سـْـفِـن ـ إريـك لـيـدْمـان: الـرائد الـذي جـَمَـعَ فـأوعـى // الدكتور عـبـد القـادر حسين ياسين
2019-08-17





لا يحتاج إلى “ألف” و”دال” ،
فهو بها وبدونها "الرائد" الذي جمع فأوعى..
وقـرأ الناس في خطوط حياته الصدق والجـدية،
والـنزاهة والتواضع والعـطاء..


يظلُّ الكبيرُ كبيراً..
فـرغم “مشاغـله” لم ينشغـل..
غـريب جداً أمر هـذا الرجـل...
يـقـف في الظل...
متنازلاً عن مكانه الطبيعي تحت الشمس...
يصمـت..
وهو القادر على الحديث بطلاقة وبلاغـة..
يكتب، عندما يكتب، بخجـل...
ويبدي رأيه، عندما يبديه، بحـياء..
هذا الرجـل الخجول
الذي يفـرُّ من الأضواء..
ويعشق الظلَّ...
ويحـب الصمت..
جنى على موهـبـتـه..
وجنى عـلينا..
جنى على موهـبته حين حـبـسها
في سجن من رقـتـه...
وجنى علينا حين ضنَّ علينا
بإنتاجه... إلاَّ  لماما...
غـريب جداً أمر هذا الرجـل...
مـثـقـف واسع الـثـقـافـة...
ويرفـض أن يعتبر نفسه مثـقـفـاً..
لا تعـرف مدى ثقافته..
إلاَّ بالمصادفة..
ولا تعرف عـذوبة حديثه..
إلاَّ بالمصادفة...
في زمن الضجيج آثر الهـدوء...
في زمن العلاقات العامة اكتفى بالعلاقات القـلـيلة الحمـيمة...
في زمن الإعلام أتقـن التواري
موهبة سـفـن ـ إريكSven-Erik
سـتـبـقى في وضح النهار..
ستلمع تحت الشمس
حتى لو توارى هـو
في خيمة الخجل والحياء


إن أسعـدك الحظ بلقائه فإنك تهابه وتـنـجذب إليه...!!
تهاب إشعاع عـلمه وتوقّـد ذهـنه وفراسة نـظراته ،
ويجذبك صباح وجهه ولـبـاقة حديثه ولـيـن جانبه،
وحسن معـشره ودماثة خـلـقـه..
تأسرك حفاوة لـقائه وكرمه،
يبتدرك بالسؤال عن صحـتـك وأحوالك..
يلاطفك معاتباً على انقـطاعـك..
فـتـظن نفسك مليك جلسائه وحادي ندمائه!


كان أول لـقـاء لي به عام 2010.
دخلتُ عليه في مكتبه بجامعة غـوثـنبيرغ .
ألـقـيـتُ عـليه التحية فـردَّ بأحـسن منها..
طلبتُ منه مرجـعاً في تاريخ الأفـكار ،
فـحـدثـني حديث العالم الـمتـمكن...
فاكـتـفـيـت بفـتـواه العـلمية لما كنت أبحـث عـنه في المراجع.


رجل ناخت له نياق العلم والفـكر والفـلـسفة والأدب..
ينتمي إلى جيل العمالقة الموسـوعـيـيـن،
يـُحـدثك في التاريخ فـتظن أنه يقـرأ من كتاب!!
يـُحدثك عـن أرسطو وأفـلاطون وهـيـغـل وسـبينوزا وكارل ماركس ،
فـتـظـن أنه عاش عـصرهم ، وساهم في فكرهم ونتاجهم؛
يـنـتـقـد الأدب فـتـدهـش لثاقـب فكره؛
تـقـرأ كتبه فـتعـيد قـراءتها لترتوي من سلاسة وطلاوة أسلوبه ،
وجديد أفكاره وحداثة منهجه...
فـتجد نفـسـك دارساً لكتبه لا قارئاً مطلعاً!!


رجل دائم البحـث عن المعـرفة.. عن الحـقـيـقـة..
يستكـشـف مظاهـرها ، يغوص في بحار مـصادرها..
يحـيـل عـنها ركامها.. يصقـلها..
يصفها بأحدث الكلمات الدالة.
رجل مطلع على شؤون مجـتـمعه ومحـيـطه وعالمه الواسع..
ناصح أمين.. شجاع في رأيه.. ناقـد صريح..
لا يتحـرّج في إفـحام مشاكسه!!


رجل يتواضع مع جلسائه ويتناغـم معهم..
بارع في اسـتـهلال حديثه..
يعرج من موضوع إلى آخر في سلاسة الماء..
يمحو كل الفـواصل بين ما نظـنه متفـرّقاً من معارفـنا العلمية..


يقـول:
"إذا انـفـصل العلم عن الفـلـسفـة صار جسداً بلا روح،
وإذا انعـزلت الـفـلـسفـة عن العلم ،
صارت بناءً لا تسـنده من الواقع دعائم أو لبنات..."
فيعـيـدنا إلى نبع واحد نهـلـت منه كل البشرية.. نبع العـقـل؛


رجل رحال.. بروحه وعـقـله وخياله وجـسـده..
سما إلى مدارك العـلا بروحه..
وغاص في مراجع العـلـم والأدب والـفـلـسـفـة بعـقـله..
وجاب كل عـواصم الثقافات والحضارات..
ولم يترك منبعاً للـفـكـر والـثـقـافـة إلا ونهـل منه..


ذلكم هو الدكـتـور سـفـن ـ إريك لـيـدمـان