خسارتنا إلى ألفي قتيل في اليرموك لم يعد لما يطرح من شعارات أي قيمة وسط نهر الدم، وإذا كان حزب الله استطاع نقل قواته للدفاع عن القرى الشيعية في سورية ألم يكن بالإمكان نقل جزء من الكفاح المسلح في لبنان للدفاع عن المخيم أو للحفاظ على حياده الإيجابي؟ أما أن نعيش الكارثة ونتلقى الضربات بهذا المستوى من عزلة السلاح وندعي الحياد فهذا يعني أن نظل متفرجين على لعبة الموت الطويلة بحقنا ونصبح كالكرة التي يركلها لاعبو الموت بأقدامهم وبفوهات بنادقهم.
خسارتنا أكبر من الاحتمال، وحين نعجز ليس عن الدفاع عن المخيم بل يتضح عجزنا عن إدخال الطعام لشعبنا، حينها لا تعود تجدي كل مبررات الوقوف جانبا، المهمة الآن كيف يمكن إنقاذ ما تبقى من الفلسطينيين هناك وسط الحديث عن أيام أمام المجاعة، وليس لدينا ما يكفي من القدرة على تحمل أن نصحوَ على مئات بل آلاف موتى المجاعة من شعبنا الذي لن يسامح أحداً.
مخيم اليرموك ومرةً أُخرى يكشف عجزنا في إدارة معاركنا، فكل هذا الموت الذي لم نتوقعه باغتنا كما كل الأحداث التي لم نعد لها سوى الصراخ والعويل، وهذا كان غائباً هذه المرة حتى عن وسائل إعلامنا، فاليرموك ليس خبرها الأول ولا العاجل ولا نداء استغاثة ولا تقارير بحجم الحدث ولا حقيقة تكشف من المسؤول عما حدث لنعرف من سيحاسب شعبُنا حين تأتي لحظة الحساب، والغريب أن هناك فصائل تجمع تبرعات لليرموك وكأن بواباته مفتوحة لقاطرات المساعدات، وكان أكثر جدوى لو استنفرت ما تملكه من وسائل إعلام لصالح المخيم هناك.
في اليرموك تتنوع أدوات الموت بين أدوات عصور التخلف بالموت جوعا أو بالقنص وما تفتق عنه العقل البشري من وسائل القتل الحديثة، بين الجوع وبين النار، وكأن عليه أن يجرب كل وسائل القتل والتعذيب التي اخترعت في ظل صمت العالم الذي بقى متفرجاً على نكباتنا المتوالية لعقود.
قبل كتابة هذا المقال أرسلت رسالة للصديق أحمد عمرو من مخيم اليرموك ليصف لي الوضع الذي سأكتب عنه، لم يرد أحمد علي، يبدو أن يديه المرتعشتين لم تعودا تقويان على كتابة رسالة أو أنه يقول غيباً "حين يكون الموت حاضراً لا قيمة للكتابة".. وفي رسالتي الثانية التي لن أنتظر ردها أيضا كانت من سطر واحد "يا صديقي أرجوك لا تمُت"..!
بقلم: أكرم عطا الله
قفوا على أبواب المخيم واقرؤوا ما تيسر من آيات الموت الذي يصر على أن يرافق تاريخنا في كل العواصم... اقرؤوا ما تيسر من مجازر ومذابح ومآتم بلا معزين.. واقرؤوا ما تعسر من حليب أطفال
ولدوا حاملين لوائح اتهامهم.. فأن تولد فلسطينيا يعني أن تبدأ رحلة الدفاع الطويلة عن النفس ضد عقوبة الموت التي تلاحقك من الأخوة الألداء ومن الأعداء.
"اليرموك" نكبتنا الجديدة على امتداد مساحة الألم الذي يرافقنا منذ اقتلاعنا ولا زلنا معلقين على صليب الموت المصاحب لتاريخنا المثقل بالفجيعة ونحن نتنقل ببوصلة من القهر تدلنا على تجمعات شعبنا المتناثر والمفعم بالحزن دون زمن مستقطع بين فجيعتين لا تعطياننا وقتا لتجفيف الدموع، ماذا فعلنا كي يصب التاريخ جام غضبه علينا بلا توقف وبلا رحمة؟ كأن قدر الفلسطيني أن يبقى أسيرا أو شهيدا أو طريدا.
في اليرموك روايات بلا أبطال وشهداء دون معارك وحروب بلا شرف يخوضها من انتزعت إنسانيتهم بحصار الأبرياء باحثين عن انتصاراتهم على جثثنا والموت بالجوع أحدث وسائل القتل لديهم، وسكان المخيم يصرخون معتقدين أن هناك بقايا ضمير يمكن أن ينقذهم من آلة الدمار المجنونة التي تتفنن في وسائل القتل بالقنص أو بالذبح أو بالجوع وليس أمامهم سوى الموت أو الموت، ولا انتظار سوى حصار وأعشاب أصبحت تخجل من وجوه آكليها حين اعتادت على كائنات أُخرى.
في المخيم نفدت الحمير والقطط والكلاب، وفي كل يوم جديد تضاف إلى قائمة الموت أسماء جديدة وهو النداء الذي كان ذات مرة حين أطلق محاصرو مخيمات لبنان قبل سبعةٍ وعشرين عاماً نداء استغاثتهم المحفور في ذاكرتنا "أنقذونا فقد نفدت القطط" وكأن الحصارات لم تشبع من حصارنا بعد "تل الزعتر" حتى حصار بيروت وحصار المخيمات وحصار جنين وغزة وصولا إلى ما يدمي القلب لاجئي اليرموك وهم يطرقون بقسوة على أبواب ضمائرنا نحن البؤساء والفقراء وليس لدينا سوى أن نبكيهم عندما تلسعنا صورهم ورواياتهم حين يصرعهم الجوع.
كأن موتَهم يربط تاريخنا بتاريخنا الذي يأبى إلا أن يكتب بالدم وبالدموع وبأمعاء أطفال تكفر بحروب القرون الوسطى التي يخوضها العرب في الألفية الثالثة، ودموع جحظت وهي على مشارف الموت من شدة الجوع، فسحقاً لإنسانية تصبح فيها كسرة الخبر حلماً للإنسان، وأي عالم عربي هذا يستحق الحياة وهو يسير نحو السلطة على جماجم البشر، ويصبغ بساطه الأحمر بالدم الفلسطيني، وحين يصعدون للسلطة ندفع الثمن وعندما يهبطون ندفع فاتورة عجزهم، فحين سقطت بغداد كان الفلسطيني ضحيتَها وطريدها نحو مخيم كجزء من إرث التشرد الدائم "الوليد" وفي الحرب على دمشق يقام مخيم جديد، وكأن كل تلك العواصم تأبى إلا أن يكون تاريخها مكتوبا باللجوء الفلسطيني المتواصل، فلسنا شعبا لقيطا في هذه المساحة من الكون ليبقى التشرد قدرَنا، ولم نأت للتاريخ بجناية اغتصاب لأرض أحد، فنحن من ارتكبت الجريمة بحقه، ولسنا شعبا زائدا حتى تنفتح كل فوهات مدافع الكون ضدنا ليبقى اللجوء قدرَنا الدائم ونكتب حضورنا بالموت، فقد انغلقت في وجه مخيم اليرموك كل بوابات الوطن وانفتحت فقط بوابة الألم، فهل قدر الفلسطيني أن يحمل كل آثام التاريخ ونزوات سادة القتل ويسقط صريعا في صراعات العرب الطويلة؟
أتعبنا الرحيل الدائم واللجوء الدائم والنزيف الدائم والجوع الدائم والحصار الداهم، وأصبحت الفواتير أكثر ثقلا على القلب ونحن نعد طوابيرنا من القتلى وترمقنا عيون أطفال ماتوا جوعاً، ويصفعنا أنين من تبقوا إلى الدرجة التي من حقنا أن نتساءل عن جدوى الحياد الإيجابي الذي يطرح حين نحصي خسائرنا التي تفوق الاحتمال، وما معنى الحياد حين ندفع كل هذا الثمن، فعندما تصل خسارتنا إلى ألفي قتيل في اليرموك لم يعد لما يطرح من شعارات أي قيمة وسط نهر الدم، وإذا كان حزب الله استطاع نقل قواته للدفاع عن القرى الشيعية في سورية ألم يكن بالإمكان نقل جزء من الكفاح المسلح في لبنان للدفاع عن المخيم أو للحفاظ على حياده الإيجابي؟ أما أن نعيش الكارثة ونتلقى الضربات بهذا المستوى من عزلة السلاح وندعي الحياد فهذا يعني أن نظل متفرجين على لعبة الموت الطويلة بحقنا ونصبح كالكرة التي يركلها لاعبو الموت بأقدامهم وبفوهات بنادقهم.
خسارتنا أكبر من الاحتمال، وحين نعجز ليس عن الدفاع عن المخيم بل يتضح عجزنا عن إدخال الطعام لشعبنا، حينها لا تعود تجدي كل مبررات الوقوف جانبا، المهمة الآن كيف يمكن إنقاذ ما تبقى من الفلسطينيين هناك وسط الحديث عن أيام أمام المجاعة، وليس لدينا ما يكفي من القدرة على تحمل أن نصحوَ على مئات بل آلاف موتى المجاعة من شعبنا الذي لن يسامح أحداً.
مخيم اليرموك ومرةً أُخرى يكشف عجزنا في إدارة معاركنا، فكل هذا الموت الذي لم نتوقعه باغتنا كما كل الأحداث التي لم نعد لها سوى الصراخ والعويل، وهذا كان غائباً هذه المرة حتى عن وسائل إعلامنا، فاليرموك ليس خبرها الأول ولا العاجل ولا نداء استغاثة ولا تقارير بحجم الحدث ولا حقيقة تكشف من المسؤول عما حدث لنعرف من سيحاسب شعبُنا حين تأتي لحظة الحساب، والغريب أن هناك فصائل تجمع تبرعات لليرموك وكأن بواباته مفتوحة لقاطرات المساعدات، وكان أكثر جدوى لو استنفرت ما تملكه من وسائل إعلام لصالح المخيم هناك.
في اليرموك تتنوع أدوات الموت بين أدوات عصور التخلف بالموت جوعا أو بالقنص وما تفتق عنه العقل البشري من وسائل القتل الحديثة، بين الجوع وبين النار، وكأن عليه أن يجرب كل وسائل القتل والتعذيب التي اخترعت في ظل صمت العالم الذي بقى متفرجاً على نكباتنا المتوالية لعقود.
قبل كتابة هذا المقال أرسلت رسالة للصديق أحمد عمرو من مخيم اليرموك ليصف لي الوضع الذي سأكتب عنه، لم يرد أحمد علي، يبدو أن يديه المرتعشتين لم تعودا تقويان على كتابة رسالة أو أنه يقول غيباً "حين يكون الموت حاضراً لا قيمة للكتابة".. وفي رسالتي الثانية التي لن أنتظر ردها أيضا كانت من سطر واحد "يا صديقي أرجوك لا تمُت"..!
رد: ملف مخيم اليرموك ومأساة اللاجئين الفلسطينين
أنصاف حقائق حول حصار "اليرموك"
في يوم ما، من العام 1976 تظاهر مخيم اليرموك احتجاجاً على التدخل العسكري السوري في لبنان، ضد المقاومة الفلسطينية المتحالفة مع الحركة الوطنية اللبنانية (القوات المشتركة).
رفعت الأسد، شقيق الرئيس حافظ الأسد، وقائد "سرايا الدفاع" أرسل من يحذّر المتظاهرين: لدينا مدافع على جبل قاسيون. ليس مخيم اليرموك أعزّ علينا من مدينة حماة. توقفت مظاهرات الاحتجاج!
لن نحكي عن صمود وسقوط مخيم تل الزعتر في الضاحية الشرقية لبيروت، ولا عن دعم النظام السوري للواء السادس في الجيش اللبناني، وحركة "أمل" ـ (أفواج المقاومة اللبنانية) في الحرب على مخيم صبرا.
لنقل إن سياسة النظام السوري أقرب إلى "الظلم بالسوية عدل في الرعية" إزاء السوريين واللاجئين الفلسطينيين المتساوين أمام القانون السوري.
كتب زميلي اللبناني إلياس خوري، المعارض اللدود للنظام السوري، في صحيفة "القدس ـ العربي" اللندنية مقالة عنونها "فلسطين الشمالية" عن فوضى الحرب الأهلية في سورية.
