بحـث
من أنا ؟
![](https://i.servimg.com/u/f97/14/42/89/14/ao_210.jpg)
حقوقية، كاتبة، ناشطة في شؤون بلادي وشؤون المرأة، لي عدة منشورات ورقية وإلكترونية
المواضيع الأخيرة
كتب ميساء البشيتي الإلكترونية
ماذا سأفـعل لو كنت سأموت بعد ساعة…؟!/الدكتور عبد القادر حسين ياسين
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ماذا سأفـعل لو كنت سأموت بعد ساعة…؟!/الدكتور عبد القادر حسين ياسين
ماذا سأفـعل لو كنت سأموت بعد ساعة…؟!/الدكتور عبد القادر حسين ياسين
في السويد يـمـوت الناس بصمت يليق بخفة ملائكة الموت.
يموتون في عـزلة.
يموتون من قـلة الشمس وشدة الإحباط وارتفاع الضغـط….
كيف سيعرف الأهـل والأصـدقـاء بـنـبـأ الـوفـاة ؟!
سؤال صعـب ، لكن الدولة والمؤسسات،
والسـويد “دولـة مـؤسـسـات” بـإمـتـيـاز،
تـتعامل مع الموضوع بطريقة منطقـية.
ففي سجلات كل شخص ثـمـة خانة يتطلب وضع معلومات فيها ،
وهي السؤال عن إسم وهاتف الشخص ،
الذي يجب الاتصال به في حالات الطوارئ.
هذه القسائم تـُحضر في عـقود الإيجار،
وطلبات التقدم لـلـوظيفة،
وتـُطلب هذه المعلومات من الصغار والكبار،
من المهاجرين والسـويديين علـى السـواء..
في السويد يـمـوت الناس بطرق سريالية ،
وبطرق مضحكة ، وبطرق مقيتة.
أشدها مـأسـاوية تلك التي تكتشف ،
بعـد أن يتفسخ المرء في شقـته ،
و”ينزعج” الجيران من “رائحة لا يعرفون مصدرها”.
قـرأت في صحيفـة Göteborgs-Posten ،
أن رجـلا تركيـاً إستأجر غـرفـة مـفـروشة،
في شقة في أطراف المدينة قبل ثلاثـة أسابيع .
وبـعـد بـضـعـة أيـام بدأت تظهر عليه أعـراض المرض/الموت.
كانت صاحبة الشـقـة ، وهي سـيـدة فـنـلـنـدية ،
تخاف عليه وترسل زوجها كل يوم كي يقرع الباب ويطمئن علي حياته…
إلى أن قرع الباب ولم يتلقَ رداً…
كان عـزرائـيـل قـد سـبـقـه إلى الغـرفـة ؛
ولا أدري إن كان “مـلـك الـمـوت” قد دخل من البـاب..
أو من النافذة، أو من ثقـب في الـقـلـب،
أم أنه كان واقفاً فوق أرنـبـة أنف الرجل منذ يوم ولادته.
إتـصـلت السـيدة الـفـنـلـنـدية بالشـرطة كي تحضر وتأخذ الجثة.
اتصلـت الشـرطة بأولاده في مـدينة “أوديـفـالا”،
التي لا تـبـعـد عـن غـوثنبيرغ أكثر من ثلاثين كيلومتراً ،
لإخبارهم ولم يحضر أحد لإجراء مراسيم الدفن ،
أو حتى إلقاء نظرة أخيرة على الأب.
قامت السـيدة الفـنـلـنـدية ، بالتـعـاون مع الجهات المعـنية ، بالواجب.
دُفـنَ الرجل وحـيداً كما عاش وحيدا لسنوات.
في هذا البلد ، “بـلـد الـرفـاه” و “الـمـعـجـزة الإقـتـصـاديـة” ،
لا أحد يعرف حقـيقة أحد،
ولا شيء يكشف ويخـفي ملابسات الناس سوى الموت.
تتعـدد الوفـيـات، وتـتعـدد القصص حول هـذا وذاك.