كان الرئيس اللبناني ـ الكتائبي أمين الجميل، قد قال بعد قصف بيروت الشرقية بالمدفعية السورية: سيأتي يوم ترتدّ فيه المدافع نحو دمشق! ها أن سورية في حالة احتراب تناحري، طال المخيمات الفلسطينية في سورية. لماذا؟
جورج صبرا، رئيس المجلس الوطني السوري ـ المعارض للنظام، صرح بقوله: اليرموك أرض سورية محررة. من حقنا أن نعمل فيها؟
للنظام السوري، كما نعرف، سياسة "قومية" إزاء فلسطين، مردفة بسياسة "فصائلية" تتعارض معها. ومن ثم؟ عادى حركة "فتح" وحلفاءها، وقرّب إليه "القيادة العامة ـ أحمد جبريل" ثم حركة "حماس" وسمح لهما بحرية مراقبة من جانبه في العمل التنظيمي والتواجد المسلح والمحدود في المخيمات.
والآن، هاكم أنصاف حقائق حول حصار مخيم اليرموك (لأن للحقيقة وجهين.. ووجوها)، ويستحسن النظر إلى خريطة المواقع حسب "جوجل إيرث".
في الشمال الغربي من المخيم يفرض الجيش طوقاً على المخيم من ناحية حي "التضامن" وحي "القدم". في الجنوب الشرقي هناك بلدة "ببيلا" ثم "الحجر الأسود".. ثم درعا التي تسيطر على ضواحيها قوات المعارضة، ثم طريق التسلل من الأردن.. مفتوح!
ما معنى ذلك؟ بعد حي "التضامن" هناك حي "الميدان" الدمشقي، ثم "سوق الحميدية" القريب من ساحة "المرجة"، مركز دمشق القديمة.
تريد المعارضة المسلحة تحرير دمشق ـ العاصمة انطلاقاً من سيطرتها على المخيم، الذي هو "كعب آخيل" العاصمة دمشق.. والنظام.
المدفعية والدبابات السورية النظامية تردّ على محاولات التقدم لمسلحي المعارضة.
السؤال، إزاء حصار المخيم القاسي، وموت 44 من سكانه جوعاً، هو: إذا كانت قوات المعارضة تسيطر على جنوب المخيم، فلماذا لا يقوم كل مقاتل فيها بحمل "ربطة خبز" مثلاً، إلى الجياع، وهم حوالي ستة آلاف عنصر مسلح!
لا أدافع، قط، عن سياسة النظام السوري "القومية" إزاء فلسطين، ولا أهاجم سياسته "الفصائلية". هذا جزء من الحقيقة وذاك جزء آخر؟
لكن، إذا كانت مصلحة المعارضة هي إسقاط النظام و"تحرير" دمشق ـ العاصمة، فمن الواقعي أن يدافع النظام عن نفسه والعاصمة، وأن لا يثير في وجهه عداء للفلسطينيين بعامة، وسكان المخيمات في سورية بخاصة، وأن يستعين بحلفائه من الفصائل الموالية له في المخيم.
ماذا عن منظمة التحرير وقيادتها؟ والنقد المتجني على موقفها من حصار اليرموك؟
مخيم اليرموك، والمخيمات بعامة، ليست "غيتو" للاجئين الفلسطينيين، بل مراكز جذب اقتصادية وسكنية وسياسية.. ثم مسلحة، كما يعرف كل من عاش مخيمات لبنان (عين الحلوة مثلاً أو مخيم صبرا).
رسمياً، قيادة المنظمة على الحياد إزاء فوضى "الربيع العربي" لكن شعبياً يصعب الوقوف على الحياد، وخاصة نظراً للامتزاج السوري ـ الفلسطيني الذي عزّ نظيره!
كل دول الجوار السوري تتدخل سياسياً وعسكرياً، إلاّ منظمة التحرير التي تتدخل إنسانياً، إزاء "نكبة" أخرى، وعرقلة إدخال المعونات للمخيم تتحمل مسؤوليته الجهات والفصائل التي ترى في المخيم أرضاً سورية محرّرة، ومنصة وثوب لتحرير دمشق وإسقاط النظام.
لدى المنظمة متاعب تكفيها في لبنان (محاولة استجرار المخيمات للنزاع اللبناني) وكذلك مضاعفات أزمة مصر مع حركة "حماس" وتأثيرها على سياسة مصر الفلسطينية، وانعكاسها السيئ على موقف مصر الشعبية.. هذا إلى انشغالها الشديد بجهود تسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي... ومن قبل كان العراق، ومن بعد العراق ليبيا.. إلخ!
إن القنوات الفضائية الخليجية بخاصة ("الجزيرة" و"العربية") جزء من "بروباغندا" إعلامية مضادة للنظام السوري، وتقدم تغطية منحازة إلى المعارضة المسلحة.
قال، بالأمس، رئيس المنظمة، الذي يعرف سورية تماماً: "من دخل المخيمات خونة للقضية ولشعبنا، إن لم يكن لدينا كلمة خير فلنصمت. إذا أراد الفلسطينيون أن يقاتلوا فمعروف أين.. وليس في اليرموك. كنّا نتمنّى على الجماعات المسلحة أن يبعدوا عن المخيمات، لكن المبلغ المدفوع لهم أكبر من الخروج من المخيم. علينا مساعدة أهلنا هناك، لأنهم جزء منا".
ملاحظة: كاتب هذه السطور فلسطيني ـ سوري ممنوع من دخول سورية "إلى الأبد" جزاء نقده لسياسة النظام "القومية" و"الفصائلية".
حسن البطل
في يوم ما، من العام 1976 تظاهر مخيم اليرموك احتجاجاً على التدخل العسكري السوري في لبنان، ضد المقاومة الفلسطينية المتحالفة مع الحركة الوطنية اللبنانية (القوات المشتركة).
رفعت الأسد، شقيق الرئيس حافظ الأسد، وقائد "سرايا الدفاع" أرسل من يحذّر المتظاهرين: لدينا مدافع على جبل قاسيون. ليس مخيم اليرموك أعزّ علينا من مدينة حماة. توقفت مظاهرات الاحتجاج!
لن نحكي عن صمود وسقوط مخيم تل الزعتر في الضاحية الشرقية لبيروت، ولا عن دعم النظام السوري للواء السادس في الجيش اللبناني، وحركة "أمل" ـ (أفواج المقاومة اللبنانية) في الحرب على مخيم صبرا.
لنقل إن سياسة النظام السوري أقرب إلى "الظلم بالسوية عدل في الرعية" إزاء السوريين واللاجئين الفلسطينيين المتساوين أمام القانون السوري.
كتب زميلي اللبناني إلياس خوري، المعارض اللدود للنظام السوري، في صحيفة "القدس ـ العربي" اللندنية مقالة عنونها "فلسطين الشمالية" عن فوضى الحرب الأهلية في سورية.
كان الرئيس اللبناني ـ الكتائبي أمين الجميل، قد قال بعد قصف بيروت الشرقية بالمدفعية السورية: سيأتي يوم ترتدّ فيه المدافع نحو دمشق! ها أن سورية في حالة احتراب تناحري، طال المخيمات الفلسطينية في سورية. لماذا؟
جورج صبرا، رئيس المجلس الوطني السوري ـ المعارض للنظام، صرح بقوله: اليرموك أرض سورية محررة. من حقنا أن نعمل فيها؟
للنظام السوري، كما نعرف، سياسة "قومية" إزاء فلسطين، مردفة بسياسة "فصائلية" تتعارض معها. ومن ثم؟ عادى حركة "فتح" وحلفاءها، وقرّب إليه "القيادة العامة ـ أحمد جبريل" ثم حركة "حماس" وسمح لهما بحرية مراقبة من جانبه في العمل التنظيمي والتواجد المسلح والمحدود في المخيمات.
والآن، هاكم أنصاف حقائق حول حصار مخيم اليرموك (لأن للحقيقة وجهين.. ووجوها)، ويستحسن النظر إلى خريطة المواقع حسب "جوجل إيرث".
في الشمال الغربي من المخيم يفرض الجيش طوقاً على المخيم من ناحية حي "التضامن" وحي "القدم". في الجنوب الشرقي هناك بلدة "ببيلا" ثم "الحجر الأسود".. ثم درعا التي تسيطر على ضواحيها قوات المعارضة، ثم طريق التسلل من الأردن.. مفتوح!
ما معنى ذلك؟ بعد حي "التضامن" هناك حي "الميدان" الدمشقي، ثم "سوق الحميدية" القريب من ساحة "المرجة"، مركز دمشق القديمة.
تريد المعارضة المسلحة تحرير دمشق ـ العاصمة انطلاقاً من سيطرتها على المخيم، الذي هو "كعب آخيل" العاصمة دمشق.. والنظام.
المدفعية والدبابات السورية النظامية تردّ على محاولات التقدم لمسلحي المعارضة.
السؤال، إزاء حصار المخيم القاسي، وموت 44 من سكانه جوعاً، هو: إذا كانت قوات المعارضة تسيطر على جنوب المخيم، فلماذا لا يقوم كل مقاتل فيها بحمل "ربطة خبز" مثلاً، إلى الجياع، وهم حوالي ستة آلاف عنصر مسلح!
لا أدافع، قط، عن سياسة النظام السوري "القومية" إزاء فلسطين، ولا أهاجم سياسته "الفصائلية". هذا جزء من الحقيقة وذاك جزء آخر؟
لكن، إذا كانت مصلحة المعارضة هي إسقاط النظام و"تحرير" دمشق ـ العاصمة، فمن الواقعي أن يدافع النظام عن نفسه والعاصمة، وأن لا يثير في وجهه عداء للفلسطينيين بعامة، وسكان المخيمات في سورية بخاصة، وأن يستعين بحلفائه من الفصائل الموالية له في المخيم.
ماذا عن منظمة التحرير وقيادتها؟ والنقد المتجني على موقفها من حصار اليرموك؟
مخيم اليرموك، والمخيمات بعامة، ليست "غيتو" للاجئين الفلسطينيين، بل مراكز جذب اقتصادية وسكنية وسياسية.. ثم مسلحة، كما يعرف كل من عاش مخيمات لبنان (عين الحلوة مثلاً أو مخيم صبرا).
رسمياً، قيادة المنظمة على الحياد إزاء فوضى "الربيع العربي" لكن شعبياً يصعب الوقوف على الحياد، وخاصة نظراً للامتزاج السوري ـ الفلسطيني الذي عزّ نظيره!
كل دول الجوار السوري تتدخل سياسياً وعسكرياً، إلاّ منظمة التحرير التي تتدخل إنسانياً، إزاء "نكبة" أخرى، وعرقلة إدخال المعونات للمخيم تتحمل مسؤوليته الجهات والفصائل التي ترى في المخيم أرضاً سورية محرّرة، ومنصة وثوب لتحرير دمشق وإسقاط النظام.
لدى المنظمة متاعب تكفيها في لبنان (محاولة استجرار المخيمات للنزاع اللبناني) وكذلك مضاعفات أزمة مصر مع حركة "حماس" وتأثيرها على سياسة مصر الفلسطينية، وانعكاسها السيئ على موقف مصر الشعبية.. هذا إلى انشغالها الشديد بجهود تسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي... ومن قبل كان العراق، ومن بعد العراق ليبيا.. إلخ!
إن القنوات الفضائية الخليجية بخاصة ("الجزيرة" و"العربية") جزء من "بروباغندا" إعلامية مضادة للنظام السوري، وتقدم تغطية منحازة إلى المعارضة المسلحة.
قال، بالأمس، رئيس المنظمة، الذي يعرف سورية تماماً: "من دخل المخيمات خونة للقضية ولشعبنا، إن لم يكن لدينا كلمة خير فلنصمت. إذا أراد الفلسطينيون أن يقاتلوا فمعروف أين.. وليس في اليرموك. كنّا نتمنّى على الجماعات المسلحة أن يبعدوا عن المخيمات، لكن المبلغ المدفوع لهم أكبر من الخروج من المخيم. علينا مساعدة أهلنا هناك، لأنهم جزء منا".
ملاحظة: كاتب هذه السطور فلسطيني ـ سوري ممنوع من دخول سورية "إلى الأبد" جزاء نقده لسياسة النظام "القومية" و"الفصائلية".