في يوم الجمعة الماضي كنت وحدي،
ودون سبب وجيه داهمني هذا السؤال :
ما هو الأمر المهم الذي سأحرص على فعله،
لو كنت سأموت بعد ساعة؟!
وفجأة تغير كل شيء في داخلي..
أصبحت في تلك اللحظة هادئاً وشفافاً،
زال توتري وتلاشت قـسوتي،
أصبحت إنساناً مسالماً إلى أبعد حد.
عندما عـشت ذلك السؤال شعرت أن الدنيا،
وبكل ضجيجها وأضوائها، لا تساوي شيئاً،
وجدتها مجرد فـراغ، شيء غير ملموس،
ما أجمل أن تتصالح مع نفسك و”تترك الجمل بما حمل”،
ما أجمل أن تعرف أنك بعد ساعة لن تحمل معك شيئاً من هذه البسيطة،
وأنك ستخرج منها عارياً كما دخلتها.
في تلك اللحظة الصافية ، ودون تفكير، التقـطت هاتفي ،
وأرسلت رسائل قـصيرة لأشخاص ،
أحمل في داخلي لهم بعض العتاب،
الذي تحول مع الوقت إلى قطيعة..
لم أفكر في ماذا سأقول لهم لو أجابوا على تلك الرسائل..
كانت في داخلي لهفة عليهم شعرت بها ،
حين أدركت أني سأموت بعد تلك الساعة ،
وتوقعت أن يستجاب لندائي العاجل،
لكن الأمر طال وكنت أجد لهم بعض الأعـذار،
فهم لا يعلمون قيمة تلك الدقائق الثمينة ،
بالنسبة لشخص سيموت بعد قليل!..
بعد انتهاء تلك الساعة ظل ذلك الشعور ملازماً لي،
لم أتمكن من النوم ،
ربما لأنني كنت أرغب في إقناع نفسي بأن الآخرين بهم “خير”،
وبأنهم سوف يستفسرون عن تلك الرسالة ،
التي لم أكن لأرسلها لو لم تكن قد ألـمـَّـت بي كارثة.
عند الثالثة والنصف صباحاً أيقنت أني لم أمت تلك الساعة،
أقفلت هاتفي إلى الأبد ،
أدرت له ظهري ولم أنم!
كانت أفـكاري تـتـمـحـور حـول فـكرة واحـدة :
تــُـرى … كم من الوقـت سـيـمضـي عـلـى تـعـفـن جـثـتـي،
قبـل أن يـتـصـل جـاري بشـركة السـكن…
ليـشـكو من رائحـة كريـهـة…؟!
في السويد يـمـوت الناس بصمت يليق بخفة ملائكة الموت.
يموتون في عـزلة.
يموتون من قـلة الشمس وشدة الإحباط وارتفاع الضغـط….
كيف سيعرف الأهـل والأصـدقـاء بـنـبـأ الـوفـاة ؟!
سؤال صعـب ، لكن الدولة والمؤسسات،
والسـويد “دولـة مـؤسـسـات” بـإمـتـيـاز،
تـتعامل مع الموضوع بطريقة منطقـية.
ففي سجلات كل شخص ثـمـة خانة يتطلب وضع معلومات فيها ،
وهي السؤال عن إسم وهاتف الشخص ،
الذي يجب الاتصال به في حالات الطوارئ.
هذه القسائم تـُحضر في عـقود الإيجار،
وطلبات التقدم لـلـوظيفة،
وتـُطلب هذه المعلومات من الصغار والكبار،
من المهاجرين والسـويديين علـى السـواء..
في السويد يـمـوت الناس بطرق سريالية ،
وبطرق مضحكة ، وبطرق مقيتة.
أشدها مـأسـاوية تلك التي تكتشف ،
بعـد أن يتفسخ المرء في شقـته ،
و”ينزعج” الجيران من “رائحة لا يعرفون مصدرها”.
قـرأت في صحيفـة Göteborgs-Posten ،
أن رجـلا تركيـاً إستأجر غـرفـة مـفـروشة،
في شقة في أطراف المدينة قبل ثلاثـة أسابيع .