حسن البطل
رد: ملف مخيم اليرموك ومأساة اللاجئين الفلسطينين
فلسطينيو سورية والموت جوعاً ... وخذلاناً
بقلم: د. خالد الحروب
الطفلة آلاء المصري التي التهم يفاعتها في مخيم اليرموك وحش الموت جوعاً قبل أيام ترفع عدد الذين قضوا في المخيم بسبب الجوع أو البرد والمعاناة تحت وطأة الحصار المستمر عدة شهور على المخيم إلى أكثر من عشرين.
يُضاف إلى هؤلاء مئات آخرون ماتوا بالرصاص المجنون وفي سعير الحرب بين الأطراف المختلفة.
يبقى الموت جوعاً متصدراً قائمة البشاعة في أنواع الموت، لأنه لا يقتل تدريجياً الضحية وحسب، بل وأهله ومن حوله، وهم يراقبونه يذوي بين أيديهم وهم لا يستطيعون فعل شيء.
لسنا أمام مرض عُضال، سرطان أو قلب مُنهك، عجز الطب عن تقديم شيء له، فجاء الموت المتوقع وأنهى فصل الحزن، أو افتتحه.
نحن أمام الموت جوعاً، التضور من نقص الخبز، والماء، والمواد الأولية للحياة.
لم تفلح كل محاولات أهل آلاء في طهي أوراق الشجر والعشب لخداع معدة الصغيرة.
ظلت تتضاءل أمامهم، يبرز فكا وجهها، وتجحظ عيناها، وتتهدل أطرافها إلى أن أغلقت نظراتها المرعوبة من هول ما كان يحصل حولها.
آلاء المصري توقع بمغادرتها دخولنا حقبة جديدة من الانحطاط الأخلاقي وتكلس المشاعر، وسيادة التوحش، وتوقع بمغادرتها مرافعة إدانة للنظام المجرم، والمجموعات المسلحة، وفصائل منظمة التحرير، والأونروا، ومنظمات الإغاثة الدولية، وقبل هؤلاء وبعدهم كل القوى الكبرى التي تأبه بمصائر البشر وحيواتهم وهي تناكف بعضها بعضاً في لعبة "المصالحة الاستراتيجية".
صور الأطفال الذين يموتون جوعا القادمة من مخيم اليرموك الواقع بين فكي كماشة قوات النظام والمعارضة في ضواحي دمشق تخلع القلب. والتقارير التلفزيونية التي نجحت في تصوير جوانب من المأساة اليومية التي تحدث هناك تنقل لنا وجوهاً شاحبة، وأجساداً نحيلة عظامها بارزة ملصقة بجلود أصحابها الذين فقدوا كل لحم يصل العظم بالجلد.
هؤلاء ما زالوا على الحد الفاصل بين حياة أقرب إلى الموت، والموت نفسه.
ما يتبادر إلى الذاكرة فورا صور أولئك البائسين في حرب البوسنة الذين كانت عصابات الصرب تحتجزهم في معسكرات إبادة وتبقيهم أسابيع من دون طعام أو شراب فيذوون تدريجياً ويسقطون الواحد تلو الآخر، مفتوحي الأفواه، منفوخي البطون الخاوية.
ما يواجهه فلسطينيو مخيم اليرموك تحديداً وبقية فلسطينيي سورية، قبل وبعد كل شيء، هو جزء من معاناة ومأساة الشعب السوري، ذلك انه ليس ثمة استثناء خاص في كمية الموت والجوع وفي تسنم موقع الضحية الأول.
في الحروب البشعة كما هي حرب سورية حيث تتلذذ القوة العسكرية الأهم بشواء اللحم البشري بآلة حربها، ليس هناك ما يميز ضحية عن أخرى سوى الرقم الذي تحمله في سجلات الموت.
فلسطينيو سورية مع ذلك يطبق عليهم الموت كما أطبق على سوريين كثيرين مثلهم، وتطبق عليهم تفاهات السياسة العربية والدولية حيث تحظر عليهم حتى "الهرب" و"اللجوء".
ممنوع عليهم أن يعبروا الحدود الأردنية لأن الأردن لا يريد المزيد من اللاجئين الفلسطينيين بما يزيد من الفلسطينيين هناك ويفاقم توجسات شرق الأردنيين.
ولبنان لا يستقبلهم لذات الأسباب وحفاظا على توازن ديموغرافي هش.
إذا أطبقت عليهم نار الموت من كل الجهات وبقي منفذ واحد لهم كي يهربوا، فإنهم لا يعرفون إلى أين يهربون.
بقي أن يهيموا مع إخوانهم السوريين في الأرض السورية طولا وعرضا وبأمل الإبقاء على حياة محطمة تستمر لما بعد توقف آلة الموت الرهيب. والى هؤلاء الهائمين ينتمي الآن معظم نصف المليون فلسطيني المقيمين في سورية تحت سمة "لاجئ"، وحيث فرغت منهم مخيماتهم التقليدية التي تشرف عليها الأونروا.
وبحسب تقديرات هذه الأخيرة فإن ثلاثة أرباع اللاجئين الفلسطينيين تم تهجيرهم من مخيماتهم الآن.
ملحمة الموت، خاصة في مخيم اليرموك، مخيفة ومرعبة، فمن أصل ما يُقارب نصف مليون إنسان لم يتبق في المخيم إلا اثنا عشر ألفاً، وهؤلاء مقطوعون تماماً الآن من كل ما له علاقة بالعالم الخارجي.
فشلت مبادرات تحييد المخيم منذ فترة طويلة، وتحالفت ضده مراهقات المجموعات المسلحة التي جاءته من كل الجهات مع إجرام النظام ذاته الذي لم يكن ينقصه المسوغ لقصف المخيم وضربه ومحاصرته.
وبين تلك المراهقات وذلك الإجرام كانت تفاهات الفصائل الفلسطينية وكل منها يدعي بطولة تمثيل المخيم وحمايته، ثم يعلن مناصرته للنظام ووقوفه معه، أو وقوفه ضده.
تحول المخيم بعد ذلك كله إلى هدف مُستباح، وانتهى الآن محاصراً يتلقط ناسه ونساؤه وأطفاله العشب وأوراق الشجر ويستصلحون منه ما يرون فيه ما يبقيهم على قيد الحياة، فيطبخونه بالماء، ويأكلون عشباً مسلوقا علّ بطون الصغار تسكت، ودموعهم تخف.
والتهجير واللجوء الجديد يطرح الآن مشكلة جديدة أمام الأونروا والعالم ومنظمات اللاجئين، ذلك أن لجوء من هو لاجئ أصلاً يدخله في تصنيف جديد وهو اللجوء المزدوج، حيث تغيب المسؤولية الدولية وتتفاقم إشكاليات التعريف، كما يغيب الترحيب من قبل الدول المستضيفة.
لهذا السبب، إلى جانب أسباب أخرى، يرفض الأردن ولبنان ومصر أيضا استقبال أي من اللاجئين الفلسطينيين.
مصر مثلاً لا تريد أن تصنف أساسا بلداً مُستضيفاً للاجئين، وهي لا تعرف الآن كيف تتعامل مع الأحد عشر ألف لاجئ فلسطيني الذين وصلوها من سورية بشكل أو بآخر.
وهناك هم محرومون من كل شيء إذ لا يحق لهم العمل، ولا لأولادهم الالتحاق بالمدارس المصرية، وسوى ذلك.
في الحالات الشبيهة في العالم وحيث يتواجد مثل هذا العدد من اللاجئين تقوم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة برعايتهم، وإقامة عيادات وفصول مدرسية لأولادهم.
لكن يُشترط تعاون الدولة المضيفة والإقرار بوجود لاجئين على أرضها، وهو ما لا تفعله مصر ولا تريده.
في حالة هؤلاء البائسين الفلسطينيين في مصر هناك مشكلة أخرى، وهي أنه حتى في حال اعترفت مصر بوجودهم فإن هناك مشكلة في تحديد الطرف الدولي الذي تلقى عليه مسؤولية رعاية هؤلاء اللاجئين.
فالمفوضية العليا تقول إن عملها لا يتضمن رعاية اللاجئين الفلسطينيين لأن تلك هي مسؤولية الأونروا.
والأونروا بدورها تقول إن مصر ليست أحد البلدان التي تشتغل فيها بسبب عدم وجود مخيمات فلسطينية فيها، وإن مصر نفسها لا تقبل بعمل الأونروا هناك.
جزء من أولئك الذين وصلوا إلى مصر استطاعوا التسلل إلى قطاع غزة، حوالي ألف وخمسمائة، وهم يعتبرون محظوظين بسبب ذلك.
الأقل حظاً والأتعس قدراً هم أولئك الذين تسللوا إلى الشواطئ والتحقوا بقوارب الهرب إلى أوروبا حيث الأمل بحياة مختلفة، فكان أن تلقفهم الموت والتهمتهم مياه البحر قبل أن يصلوا إلى الشاطئ الأوروبي.
وفي خضم هذا الموت الذي يحاصر هؤلاء من كل الجهات، تتعالى صيحات ثورية هنا وهناك تندد باستقبال بعض الدول الاسكندنافية لعدد منهم تمكن من فرض نفسه على هذه السفارة أو تلك بعد التسلل إلى لبنان.
بقلم: د. خالد الحروب
الطفلة آلاء المصري التي التهم يفاعتها في مخيم اليرموك وحش الموت جوعاً قبل أيام ترفع عدد الذين قضوا في المخيم بسبب الجوع أو البرد والمعاناة تحت وطأة الحصار المستمر عدة شهور على المخيم إلى أكثر من عشرين.
يُضاف إلى هؤلاء مئات آخرون ماتوا بالرصاص المجنون وفي سعير الحرب بين الأطراف المختلفة.
يبقى الموت جوعاً متصدراً قائمة البشاعة في أنواع الموت، لأنه لا يقتل تدريجياً الضحية وحسب، بل وأهله ومن حوله، وهم يراقبونه يذوي بين أيديهم وهم لا يستطيعون فعل شيء.
لسنا أمام مرض عُضال، سرطان أو قلب مُنهك، عجز الطب عن تقديم شيء له، فجاء الموت المتوقع وأنهى فصل الحزن، أو افتتحه.
نحن أمام الموت جوعاً، التضور من نقص الخبز، والماء، والمواد الأولية للحياة.
لم تفلح كل محاولات أهل آلاء في طهي أوراق الشجر والعشب لخداع معدة الصغيرة.
ظلت تتضاءل أمامهم، يبرز فكا وجهها، وتجحظ عيناها، وتتهدل أطرافها إلى أن أغلقت نظراتها المرعوبة من هول ما كان يحصل حولها.
آلاء المصري توقع بمغادرتها دخولنا حقبة جديدة من الانحطاط الأخلاقي وتكلس المشاعر، وسيادة التوحش، وتوقع بمغادرتها مرافعة إدانة للنظام المجرم، والمجموعات المسلحة، وفصائل منظمة التحرير، والأونروا، ومنظمات الإغاثة الدولية، وقبل هؤلاء وبعدهم كل القوى الكبرى التي تأبه بمصائر البشر وحيواتهم وهي تناكف بعضها بعضاً في لعبة "المصالحة الاستراتيجية".
صور الأطفال الذين يموتون جوعا القادمة من مخيم اليرموك الواقع بين فكي كماشة قوات النظام والمعارضة في ضواحي دمشق تخلع القلب. والتقارير التلفزيونية التي نجحت في تصوير جوانب من المأساة اليومية التي تحدث هناك تنقل لنا وجوهاً شاحبة، وأجساداً نحيلة عظامها بارزة ملصقة بجلود أصحابها الذين فقدوا كل لحم يصل العظم بالجلد.
هؤلاء ما زالوا على الحد الفاصل بين حياة أقرب إلى الموت، والموت نفسه.
ما يتبادر إلى الذاكرة فورا صور أولئك البائسين في حرب البوسنة الذين كانت عصابات الصرب تحتجزهم في معسكرات إبادة وتبقيهم أسابيع من دون طعام أو شراب فيذوون تدريجياً ويسقطون الواحد تلو الآخر، مفتوحي الأفواه، منفوخي البطون الخاوية.
ما يواجهه فلسطينيو مخيم اليرموك تحديداً وبقية فلسطينيي سورية، قبل وبعد كل شيء، هو جزء من معاناة ومأساة الشعب السوري، ذلك انه ليس ثمة استثناء خاص في كمية الموت والجوع وفي تسنم موقع الضحية الأول.
في الحروب البشعة كما هي حرب سورية حيث تتلذذ القوة العسكرية الأهم بشواء اللحم البشري بآلة حربها، ليس هناك ما يميز ضحية عن أخرى سوى الرقم الذي تحمله في سجلات الموت.
فلسطينيو سورية مع ذلك يطبق عليهم الموت كما أطبق على سوريين كثيرين مثلهم، وتطبق عليهم تفاهات السياسة العربية والدولية حيث تحظر عليهم حتى "الهرب" و"اللجوء".
ممنوع عليهم أن يعبروا الحدود الأردنية لأن الأردن لا يريد المزيد من اللاجئين الفلسطينيين بما يزيد من الفلسطينيين هناك ويفاقم توجسات شرق الأردنيين.
ولبنان لا يستقبلهم لذات الأسباب وحفاظا على توازن ديموغرافي هش.
إذا أطبقت عليهم نار الموت من كل الجهات وبقي منفذ واحد لهم كي يهربوا، فإنهم لا يعرفون إلى أين يهربون.
بقي أن يهيموا مع إخوانهم السوريين في الأرض السورية طولا وعرضا وبأمل الإبقاء على حياة محطمة تستمر لما بعد توقف آلة الموت الرهيب. والى هؤلاء الهائمين ينتمي الآن معظم نصف المليون فلسطيني المقيمين في سورية تحت سمة "لاجئ"، وحيث فرغت منهم مخيماتهم التقليدية التي تشرف عليها الأونروا.
وبحسب تقديرات هذه الأخيرة فإن ثلاثة أرباع اللاجئين الفلسطينيين تم تهجيرهم من مخيماتهم الآن.
ملحمة الموت، خاصة في مخيم اليرموك، مخيفة ومرعبة، فمن أصل ما يُقارب نصف مليون إنسان لم يتبق في المخيم إلا اثنا عشر ألفاً، وهؤلاء مقطوعون تماماً الآن من كل ما له علاقة بالعالم الخارجي.
فشلت مبادرات تحييد المخيم منذ فترة طويلة، وتحالفت ضده مراهقات المجموعات المسلحة التي جاءته من كل الجهات مع إجرام النظام ذاته الذي لم يكن ينقصه المسوغ لقصف المخيم وضربه ومحاصرته.
وبين تلك المراهقات وذلك الإجرام كانت تفاهات الفصائل الفلسطينية وكل منها يدعي بطولة تمثيل المخيم وحمايته، ثم يعلن مناصرته للنظام ووقوفه معه، أو وقوفه ضده.
تحول المخيم بعد ذلك كله إلى هدف مُستباح، وانتهى الآن محاصراً يتلقط ناسه ونساؤه وأطفاله العشب وأوراق الشجر ويستصلحون منه ما يرون فيه ما يبقيهم على قيد الحياة، فيطبخونه بالماء، ويأكلون عشباً مسلوقا علّ بطون الصغار تسكت، ودموعهم تخف.
والتهجير واللجوء الجديد يطرح الآن مشكلة جديدة أمام الأونروا والعالم ومنظمات اللاجئين، ذلك أن لجوء من هو لاجئ أصلاً يدخله في تصنيف جديد وهو اللجوء المزدوج، حيث تغيب المسؤولية الدولية وتتفاقم إشكاليات التعريف، كما يغيب الترحيب من قبل الدول المستضيفة.
لهذا السبب، إلى جانب أسباب أخرى، يرفض الأردن ولبنان ومصر أيضا استقبال أي من اللاجئين الفلسطينيين.
مصر مثلاً لا تريد أن تصنف أساسا بلداً مُستضيفاً للاجئين، وهي لا تعرف الآن كيف تتعامل مع الأحد عشر ألف لاجئ فلسطيني الذين وصلوها من سورية بشكل أو بآخر.
وهناك هم محرومون من كل شيء إذ لا يحق لهم العمل، ولا لأولادهم الالتحاق بالمدارس المصرية، وسوى ذلك.
في الحالات الشبيهة في العالم وحيث يتواجد مثل هذا العدد من اللاجئين تقوم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة برعايتهم، وإقامة عيادات وفصول مدرسية لأولادهم.
لكن يُشترط تعاون الدولة المضيفة والإقرار بوجود لاجئين على أرضها، وهو ما لا تفعله مصر ولا تريده.
في حالة هؤلاء البائسين الفلسطينيين في مصر هناك مشكلة أخرى، وهي أنه حتى في حال اعترفت مصر بوجودهم فإن هناك مشكلة في تحديد الطرف الدولي الذي تلقى عليه مسؤولية رعاية هؤلاء اللاجئين.
فالمفوضية العليا تقول إن عملها لا يتضمن رعاية اللاجئين الفلسطينيين لأن تلك هي مسؤولية الأونروا.
والأونروا بدورها تقول إن مصر ليست أحد البلدان التي تشتغل فيها بسبب عدم وجود مخيمات فلسطينية فيها، وإن مصر نفسها لا تقبل بعمل الأونروا هناك.
جزء من أولئك الذين وصلوا إلى مصر استطاعوا التسلل إلى قطاع غزة، حوالي ألف وخمسمائة، وهم يعتبرون محظوظين بسبب ذلك.
الأقل حظاً والأتعس قدراً هم أولئك الذين تسللوا إلى الشواطئ والتحقوا بقوارب الهرب إلى أوروبا حيث الأمل بحياة مختلفة، فكان أن تلقفهم الموت والتهمتهم مياه البحر قبل أن يصلوا إلى الشاطئ الأوروبي.
وفي خضم هذا الموت الذي يحاصر هؤلاء من كل الجهات، تتعالى صيحات ثورية هنا وهناك تندد باستقبال بعض الدول الاسكندنافية لعدد منهم تمكن من فرض نفسه على هذه السفارة أو تلك بعد التسلل إلى لبنان.
رد: ملف مخيم اليرموك ومأساة اللاجئين الفلسطينين
إطلاق نار كثيف يمنع دخول قافلة مساعدات إنسانية إلى سكان مخيم اليرموك المحاصر
دمشق- أ.ف.ب: فشلت قافلة مساعدات إنسانية أمس، في الدخول الى مخيم اليرموك الذي يعاني من حصار خانق منذ أشهر إثر تعرضها لإطلاق نار كثيف، حسب ما أفاد مسؤولون فلسطينيون وكالة فرانس برس.
وقال مدير الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية في سورية السفير أنور عبد الهادي لوكالة فرانس برس أن "قافلة المساعدات الإنسانية تعرضت لإطلاق نار كثيف لدى اقترابها من مخيم اليرموك" الواقع في جنوب دمشق، معربا عن أمله "بالتوصل إلى حل يفضي إلى دخول القافلة هذا المساء".
وذكر ممثل "الجهاد الإسلامي" في دمشق أبو مجاهد للوكالة ان القافلة عادت أدراجها "بعد أن تعرضت لهجوم بالقذائف والرشاشات الثقيلة والخفيفة في منطقة الحجر الأسود" الواقعة على حدود المخيم.
ولم يعرف مصدر إطلاق النار.
وأشار أبو مجاهد إلى أنها "المحاولة السادسة لإدخال المساعدات دون جدوى منذ فرض الحصار على المخيم" في آب الماضي.
واكد "أن المخيم يعيش وضعاً إنسانياً مأساوياً"، مشيراً الى "نقص حاد في المواد الغذائية والدوائية... والمشفى يفتقر الى المحاليل البيولوجية والدم والمضادات الحيوية والدواء".
وأشار عبد الهادي الى أن القافلة التي تضم ست شاحنات انطلقت من مقر الاونروا ظهر امس و"كانت محملة بمساعدات تحوي 1700 طرد غذائي يزن كل منها 30 كلغ من المواد الغذائية تكفي الأسرة لعشرين يوما". والمساعدات تقدمة من الاونروا و14 فصيلا فلسطينيا.
وذكر رئيس وفد منظمة التحرير الفلسطينية عضو لجنتها التنفيذية أحمد مجدلاني في تصريح صحافي قبيل انطلاق القافلة "ان كل يوم تأخير تزداد الأزمة تطورا وتفاعلا باتجاه الأسوأ"، مشيرا الى ان "الموضوع قضية إنسانية وبالنسبة لنا أخلاقي وأدبي ووطني وسياسي ولا يمكن تحمله".
وأشار الى "جهد سياسي لإخلاء المخيم من السلاح والمسلحين".
واعتبر مجدلاني "أن مخيم اليرموك مختطف ومأخوذ رهينة لاعتبارات سياسية مفهومة لدينا جيدا ونحاول ان نقنع من يستولي على المخيم ان لا فائدة من المتاجرة بأرواح أبناء شعبنا".
واكد ان "الفلسطينيين لم يكونوا يوما من الأيام طرفا في الأزمة السورية ولن يكونوا طرفا".
من جهته, قال الناطق باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني ‹فتح›، أحمد عساف: إن قيام المسلحين المتواجدين داخل مخيم اليرموك، بإطلاق النار على قافلة المساعدات، أفشل وصولها إلى مستحقيها من أبناء شعبنا المحاصرين داخل المخيم.
وأوضح عساف في اتصال هاتفي مع ‹وفا›، مساء امس، أن مجموعات المسلحين المتواجدة داخل مخيم اليرموك أطلقت النار والقنابل باتجاه قافلة المساعدات قبل ان تصل الى الموقع المتفق عليه بمئات الأمتار، ما أجبر طاقمها على العودة أدراجهم.
وشدد على أن الجهود ما زالت مستمرة وأن هناك اتصالات مكثفة تجري من أجل إدخال هذه المساعدات وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء شعبنا المحاصرين داخل المخيم.
ودعا عساف جميع الأطراف إلى إنجاح الجهود التي يقودها وفد منظمة التحرير الفلسطينية المكلف من قبل رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إدخال هذه المساعدات وفك الحصار عن مخيم اليرموك.
وقال: ‹سنشير بالبنان إلى الجهات التي ستفشل هذه الجهود إذا ما أصرت على مواقفها وسنحملها المسؤولية كاملة عن موت أبناء شعبنا جوعا داخل المخيم›.
من جانبه، شدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني أن وفد المنظمة سيبذل كل جهد ممكن وسيواصل تحركاته من أجل إيصال هذه المساعدات إلى أبناء شعبنا وتوفير كل ما يمكن لهم وفك الحصار عن المخيم.
وأشار مجدلاني إلى أن الأوضاع الإنسانية صعبة للغاية داخل مخيم اليرموك، وأن حالة من الإحباط والغضب تسودان أوساط اللاجئين بعد فشل وصول المساعدات إلى داخل المخيم جراء إطلاق النار عليها من قبل المسلحين.
ولفت إلى أن الهلال الأحمر الفلسطيني أبلغه أن معدل الوفيات في مخيم اليرموك يصل يوميا إلى خمس حالات بسبب سوء التغذية، خاصة بين الأطفال وكبار السن، محذرا من كارثة إنسانية في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه.
واتهمت وسائل الإعلام الرسمية "إرهابيين" بتعطيل وصول المساعدات الى المخيم الذي يسيطر على أجزاء واسعة منه مقاتلو المعارضة منذ اكثر من عام.
ويقاتل عدد من الفلسطينيين الى جانب مقاتلي المعارضة، بينما انضم آخرون الى ميليشيات موالية لقوات النظام.
ومنذ أيلول، توفي 15 شخصا على الأقل بسبب الجوع في المخيم.
وغادر المخيم عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين كان عددهم يقدر بنحو 170 ألفاً قبل اندلاع المعارك، إضافة الى الآلاف من السوريين الذين لجؤوا اليه هرباً من أعمال العنف في مناطقهم منذ اندلاع الأزمة في البلاد منتصف آذار 2011.
دمشق- أ.ف.ب: فشلت قافلة مساعدات إنسانية أمس، في الدخول الى مخيم اليرموك الذي يعاني من حصار خانق منذ أشهر إثر تعرضها لإطلاق نار كثيف، حسب ما أفاد مسؤولون فلسطينيون وكالة فرانس برس.
وقال مدير الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية في سورية السفير أنور عبد الهادي لوكالة فرانس برس أن "قافلة المساعدات الإنسانية تعرضت لإطلاق نار كثيف لدى اقترابها من مخيم اليرموك" الواقع في جنوب دمشق، معربا عن أمله "بالتوصل إلى حل يفضي إلى دخول القافلة هذا المساء".