وبـعـد بـضـعـة أيـام بدأت تظهر عليه أعـراض المرض/الموت.
كانت صاحبة الشـقـة ، وهي سـيـدة فـنـلـنـدية ،
تخاف عليه وترسل زوجها كل يوم كي يقرع الباب ويطمئن علي حياته…
إلى أن قرع الباب ولم يتلقَ رداً…
كان عـزرائـيـل قـد سـبـقـه إلى الغـرفـة ؛
ولا أدري إن كان “مـلـك الـمـوت” قد دخل من البـاب..
أو من النافذة، أو من ثقـب في الـقـلـب،
أم أنه كان واقفاً فوق أرنـبـة أنف الرجل منذ يوم ولادته.
إتـصـلت السـيدة الـفـنـلـنـدية بالشـرطة كي تحضر وتأخذ الجثة.
اتصلـت الشـرطة بأولاده في مـدينة “أوديـفـالا”،
التي لا تـبـعـد عـن غـوثنبيرغ أكثر من ثلاثين كيلومتراً ،
لإخبارهم ولم يحضر أحد لإجراء مراسيم الدفن ،
أو حتى إلقاء نظرة أخيرة على الأب.
قامت السـيدة الفـنـلـنـدية ، بالتـعـاون مع الجهات المعـنية ، بالواجب.
دُفـنَ الرجل وحـيداً كما عاش وحيدا لسنوات.
في هذا البلد ، “بـلـد الـرفـاه” و “الـمـعـجـزة الإقـتـصـاديـة” ،
لا أحد يعرف حقـيقة أحد،
ولا شيء يكشف ويخـفي ملابسات الناس سوى الموت.
تتعـدد الوفـيـات، وتـتعـدد القصص حول هـذا وذاك.
في يوم الجمعة الماضي كنت وحدي،
ودون سبب وجيه داهمني هذا السؤال :
ما هو الأمر المهم الذي سأحرص على فعله،
لو كنت سأموت بعد ساعة؟!
وفجأة تغير كل شيء في داخلي..
أصبحت في تلك اللحظة هادئاً وشفافاً،
زال توتري وتلاشت قـسوتي،
أصبحت إنساناً مسالماً إلى أبعد حد.
عندما عـشت ذلك السؤال شعرت أن الدنيا،
وبكل ضجيجها وأضوائها، لا تساوي شيئاً،
وجدتها مجرد فـراغ، شيء غير ملموس،
ما أجمل أن تتصالح مع نفسك و”تترك الجمل بما حمل”،
ما أجمل أن تعرف أنك بعد ساعة لن تحمل معك شيئاً من هذه البسيطة،
وأنك ستخرج منها عارياً كما دخلتها.
في تلك اللحظة الصافية ، ودون تفكير، التقـطت هاتفي ،
وأرسلت رسائل قـصيرة لأشخاص ،
أحمل في داخلي لهم بعض العتاب،
الذي تحول مع الوقت إلى قطيعة..
لم أفكر في ماذا سأقول لهم لو أجابوا على تلك الرسائل..
كانت في داخلي لهفة عليهم شعرت بها ،
حين أدركت أني سأموت بعد تلك الساعة ،
وتوقعت أن يستجاب لندائي العاجل،
لكن الأمر طال وكنت أجد لهم بعض الأعـذار،
فهم لا يعلمون قيمة تلك الدقائق الثمينة ،
بالنسبة لشخص سيموت بعد قليل!..
بعد انتهاء تلك الساعة ظل ذلك الشعور ملازماً لي،
لم أتمكن من النوم ،
ربما لأنني كنت أرغب في إقناع نفسي بأن الآخرين بهم “خير”،
وبأنهم سوف يستفسرون عن تلك الرسالة ،
التي لم أكن لأرسلها لو لم تكن قد ألـمـَّـت بي كارثة.
عند الثالثة والنصف صباحاً أيقنت أني لم أمت تلك الساعة،
أقفلت هاتفي إلى الأبد ،
أدرت له ظهري ولم أنم!