وذكر ممثل "الجهاد الإسلامي" في دمشق أبو مجاهد للوكالة ان القافلة عادت أدراجها "بعد أن تعرضت لهجوم بالقذائف والرشاشات الثقيلة والخفيفة في منطقة الحجر الأسود" الواقعة على حدود المخيم.
ولم يعرف مصدر إطلاق النار.
وأشار أبو مجاهد إلى أنها "المحاولة السادسة لإدخال المساعدات دون جدوى منذ فرض الحصار على المخيم" في آب الماضي.
واكد "أن المخيم يعيش وضعاً إنسانياً مأساوياً"، مشيراً الى "نقص حاد في المواد الغذائية والدوائية... والمشفى يفتقر الى المحاليل البيولوجية والدم والمضادات الحيوية والدواء".
وأشار عبد الهادي الى أن القافلة التي تضم ست شاحنات انطلقت من مقر الاونروا ظهر امس و"كانت محملة بمساعدات تحوي 1700 طرد غذائي يزن كل منها 30 كلغ من المواد الغذائية تكفي الأسرة لعشرين يوما". والمساعدات تقدمة من الاونروا و14 فصيلا فلسطينيا.
وذكر رئيس وفد منظمة التحرير الفلسطينية عضو لجنتها التنفيذية أحمد مجدلاني في تصريح صحافي قبيل انطلاق القافلة "ان كل يوم تأخير تزداد الأزمة تطورا وتفاعلا باتجاه الأسوأ"، مشيرا الى ان "الموضوع قضية إنسانية وبالنسبة لنا أخلاقي وأدبي ووطني وسياسي ولا يمكن تحمله".
وأشار الى "جهد سياسي لإخلاء المخيم من السلاح والمسلحين".
واعتبر مجدلاني "أن مخيم اليرموك مختطف ومأخوذ رهينة لاعتبارات سياسية مفهومة لدينا جيدا ونحاول ان نقنع من يستولي على المخيم ان لا فائدة من المتاجرة بأرواح أبناء شعبنا".
واكد ان "الفلسطينيين لم يكونوا يوما من الأيام طرفا في الأزمة السورية ولن يكونوا طرفا".
من جهته, قال الناطق باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني ‹فتح›، أحمد عساف: إن قيام المسلحين المتواجدين داخل مخيم اليرموك، بإطلاق النار على قافلة المساعدات، أفشل وصولها إلى مستحقيها من أبناء شعبنا المحاصرين داخل المخيم.
وأوضح عساف في اتصال هاتفي مع ‹وفا›، مساء امس، أن مجموعات المسلحين المتواجدة داخل مخيم اليرموك أطلقت النار والقنابل باتجاه قافلة المساعدات قبل ان تصل الى الموقع المتفق عليه بمئات الأمتار، ما أجبر طاقمها على العودة أدراجهم.
وشدد على أن الجهود ما زالت مستمرة وأن هناك اتصالات مكثفة تجري من أجل إدخال هذه المساعدات وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء شعبنا المحاصرين داخل المخيم.
ودعا عساف جميع الأطراف إلى إنجاح الجهود التي يقودها وفد منظمة التحرير الفلسطينية المكلف من قبل رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إدخال هذه المساعدات وفك الحصار عن مخيم اليرموك.
وقال: ‹سنشير بالبنان إلى الجهات التي ستفشل هذه الجهود إذا ما أصرت على مواقفها وسنحملها المسؤولية كاملة عن موت أبناء شعبنا جوعا داخل المخيم›.
من جانبه، شدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني أن وفد المنظمة سيبذل كل جهد ممكن وسيواصل تحركاته من أجل إيصال هذه المساعدات إلى أبناء شعبنا وتوفير كل ما يمكن لهم وفك الحصار عن المخيم.
وأشار مجدلاني إلى أن الأوضاع الإنسانية صعبة للغاية داخل مخيم اليرموك، وأن حالة من الإحباط والغضب تسودان أوساط اللاجئين بعد فشل وصول المساعدات إلى داخل المخيم جراء إطلاق النار عليها من قبل المسلحين.
ولفت إلى أن الهلال الأحمر الفلسطيني أبلغه أن معدل الوفيات في مخيم اليرموك يصل يوميا إلى خمس حالات بسبب سوء التغذية، خاصة بين الأطفال وكبار السن، محذرا من كارثة إنسانية في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه.
واتهمت وسائل الإعلام الرسمية "إرهابيين" بتعطيل وصول المساعدات الى المخيم الذي يسيطر على أجزاء واسعة منه مقاتلو المعارضة منذ اكثر من عام.
ويقاتل عدد من الفلسطينيين الى جانب مقاتلي المعارضة، بينما انضم آخرون الى ميليشيات موالية لقوات النظام.
ومنذ أيلول، توفي 15 شخصا على الأقل بسبب الجوع في المخيم.
وغادر المخيم عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين كان عددهم يقدر بنحو 170 ألفاً قبل اندلاع المعارك، إضافة الى الآلاف من السوريين الذين لجؤوا اليه هرباً من أعمال العنف في مناطقهم منذ اندلاع الأزمة في البلاد منتصف آذار 2011.
رد: ملف مخيم اليرموك ومأساة اللاجئين الفلسطينين
مخيم اليرموك والسؤال الأخلاقي !
ما زال لاجئو مخيم اليرموك يموتون، ينزفون ويختنقون. ما زالت محنة اليرموك تطرق كل ضمير حي. ومع المحنة الصادمة تنثال ذاكرة كل أبناء المخيم وكل الذين عاشوا في المخيم أو حتى زاروا المخيم فتستحضر صور المخيم الجميلة والمشرقة ومآثره الملهمة. أسموه خزان الثورة لأن فدائييه وفدائياته ملؤوا قواعد الثورة ومراكزها في كل المراحل ولم يتوقف المخيم عن العطاء بسخاء قل نظيره. لم يتوان شبانه عن الاندفاع بالمئات عندما فتحوا حدود الجولان، تقدموا نحو فلسطين ووصل احدهم الى حيفا، لم يرهبهم الموت ولا غطرسة القوة الإسرائيلية. مقبرتا الشهداء الأولى والثانية تظل شاهدا على عطاء اليرموك بلا حدود من اجل حرية وتحرر الشعب الفلسطيني.
تستوقفني ذكرى جنازة القائد الشهيد ابو جهاد، حين خرج المخيم عن بكرة أبيه وتوحد مع السوريين (200 ألف فلسطيني واكثر من 100 ألف سوري) جاؤوا الى المخيم وهتفوا معا لحرية فلسطين أدمجها السوريون بحريتهم. ما زلت اذكر كيف ذاب كل مشارك في الجنازة وتوحد مع الآخرين في موجة بشرية ثورية ضخمة امتدت من أول المخيم حتى آخره، وكيف تناقلت الأكف الجثمان وحركته على شريط بشري وصولا إلى مقبرة الشهداء.
ما زلت اذكر دور المخيم في إغناء الهوية الوطنية عبر فرق الدبكة والفنون "العاشقون" و"الأرض" وغناء أبو عرب الذي كان يصدح في المخيم طولا وعرضا. وحفلات الفنان السوري الثوري الرائع سميح شقير الذي كانت أغانيه الثورية تجذب آلاف الشبان والصبايا، وملتقيات الشعر والثقافة التي كان يشارك فيها المفكر العراقي هادي العلوي، والناقد يوسف سامي اليوسف ابن المخيم الذي فتح مكتبته للأجيال الجديدة ورعا الإبداعات الشابة، وعشرات من الأدباء والمثقفين السوريين والعراقيين واللبنانيين والفلسطينيين.
ما اود قوله أن لهذا المخيم رمزية وطنية وثقافية تستحق ان ندافع عنها ونصونها ونحميها. كثيرون استجابوا لنداء اليرموك وكان في المقدمة ابناء اليرموك والذين عاشوا فيه وعرفوا قيمته الوطنية والمعنوية والثقافية. مئات المواقع الإلكترونية أطلقت الصرخات، ومدافعون أشاوس لم يتوقفوا للحظة واحدة عن تسليط الأضواء وجلب الاهتمام وحشد التضامن ونقد القصور والمقصرين.
أطفال نابلس لبوا نداء اليرموك بفعل رمزي انتصر للحياة. مجموعات شبابية هنا ومجموعات هناك دافعوا عن كرامة الفلسطيني في اليرموك، كثيرون بكوا عجزهم بشجاعة، كثيرون فجروا عواطفهم غضبا ولعنوا العالم الذي يرعى مصالح الكبار ولا يعير أي اهتمام لحقوق الإنسان الذي ينتمي للفقراء.
أسرى الحرية كانوا دائما يحملون المفاجآت السارة، ومن أجدر منهم في تحسس قيمة الحرية وأثر المعاناة والقهر على كرامة الناس؟ مئات من الأسرى قرروا تقديم كل واحد منهم مائة دينار لمخيم اليرموك. أصوات تنتصر لليرموك وللضحايا ولأبسط حقوق البشر في الحياة والخبز والماء، وأصوات تكرر خطاب الجلاد. تقايض حرية الشعبين بمعاداة لفظية للإمبريالية، ولم يرتق أصحاب هذه الأصوات الى مستوى الاختراع البدهي الذي يربط التحرر الوطني بتحرر البشر من القهر والمذلة. ولا الاختراع الذي يقول بأن المقاومة وسيلة لانتزاع الحرية ورفع الظلم والاستعباد. ولا الاختراع الذي أبطل أحقية نظام معاد للإمبريالية في فرض ديكتاتوريته على شعبه بالحديد والنار.
كادت الشاحنات الست المحملة بالغذاء والدواء تدخل المخيم لولا أنها تعرضت لقصف من الأسلحة الثقيلة من مواقع النظام بعد تجاوزها لحواجز النظام الأخيرة ما دفعها للتراجع، هذا ما صرح به مرافقون للشاحنات. غير أن د. أحمد مجدلاني رئيس اللجنة المكلفة إيجاد حل لمحنة مخيم اليرموك عزا عدم وصول المساعدات والمواد الإغاثية للمسلحين داخل المخيم. وحَمَّلَ الزميل حسن البطل في مقاله (أنصاف حقائق حول اليرموك) يوم الاثنين "الجهات والفصائل التي ترى في المخيم أرضا سورية محررة ومنصة وثوبا لتحرير دمشق وإسقاط النظام" المسؤولية في عرقلة إدخال المعونات. وهو الذي قال في فقرة سابقة من المقال " مخيم اليرموك ليس "غيتو" للاجئين بل مراكز جذب اقتصادية وسكنية وسياسية ومسلحة".
إن هذه الرواية التي قدمها د. مجدلاوي وأكدها البطل هي الرواية التي تروجها "القيادة العامة " ومصدرها النظام، هي الرواية التي لا تصمد أمام أي محاججة عقلية. دعونا نصدق رواية النظام القائلة : "بأن المخيم تحول إلى رهينة ودروع بشرية للمسلحين" في هذه الحالة ووفقا لتجارب مماثلة فإن المختطفين يقدمون قائمة بمطالبهم يأتي في مقدمتها تأمين الغذاء والدواء والوقود وإلا فإنهم سينالون من المختطفين. هذا يعني ان مصلحة المجموعات المسلحة داخل المخيم دخول التموين والدواء والوقود، والادعاء بأنها تمنع القوافل التموينية لا يدخل العقل.
ما حدث يوم الاثنين من إطلاق القذائف على الشاحنات الست يؤكد خطأ ما ذهب إليه البطل ومجدلاني والقيادة العامة والنظام.
هل يمكن ربط حل أزمة المخيم الإنسانية بحل سياسي جزئي في منطقة المخيم؟ الجواب لا. لان الحل السياسي للصراع لا يزال شائكا ومتعذرا بانتظار جنيف 2 المهدد بالفشل، ولما أخفقت المساعي الدولية والإقليمية في الوصول الى حل سياسي للصراع حتى الآن، ولما أخفق التوصل الى حلول سياسية مناطقية أيضا طوال سنوات الصراع، فهل يمكن للمساعي الفلسطينية النجاح في الوصول الى حل سياسي وتطبيقه في مخيم اليرموك؟ إن الاتفاق الذي صاغته المنظمة ووافقت عليه بعض أطراف الصراع هو حل سياسي وإنساني للأزمة، حل يقضي بحسم السيطرة على المخيم لمصلحة طرف وفي مواجهة آخر.
كان الوضع الأمثل عدم دخول المخيمات في الصراع والاحتفاظ بدور إنساني وإغاثي للمنكوبين، غير أن بعض المخيمات ومنها اليرموك زجت بالصراع وجرى استخدامها من قبل القيادة العامة والتنظيمات التابعة للنظام، وأصبحت العودة للمرحلة السابقة مرهونة بتراجع القيادة العامة وحلفائها عن موقف الانحياز للنظام، ومقابل ذلك خروج مجموعات المعارضة والثورة السورية من المخيم، وبحسب تعقيدات الصراع فإن هذا الحل السياسي غير ممكن لأنه يرتبط بحل اشمل، الحل الممكن والمطلوب هو الحل الإنساني الذي نجحت المنظمة في صنع مثيل له بتبادل المخطوفين الإيرانيين واللبنانيين والسوريين، والحل الإنساني يتمثل بإخراج المدنيين وبخاصة الأطفال والجرحى والمرضى والحوامل والمسنين من المخيم. وقد سبق وخرج 80% من سكان اليرموك وخرج المدنيون السوريون من المناطق الشبيهة (7 ملايين سوري داخل وخارج سورية) من الذي يمنع خروج الابرياء؟ علينا ان نحدد بدقة؟ من اجل إيجاد الحلول قبل فوات الأوان.
مهند عبد الحميد
ما زال لاجئو مخيم اليرموك يموتون، ينزفون ويختنقون. ما زالت محنة اليرموك تطرق كل ضمير حي. ومع المحنة الصادمة تنثال ذاكرة كل أبناء المخيم وكل الذين عاشوا في المخيم أو حتى زاروا المخيم فتستحضر صور المخيم الجميلة والمشرقة ومآثره الملهمة. أسموه خزان الثورة لأن فدائييه وفدائياته ملؤوا قواعد الثورة ومراكزها في كل المراحل ولم يتوقف المخيم عن العطاء بسخاء قل نظيره. لم يتوان شبانه عن الاندفاع بالمئات عندما فتحوا حدود الجولان، تقدموا نحو فلسطين ووصل احدهم الى حيفا، لم يرهبهم الموت ولا غطرسة القوة الإسرائيلية. مقبرتا الشهداء الأولى والثانية تظل شاهدا على عطاء اليرموك بلا حدود من اجل حرية وتحرر الشعب الفلسطيني.
تستوقفني ذكرى جنازة القائد الشهيد ابو جهاد، حين خرج المخيم عن بكرة أبيه وتوحد مع السوريين (200 ألف فلسطيني واكثر من 100 ألف سوري) جاؤوا الى المخيم وهتفوا معا لحرية فلسطين أدمجها السوريون بحريتهم. ما زلت اذكر كيف ذاب كل مشارك في الجنازة وتوحد مع الآخرين في موجة بشرية ثورية ضخمة امتدت من أول المخيم حتى آخره، وكيف تناقلت الأكف الجثمان وحركته على شريط بشري وصولا إلى مقبرة الشهداء.
ما زلت اذكر دور المخيم في إغناء الهوية الوطنية عبر فرق الدبكة والفنون "العاشقون" و"الأرض" وغناء أبو عرب الذي كان يصدح في المخيم طولا وعرضا. وحفلات الفنان السوري الثوري الرائع سميح شقير الذي كانت أغانيه الثورية تجذب آلاف الشبان والصبايا، وملتقيات الشعر والثقافة التي كان يشارك فيها المفكر العراقي هادي العلوي، والناقد يوسف سامي اليوسف ابن المخيم الذي فتح مكتبته للأجيال الجديدة ورعا الإبداعات الشابة، وعشرات من الأدباء والمثقفين السوريين والعراقيين واللبنانيين والفلسطينيين.
ما اود قوله أن لهذا المخيم رمزية وطنية وثقافية تستحق ان ندافع عنها ونصونها ونحميها. كثيرون استجابوا لنداء اليرموك وكان في المقدمة ابناء اليرموك والذين عاشوا فيه وعرفوا قيمته الوطنية والمعنوية والثقافية. مئات المواقع الإلكترونية أطلقت الصرخات، ومدافعون أشاوس لم يتوقفوا للحظة واحدة عن تسليط الأضواء وجلب الاهتمام وحشد التضامن ونقد القصور والمقصرين.
أطفال نابلس لبوا نداء اليرموك بفعل رمزي انتصر للحياة. مجموعات شبابية هنا ومجموعات هناك دافعوا عن كرامة الفلسطيني في اليرموك، كثيرون بكوا عجزهم بشجاعة، كثيرون فجروا عواطفهم غضبا ولعنوا العالم الذي يرعى مصالح الكبار ولا يعير أي اهتمام لحقوق الإنسان الذي ينتمي للفقراء.
أسرى الحرية كانوا دائما يحملون المفاجآت السارة، ومن أجدر منهم في تحسس قيمة الحرية وأثر المعاناة والقهر على كرامة الناس؟ مئات من الأسرى قرروا تقديم كل واحد منهم مائة دينار لمخيم اليرموك. أصوات تنتصر لليرموك وللضحايا ولأبسط حقوق البشر في الحياة والخبز والماء، وأصوات تكرر خطاب الجلاد. تقايض حرية الشعبين بمعاداة لفظية للإمبريالية، ولم يرتق أصحاب هذه الأصوات الى مستوى الاختراع البدهي الذي يربط التحرر الوطني بتحرر البشر من القهر والمذلة. ولا الاختراع الذي يقول بأن المقاومة وسيلة لانتزاع الحرية ورفع الظلم والاستعباد. ولا الاختراع الذي أبطل أحقية نظام معاد للإمبريالية في فرض ديكتاتوريته على شعبه بالحديد والنار.
كادت الشاحنات الست المحملة بالغذاء والدواء تدخل المخيم لولا أنها تعرضت لقصف من الأسلحة الثقيلة من مواقع النظام بعد تجاوزها لحواجز النظام الأخيرة ما دفعها للتراجع، هذا ما صرح به مرافقون للشاحنات. غير أن د. أحمد مجدلاني رئيس اللجنة المكلفة إيجاد حل لمحنة مخيم اليرموك عزا عدم وصول المساعدات والمواد الإغاثية للمسلحين داخل المخيم. وحَمَّلَ الزميل حسن البطل في مقاله (أنصاف حقائق حول اليرموك) يوم الاثنين "الجهات والفصائل التي ترى في المخيم أرضا سورية محررة ومنصة وثوبا لتحرير دمشق وإسقاط النظام" المسؤولية في عرقلة إدخال المعونات. وهو الذي قال في فقرة سابقة من المقال " مخيم اليرموك ليس "غيتو" للاجئين بل مراكز جذب اقتصادية وسكنية وسياسية ومسلحة".
إن هذه الرواية التي قدمها د. مجدلاوي وأكدها البطل هي الرواية التي تروجها "القيادة العامة " ومصدرها النظام، هي الرواية التي لا تصمد أمام أي محاججة عقلية. دعونا نصدق رواية النظام القائلة : "بأن المخيم تحول إلى رهينة ودروع بشرية للمسلحين" في هذه الحالة ووفقا لتجارب مماثلة فإن المختطفين يقدمون قائمة بمطالبهم يأتي في مقدمتها تأمين الغذاء والدواء والوقود وإلا فإنهم سينالون من المختطفين. هذا يعني ان مصلحة المجموعات المسلحة داخل المخيم دخول التموين والدواء والوقود، والادعاء بأنها تمنع القوافل التموينية لا يدخل العقل.
ما حدث يوم الاثنين من إطلاق القذائف على الشاحنات الست يؤكد خطأ ما ذهب إليه البطل ومجدلاني والقيادة العامة والنظام.
هل يمكن ربط حل أزمة المخيم الإنسانية بحل سياسي جزئي في منطقة المخيم؟ الجواب لا. لان الحل السياسي للصراع لا يزال شائكا ومتعذرا بانتظار جنيف 2 المهدد بالفشل، ولما أخفقت المساعي الدولية والإقليمية في الوصول الى حل سياسي للصراع حتى الآن، ولما أخفق التوصل الى حلول سياسية مناطقية أيضا طوال سنوات الصراع، فهل يمكن للمساعي الفلسطينية النجاح في الوصول الى حل سياسي وتطبيقه في مخيم اليرموك؟ إن الاتفاق الذي صاغته المنظمة ووافقت عليه بعض أطراف الصراع هو حل سياسي وإنساني للأزمة، حل يقضي بحسم السيطرة على المخيم لمصلحة طرف وفي مواجهة آخر.
كان الوضع الأمثل عدم دخول المخيمات في الصراع والاحتفاظ بدور إنساني وإغاثي للمنكوبين، غير أن بعض المخيمات ومنها اليرموك زجت بالصراع وجرى استخدامها من قبل القيادة العامة والتنظيمات التابعة للنظام، وأصبحت العودة للمرحلة السابقة مرهونة بتراجع القيادة العامة وحلفائها عن موقف الانحياز للنظام، ومقابل ذلك خروج مجموعات المعارضة والثورة السورية من المخيم، وبحسب تعقيدات الصراع فإن هذا الحل السياسي غير ممكن لأنه يرتبط بحل اشمل، الحل الممكن والمطلوب هو الحل الإنساني الذي نجحت المنظمة في صنع مثيل له بتبادل المخطوفين الإيرانيين واللبنانيين والسوريين، والحل الإنساني يتمثل بإخراج المدنيين وبخاصة الأطفال والجرحى والمرضى والحوامل والمسنين من المخيم. وقد سبق وخرج 80% من سكان اليرموك وخرج المدنيون السوريون من المناطق الشبيهة (7 ملايين سوري داخل وخارج سورية) من الذي يمنع خروج الابرياء؟ علينا ان نحدد بدقة؟ من اجل إيجاد الحلول قبل فوات الأوان.
مهند عبد الحميد
رد: ملف مخيم اليرموك ومأساة اللاجئين الفلسطينين
فتح بغزة: نكبة مخيم اليرموك جريمة كبرى تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين
قالت حركة فتح في قطاع غزة إن الحصار المشدد الذي تفرضه الأطراف المتصارعة في سوريا منذ عدة أشهر،على مخيم اليرموك ومنعها دخول المساعدات الغذائية والطبية لأكثر من 20 ألف لاجئ فلسطيني يتهاوون جوعاً واحداً تلو الآخر، بمثابة نكبة جديدة، وجريمة كبرى ترتكب في القرن الـ 21 على مرأى ومسمع من العالم، ووصمة عار على جبين المجتمع الدولي والإنسانية جمعاء، الذي يقف موقف المتفرج إزاء مشاهد الموت اليومية التي تجري بحق اللاجئين الفلسطينيين.
مؤكدةً أن ما يجري في مخيم اليرموك يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين العادلة.
وأوضحت حركة فتح في قطاع غزة على موقعها الرسمي "الرواسي" أن" القيادة الفلسطينية دأبت ومنذ اللحظات الأولى لاندلاع الصراع في سوريا، التأكيد على موقفها الثابت المتمثل في تحييد المخيمات الفلسطينية عن أي صراعات داخلية، فيما تعمدت بعض الجهات المشبوهة والأطراف المتصارعة الزج بالمخيمات الفلسطينية في أتون الحرب الدائرة في سوريا، ليدفع مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين ثمناً باهظاً، ويصبح عنواناً للموت والدمار، بعد أن تكالبت عدة أطراف للنيل منه، فضربت حصاراً مشدداً على المخيم أدى لاستشهاد أكثر من 48 فلسطينياً جوعاً أغلبهم من الأطفال والشيوخ ".
وأضافت حركة فتح "إن ما يجري في مخيم اليرموك من إعدام بطيء لسكانه، يستدعي من الأطراف الدولية كافة، سيما الولايات المتحدة الأمريكية دعم الموقف الفلسطيني والذي يؤكد عليه الرئيس محمود عباس مرارًا وتكراراً ،الذي يجعل من حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل جذري، شرطاً أساسياً لإنجاح أي اتفاق سلام قادم"
مؤكدةً أن كيان الاحتلال هو المسؤول الأول عن هذه المأساة المستمرة منذ العام 1948م.
كما طالبت بضرورة تكثيف الجهود العربية والدولية لوقف الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان مخيم اليرموك، والتدخل العاجل لفتح ممرات إنسانية لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في المخيم ، الذين يواجهون خطر الموت جوعاً وبرداً.