كانت أفـكاري تـتـمـحـور حـول فـكرة واحـدة :
تــُـرى … كم من الوقـت سـيـمضـي عـلـى تـعـفـن جـثـتـي،
قبـل أن يـتـصـل جـاري بشـركة السـكن…
ليـشـكو من رائحـة كريـهـة…؟!
خيمة العودة- عضو متميز
- عدد المساهمات : 481
تاريخ التسجيل : 03/12/2011
رد: ماذا سأفـعل لو كنت سأموت بعد ساعة…؟!/الدكتور عبد القادر حسين ياسين
موجع ما قرأت هنا أستاذة ميساء
هل وصل بنا الحال إلى هنا ؟؟؟؟!!!!!
هذا الكاتب يتكلم عن الحال في بلاد المهجر ولكني أخشى أن الوضع عنا ليس بأفضل.
هل وصل بنا الحال إلى هنا ؟؟؟؟!!!!!
هذا الكاتب يتكلم عن الحال في بلاد المهجر ولكني أخشى أن الوضع عنا ليس بأفضل.
![0102](/users/3113/10/90/94/smiles/3136592025.jpg)
حاتم أبو زيد- عضو متميز
- عدد المساهمات : 444
تاريخ التسجيل : 29/04/2010
رد: ماذا سأفـعل لو كنت سأموت بعد ساعة…؟!/الدكتور عبد القادر حسين ياسين
من أجمل المقالات التي قرأتها وأعمقها انسانية
لا تحزن يا صديقي فسليمان الحكيم قد مات ولم يعلم بموته حتى الجان .. ولكن
أخشى أن يصل حالنا كما ذكر أخي حاتم ..
الله كان بالعون
شكرا لك سيدتي وأستاذتي ميساء على هذا الاختيار
لا تحزن يا صديقي فسليمان الحكيم قد مات ولم يعلم بموته حتى الجان .. ولكن
أخشى أن يصل حالنا كما ذكر أخي حاتم ..
الله كان بالعون
شكرا لك سيدتي وأستاذتي ميساء على هذا الاختيار
رأفت العزي- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 185
تاريخ التسجيل : 18/06/2016
![-](https://2img.net/i/empty.gif)
» ماذا يـُمَـثـّل اليَهـودي في الـثـقـافة الـغـربـيـة المُـعـاصرة؟ بقلم : الدكتور عبد القادر حسين ياسين
» أيـلـول الـفـلـسـطـيـنـي // الدكتور عــبـد القادر حسين ياسين
» مـَـرَضْ أكـابـِـر…!!” الدكتور عبد القادر حسين ياسين
» وداعــاً ... أبا الـفـهـد/ الدكتور عبد القادر حسين ياسين *
» الخيانة الجميلة! الدكتور عبد القادر حسين ياسين
» أيـلـول الـفـلـسـطـيـنـي // الدكتور عــبـد القادر حسين ياسين
» مـَـرَضْ أكـابـِـر…!!” الدكتور عبد القادر حسين ياسين
» وداعــاً ... أبا الـفـهـد/ الدكتور عبد القادر حسين ياسين *
» الخيانة الجميلة! الدكتور عبد القادر حسين ياسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» "عيون جاهلية" إصدار ميساء البشيتي الإلكتروني السادس
» سيد الصمت .. إلى أبي في ذكرى رحيله السادسة
» ليلاي ومعتصمها
» غزلك حلو
» أنت َ عنواني .. أنتِ عنواني
» تحركوا أيها الدمى
» لوحة
» كنتَ مني وكنتُ منك !
» في مولد الهادي
» أحلم بالعيد
» فضل يوم عرفة
» من فصول الدهشة وعلامات الاستغراب بقلم فداء زياد
» حديث سري .. في الذكرى السادسة لرحيل أمي
» رباعيات عمر الخيام .
» مخيم جباليا ... أصل الحكاية بقلم سما حسن
» اعشق البحر
» ليل وعسكر .
» الغريب
» نزوح آخر بقلم نور السويركي
» عاتبني أيها القمر !
» امرأة من زمن الأحلام
» زوابع الياسمين
» قناع بلون السماء ... باسم خندقجي