وتابع "حديث الرواسي": إن حركة فتح وهي تثمن المساعي المضنية التي تبذلها القيادة والرئيس أبو مازن لتسهيل حياة اللاجئين الفلسطينيين لحين حل القضية والسماح لهم بالعودة إلى فلسطين، فإنها تؤكد ضرورة إنجاح مهمة وفد منظمة التحرير المتواجد في دمشق من أجل التفاوض مع عدة جهات لفك الحصار عن مخيم اليرموك، وعدم الوقوف موقف المتفرج من المأساة الحية التي يشهدها المخيم".
وأكدت فتح أن " شعارات التضامن والتعاطف العربية والدولية التي بدأت بالظهور مؤخراً وتزامناً مع ازدياد حالات الموت جوعاً في صفوف سكان المخيم لا تكفي" واعتبرتها " زوبعة في فنجان سرعان ما تزول مع بروز أحداث جديدة هنا وهناك".
وجاء في حديث الرواسي:" لقد كانت قضية اللاجئين الفلسطينيين وستظل دائماً إحدى العقبات الرئيسية أمام تحقيق السلام، وكانت المخيمات الفلسطينية في الوطن والشتات -ومن بينها مخيم اليرموك-، وستظل شاهداً حياً على مأساة الشعب الفلسطيني الذي اقتلع من أرضه وشُرد في بقاع الأرض، كما تمثل رمزاً لصمود شعبنا وثباته وتمسكه بهويته الوطنية الفلسطينية، ورفضه لكل محاولات التوطين، بانتظار حل عادل يضمن عودتهم إلى فلسطين مكرمين، وإغلاق هذا السجل المأساوي في تاريخ شعبنا الفلسطيني".
قالت حركة فتح في قطاع غزة إن الحصار المشدد الذي تفرضه الأطراف المتصارعة في سوريا منذ عدة أشهر،على مخيم اليرموك ومنعها دخول المساعدات الغذائية والطبية لأكثر من 20 ألف لاجئ فلسطيني يتهاوون جوعاً واحداً تلو الآخر، بمثابة نكبة جديدة، وجريمة كبرى ترتكب في القرن الـ 21 على مرأى ومسمع من العالم، ووصمة عار على جبين المجتمع الدولي والإنسانية جمعاء، الذي يقف موقف المتفرج إزاء مشاهد الموت اليومية التي تجري بحق اللاجئين الفلسطينيين.
مؤكدةً أن ما يجري في مخيم اليرموك يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين العادلة.
وأوضحت حركة فتح في قطاع غزة على موقعها الرسمي "الرواسي" أن" القيادة الفلسطينية دأبت ومنذ اللحظات الأولى لاندلاع الصراع في سوريا، التأكيد على موقفها الثابت المتمثل في تحييد المخيمات الفلسطينية عن أي صراعات داخلية، فيما تعمدت بعض الجهات المشبوهة والأطراف المتصارعة الزج بالمخيمات الفلسطينية في أتون الحرب الدائرة في سوريا، ليدفع مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين ثمناً باهظاً، ويصبح عنواناً للموت والدمار، بعد أن تكالبت عدة أطراف للنيل منه، فضربت حصاراً مشدداً على المخيم أدى لاستشهاد أكثر من 48 فلسطينياً جوعاً أغلبهم من الأطفال والشيوخ ".
وأضافت حركة فتح "إن ما يجري في مخيم اليرموك من إعدام بطيء لسكانه، يستدعي من الأطراف الدولية كافة، سيما الولايات المتحدة الأمريكية دعم الموقف الفلسطيني والذي يؤكد عليه الرئيس محمود عباس مرارًا وتكراراً ،الذي يجعل من حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل جذري، شرطاً أساسياً لإنجاح أي اتفاق سلام قادم"
مؤكدةً أن كيان الاحتلال هو المسؤول الأول عن هذه المأساة المستمرة منذ العام 1948م.
كما طالبت بضرورة تكثيف الجهود العربية والدولية لوقف الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان مخيم اليرموك، والتدخل العاجل لفتح ممرات إنسانية لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في المخيم ، الذين يواجهون خطر الموت جوعاً وبرداً.
وتابع "حديث الرواسي": إن حركة فتح وهي تثمن المساعي المضنية التي تبذلها القيادة والرئيس أبو مازن لتسهيل حياة اللاجئين الفلسطينيين لحين حل القضية والسماح لهم بالعودة إلى فلسطين، فإنها تؤكد ضرورة إنجاح مهمة وفد منظمة التحرير المتواجد في دمشق من أجل التفاوض مع عدة جهات لفك الحصار عن مخيم اليرموك، وعدم الوقوف موقف المتفرج من المأساة الحية التي يشهدها المخيم".
وأكدت فتح أن " شعارات التضامن والتعاطف العربية والدولية التي بدأت بالظهور مؤخراً وتزامناً مع ازدياد حالات الموت جوعاً في صفوف سكان المخيم لا تكفي" واعتبرتها " زوبعة في فنجان سرعان ما تزول مع بروز أحداث جديدة هنا وهناك".
وجاء في حديث الرواسي:" لقد كانت قضية اللاجئين الفلسطينيين وستظل دائماً إحدى العقبات الرئيسية أمام تحقيق السلام، وكانت المخيمات الفلسطينية في الوطن والشتات -ومن بينها مخيم اليرموك-، وستظل شاهداً حياً على مأساة الشعب الفلسطيني الذي اقتلع من أرضه وشُرد في بقاع الأرض، كما تمثل رمزاً لصمود شعبنا وثباته وتمسكه بهويته الوطنية الفلسطينية، ورفضه لكل محاولات التوطين، بانتظار حل عادل يضمن عودتهم إلى فلسطين مكرمين، وإغلاق هذا السجل المأساوي في تاريخ شعبنا الفلسطيني".
رد: ملف مخيم اليرموك ومأساة اللاجئين الفلسطينين
اليرموك مرآة الحال...
وفد قيادي تلو آخر، واتفاق يسترق بعض اهتمامات وسائل الإعلام، يبشر بقرب حل أزمة بل كارثة مخيم اليرموك جنوب دمشق، ولكن المخيم ما يزال يصرخ جوعاً وعطشاً، ومرضاً، وقتلاً، وتدميراً.
مخيم اليرموك الذي لا يتجاوز تعداد سكانه من الفلسطينيين أكثر من مئة وخمسين ألفاً، لا يعدو كونه رمزاً، لنكبة نحو ستمائة ألف لاجئ فلسطيني يتوزعون على مخيمات وقرى ومدن سورية، حتى اصبحت نكبتهم عنواناً يلخص نكبة بلد عربي، ضارب في عمق الحضارة الإنسانية، ويحظى بمكانة مركزية بالإضافة إلى مصر، والعراق، والسعودية من بين كل الدول العربية.
إذا كانت هذه الدول العربية المركزية، قد تحولت وفق تخطيط أميركي اسرائيلي مسبق، إلى هدف يسعى وراء تدميرها، وتقسيمها وإضعافها فإن القضية الفلسطينية، هي أحد أهم الأسباب والدوافع، التي تقف وراء، هذه المخططات. بعد التجمع الأساسي والأكبر للاجئين الفلسطينيين في الأردن، والذين تعرضوا لعمليات دمج في المجتمع الأردني، حتى باتوا يشكلون أغلبيته، ويتمتعون بفعالية عالية في الوضع الأردني، يأتي دور التجمع الثاني، من اللاجئين، وهم الموجودون في سورية.
اللاجئون في سورية تمتعوا بمزايا المواطن السوري، مع استثناءات قليلة جداً، لكنهم ظلوا لاجئين، يحملون الهوية الفلسطينية، وينتظرون يوم عودتهم، الى ديارهم التي قامت العصابات الصهيونية بتشريدهم منها عام 1948. التجمع الثالث الأكبر، الموجود في لبنان تعرض لما تعرض له خلال العقود السابقة، ولكنه ما يزال يدفع أثمانا باهظة، على خلفية رفض مشاريع التوطين، والتمسك بهدف العودة.
مطلوب إذاً التخلص من أكبر عدد من اللاجئين في سورية، على طريق، إفراغ حق العودة من مضامينه، وليذهب هؤلاء، إلى جهنم ان اقتضى الأمر. المجتمع الدولي، والعرب أيضاً، ونقصد العرب الرسميين، مساهمون عن قصد، أو بسبب العجز، ويتلطون خلف ذرائع زائفة، هؤلاء مساهمون في التخلص من هذا التجمع الفلسطيني الكبير.
أكثر من الفي شهيد، ولا نعرف كم ألفاً تعرضوا للإصابة، كما أننا لا نعرف بالضبط، كم بقي في المخيم، ممن لم يجدوا لهم مكاناً، يتوجهون اليه، سواء لأسباب مادية، أو لأسباب أمنية، ولكن الأهم هو، أين ذهب مئات الآلاف من اللاجئين، وهل يمكن الإشارة إلى تجمع معين يضم عشرات الآلاف منهم؟
المؤسسات الدولية، بما في ذلك، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين والصليب الأحمر، وكل المؤسسات التي تحمل صفة الدولية، لم تعد قادرة أو أنها تمتنع عن قصد، عن إغاثة ومساعدة مئات آلاف اللاجئين المنكوبين والحكومة السورية، غير قادرة في وضعيتها الحالية، على إغاثتهم وحمايتهم فمن المسؤول؟
في كثير من الأحيان، حين نسمع شكاوى من تبقى من سكان مخيم اليرموك نتذكر، ما جرى لسكان مخيمي شاتيلا وصبرا في بيروت، ومخيم تل الزعتر، هذه المخيمات التي تعرضت لحصار ظالم، أدى ببعض سكانها لأن يأكلوا ما حرّم الله، ثم تعرضوا إلى مجازر رهيبة.
تتكرر المأساة، وتتعدد وتتنوع الأدوات، ويظل المجرم الحقيقي هو ذاته، وهو بدون لف أو دوران التحالف الأميركي الإسرائيلي، الذي لم يتوقف عن التخطيط والعمل من أجل تصفية القضية الفلسطينية. القتل والتشريد والتجويع والمذابح، تلاحق الفلسطيني في كل مكان، إلاّ في المهاجر، التي عليها أن تستوعبهم، وان تقدم لهم الملجأ الآمن مقارنة بالملاجئ العربية غير الآمنة، وفي اطار انتزاع هويتهم الوطنية من نفوسهم. مسلسل طويل، بطول عمر الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، يلاحق الفلسطيني، في انتمائه وجنسيته، وجنسه، وهويته، فيما تتوزع لائحة المجازر على أسماء ومسميات مختلفة. ما الذي لحق بالفلسطينيين في العراق، وفي ليبيا، ولبنان، وسورية، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما الذي ينتظرهم في كل مكان يذهبون إليه، قريباً من الوطن؟
ولكن من هي الجهة التي تتحمل المسؤولية المباشرة، عن تنفيذ المخططات، الأميركية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في سورية، ولماذا يجري التواطؤ، والامتناع عن تسميتها، وتعرية أهدافها؟
لماذا لا نعترف، ان الجماعات الإسلامية الارهابية، من النصرة إلى داعش، إلى معظم المسميات الأخرى، هي التي تصر على الاحتفاظ بالفلسطينيين في مخيم اليرموك رهينة لأهدافهم، التدميرية؟ في كل مرة يزور فيها وفد فلسطيني سورية، يتم الإعلان عن اتفاق، تلتزم به الحكومة السورية، ولا يرى النور، بسبب تعنت الجماعات الإرهابية المسلحة التي تتحصن في مخيم اليرموك.
ويمتد السؤال الموجع بشأن هذه الجماعات الإسلامية الارهابية بكل مسمياتها، لماذا تركز هذه الجماعات جل اهتمامها ونشاطاتها التدميرية على المجتمعات العربية، ولا، ولم تفعل شيئاً ضد إسرائيل، وراعيتها وحاميتها الولايات المتحدة؟
إذا كنا لا نملك دليلاً، على ارتباط هذه الجماعات بأسياد دوليين أو إقليميين، فإن أهدافهم، وأشكال قتالهم أو ضحاياهم، تفضح ارتباطاتهم، الأمر الذي يتطلب من الجماعات والأحزاب والفرق الإسلامية المعتدلة، قبل غيرها، أن تتبرأ منهم، وأن تفند ادعاءاتهم وتفضح اهدافهم، وتتنكر لبشاعة إجرامهم.
ولكن مرة أخرى، نعود إلى الأصل، وهو حال الفلسطينيين التي لا تسر صديقاً ولا تكيد عدواً.
لست أدري إن كان من الأفضل للسياسة الفلسطينية أن تتحصن بمبدأ الحياد، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية في مثل حالة سورية وحيث يدفع الفلسطيني أثماناً باهظة، بدون هدف، فيما تتدخل معظم الدول العربية في الشأن الفلسطيني، ولا ضير من ذلك، إن كان لصالح القضية الفلسطينية؟
الفلسطيني الضعيف، سيظل ضحية، لكل من هب ودب على وجه البسيطة، والفلسطينيون ضعفاء منقسمون على أنفسهم، ولذلك يسهل استباحة دمائهم وأعراضهم، وأمنهم، وغذائهم، وحتى هويتهم الوطنية.
تذكروا أيها الفلسطينيون خصوصاً المخضرمين منكم، كم كنتم فاعلين، حين كنتم أقوياء، وكيف كانت الدول العربية تتعامل معكم، وقارنوا ما كنتم عليه بما أنتم عليه اليوم.
طلال عوكل
وفد قيادي تلو آخر، واتفاق يسترق بعض اهتمامات وسائل الإعلام، يبشر بقرب حل أزمة بل كارثة مخيم اليرموك جنوب دمشق، ولكن المخيم ما يزال يصرخ جوعاً وعطشاً، ومرضاً، وقتلاً، وتدميراً.
مخيم اليرموك الذي لا يتجاوز تعداد سكانه من الفلسطينيين أكثر من مئة وخمسين ألفاً، لا يعدو كونه رمزاً، لنكبة نحو ستمائة ألف لاجئ فلسطيني يتوزعون على مخيمات وقرى ومدن سورية، حتى اصبحت نكبتهم عنواناً يلخص نكبة بلد عربي، ضارب في عمق الحضارة الإنسانية، ويحظى بمكانة مركزية بالإضافة إلى مصر، والعراق، والسعودية من بين كل الدول العربية.
إذا كانت هذه الدول العربية المركزية، قد تحولت وفق تخطيط أميركي اسرائيلي مسبق، إلى هدف يسعى وراء تدميرها، وتقسيمها وإضعافها فإن القضية الفلسطينية، هي أحد أهم الأسباب والدوافع، التي تقف وراء، هذه المخططات. بعد التجمع الأساسي والأكبر للاجئين الفلسطينيين في الأردن، والذين تعرضوا لعمليات دمج في المجتمع الأردني، حتى باتوا يشكلون أغلبيته، ويتمتعون بفعالية عالية في الوضع الأردني، يأتي دور التجمع الثاني، من اللاجئين، وهم الموجودون في سورية.
اللاجئون في سورية تمتعوا بمزايا المواطن السوري، مع استثناءات قليلة جداً، لكنهم ظلوا لاجئين، يحملون الهوية الفلسطينية، وينتظرون يوم عودتهم، الى ديارهم التي قامت العصابات الصهيونية بتشريدهم منها عام 1948. التجمع الثالث الأكبر، الموجود في لبنان تعرض لما تعرض له خلال العقود السابقة، ولكنه ما يزال يدفع أثمانا باهظة، على خلفية رفض مشاريع التوطين، والتمسك بهدف العودة.
مطلوب إذاً التخلص من أكبر عدد من اللاجئين في سورية، على طريق، إفراغ حق العودة من مضامينه، وليذهب هؤلاء، إلى جهنم ان اقتضى الأمر. المجتمع الدولي، والعرب أيضاً، ونقصد العرب الرسميين، مساهمون عن قصد، أو بسبب العجز، ويتلطون خلف ذرائع زائفة، هؤلاء مساهمون في التخلص من هذا التجمع الفلسطيني الكبير.
أكثر من الفي شهيد، ولا نعرف كم ألفاً تعرضوا للإصابة، كما أننا لا نعرف بالضبط، كم بقي في المخيم، ممن لم يجدوا لهم مكاناً، يتوجهون اليه، سواء لأسباب مادية، أو لأسباب أمنية، ولكن الأهم هو، أين ذهب مئات الآلاف من اللاجئين، وهل يمكن الإشارة إلى تجمع معين يضم عشرات الآلاف منهم؟
المؤسسات الدولية، بما في ذلك، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين والصليب الأحمر، وكل المؤسسات التي تحمل صفة الدولية، لم تعد قادرة أو أنها تمتنع عن قصد، عن إغاثة ومساعدة مئات آلاف اللاجئين المنكوبين والحكومة السورية، غير قادرة في وضعيتها الحالية، على إغاثتهم وحمايتهم فمن المسؤول؟
في كثير من الأحيان، حين نسمع شكاوى من تبقى من سكان مخيم اليرموك نتذكر، ما جرى لسكان مخيمي شاتيلا وصبرا في بيروت، ومخيم تل الزعتر، هذه المخيمات التي تعرضت لحصار ظالم، أدى ببعض سكانها لأن يأكلوا ما حرّم الله، ثم تعرضوا إلى مجازر رهيبة.
تتكرر المأساة، وتتعدد وتتنوع الأدوات، ويظل المجرم الحقيقي هو ذاته، وهو بدون لف أو دوران التحالف الأميركي الإسرائيلي، الذي لم يتوقف عن التخطيط والعمل من أجل تصفية القضية الفلسطينية. القتل والتشريد والتجويع والمذابح، تلاحق الفلسطيني في كل مكان، إلاّ في المهاجر، التي عليها أن تستوعبهم، وان تقدم لهم الملجأ الآمن مقارنة بالملاجئ العربية غير الآمنة، وفي اطار انتزاع هويتهم الوطنية من نفوسهم. مسلسل طويل، بطول عمر الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، يلاحق الفلسطيني، في انتمائه وجنسيته، وجنسه، وهويته، فيما تتوزع لائحة المجازر على أسماء ومسميات مختلفة. ما الذي لحق بالفلسطينيين في العراق، وفي ليبيا، ولبنان، وسورية، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما الذي ينتظرهم في كل مكان يذهبون إليه، قريباً من الوطن؟
ولكن من هي الجهة التي تتحمل المسؤولية المباشرة، عن تنفيذ المخططات، الأميركية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في سورية، ولماذا يجري التواطؤ، والامتناع عن تسميتها، وتعرية أهدافها؟
لماذا لا نعترف، ان الجماعات الإسلامية الارهابية، من النصرة إلى داعش، إلى معظم المسميات الأخرى، هي التي تصر على الاحتفاظ بالفلسطينيين في مخيم اليرموك رهينة لأهدافهم، التدميرية؟ في كل مرة يزور فيها وفد فلسطيني سورية، يتم الإعلان عن اتفاق، تلتزم به الحكومة السورية، ولا يرى النور، بسبب تعنت الجماعات الإرهابية المسلحة التي تتحصن في مخيم اليرموك.
ويمتد السؤال الموجع بشأن هذه الجماعات الإسلامية الارهابية بكل مسمياتها، لماذا تركز هذه الجماعات جل اهتمامها ونشاطاتها التدميرية على المجتمعات العربية، ولا، ولم تفعل شيئاً ضد إسرائيل، وراعيتها وحاميتها الولايات المتحدة؟
إذا كنا لا نملك دليلاً، على ارتباط هذه الجماعات بأسياد دوليين أو إقليميين، فإن أهدافهم، وأشكال قتالهم أو ضحاياهم، تفضح ارتباطاتهم، الأمر الذي يتطلب من الجماعات والأحزاب والفرق الإسلامية المعتدلة، قبل غيرها، أن تتبرأ منهم، وأن تفند ادعاءاتهم وتفضح اهدافهم، وتتنكر لبشاعة إجرامهم.
ولكن مرة أخرى، نعود إلى الأصل، وهو حال الفلسطينيين التي لا تسر صديقاً ولا تكيد عدواً.
لست أدري إن كان من الأفضل للسياسة الفلسطينية أن تتحصن بمبدأ الحياد، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية في مثل حالة سورية وحيث يدفع الفلسطيني أثماناً باهظة، بدون هدف، فيما تتدخل معظم الدول العربية في الشأن الفلسطيني، ولا ضير من ذلك، إن كان لصالح القضية الفلسطينية؟
الفلسطيني الضعيف، سيظل ضحية، لكل من هب ودب على وجه البسيطة، والفلسطينيون ضعفاء منقسمون على أنفسهم، ولذلك يسهل استباحة دمائهم وأعراضهم، وأمنهم، وغذائهم، وحتى هويتهم الوطنية.
تذكروا أيها الفلسطينيون خصوصاً المخضرمين منكم، كم كنتم فاعلين، حين كنتم أقوياء، وكيف كانت الدول العربية تتعامل معكم، وقارنوا ما كنتم عليه بما أنتم عليه اليوم.
طلال عوكل
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 485
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
صفحة 3 من اصل 5 • 1, 2, 3, 4, 5
مواضيع مماثلة
» الثورة الشعبية الفلسطينية .. تبدأ 15 مايو بعودة اللاجئين
» حوار الفلسطينين هذه الأيام
» ملف خاص حول الأسرى الفلسطينين في السجون الإسرائيلية
» الجيش اللبناني يطلق النار على محتجين في مخيم نهر البارد
» عدوان على جنين.. ومقاومون يتصدون لاعتداءات الاحتلال في الضفة الغربية
» حوار الفلسطينين هذه الأيام
» ملف خاص حول الأسرى الفلسطينين في السجون الإسرائيلية
» الجيش اللبناني يطلق النار على محتجين في مخيم نهر البارد
» عدوان على جنين.. ومقاومون يتصدون لاعتداءات الاحتلال في الضفة الغربية
صفحة 3 من اصل 5
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» بعد إذن الغضب في الذكرى الثالثة عشر لوفاة امي
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 11:53 من طرف ميساء البشيتي
» من روائع الأدب الروسي أمي لأنطون تشيخوف
الخميس 17 أكتوبر 2024 - 11:18 من طرف هبة الله فرغلي
» مشوار الصمت ... إلى روح أبي الطاهرة في ذكرى رحيله الثالثة عشر
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 12:13 من طرف ميساء البشيتي
» في الذكرى الثانية لرحيل الوالد عام مرَّ .
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:15 من طرف ميساء البشيتي
» عيد ميلاد ابنتي دينا
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 11:13 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل إلى أمي
السبت 28 سبتمبر 2024 - 13:05 من طرف ميساء البشيتي
» رسائل في الهواء
السبت 7 سبتمبر 2024 - 12:30 من طرف ميساء البشيتي
» أن تملك مكتبة - أن تخسر مكتبة ..شجاع الصفدي
الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:27 من طرف خيمة العودة
» طباق إلى إدوارد سعيد ..محمود درويش
السبت 31 أغسطس 2024 - 12:05 من طرف حاتم أبو زيد
» سلسلة حلقات جاهلية .
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 12:10 من طرف ميساء البشيتي
» لمن يهمه الأمر
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 11:52 من طرف هبة الله فرغلي
» عندما تنتهي الحرب بقلم شجاع الصفدي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:17 من طرف خيمة العودة
» شجرة التين بقلم نور دكرلي
السبت 24 أغسطس 2024 - 12:11 من طرف خيمة العودة
» عيد ميلاد سعيد يا فرح
الأربعاء 21 أغسطس 2024 - 12:49 من طرف ميساء البشيتي
» مطر أسود
الإثنين 12 أغسطس 2024 - 10:29 من طرف ميساء البشيتي
» بـــ أحس الآن ــــــــ
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» أنا .. أنت .. نحن كلمة ( مشاركة عامة )
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:27 من طرف حاتم أبو زيد
» فقلْ يا رب للشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
الأربعاء 31 يوليو 2024 - 10:24 من طرف خيمة العودة
» ثورة صامتة
الإثنين 29 يوليو 2024 - 10:53 من طرف مؤيد السالم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
الثلاثاء 16 يوليو 2024 - 11:14 من طرف فاطمة شكري
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
الإثنين 15 يوليو 2024 - 17:53 من طرف ميساء البشيتي
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
الأحد 7 يوليو 2024 - 14:45 من طرف ميساء البشيتي
» ليلاي ومعتصمها
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:24 من طرف مريومة
» غزلك حلو
الأربعاء 3 يوليو 2024 - 11:21 من طرف ريما مجد الكيال